«مراكب الموت» تنقل اللاجئين السوريين إلى أوروبا

800 شخص فقدوا وثلاثة آلاف دولار ثمن الرحلة

«مراكب الموت» تنقل اللاجئين السوريين إلى أوروبا
TT

«مراكب الموت» تنقل اللاجئين السوريين إلى أوروبا

«مراكب الموت» تنقل اللاجئين السوريين إلى أوروبا

تبقى الهجرة غير الشرعية الملاذ الأخير، وإن كان «غير الآمن» بالنسبة إلى السوريين الهاربين من الموت في بلادهم، و«الذل» في بلد اللجوء، رغم كل الأخطار التي يتعرضون لها خلال الرحلة البحرية. وبعدما كانت تعدّ كل من بلغاريا وإيطاليا بلدي العبور الأساسيين باتجاه الدول الأوروبية، اتخذت الأولى قرارا بإغلاق حدودها بسياج شائك مع تركيا أمام اللاجئين السوريين قاطعة طريق الهجرة أمامهم، بعدما وصل عدد الهاربين إليها العام الماضي، إلى أكثر من 11 ألف شخص.
هذا الإجراء الذي من شأنه أن يضع حدا لهذه الظاهرة باتجاه البلد الأكثر فقرا في الاتحاد الأوروبي، يعكس صورة واضحة للهجرة غير الشرعية من بلاد اللجوء، بعدما «بات الموت أفضل من حياة الذل التي نعيشها»، وفق ما يقول طبيب سوري هرب في مصر ويسعى إلى الهجرة مع عائلته إلى أي بلد أوروبي.
مع العلم أنه وإضافة إلى تركيا التي ينتقل اللاجئون منها إلى بلغاريا، تعدّ مصر ومن بعدها ليبيا من أكثر الدول التي تشهد هجرة غير شرعية للسوريين باتجاه إيطاليا، ومنها إلى بلدان أوروبية أخرى، وفق ما يؤكد رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط». وشهدت السنتان الأخيرتان، بحسب ريحاوي، تزايدا في هذه الظاهرة بعد تعرض السوريون إلى مضايقات سياسية واجتماعية، لافتا إلى أنه سجل فقدان نحو 800 شخص في البحر على دفعات فيما بات يُعرف بـ«مراكب الموت».
ووصف ريحاوي الهجرة غير الشرعية بـ«الجريمة المنظمة» التي تقوم بها جماعة واحدة في مصر يقودها شخص يُعرف بـ«الدكتور»، يتولى تنظيم الرحلات من الإسكندرية في قوارب صغيرة على دفعات، ومن ثم ينقل ما لا يقل عن 200 شخص في مركب كبير باتجاه إيطاليا، حيث يعمد قبطان المركب إلى إطلاق نداء استغاثة والاتصال بـ«حراس السواحل»، لإنقاذ الركاب بعدما يقوم برمي هاتفه في البحر منعا لاكتشاف لائحة اتصالاته والأشخاص الذين يتواصل معهم.
وأكد ريحاوي أن كل مهاجر سوري يدفع ما بين ألفين وثلاثة آلاف دولار أميركي مقابل هذه الرحلة، ومن يصل منهم سالما بعد رحلة شاقة تستغرق ما بين أسبوع و12 يوما، إما أن تؤمن لهم السلطات الإيطالية اللجوء والإقامة أو تسهل لهم الانتقال إلى بلدان أوروبية أخرى.
وفي حين يشير ريحاوي إلى أن وضع اللاجئين السوريين في بلغاريا سيئ ويعانون من مشكلات عدة، يلفت إلى أن كل من يحالفه الحظ بالوصول إلى أي بلد أوروبي سيتمكن عندها من الحصول على الإقامة تطبيقا لقرار القانون الدولي الأوروبي الذي يلزم الدول بأن تكفل الأشخاص الذين يجري توقيفهم أو إنقاذهم في البحر من طالبي اللجوء والاستفادة من الإجراءات، بحيث يمكن أن تدرس بموجبها احتياجات حمايتهم الدولية أو طلباتهم.
وتطبيقا لسياستها الجديدة، من المفترض أن تنهي بلغاريا مد الأسلاك الشائكة التي يتجاوز ارتفاعها ثلاثة أمتار، وتمتد على طول 30 كيلومترا، في الجزء الأقل ظهورا من الحدود مع تركيا التي يبلغ طولها 274 كلم.
غير أن المنظمات غير الحكومية انتقدت هذه السياسة، وفي مطلع الأسبوع دعت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة البلدان الأوروبية إلى استضافة مزيد من اللاجئين السوريين، ونددت بعمليات ترحيلهم من عدة بلدان، مثل اليونان وإسبانيا وبلغاريا.
وتبين من تصريحات أدلى بها وزير الداخلية البلغاري تسفيتلين يوفتشيف أخيرا أن ما بين 150 إلى 200 شخص يمنعون يوميا من الدخول، وحذر من أن عدد المهاجرين غير القانونيين سيرتفع مع تفاقم الأزمة العراقية.
وقال نيكولاي تشيربانلييف مدير وكالة اللاجئين إن ما بين 300 إلى 400 شخص يتسللون شهريا في الوقت الحاضر عبر الحدود بشكل غير قانوني، مقابل معدل ألفين في الشهر من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وأعرب الناطق البلغاري باسم المفوضية العليا بوريس تشيتشيركوف عن أسفه لأن «الأطباء والمهندسين يرحلون إلى الغرب بينما يبقى المهاجرون من دون تأهيل هنا». ويريد معظمهم الرحيل إلى ألمانيا وبلجيكا والبلدان الإسكندنافية كما قالت ماريانا ستويانوفا الناطقة باسم الصليب الأحمر البلغاري.
وقد شهدت السنتان الأخيرتان حوادث غرق مراكب عدة لمهاجرين سوريين على الشواطئ المصرية والإيطالية والتركية والبلغارية، بعضها أعلن عنها وبعضها الآخر لم تعرف تفاصيلها أو هويات المهاجرين. وسبق لمفوضية شؤون اللاجئين أن أعلنت أن أكبر مجموعة من المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا بحرا خلال 2013 هم من الجنسية السورية الذين تجاوز عددهم 11300 شخص.
وفي الشهر الماضي، أعلنت البحرية الإيطالية أن دورياتها في البحر المتوسط اعترضت أكثر من 2500 مهاجر على مدى يومين، وعدت أن هذا العدد من بين أكبر أعداد المتسللين الذين يُضبطون يوميا، منذ أن كثفت السلطات الإيطالية عمليات المراقبة البحرية لمنع حدوث مزيد من حالات الغرق للمهاجرين غير الشرعيين في شهر أكتوبر الماضي عقب حادثي غرق سفينتين ذهب ضحيتهما أكثر من 400 شخص.
وبعد ذلك في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن حرس السواحل الإيطالي أنه قام بإنقاذ زورق يحمل 171 لاجئا، بعدما أوشك على الغرق على مسافة نحو 40 كيلومترا قبالة كالابريا.
وقالت السلطات الإيطالية إنه أنقذ جميع اللاجئين البالغ عددهم 359 قبالة صقلية وأن الأشخاص البالغ عددهم 171، الذين أنقذوا قبالة «كالابريا» هم من الجنسية السورية.



الفصائل المسلحة العراقية تتهم طرفاً ثالثاً بمهاجمة القوات الأميركية

عجلة مدرعة تابعة للداخلية العراقية ترابط في شارع فلسطين شرق بغداد بعد هجمات على مطاعم أميركية (أ.ف.ب)
عجلة مدرعة تابعة للداخلية العراقية ترابط في شارع فلسطين شرق بغداد بعد هجمات على مطاعم أميركية (أ.ف.ب)
TT

الفصائل المسلحة العراقية تتهم طرفاً ثالثاً بمهاجمة القوات الأميركية

عجلة مدرعة تابعة للداخلية العراقية ترابط في شارع فلسطين شرق بغداد بعد هجمات على مطاعم أميركية (أ.ف.ب)
عجلة مدرعة تابعة للداخلية العراقية ترابط في شارع فلسطين شرق بغداد بعد هجمات على مطاعم أميركية (أ.ف.ب)

في تطور لافت وبعد سلسلة تهديدات أطلقتها الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق بشأن إنهاء الهدنة مع القوات الأميركية، أعلن أحد أبرز هذه الفصائل، وهو «كتائب سيد الشهداء»، أنه لا يزال ملتزماً بالهدنة التي نجح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في إبرامها وإرسائها منذ شهر فبراير (شباط) الماضي.

وفيما أكد فصيل «كتائب سيد الشهداء»، وهو أحد أكبر الفصائل المنضوية في تشكيل «المقاومة الإسلامية في العراق» استمرار التزامه بالهدنة، نفى أي معرفة بهوية الجهة التي تقوم باستهداف القوات الأميركية الموجودة في قاعدة عين الأسد بمحافظة الأنبار، والقوات المتواجدة في القواعد السورية.

وبحسب تصريحات أدلى بها قيادي بارز في «الكتائب» يوم الأحد، فإن «جماعة المقاومة الإسلامية في العراق وكذلك هيئة تنسيقية المقاومة، لا تعرفان أي جهة وجماعة تقوم بقصف واستهداف القوات الأميركية، مخليتين مسؤوليتيهما عن تلك العمليات». وأضاف القيادي أن «كتائب سيد الشهداء» ملتزمة بالتهدئة لغاية الآن، وربما هناك فصيل يعمل على تلك العمليات بشكل منفرد كوسيلة ضغط، لكن دون معرفة من تلك الجهة.

عراقيون يحملون لافتات مناوئة لشركات أميركية عاملة في العراق (إ.ب.أ)

يأتي ذلك بعد نحو أربعة أيام من تعرض قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق لهجوم صاروخي لم تعلن أي جهة من الجهات التي ترفض الوجود الأميركي في العراق مسؤوليتها عنه. كما يأتي بعد إنهاء وفد عراقي رفيع المستوى، برئاسة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، مباحثات في واشنطن تمثل الجولة الثالثة من المباحثات رفيعة المستوى بين بغداد وواشنطن لتنظيم الوجود الأميركي في العراق.

وتباينت وجهات النظر حول مخرجات الاجتماع بين إنهاء التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة، وهو ما طالب به رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وإعادة تنظيم هذا الوجود طبقاً لما أعلنته واشنطن عبر بيان صدر عقب الاجتماع، وما كتبته السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي على منصة «إكس»، اعتبرت الأطراف الرافضة للوجود الأميركي في العراق أن ما يحصل هو مجرد مماطلة من الجانب الأميركي بهدف بقاء القوات في العراق والمنطقة.

ضغوط السوداني

وبالنظر إلى الهدوء الذي تلا التصريحات ومن ثم التبرؤ من قصف قاعدة عين الأسد، يبدو أن جهود رئيس الوزراء في التهدئة قد نجحت، وهو ما يعني استمرار الجهود الرامية إلى تنظيم الوجود الأميركي، بما في ذلك العودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي سبق وأبرمها العراق مع الولايات المتحدة عام 2008 وصادق عليها البرلمان. ويضاف إلى ذلك ما قيل عن دخول إيران، بطلب من السوداني على خط التهدئة مع الفصائل، خصوصاً بعد التطور المفاجئ المترتب عن قصف بلدة مجدل شمس، واحتمالات توجيه ضربة إسرائيلية لـ«حزب الله» اللبناني، ما دفع إيران للضغط على أذرعها في المنطقة من أجل البقاء ضمن قواعد الاشتباك تفادياً لأن يتوسع نطاق الحرب.

وتحدثت «الشرق الأوسط» إلى حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء، فقال: «جهود رئيس الوزراء في إدارة ملف إنهاء التحالف الدولي في العراق وصلت إلى نجاحات كبيرة، سواء لجهة إنهاء مهام التحالف ونقل العلاقات مع دوله إلى علاقات ثنائية أو لجهة العمل على وضع خريطة طريق لطبيعة العلاقات الأمنية في ضوء المنظور الشامل للعلاقات العراقية - الأميركية، وفقاً للمصالح الوطنية العراقية واتفاقية الإطار الاستراتيجي».

قوات أميركية في العراق (رويترز)

ويضيف علاوي: «مخرجات اجتماع واشنطن الذي قاد الوفد العراقي مسارها كانت فعالة في مناقشة آفاق العلاقات العراقية - الأميركية، خصوصاً في مجال تقييم مخاطر الإرهاب على ساحة العمليات العراقية وتقييم القابلية القتالية والاستعداد القتالي ووضع ملف التسليح والعقود العسكرية لتطوير وبناء القوات المسلحة». وأوضح علاوي أن «الاجتماعات بحثت أيضاً تنفيذ مخرجات زيارة رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة في مجال الطيران العسكري وتطوير الدبابات والأجهزة الاستخبارية للرصد والمتابعة والبرامج التدريبية والابتعاث وتعزيز القوات المسلحة العراقية».

ولفت إلى أن «البيان المشترك أشار بصورة واضحة إلى أن مساعي نقل العلاقات العراقية مع دول التحالف الدولي مستمرة، وسيكون هنالك بيان لاحق تفصيلي يوضح بصورة قاطعة هذا المسار، والالتزام بهدف إنهاء مهام التحالف الدولي بصورة نهائية، بالإضافة إلى التركيز لعودة العلاقات مع دول التحالف بشكل منفرد لمرحلة ما قبل سقوط الموصل».