محنة إدلب تشق تحالف تركيا والتيارات المتطرفة

تكفير واتهامات... و«حركة الشباب» الصومالية تدخل على خط الأزمة

خراب ودمار في معرة النعمان شمال إدلب بفعل قصف قوات النظام السوري لأنحاء المدينة  (أ.ف.ب)
خراب ودمار في معرة النعمان شمال إدلب بفعل قصف قوات النظام السوري لأنحاء المدينة (أ.ف.ب)
TT

محنة إدلب تشق تحالف تركيا والتيارات المتطرفة

خراب ودمار في معرة النعمان شمال إدلب بفعل قصف قوات النظام السوري لأنحاء المدينة  (أ.ف.ب)
خراب ودمار في معرة النعمان شمال إدلب بفعل قصف قوات النظام السوري لأنحاء المدينة (أ.ف.ب)

تداعيات تحولات الموقف التركي من الحالة المعقدة في إدلب تتوالى تباعاً فيما يشبه فاتورة آيديولوجية باهظة الثمن والتأثير قررت تنظيمات العنف المسلح، والتيارات المتطرفة، أن وقتها حان لتدفعه تركيا والرئيس إردوغان متهمين إياه بأنه باع قضيتهم وعنفهم المسلح في بورصة التحالفات السياسية التي يشتد عودها في الحالة السورية، وزاد من حنقهم أن عدوهم القديم وخصمهم اللدود «الدب الروسي» بحسب وصفهم هو من ربح تلك الصفقة ومن وراءه نظام طهران، وحرسه الثوري ومن بعدهم النظام السوري الذي كانوا يراهنون على نهايته الوشيكة لولا تدخل المضاربين الجدد مدفوعين بالميليشيات وتردد المجتمع الدولي في التدخل.
بدأت القصة حين أخرج أبو محمد المقدسي المنظر الأول للسلفية الجهادية سهم التكفير من جعبة التطرف وأطلقها باتجاه شخص الرئيس التركي وهو يدرك أن نصله سيصيب في مقتل الشرعية التي منحها رفاق الأمس جماعة «الإخوان المسلمين» ورموز الإسلام السياسي وتأثرت بسببهم غالب الجماعات المسلحة التي تكاثرت في مناخ العنف بمناطق التوتر بشكل غير مسبوق لتبلغ المئات تحمل أسماء مجدولة من تاريخ المعارك ورموز مسيرة التطرف المعاصر، حتى تنظيم داعش تأثر بذلك المناخ وبما كشفته تقارير لمراكز بحثية عن ممرات لكوادره عبر الأراضي التركية كان يتم التغاضي عنها لإحداث فارق نوعي على مستوى إضعاف العدو القريب المباشر لتركيا، وهم الأكراد الذين وقفوا في الضفة الأخرى محاولين استغلال حالة الفوضى وانعدام السيادة في مناطق التوتر.
فتوى أبو محمد المقدسي كانت الشرارة التي أطلقت براكين الغضب للتيارات المسلحة على ما رأته خيانة لقضيتها خصوصا أنها بعد انكسارات عميقة في مواقع مختلفة من الأراضي السورية تحصنت في إدلب باعتبارها الملاذ الأخير، بينما جرت مفاوضات حثيثة من اللاعبين الفاعلين في سوريا، وفي مقدمتهم تركيا لإحداث انشقاقات داخل تلك التيارات فيما عرف بتصفية المقاومة من الإرهاب، والتي يعتقد الروس بأنها عملية جراحية مآلها الفشل، لكن موقف التكفير ونفي الشرعية هو ما أحدث انشقاقاً داخل صفوف الإسلام السياسي حيث انبرى الإخوان ومن يدور في فلك آيديولوجيتهم الحزبية ويتعاطف مع شعاراتهم بإطلاق نيران غير صديقة تجاه المقدسي والمقاتلين معتبرين الأول شخصية متناقضة تتلاعب بها الاستخبارات وواصفين التيارات المسلحة بالغموض وعدم وضوح الرؤية وضرورة العمل على استراتيجية جديدة تحافظ على بقاء شعلة الثورة التي أفسدتها «داعش» والقاعدة وكل التنظيمات المحلية التي اقتربت منهم وفي مقدمتهم جبهة النصرة ومن يناصرها من الأجنحة الوليدة في الداخل السوري.

الدعم العاجل
لم تتأخر عملية الإسناد الآيديولوجي وأتت من أقاصي تمركز التنظيمات المتشددة المسلحة، حيث قام أبو عبيدة أحمد عمر أمير «حركة شباب المجاهدين» الصومالية بشن هجوم حاد على تركيا ورئيسها متهماً إياها بأنها وراء تدهور الصومال من خلال قواعدها العسكرية لنهب خيرات البلاد حسب وصفه في كلمته التي بثتها «مؤسسة الكتائب» تحت عنوان «تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى»، في اقتباس قرآني للتدليل على طبيعة الانشقاق بين الحركات المسلحة، ليعود ويصف الدور التركي في بلاده بالانتهازية وتضييع مصير الأمة.

فتش عن السياسة
مواقف حادة كتلك واستعداء وتأليب على تركيا ورئيسها من قبل التيارات المتطرفة لا يمكن إرجاعه بقراءة تسطيحية لمعطيات عقائدية بل يجب أن نفهم السياق السياسي المتحول الذي أنتج تلك المواقف في هذا التوقيت بالذات خصوصاً مع تدهور الأوضاع وتوالي الانشقاقات في محافظة إدلب التي باتت اليوم أكبر تجمع للتنظيمات المسلحة تأتي جبهة «النصرة» في مقدمتها إضافة إلى الكثير من الفصائل الأخرى معظمها ينتمي بشكل أو بآخر لفكر تنظيم «القاعدة»، بمعنى أنها تدور في فلك «النصرة»، وهي في نظر الفاعلين في الأزمة السورية الذين أجمعوا أمرهم في مؤتمر أستانة باستحالة القيام معها بتسويات سياسية أجريت في مرات سابقة مع فصائل مسلحة أخرى لا توضع عادة في سلة «الإرهاب» التي تضع كل دولة قطافاتها الخاصة بها.

مسار أستانة

ما استثار غضب تلك التنظيمات ما فعلته قمة طهران لضامني مسار أستانة هو أنها منحت تركيا مهلة لحل جبهة «النصرة» تلك المهمة المستحيلة في نظر المختصين والمحللين حيث لا يقف الأمر على تقليم أظافر «جبهة النصرة» إضافة إلى وجود الآلاف من المقاتلين الذين ينضوون تحت مسميات كثيرة تنتمي إلى فكر القاعدة كما أن تغيير النصرة لجلدها واسمها بطابع محلي «جند الشام» لن يغير شيئا في المعادلة على الأرض، فالجماعات المسلحة تنتشر عرضاً وطولاً في إدلب «كأحرار الشام» وتنظيم «نور الدين الزنكي» و«صقور الشام» و«جيش الأحرار» و«الجبهة الوطنية لتحرير سوريا» وكلها متهمة بحمل آيديولوجية «السلفية الجهادية» وفكر «القاعدة» ويزيد التعقيد بإقامة الآلاف من المقاتلين الأجانب غير الاعتياديين ومنهم فصيل ضخم من «الإيغور الصينيين» برفقة عوائلهم إضافة إلى مقاتلين من القوقاز والشيشانيين تتوزع مناطق انتشارهم بين ريفي إدلب واللاذقية وينخرط معهم قياديون سبق أن شاركوا في القتال مع القاعدة في معاركها المختلفة.

تسويق الفزع
الروس بدورهم يلعبون على تسويق الفزع من عدم الحسم تجاه جيوب الإرهاب القاطنة في إدلب وهم يدركون خوف الدول الأوروبية وقلقها من فرار تلك العناصر إلى بلدانهم الأصلية، كما أن أي أطروحات تصالحية أو توافقية مع تركيا بشأنهم تبدو بعيدة المنال، وهو ما تدركه تلك التنظيمات ويفسر سر انقلابها وهجومها غير المسبوق كماً ونوعاً على تركيا ورئيسها.
جحيم الحالة السورية في ظل تخاذل المجتمع الدولي ومؤسساته وإزاء قبعة الحياد التي ترتديها الدول الغربية؛ يبدو أنه يتجه إلى الأسوأ فثمة تقارير استخباراتية ومستخلصات لخبراء تتفق مع ما تبشر به حسابات التنظيمات المتطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي من تغير في المعادلة بدخول تنظيم «حراس الدين» إلى إدلب وانتشاره فيها لتغيير المعادلة لصالح التنظيمات التي تدين للقاعدة بالولاء ورفضا لاتفاق إدلب الذي أبرمه الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي.

مانفستو متطرف
تنظيم «حراس الدين» ينشط الآن ويكثف حملاته على الإنترنت للتحذير من مؤامرة كبرى بحق التيارات المتطرفة، في إدلب على حد وصفه مشبهاً لما يحدث بما حدث لمسلمي البوسنة والهرسك، في تنشيط وإلهام للذاكرة الجمعية للمتعاطفين مع آيديولوجيات العنف المسلح.
تنظيم «حراس الدين» يحاول بدوره وقف انشقاقات ما يسمى بـ«الصف الجهادي» حيث قام بإصدار مانفستو على طريقة «يا مقاتلي ومجاهدي العالم اتحدوا»؛ البيان الذي حمل عنوان «أنقذوا فسطاط المسلمين» دعا فيه إلى ضرورة نصرة غوطة دمشق الشرقية كما توعد بشن عمليات عسكرية ضد قوات النظام السوري لكن الأهم أنه أكد على ضرورة أن تسعى الفصائل العسكرية في الشمال السوري لـ«وقف الاقتتال فيما بينها».
يذكر أن تنظيم «حراس الدين» نجم الشباك في هذه الأيام للتنظيمات المسلحة هو تيار مسلح صاعد يستلهم إرث «القاعدة» ويتبنى فكرها ويتحرك بخبرة محاربين قدامى من تنظيم القاعدة في أفغانستان والمنشقين من تنظيم داعش ويقدر عدد أفراده بألفي مقاتل وهو رقم رغم تواضعه قد يحدث فارقاً نوعياً بفضل شعاراته وتسويقه لإرث «القاعدة» الذي قد يجعله الأكثر استقطاباً لمناطق التوتر كما أن تمركزه في إدلب سيزيد من تفاقم الأوضاع في تلك المنطقة التي تشهد تحولات جيوسياسية هي الأكثر تعقيداً وغرابة في تاريخ التنظيمات الجهادية المسلحة.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».