الريـال اليمني يواصل انحداره والتجار يحجمون عن بيع السلع

هادي يحض الحكومة على مواصلة الجهود لتجاوز الأزمة

يمنيون على متن دراجة نارية في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون على متن دراجة نارية في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

الريـال اليمني يواصل انحداره والتجار يحجمون عن بيع السلع

يمنيون على متن دراجة نارية في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون على متن دراجة نارية في المدينة القديمة بصنعاء (إ.ب.أ)

على الرغم من كافة التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية واللجنة الاقتصادية، منذ أربعة أسابيع، لاحتواء أزمة انهيار العملة المحلية (الريال)، إلا أنها لم تفلح في كبح جماح التهاوي المستمر للريال، والمتزامن مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية والوقود.
ومع تجاوز الدولار الواحد، أمس، حاجز 800 ريال، ألقت الأزمة الاقتصادية المستحكمة بظلالها على المزاج الشعبي في أكثر من محافظة يمنية؛ تتصدرها مدينة عدن، إذ خرجت احتجاجات غاضبة في عدد من الشوارع الرئيسية بالتزامن مع إغلاق المحلات التجارية أبوابها، وتوقف شركات الصرافة عن بيع وشراء العملة الصعبة. وأفاد شهود في صنعاء وعدن وتعز بأن العشرات من المحلات التجارية أغلقت أبوابها، خصوصاً محلات تجار الجملة، في ظل التسارع المخيف لانهيار العملة المحلية، ومخاوف التجار من الخسائر المحتملة، في ظل عدم استقرار سعر الصرف وثبات الأسعار عند مستوى محدد.
وكانت الحكومة الشرعية أكدت أن انقلاب الميليشيات الحوثية، وسلوك قادة الجماعة في أعمال تجريف الاقتصاد، ونهب الموارد، واكتناز العملة الصعبة، والسطو على الاحتياطي منها في البنك المركزي اليمني قبل نقله إلى عدن، هي المتسبب الأول في حالة الانهيار التي يعيشها الريال اليمني، إلى جانب عدم قيام الميليشيات بأي إجراء مساند للجهود الحكومية الرامية إلى تجاوز الأزمة.
وشهدت الأسابيع الخمسة الماضية تدهوراً متسارعاً للعملة اليمنية، بعد فترة استقرار نسبي منتصف العام عند حاجز 500 ريال للدولار الواحد، قبل أن تسجل أسعار الصرف أمس في السوق السوداء بصنعاء وعدن وبقية المحافظات نحو 820 ريالاً للدولار.
وارتفعت أسعار السلع، بما فيها الأساسية، إلى أكثر من الضعفين خلال الأيام الماضية، في ظل تحذيرات إنسانية من حدوث مجاعة مع عجز أغلب السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية عن شراء الاحتياجات الضرورية، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار الوقود، وتعذر حركة النقل التجاري، واستمرار الميليشيات في عدم دفع رواتب الموظفين.
في غضون ذلك، عقد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس، في الرياض، اجتماعين طارئين، ضم الأول أعضاء اللجنة الاقتصادية والآخر كبار مستشاريه في سياق الجهود الرئاسية الساعية إلى إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية وتدهور سعر العملة المحلية. وذكرت المصادر الرسمية أن هادي ترأس اجتماعاً لهيئة مستشاريه، بحضور نائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر ورئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، واضعاً إياهم «أمام صورة الأوضاع على الساحة الوطنية بجوانبها المختلفة». وأفادت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بأن الرئيس هادي تطرق في الاجتماع إلى نتائج زيارته العلاجية والعملية للولايات المتحدة الأميركية، التي تكللت بالنجاح، ولقاءاته الجانبية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقال هادي: «نشعر بواقع المعاناة التي تواجه الشعب اليمني، سواء في المناطق المحررة، أو التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين، جراء تداعيات الحرب الظالمة التي فرضها الانقلابيون على مجتمعنا وشعبنا، خدمة لأهداف دخيلة لمصلحة إيران في استخدام أدواتها الانقلابية، لزعزعة أمن واستقرار أشقائنا في دول الجوار».
وشدد الاجتماع، حسب المصادر الرسمية، على «تكثيف الجهود المبذولة من قبل الحكومة واللجنة الاقتصادية لتحقيق الاستقرار التنموي والاقتصادي بالبلاد، في ظل الظروف الصعبة، واتخاذ التدابير العاجلة لتجاوز واقع التحديات الراهنة».
وكان هادي، خلال الاجتماع الآخر الذي ترأسه مع أعضاء اللجنة الاقتصادية، بحضور نائبه ورئيس الحكومة، ناقش، طبقاً للمصادر الرسمية، جملة من القضايا والموضوعات المتصلة بالوضع الاقتصادي، وتراجع سعر العملة الوطنية والمضاربة بأسعارها، وتداعيات ذلك على واقع الوطن ومعيشة المواطن.
وذكرت وكالة «سبأ» أن الرئيس هادي «وجّه الحكومة واللجنة الاقتصادية بمواصلة اجتماعاتها للوقوف على الأسباب التي أدت إلى تلك التحديات، واتخاذ الإجراءات العملية الناجعة الكفيلة بخلق الطمأنينة، وتحقيق الأمن والاستقرار المنشود، كما شدد على ضرورة رفع نتائج أعمال اللجنة وتوصياتها بصورة سريعة لاتخاذ ما يلزم بشأنها».
وكان عضو اللجنة الاقتصادية المشكلة أخيراً، أحمد غالب أحمد، أفاد، في تصريحات على صفحته على «فيسبوك»، بأن الأزمة التي تعصف بالريال اليمني أكبر من جهود الحكومة وإمكاناتها، في ظل التشظي القائم بين مؤسسات الدولة، إضافة إلى التداعيات السياسية والأمنية المرتبطة بالأوضاع العامة في البلاد.
ويرجح مراقبون اقتصاديون أن الأوضاع الاقتصادية في اليمن بحاجة إلى جهود إقليمية ودولية، مع ضمان عدم استمرار تأثير السلوك الحوثي على الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً على صعيد وقف إجراءات المضاربة واكتناز العملات الصعبة، وسحبها من سوق الصرافة. كما يرى العديد من المراقبين أن على الحكومة الشرعية اتخاذ تدابير ناجعة وسريعة تكفل العودة إلى استئناف تصدير النفط والغاز في كافة الحقول المنتجة بالطاقة القصوى، إضافة إلى وضع تدابير خاصة لتحسين الموارد المحلية، وإصلاح المالية العامة للدولة.
وكانت اللجنة الاقتصادية اليمنية أقرت عدداً من الخطوات المتعلقة بدعم الاستيراد للسلع الأساسية، عبر البنك المركزي في عدن، من خلال توفير العملة الصعبة للتجار والمستوردين بسعر أقل مما هو موجود في السوق المصرفية، وهو 585 ريالاً للدولار الواحد. كما أقرت وضع قيود على خروج العملة الصعبة من مناطق سيطرتها، في مسعى للحد من نزيف تهريبها إلى الخارج، إلى جانب التشديد على تفعيل دور البنك المركزي في ضبط السوق المصرفية، واستعادة الثقة بالمصارف المحلية وكبار المستوردين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

TT

بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)

نفى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أن يكون قد غادر سوريا «بشكل مخطَّط له كما أُشيع»، مؤكداً: «بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول)».

وأوضح الأسد، في بيان منسوب إليه نشرته حسابات تابعة للرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي: «مع تمدد (الإرهاب) داخل دمشق، انتقلتُ بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها».

وأضاف: «عند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبيَّن انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش. ومع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر».

وتابع: «مع سقوط الدولة بيد (الإرهاب)، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغاً لا معنى له، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه».

وأضاف الأسد في البيان: «لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي، بل عددت نفسي صاحب مشروع وطني أستمدّ دعمه من شعب آمنَ به».

وأعلنت المعارضة السورية، يوم الأحد 8 ديسمبر، أنها حررت دمشق وأسقطت حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاماً. وورد في بيان المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي: «تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد».

وأضافت المعارضة أنه جرى إطلاق سراح جميع المعتقلين، فيما كشف ضابطان كبيران بالجيش السوري عن أن الرئيس بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة، قبل أن يعلن الكرملين أن «الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو»، مضيفاً: «منحتهم روسيا اللجوء لدواعٍ إنسانية».

وشكَّلت المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكومة انتقالية مؤقتة برئاسة محمد البشير، حتى الأول من مارس (آذار) 2025.