الكاميرون: مخاوف أمنية عشية ذكرى إعلان انفصالي

الكاميرون: مخاوف أمنية عشية ذكرى إعلان انفصالي
TT

الكاميرون: مخاوف أمنية عشية ذكرى إعلان انفصالي

الكاميرون: مخاوف أمنية عشية ذكرى إعلان انفصالي

قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بالكاميرون، يسود توتر ومخاوف أمنية المنطقتين الناطقتين بالإنجليزية المأزومتين، بينما ينوي الانفصاليون «الاحتفال» بالذكرى الأولى لإعلانهم الرمزي «الاستقلال» في 1 أكتوبر الماضي.
حينذاك، قتل 40 متظاهرا على الأقل في أعمال عنف ارتكبتها الشرطة، كما ذكر «مركز (مجموعة الأزمات الدولية) للتحليل» الذي أحصى «عشرات الآلاف من المتظاهرين» في المنطقتين. وطوّقت قوات الأمن عاصمتي المنطقتين بويا في الجنوب الغربي وباميندا في الشمال الغربي، وأوقفت عشرات الأشخاص خلال أعمال العنف التي تلت الإعلان الرمزي.
وقال أسقف بويا المونسنيور إيمانويل بوشو، لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد ذلك: «في 1 أكتوبر، قتل الجيش عددا كبيرا من الناس. لنحو أسبوعين أطلقوا النار على الناس مثل العصافير».
وفي بعض قرى المنطقة الناطقة بالإنجليزية في الكاميرون، وبدلا من رفع أعلام هذا البلد، رُفعت أعلام «أمبازونيا» الاسم الذي أطلقه الانفصاليون المسلحون على الدولة التي كانوا يتطلعون لإنشائها. وبعد عام تماما، تفاقم النزاع. فقد نُشرت قوات الأمن الكاميرونية في المنطقتين، وارتفع عدد الانفصاليين الذين اختاروا القتال. وقالت «مجموعة الأزمات الدولية» إن عددهم يبلغ اليوم أكثر من ألف مقاتل انفصالي، يسيطرون على ما يبدو على «جزء كبير من المناطق الريفية ومحاور الطرق» في المنطقة الناطقة بالإنجليزية.
وأجبر المقاتلون الذين هاجموا رموز الدولة وعلى رأسها الدرك، وقاموا بخطف موظفين، السلطات المحلية على الهرب من مقار إداراتها في عدد من بلدات المنطقة الناطقة بالإنجليزية.
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، قالت ياوندي إنها تريد إعادة الموظفين الذين تخلّوا عن مراكزهم «بسبب غياب الأمن» إلى المنطقة. لكن قبل 7 أيام من الاقتراع الرئاسي الذي يجري في دورة واحدة، يؤكد الانفصاليون الناطقون بالإنجليزية أنه لن تجرى انتخابات في منطقتهم. وردت ياوندي بالقول إن الانتخابات ستجرى في «دوائر الكاميرون الـ360».
وتاريخيا؛ تشكل المنطقتان الانفصاليتان خزان أصوات للجبهة الاشتراكية الديمقراطية، أكبر حزب معارض وناطق بالإنجليزية.
وللحد من مخاطر وقوع هجمات على مراكز الاقتراع، أعلنت الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات أنه «تم نقل» بعض مراكز التصويت. وفي الواقع، لن يتمكن كثير من الناخبين من التصويت في المنطقتين الناطقتين بالإنجليزية. فبحسب الأمم المتحدة، اضطر 246 ألف شخص للفرار من بيوتهم في المنطقة إلى الجنوب الغربي للجوء إلى الغابات أو إلى مناطق أخرى في الكاميرون. ولجأ 25 ألفا آخرون إلى نيجيريا المجاورة.
ولا تتوفر أي أرقام عن الشمال الغربي. فالمعارك يومية، وياوندي تفرض حصارا على المنطقة؛ وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وتدفع قوات الأمن، التي طلبت منها سلطات ياوندي سحق «هؤلاء الإرهابيين» الذين ينشرون «الاضطرابات» بحسب الرئيس بول بيا، ثمنا كبيرا في هذه الأزمة؛ فمنذ نهاية 2017 قتل 170 منهم بأيدي انفصاليين.
وتقول منظمات غير حكومية إن 400 مدني قتلوا. ولم ينشر الانفصاليون أي حصيلة للضحايا.
ومع اقتراب التصويت، يشهد الوضع مزيدا من التدهور. وقد أثّرت هجمات للانفصاليين على استئناف الدراسة. وقُتل أستاذ واحد على الأقل، وجرح آخر، وتعرضت مدارس عدة لهجمات. وشهدت بويا مواجهات بين انفصاليين وقوات الأمن. وفي 24 سبتمبر الماضي قتل الجيش، بحسب سكان، شابين مدنيين قال شهود عيان إنهما سائق سيارة أجرة وصاحب محل تجاري.
وفي الشمال الغربي، فُرض منع تجول ليلي من الساعة السادسة مساء إلى الساعة السادسة صباحا، لفترة غير محددة بعد هجوم تعرضت له قافلة حافلات في ضاحية باميندا مطلع سبتمبر الماضي.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.