وزير التربية والتعليم البحريني لـ «الشرق الأوسط»: طورنا برامج لاستيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة

وزير التربية البحريني وهو يتابع طلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة («الشرق الأوسط»)
وزير التربية البحريني وهو يتابع طلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة («الشرق الأوسط»)
TT

وزير التربية والتعليم البحريني لـ «الشرق الأوسط»: طورنا برامج لاستيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة

وزير التربية البحريني وهو يتابع طلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة («الشرق الأوسط»)
وزير التربية البحريني وهو يتابع طلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة («الشرق الأوسط»)

في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» قال الدكتور ماجد النعيمي، وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين، إن مملكة البحرين قد تمكنت من دمج معظم فئات الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة (الحسية والجسدية والذهنية) القابلين للدمج التعليمي والاجتماعي، والذين لا يعانون من أي اضطرابات انفعالية أو سلوكية حادة تمنعهم من عملية التكيف النفسي والتوافق الاجتماعي مع البيئة المدرسية، حيث تمكنت وزارة التربية والتعليم من استيعاب جميع الأطفال من هذه الفئة في المدارس الحكومية، ولا يوجد حاليا على قوائم الانتظار أي طالب لم يجر دمجه، إذا ما توافرت فيه شروط الدمج، ومنها على وجه الخصوص: تقرير طبي يفيد بإعاقته ودرجتها وإمكانية دمجه في البرنامج التعليمي المناسب له، وأن يكون في سن التعلم بين ست سنوات و18 سنة، وألا يعاني من اضطرابات سلوكية أو نفسية أو جسدية حادة تمنعه من الاستفادة من البرنامج التربوي التعليمي في المدرسة، حيث تحتضن مدارس مملكة البحرين الطلبة من كل أنواع الإعاقة، حيث يبلغ عدد طلبة الإعاقة الذهنية البسيطة ومتلازمة داون 501 طالب وطالبة موزعين على 53 مدرسة ويقوم على رعايتهم 120 معلما ومعلمة، في حين يبلغ عدد طلبة التوحد 30 طالبا وطالبة موزعين على ست مدارس ويقوم على رعايتهم 30 معلما ومعلمة بمعدل معلم لكل طالب، ويبلغ عدد طلبة الإعاقات الجسدية 227 طالبا وطالبة موزعين على 116 مدرسة ويدرسون في الصفوف العادية، كما يبلغ عدد طلبة الإعاقات السمعية 131 طالبا وطالبة موزعين على 122 مدرسة ويرعاهم 17 معلم نطق بالإضافة إلى معلمي الصفوف العادية، ويبلغ عدد طلبة الإعاقات البصرية 145 طلبا وطالبة موزعين على 28 مدرسة ويرعاهم 12 معلما مساندا، بالإضافة إلى معلمي الصفوف العادية، ويبلغ عدد طلبة صعوبات التعلم 6611 طالبا وطالبة موزعين على 170 مدرسة ويرعاهم 200 معلم ومعلمة، وأخيرا يبلغ عدد طلبة برامج التفوق والموهبة 4041 طالبا وطالبة موزعين على 51 مدرسة ويقوم على رعايتهم 51 معلما ومعلمة، وإلى جانب ذلك توفر الوزارة عددا من الخدمات المساندة لهؤلاء الطلبة، حيث وفرت ثلاثة معلمين للعلاج السلوكي للطلبة المعوقين، و17 معالجا للنطق، و10 مرشدين أكاديميين، وثلاثة أخصائيين لخدمات العلاج الوظيفي لهؤلاء الطلبة، وبذلك فإن مجمل عدد الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين جرى دمجهم إلى الآن يتجاوز 11 ألف طالب وطالبة موزعين على مختلف المدارس المطبقة للدمج، بما يعنيه ذلك من توفير البنية الأساسية المناسبة ومن توفير الكادر التعليمي المختص والخدمات التي تساعد على تقديم الخدمة التعليمية المناسبة لهذه الفئة من الأبناء.
وأوضح الوزير النعيمي أن وزارته وفي إطار استكمال خطتها لدمج الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة القابلين للتعلم في المدارس الحكومية، قد قامت هذا العام بدمج 119 طالبا وطالبة، منهم 83 من ذوي الإعاقة الذهنية ومتلازمة داون، و12 من ذوي الإعاقة البصرية، و15 من ذوي الإعاقة السمعية، 30 من طلبة التوحد، انطلاقا من حرصها على توفير الحق في التعليم والحصول على الخدمة التعليمية المناسبة للجميع كما جاء في مواد قانون التعليم، مع تنظيم الكثير من الدورات التدريبية التخصصية للمدارس التي يلتحق بها هؤلاء الطلبة لإحاطتها بمتطلباتهم وتعزيز اندماجهم مع أقرانهم.
أما بالنسبة لأصحاب الإعاقات (الحسية والجسدية) فلا توجد أي اشتراطات تمنعهم من الانتظام مع الطلبة العاديين في المؤسسة المدرسية، بحكم أن الطالب يستفيد من المعينات المساندة التي يجري توفيرها لجميع الطلبة المدمجين من هذه الفئة في المؤسسة المدرسية، أما إذا كان الطفل من الفئات التي لا يمكن دمجها فإن هنالك مراكز متخصصة في المملكة تتولى دمجهم وتأهيلهم بما يناسب احتياجاتهم، ويؤهلهم للدمج في الحياة تتبع وزارة التنمية الاجتماعية أو جهات أهلية.
وأما بخصوص الخدمات التي توفرها الوزارة لجميع الطلبة المدمجين في المؤسسات التعليمية الحكومية فهي كثيرة، ومنها: تهيئة البيئة المدرسية على جميع المستويات من بنية تحتية كالمنحدرات ودورات المياه الخاصة، وتوفير الطاولات الخاصة والكراسي وتهيئة صفوف اضطراب التوحد بعمل تقسيمات خاصة لها، وتوفير جميع المعينات المساندة مثل الكراسي المتحركة والسماعات لضعاف السمع والنظارات لضعاف البصر وكذلك الحاسب الآلي الناطق وجهاز برايل وجهاز برينتو الذي جرى إدخاله لطلبة التعليم الثانوي في العام الدراسي الماضي 2012 - 2013م، بالإضافة إلى تزويد المدارس التي بها طلبة مكفوفون أو ضعاف البصر وعددها 25 مدرسة بلوحات إرشادية (بلغة برايل) لمساعدة الطلبة في التنقل والحركة داخل المدرسة، وكذلك توفير خدمات المواصلات الخاصة لذوي العاقات المختلفة، من خلال حافلات من نوع خاص مجهزة بمصعد آلي، مع توفير مرافقين لهم دعما لسلوكهم داخل الحافلات ولحمايتهم حتى الوصول إلى المدرسة والرجوع إلى البيت بسلام، وإصدار نظام تقييم خاص لطلبة الإعاقات وصعوبات التعلم، يجري من خلاله تقييمهم حسب إمكانياتهم، وإصدار قرار لمعادلة المواد العلمية (الكيمياء، الفيزياء، الرياضيات، الأحياء) للطلبة كفيفي البصر في حصص التعليم الثانوي بمواد اختيارية أخرى.
أما على صعيد إعداد وتأهيل الكوادر البشرية المدرسية المؤهلة لتعليم هؤلاء الطلبة المدمجين في المؤسسة المدرسية، فيتوافر حاليا المئات من المعلمين والاختصاصيين المؤهلين يشرفون على تعليم هؤلاء الطلبة، وقد باشرت الوزارة بابتعاث الكثير منهم سنويا للحصول على المؤهلات العلمية في التخصص بالحصول على الدبلوم العالي للتربية الخاصة أو الماجستير في التربية الخاصة، بالإضافة إلى التدريب المستمر في المؤتمرات وورش العمل داخل مملكة البحرين أو خارجها، كما يوجد حاليا مشروعان داعمان يستهدفان فئات الطلبة المدمجين في المؤسسة المدرسية (فئات الإعاقات الذهنية البسيطة ومتلازمة داون واضطراب التوحد)، حيث تقوم الوزارة على إعادة تأهيل وتدريب طلبة هذه الفئات الذين تتجاوز أعمارهم أكثر من 18 سنة في مدارس التعليم الثانوي من خلال برنامج مناسب لإمكانياتهم وقدراتهم المهنية بهدف تهيئتهم لسوق العمل، كما أن الوزارة بصدد إعداد منهج دراسي متكامل لفئة الإعاقات الذهنية البسيطة ومتلازمة داون واضطراب التوحد، هذا بالإضافة إلى التعاون مع جميع الجهات الحكومية والأهلية التي تخدم هذه الفئة على جميع المستويات (التربوية والتعليمية والتأهيلية).
وختم الوزير تصريحه بالتأكيد أنه هذه الجهود الكبيرة لدمج ذوي الإعاقات المختلفة في التعليم الحكومي تجري في الوقت الذي يحاول فيه البعض التعدي على الحق في التعليم من خلال ضرب المدارس وتخريبها والاعتداء اليومي عليها، حيث بلغ عدد الاعتداءات على المدارس الحكومية حتى الآن 232 اعتداء.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)