عبَّرَت الحكومة العراقية عن أسفها لقيام الولايات المتحدة الأميركية بإغلاق قنصليتها في البصرة، بينما بدأت تزداد المخاوف داخل العراق من تبعات هذا القرار، في وقت بلغ التصعيد بين إيران والولايات المتحدة الأميركية مستويات خطيرة، مع اقتراب فرض شامل للعقوبات على طهران الشهر المقبل.
وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان إنها «تأسف من قرار وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو) بسحب موظفي القنصلية الأميركية في البصرة وتحذير المواطنين الأميركيين من السفر إلى العراق». وأضاف البيان أن «العراق ملتزم بحماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية المقيمة على أراضيه وتأمينها». وأكد البيان عزم «الحكومة العراقية على مواجهة أي تهديدات تستهدف البعثات الدبلوماسية أو أي زائر وافد باعتبار أمنهم جزءاً من أمن العراق والتزاماً قانونياً وأخلاقياً».
ودعت الخارجية العراقية جميع البعثات الدبلوماسية إلى عدم «الالتفات لما يتم ترويجه لتعكير جو الأمن والاستقرار والإساءة إلى علاقات العراق مع دول العالم».
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أعلنت مساء أول من أمس إغلاق القنصلية الأميركية في البصرة بسبب تهديدات أمنية وأمر جميع موظفيها بمغادرة المحافظة. وجدد بومبيو، الذي أعلن قرار بلاده، التحذير لإيران، وذلك بتحميلها مسؤولية مباشرة عن أي هجمات على الأميركيين والمنشآت الدبلوماسية الأميركية.
وجاء القرار الأميركي بعد ساعات من هجمات صاروخية يعتقد أنها استهدفت مقر القنصلية الكائن بالقرب من مطار البصرة الدولي. وقال بومبيو في بيان: «أوضحت أن إيران يجب أن تفهم أن الولايات المتحدة سترد فورا وبشكل مناسب على مثل هذه الهجمات»، مبيناً أن «التهديدات ضد الأميركيين والمنشآت الأميركية في العراق آخذة في التزايد والوضوح».
وسبق أن قام محتجون غاضبون في البصرة قبل نحو شهر من حرق مقر القنصلية الإيرانية في البصرة، الأمر الذي أدى بكثير من السياسيين العراقيين الذين لديهم علاقات قوية مع إيران إلى توجيه أصابع الاتهام إلى القنصلية الأميركية، بوصفها وكراً لعمليات التحريض ضد إيران.
وفي هذا السياق، دعا عضو البرلمان العراقي والقيادي في المحور الوطني محمد الكربولي الحكومة العراقية إلى «الالتفات إلى المصلحة الوطنية العليا للبلاد في سياق الصراع المتصاعد بين كل من الولايات المتحدة الأميركية وإيران اللتين تصنفان على أنهما صديقتان للعراق».
وقال الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «إغلاق القنصلية الأميركية في البصرة مؤشر خطير على نقل مستوى الصراع بين أميركا وإيران إلى أعلى مدياته»، مضيفاً أن «ذلك يتطلب من الحكومة العراقية إلى تغليب المصلحة الوطنية العراقية أولا وقبل كل شيء بما لا يسمح بأن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات بين هذين البلدين».
من جهته، أكد الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور هشام الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «العلاقة الأميركية - الإيرانية بعد نتائج انتخابات 2018 في العراق بدأت عصرا جديدا، فكلاهما يتدخل وبشكل معلن في تقوية أنصاره وحلفائه»، مبيناً أن «أميركا وإيران إذا ما استعملتا العراق كورقة من أوراق الصراع بينهما، فإن هذا سيؤدي إلى أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية».
وأوضح الهاشمي أنه في سياق «صراع الإرادات بين الطرفين فإن الولايات المتحدة استندت إلى قدرتها على وقف المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى العراق، وأيضاً فرض عقوبات على تصدير النفط وتجميد إسناد الدبلوماسية في الخارج، بينما إيران استندت إلى قدرة أنصارها في العراق على القيام بأخلاقيات رد الجميل وسداد الديون وفتح نافذة عراقية لإيران تخفف تهديدات أميركا وحلفائها عليها».
وأكد الهاشمي أن «هناك ملفات خطيرة وكثيرة سوف تواجه البرلمان والحكومة المقبلة، والأسباب كثيرة، ولكن أخطرها عدم استثناء العراق من الصراع الأميركي - الإيراني».
إلى ذلك، أكد محافظ البصرة أسعد العيداني أن «البصرة سوف تتضرر من قرار إغلاق القنصلية الأميركية». وقال العيداني إن «تداعيات ما يجري بين الدول الإقليمية لا سيما بين إيران والإمارات من تهديدات متبادلة رافقتها تهديدات أخرى من قبل الولايات المتحدة للجانب الإيراني، وبالعكس أدت إلى إغلاق واشنطن لقنصليتها في البصرة وتحذير مواطنيها من البقاء في المحافظة».
وأعرب العيداني عن الأمل بأن «تنتهي تلك الأزمات دون حصول أي شيء يؤثر على البصرة والمنطقة».
بغداد تخشى تداعيات إغلاق واشنطن قنصليتها في البصرة
مخاوف من تصعيد أميركي ـ إيراني جديد يدفع العراق ثمنه
بغداد تخشى تداعيات إغلاق واشنطن قنصليتها في البصرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة