الكرملين يرحب بصواريخ إيران على سوريا لـ«دعم مكافحة الإرهاب»

TT

الكرملين يرحب بصواريخ إيران على سوريا لـ«دعم مكافحة الإرهاب»

حمل التعليق الروسي على القصف الصاروخي الإيراني في شرق سوريا رسائل إلى أطراف عدة على رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، بعدما وصف الكرملين التطور بأنه «جزء من الحرب على الإرهاب». ورأى محللون أن «الصواريخ الإيرانية» أكدت عزم طهران «مواصلة نشاطها في سوريا برغم مطالب واشنطن وتل أبيب».
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه «يجب التعامل مع القصف الصاروخي الإيراني كخطوة في إطار الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب». وردا على سؤال صحافيين حول الخطوة الإيرانية، شدد على أن «الحرب ضد الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في سوريا مستمرة وستتواصل».
وعلق بيسكوف على تصريحات مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جون بولتون حول نية واشنطن «البقاء في سوريا» بالإشارة إلى أن «موقف روسيا واضح ومعلن حيال مسألة وجود قوات أجنبية في سوريا بشكل مخالف للقانون الدولي».
وعكست تعليقات الكرملين، وفقا لمحللين، أن موسكو سعت إلى عدم الإعلان بوضوح عن تأييد القصف الإيراني لكنها تجنبت في الوقت ذاته إدانته، وسعت إلى استخدام التطور لتوجيه رسائل إلى الطرفين الأميركي والإسرائيلي بأن إيران شريك لروسيا في مكافحة الإرهاب وأن مهمتها في سوريا لم تنته بعد.
ولفت معلقون عسكريون إلى أن طهران «أبلغت موسكو قبل توجيه الضربة ما يعني أن روسيا تعاملت مع التطور بشكل منسق مع الجانب الإيراني». ونقلت وسائل إعلام حكومية تحليلات أشارت إلى أن «الرسائل الصاروخية الإيرانية دلت إلى عزم طهران تصعيد الموقف في سوريا، في مواجهة التصعيد ضدها من جانب واشنطن وتل أبيب»، وأفادت بأنه «برغم أن ضربات إيران الصاروخية في سوريا والعراق، استهدفت مواقع لمسلحين وتنظيمات معادية، إلا أن استعراض السلاح الصاروخي يحمل رسالة تهديد واضحة ضد الأعداء الكبار».
وزادت أنه «يبدو أن إيران تستعد للمواجهة، خاصة بعد أن تغيرت الظروف وعاد التوتر حولها بشدة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، واستئناف العقوبات ضدها بصورة أقسى مما مضى، وباتت كل المؤشرات حول إيران لا تدعو للتفاؤل».
على صعيد آخر، أعلن رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور بونداريف، أن «نحو مائة ألف إرهابي قتلوا في سوريا، خلال 3 سنوات منذ انطلاق العمليات العسكرية الروسية هناك».
وزاد في بيان: «أريد أن أشير إلى الدقة العالية لسلاح الجو، كل الضربات التي نفذتها القوات الفضائية الجوية الروسية، أصابت منشآت الإرهابيين. خلال 3 سنوات يقدر عدد منشآت الإرهابيين التي تم تدميرها بعشرات الآلاف، وعدد القتلى في صفوف الإرهابيين بنحو مائة ألف، بينهم 85 ألفا قضت عليهم القوات الجوية الروسية».
وأوضح بونداريف أن الضربات الجوية دمرت دفاعات المسلحين، الذين كانوا يعتمدون على النقاط الصخرية والجبلية، ما وفر فرصا لتقدم الجيش السوري على كل الاتجاهات.
وتعد هذه واحدة من المرات النادرة التي تقر بها موسكو بقتل أعداد هائلة من السوريين، الذين تعتبرهم إرهابيين.
وفي إطار تقويم نتائج العمليات العسكرية بعد مرور ثلاث سنوات على التدخل الروسي في سوريا، رأى المعلق السياسي لصحيفة «فزغلياد»، أن «روسيا طورت تجربتها القتالية بشكل كبير ولم يعد ممكنا الحديث عن هزيمتها أو إسقاطها في مستنقع استنزاف».
وزاد أنه «حتى وقت قريب كان يعتقد أن الجيش الروسي محكوم عليه بالهزيمة بسبب التجربة البائسة للحملات الغربية في الشرق الأوسط، وبسبب التجربة السوفياتية في أفغانستان».
ولفت إلى أن موسكو التزمت بمبدأ «الكفاية الضرورية» للقوات والوسائل، وحافظت أيضاً على قناة الإجلاء، بما في ذلك بالوسائل السياسية. «وحد ذلك من خطر نفوذ القيادة السورية، وتأثير القوى الإقليمية الأخرى، على صنع القرار».
موضحا أن «الحرب الإسرائيلية - الإيرانية عن بعد، كانت تشكل أحد أبرز المخاطر. وتطلب الأمر جهوداً عسكرية ودبلوماسية لتجنب تدخل روسيا فيها. حتى إسقاط إيليوشين 20. التي غيرت المعدلات وباتت موسكو تعمل لتحقيق توازن بين الطرفين».
سياسيا قال المعلق إن روسيا نجحت في اللاعبين الإقليميين الرئيسين ووقف تمويل جماعات مسلحة كبيرة من الخارج.
واضطرت الولايات المتحدة، إلى الإقرار بالدور الروسي ما خفض درجة التوتر الإقليمي، وأسفر عن توقيع عدد من الاتفاقات وفق الشروط الروسية.
إلى ذلك، صرح برلماني روسي بارز بأن الجيش الروسي فقد 112 من عناصره في الصراع السوري.
وأوضح فيكتور بونداريف رئيس لجنة الدفاع بمجلس الاتحاد (الغرفة العليا للبرلمان الروسي) أن نحو نصف هذا العدد لقوا حتفهم في حادثتي إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية الشهر الماضي وسقوط طائرة نقل في وقت سابق من العام الحالي. ولقي 15 شخصا حتفهم في حادثة طائرة الاستطلاع و39 حتفهم في حادثة طائرة النقل.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية عنه القول: «خسائرنا في سوريا ارتفعت إلى 112 عنصرا، نصفهم في كارثة طائرة النقل An26 - والطائرة التي تم إسقاطها إيل 20».
وبشأن المعدات، خسرت روسيا ثماني طائرات وسبع مروحيات ومركبة أو مركبتين مدرعتين.
كان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر تقريرا أمس، تزامنا مع مرور ثلاث سنوات على التدخل العسكري الروسي في سوريا، ذكر فيه أن التدخل الروسي تسبب في «سفك دماء نحو 18100 شخص بينهم نحو ثمانية آلاف مدني من أبناء الشعب السوري».
وأضاف المرصد أن التدخل ساعد النظام على توسيع مناطق سيطرته من 26 في المائة من مساحة الأراضي السورية عند بداية التدخل إلى 60 في المائة من مساحة الأراضي السورية حاليا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.