مؤتمر المحافظين ينطلق على وقع انقسامات حادة حول «بريكست»

الخروج من الاتحاد الأوروبي يكلف بريطانيا 600 مليون دولار أسبوعياً

تيريزا ماي وزوجها فيليب يصلان إلى مقر مؤتمر حزب المحافظين في برمنغهام أمس (أ.ف.ب)
تيريزا ماي وزوجها فيليب يصلان إلى مقر مؤتمر حزب المحافظين في برمنغهام أمس (أ.ف.ب)
TT

مؤتمر المحافظين ينطلق على وقع انقسامات حادة حول «بريكست»

تيريزا ماي وزوجها فيليب يصلان إلى مقر مؤتمر حزب المحافظين في برمنغهام أمس (أ.ف.ب)
تيريزا ماي وزوجها فيليب يصلان إلى مقر مؤتمر حزب المحافظين في برمنغهام أمس (أ.ف.ب)

تسعى رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، إلى رص صفوف المحافظين خلفها في المؤتمر السنوي للحزب، الذي انطلق في مدينة برمنغهام أمس في ظل انقسامات كبيرة حول بريكست.
وبعد سلسلة نكسات سياسية إثر رفض القادة الأوروبيين خطتها لبريكست، تجد ماي نفسها في مواجهة مباشرة مع وزير خارجيتها السابق بوريس جونسون، في وقت يحاول فيه أنصار طلاق بائن مع الاتحاد الأوروبي فرض وجهة نظرهم، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وينتقد جونسون خطة ماي التي تنص على علاقات تجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، من خلال الإبقاء على القواعد التجارية المشتركة. وسيلقي خطابا مرتقبا غدا الثلاثاء. وقال جونسون إنه «بخلاف رئيسة الحكومة، لقد قمت بحملة من أجل بريكست (...) وما يجري الآن للأسف ليس ما وعد به الناس عام 2016»، بعد فوز «نعم» في استفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وردت رئيسة الحكومة بأن خطتها هي المقترح الوحيد المعروض الذي يتيح مبادلات تجارية عبر الحدود بسلاسة والإبقاء على الحدود مفتوحة مع آيرلندا، ومثل هذا الأمر نقطة خلاف أساسية في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
وشددت في مقابلة أمس مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، على «إيمانها» ببريكست، مضيفة أن «ما نقترحه يخدم المصلحة الوطنية. وأنا أدعو الحزب إلى رص الصفوف للحصول على أفضل اتفاق (ممكن) للمملكة المتحدة». لكن من غير المتوقع أن تكشف ماي التي تختتم المؤتمر الأربعاء كيف ستعيد النظر في خطتها كما طلبت المفوضية الأوروبية، مع اقتراب القمة الأوروبية التي ستعقد في 18 و19 أكتوبر (تشرين الأول).
ورأى الخبير السياسي سايمن هاشروود، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساري، أنها «إذا قدمت تنازلات الآن فستبدو ضعيفة وتحت ضغوط الاتحاد الأوروبي». لكن خصومها ينوون انتهاز كل الفرص في المؤتمر ليتحدثوا ويدافعوا عن طلاق «تام» مع الاتحاد الأوروبي.
ولا تملك ماي سوى غالبية ضئيلة في البرلمان، وباتت بالتالي تحت رحمة نوابها. وكان جونسون دعا في مقال نشرته صحيفة «التلغراف» قبل أيام إلى التخلي عن خطة ماي، و«إلا فإننا معرضون لخسارة السلطة». ومثل جونسون، يدافع النائب جاكوب ريس موغ ووزير بريكست السابق ديفيد ديفيس، عن اتفاق للتبادل الحر مثل ذلك الموقع بين الاتحاد الأوروبي وكندا. لكن تيريزا ماي ترفض ذلك، معتبرة أنه يهدد بعودة حدود بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية.
وبسبب هذه الخلافات، يرى روبن بيتيت الأستاذ في جامعة كينغستن في لندن أن المؤتمر سيشهد صراعا على النفوذ بين كبار شخصيات الحزب. وقال: «حاليا، لا أحد يريد الحلول مكان تيريزا ماي حتى لا يضطر إلى التعامل مع بريكست». وأضاف: «لكن سيكون هناك الكثير من المؤامرات، وسيحاول كل واحد أن يضع نفسه في موقع القائد المقبل».
في المقابل، تنوي ماي البقاء في منصبها للسنوات القادمة. وكتب النائب دومنيك غريفي في «صنداي تلغراف» إنه «أوان تمرد مهذب من جانب المحافظين البرغماتيين». وهو يدعو إلى استفتاء جديد، الأمر الذي ترفضه ماي تماما.
في غضون ذلك، ذكرت دراسة لمركز الإصلاحات الأوروبية، نشرتها صحيفة «الغارديان» أمس، أن «بريكست» يكلف بريطانيا 500 مليون إسترليني (651 مليون دولار) أسبوعيا. وأرجعت الدراسة ذلك لانكماش الاقتصاد البريطاني بـ2.5 في المائة مقارنة مع نسبة النمو التي كان ستشهدها البلاد في حال صوّت البريطانيون لصالح البقاء.
وإزاء حجم الانقسامات والتهديد الذي يطرحه حزب العمال الذي ينتقد «ثماني سنوات من التقشف المدمر» في حكم المحافظين، يدعو بعض النواب إلى التحرك، عبر التركيز على قضايا الصحة والتعليم.
وتسعى ماي أيضا إلى إعادة تركيز النقاش على قضايا السياسة الداخلية. وأعلنت أمس نيّتها زيادة الرسوم على المنازل التي يشتريها الأجانب من غير المقيمين الذين يرفعون الأسعار، برأيها. والهدف مساعدة المشردين ومن لا مأوى لهم.
وقبل انطلاق المؤتمر، شهد الحزب خللا أمنيا في تطبيقه على الهواتف الجوالة، حيث كشفت مؤقتا السبت المعطيات الشخصية لوزراء ونواب، بينها رقم هاتف بوريس جونسون الخاص.
على صعيد آخر، أعلن وزير الدفاع البريطاني غافن ويليامسون أمس أن بريطانيا ستبقي على وجود عسكري صغير في ألمانيا بعد أن تخرج من الاتحاد الأوروبي، رغم خطط خفض عدد القوات المنتشرة خارج البلاد.
وفي محاولة لسد النقص الكبير في الجيش، تسعى وزارة الدفاع إلى خفض عدد قواتها في أوروبا بحلول الفترة الانتقالية لبريكست، التي تنتهي في 2020 إلا أن سحب كامل القوات من ألمانيا أصاب وترا سياسيا حساسا في بريطانيا، وأجبرت الحكومة على إعادة النظر في خططها.
وقالت وزارة الدفاع إنها ستبقي على 185 عسكريا و60 من موظفي وزارة الدفاع المدنيين في ألمانيا بعد مغادرة جميع الوحدات الأخرى. وأوضح ويليامسون في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين الحاكم: «لن نغلق منشآتنا في ألمانيا... سنبقيها مفتوحة وسنبقي على وحدات عسكرية متقدمة هناك».
ولا تزال بريطانيا عضوا رئيسيا في حلف شمال الأطلسي الذي يعيد تركيز اهتمامه على التهديدات من روسيا، عقب ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014. ووصف ويليامسون روسيا بأنها «واحدة من أكبر التهديدات التي نواجهها اليوم... ولن ندع الكرملين يعيد كتابة نتيجة الحرب الباردة».
وأعلنت وزارة الدفاع كذلك خططها استثمار مليون جنيه إسترليني (1.3 مليون دولار) سنويا في تدريب أكثر من ألفي شخص سنوياً لتشكيل قوة جديدة لأمن المعلوماتية. وقال الوزير إن البرنامج هو «الأول من نوعه في دول حلف شمال الأطلسي».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».