جلال الدين الرومي.. شاعر تمرد على الحياة المادية ودعا إلى القيم السامية

اهتمام عالمي يفوق اهتمام وطنه به

غلاف مختارات من قصائده مترجمة للعربية
غلاف مختارات من قصائده مترجمة للعربية
TT

جلال الدين الرومي.. شاعر تمرد على الحياة المادية ودعا إلى القيم السامية

غلاف مختارات من قصائده مترجمة للعربية
غلاف مختارات من قصائده مترجمة للعربية

«مولانا جلال الدین الرومي» (بالفارسي: جلال الدين محمد بلخي) هو شاعر وصوفي كبير. ويعتبر «مولانا» أحد أعظم الشعراء في إيران، وعرف أيضا بـ«مولانا الرومي»، و«مولوي»، و«مولى الروم». وصادفت يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) ذكرى وفاة جلال الدين الرومي، حيث تقام احتفالات كثيرة في مناطق مختلفة بهذه المناسبة.
وقد أجرينا حوارا مع مدير جمعية «الحكمة والفلسفة» في إيران الدكتور غلام رضا أعواني بهذه المناسبة تطرق فيه إلى بعض الأبعاد الفكرية والمعنوية في شخصية «مولانا جلال الدين الرومي».
> منذ سنوات وتقام احتفالات وحفلات لتكريم «مولانا جلال الدين الرومي»، هل تساهم أنشطة الأوساط العلمية والأكاديمية في إيران في مأسسة عملية إجراء الأبحاث والدراسات حول «مولانا»؟
- لا أظن ذلك، فلا أجد اهتماما إيرانيا حقيقيا يليق بمكانة «مولانا» الذي يستحق أكثر من ذلك بالتأكيد. يلقى «مولانا» اهتماما عالميا كبيرا، كما أن عدد الكتب التي يجري نشرها بلغة الإنجليزية ولغات أخرى حول «مولانا» هو الأكبر مقارنة مع النسخ الفارسية.
ينشر موقع «أمازون» الإلكتروني على سبيل المثال أكثر من 200 كتاب حول «مولانا»، كما تحتفظ المكتبات وبائعو الكتب بكثير من الكتب النادرة والمميزة التي لا تكون كلها على المستوى نفسه، غير أن بعضها تتسم بجودة عالية. لقد تصدرت ترجمة أشعار مولانا من قبل شاعر أميركي قائمة الكتب الأكثر مبيعا طوال عشرة أعوام. وسبقت هذه الترجمة، أخرى قام بها المستشرق البريطاني رينولد نيكلسون، ويقال إن عدد مبيعات الترجمة الأميركية تجاوز أو بقي على مستوى الكتاب المقدس (الإنجيل). وهذا يدل على أن العالم المعاصر البعيد عن المعنويات يسعى لاستعادة هويته المعنوية.
قمنا بتنظيم «مهرجان مولانا الدولي» في طهران في 2007، إذ شارك فيه الكثير من أصحاب الفكر، والمثقفين الإيرانيين والأجانب، وقررنا حينها إنشاء سكرتارية دائمة تهتم بشأن «مولانا». ولم يبصر هذا المشروع النور وطواه النسيان بسبب إهمال المسؤولين الذين قاموا بإغلاق مقر السكرتارية. وما يشاهده الناس من أعمال ودراسات تتمحور حول «مولانا» هي أعمال واهتمامات فردية. وتنحصر غالبية التعليقات والدراسات حول مولانا في كتب الأدب الفارسي المدرسية.
> ما سر الاهتمام العالمي المميز بأشعار «مولانا»؟
- برأيي، يكمن السر في عولمة أفكار «مولانا» التي تتميز بـ«سموها الإنساني والإسلامي». تنسجم هذه الأفكار مع الفطرة البشرية التي تتجاوز الحدود الزمكانية. تتمحور أشعار «مولانا» حول المفاهيم الإنسانية الجوهرية، مثل الحب، والإيمان، والعدالة التي لا تختزل أبدا. للشيخ البهائي قصائد رائعة عن «مولانا»، منها:
لا أعلم ماذا أقول لأؤدي حق «مولانا»
فهو ليس من الأنبياء.. غير أنه لديه هذا الكتاب الرائع
«مولانا» لديه ديوان يدعى «المثنوي المعنوي» الذي قام فيه بتفسير القرآن الكريم وسر المعنويات، وجوهرها. يقدم الكتاب صورة عن الحق، ومعاناة الإنسان للوصول إلى حبه الأكمل وهو الله. لقد التقيت بأحد كبار شيوخ الصوفية في فترة شبابي، وكان أول سؤال قد وجهه إلي عما إذا قرأت ديوان «المثنوي المعنوي»، فقلت له: نعم قرأت بعضا منه. وبدأ يشجعني على إكمال القراءة، وقال لي إنني لا أتقن اللغة الفارسية ولكني كنت أتمنى إتقانها لأتمكن من قراءة أشعار «مولانا»، واستيعابها. وأضاف: «لو كنت ملما باللغة الفارسية، لكان يكفيني أن أقرأ قصائد (مولانا)، وهذا ليس كلاما مبالغا فيه».
تحظى أشعار «مولانا»، وكتابه «المثنوي المعنوي»، و«ديوان شمس التبريزي» الذي يرتكز حول الحب، والمعرفة، والقيم الإنسانية والإلهية، بقيمة كبيرة، وجديرة بالقراءة باللغة الفارسية. قد أصبحنا اليوم بحاجة إلى «مولانا» أكثر من أي وقت، ونحتاج إلى القيم المعنوية التي يتحدث عنها «مولانا» أكثر من العالم التقني الحديث في الغرب. أنا لا أقول إننا باستغناء عن التقنيات الحديثة في الغرب، ولكننا بحاجة ماسة إلى القيم المعنوية التي تروج لها الصوفية في إيران، و«مولانا» هو أكبر ممثل لهذه الحركة.
> كيف تصف قصائد «مولانا»؟ وإلى أي مدى تمكنت هذه الأشعار من التواصل مع القيم المعرفية للإنسان؟
- نلمس في قصائد «مولانا» نبرة من الجنون، والتمرد على ما يقيد الإنسان ويحرمه من القيم السامية. «مولانا» متمرد لا يريد الحياة في إطار القيود المعروفة، فهو، وفي قصائده، يتمرد على ما يربط الإنسان بالحياة المادية، ويقيده بأطر الحياة الاعتيادية. يطمح «مولانا» إلى تخلص الإنسان، وهو الذي نحتاج إليه في العالم الحديث. يسعى الأسير في قوة الانتظام التي يفرضها العالم الحديث إلى عصيان يتجلى في قصائد «مولانا».
إن عدد شعراء الصوفية الذين أبهروا العالم قليل جدا. لا أقول إننا لم نشهد شعراء عظماء خلال التاريخ بين البوذيين، والهنود، والمسيحيين، واليهود، غير أن عدد الذين أتقنوا هذا الأسلوب ووصلوا إلى شهرة عالمية ليس بكثير. ولا أظن أن لا ابن عربي ولا شانكارا يبلغان مستوى «مولانا» في التعبير عن سر المعرفة، والحقيقة. قال «مولانا»: «معنى العالم والوجود هو الحق تعالى», وتتجلى الصوفية الإيرانية في أشعار «مولانا» التي تعلمها من «شمس التبريزي»، إذ تعد العالم يقتصر على القيم المعنوية التي تتمثل في الذات الإلهية. فما أروع «شمس التبريزي» الذي تتلمذ «مولانا» على يديه، وتحول إلى عالم في المعنى والذات الإلهية. لن نتمكن من إيفاء حق مولانا كما يجب، بسبب عظمته التي لا يدركها إلا رب العالمين. إذ يقول «مولانا»:
إذا لم تستطع أن تسحب مياه البحر
فتذوقها لترفع عطشك
> كيف ينظر «مولانا» إلى الحب المادي الذي لم تتطرق إليه في القصائد الصوفية التي نقلتها عنه؟
- يقتصر الحب عند «مولانا» على الله تعالى. والحب في رأيه درّ نادر، بينما الحب المادي مصطنع. يقول «مولانا»: «إن لون النار أحمر بينما شرارتها بيضاء، والدخان الصادر عنها ناتج عن الخشب الذي يحترق». وهو يعتقد أن الحب المادي كالدخان، فيما حب الله هو حب نزيه. ويرى «مولانا» أن جوهر الإنسان يحمل صبغة إلهية، وحب الإنسان حب مصطنع، والجوهر هو الله تعالى. يكشف «مولانا» الحقائق والأسرار البشرية، لأن رب العالمين علم الأسرار للإنسان، فتجلت الأسرار الإلهية في ذات البشر. ولذا يمثل البشر، الذات الإلهية.
وهو يعتقد أنه لا ينبغي لنا أن نتعلق بهذا الوجود الفاني، بل علينا التعلق بالله تعالى، فهو أبدي. ويتكون العقل البشري في رأي «مولانا» من قسمين: العقل الكلي الذي يمثل الحب الذي يمكن أن يكون مكتسبا. وأما العقل الجزئي أو الدنيوي فهو ما يتعارض مع الحب.
> إلى أي مدى تمكنت أشعار «مولانا» من الوصول إلى جمهورها؟
- تقوم العلاقة بين أشعار «مولانا» والجمهور على أساس الحب والتقارب، لأن القارئ لأشعار «مولانا» يشعر بالدفء والتقارب عندما يقرأها. تتكون أشعار «مولانا» من قصص كل منها لديها أبطالها الذين تربطهم بالجمهور علاقة عاطفية. ولكن هذا لا يعني أن العلاقة بين الأبطال في أشعار «مولانا» تقوم على أساس الغراميات البحتة. كما تتضمن العلاقة بين الأبطال في أشعار «مولانا» مفاهيم أخرى مثل الغضب، والحقد، والصراع. وما یحسم أمر العلاقة بين أبطال أشعار «مولانا» هو مكونات ناتجة عن ذات البشر، وليس عوامل قائمة على الأسس العلمية. تحظى القواعد العلمية في أشعار «مولانا» والعلاقة بين «أبطالها» بأهميتها الطبيعية ولا أكثر. إن خصائص البشر الجوهرية تساهم في تكوين هذه العلاقات. وفيما يتجاهل العالم المعاصر هذا الأمر، يظل الإنسان الذي يعيش في هذا العالم يبحث عنه، وعن أشعار «مولانا» التي تتمحور حول هذه الخصائص البشرية الجوهرية.
* صحافي إيراني



أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك
TT

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

أليخاندرا بيثارنيك
أليخاندرا بيثارنيك

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية ضد مظاهرة للطلبة في تلاتيلوكو عام 1968. وعلى الرغم من مشاعر الاحترام التي تكنها الشاعرة لزميلها المكسيكي الكبير فإنها لم تستطع تلبية طلبه هذا، لأنها وجدت القصيدة سيئة. ربما يكون هذا مقياساً لعصرنا الذي ينطوي من جديد على صحوة سياسية، ليس أقلها بين الشباب، وفي الوقت الذي تتعرض فيه الشرطة للمتظاهرين وتطلق النار عليهم كما حدث عام 1968، فإن شاعرة «غير سياسية» بشكل نموذجي مثل أليخاندرا بيثارنيك تشهد اليوم انبعاثاً جديداً، ففي إسبانيا لقيت أعمالها الشعرية نجاحاً حقيقياً وهي مدرجة بانتظام في قوائم أهم شعراء اللغة الإسبانية للألفية الفائتة، وهي تُقرأ وتُذكر في كل مكان، بالضبط كما حدث ذلك في الأرجنتين خلال السبعينات.

وإذا لم أكن مخطئاً، فإن هذا النوع المميز من شعرها «الخالص» يُفهم على أنه أبعد ما يكون عن السياسة. إن انجذابها للاعتراف، وسيرتها الذاتية الأساسية، إلى جانب التعقيد اللغوي، تمنح شعرها إمكانية قوية لمحو الحدود بين الحياة والقصيدة، تبدو معه كل استعراضات الواقع في العالم، كأنها زائفة وتجارية في الأساس. إنها تعطينا القصيدة كأسلوب حياة، الحياة كمعطى شعري. وفي هذا السياق يأتي شعرها في الوقت المناسب، في إسبانيا كما في السويد، حيث يتحرك العديد من الشعراء الشباب، بشكل خاص، في ما بين هذه الحدود، أي بين الحياة والقصيدة.

تماماَ مثل آخرين عديدين من كبار الشعراء في القرن العشرين كانت جذور أليخاندرا بيثارنيك تنتمي إلى الثقافة اليهودية في أوروبا الشرقية. هاجر والداها إلى الأرجنتين عام 1934 دون أن يعرفا كلمة واحدة من الإسبانية، وبقيا يستخدمان لغة اليديش بينهما في المنزل، وباستثناء عم لها كان يقيم في باريس، أبيدت عائلتها بالكامل في المحرقة. في الوطن الجديد، سرعان ما اندمجت العائلة في الطبقة الوسطى الأرجنتينية، وقد رزقت مباشرة بعد وصولها بفتاة، وفي عام 1936 ولدت أليخاندرا التي حملت في البداية اسم فلورا. لقد كانت علاقة أليخاندرا بوالديها قوية وإشكالية في الوقت نفسه، لاعتمادها لوقت طويل اقتصادياً عليهما، خاصة الأم التي كانت قريبة كثيراً منها سواء في أوقات الشدة أو الرخاء، وقد أهدتها مجموعتها الأكثر شهرة «استخلاص حجر الجنون».

في سن المراهقة كرست أليخاندرا حياتها للشعر، أرادت أن تكون شاعرة «كبيرة» ووفقاً لنزعات واتجاهات الخمسينات الأدبية ساقها طموحها إلى السُريالية، وربما كان ذلك، لحسن حظها، ظرفاً مؤاتياً. كما أعتقد بشكل خاص، أنه كان شيئاً حاسماً بالنسبة لها، مواجهتها الفكرة السريالية القائلة بعدم الفصل بين الحياة والشعر. ومبكراً أيضاً بدأت بخلق «الشخصية الأليخاندرية»، ما يعني من بين أشياء أُخرى أنها قد اتخذت لها اسم أليخاندرا. ووفقاً لواحد من كتاب سيرتها هو سيزار آيرا، فإنها كانت حريصة إلى أبعد حد على تكوين صداقات مع النخب الأدبية سواء في بوينس آيرس أو في باريس، لاحقاً، أيضاً، لأنها كانت ترى أن العظمة الفنية لها جانبها الودي. توصف بيثارنيك بأنها اجتماعية بشكل مبالغ فيه، في الوقت الذي كانت نقطة انطلاق شعرها، دائماً تقريباً، من العزلة الليلية التي عملت على تنميتها أيضاً.

بعد أن عملت على تثبيت اسمها في بلادها ارتحلت إلى باريس عام 1960، وسرعان ما عقدت صداقات مع مختلف الشخصيات المشهورة، مثل خوليو كورتاثار، أوكتافيو باث، مارغريت دوراس، إيتالو كالفينو، وسواهم. عند عودتها عام 1964 إلى الأرجنتين كانت في نظر الجمهور تلك الشاعرة الكبيرة التي تمنت أن تكون، حيث الاحتفاء والإعجاب بها وتقليدها. في السنوات التالية نشرت أعمالها الرئيسية وطورت قصيدة النثر بشكليها المكتمل والشذري، على أساس من الاعتراف الذي أهلها لأن تكون في طليعة شعراء القرن العشرين. لكن قلقها واضطرابها الداخلي سينموان أيضاً ويكتبان نهايتها في الأخير.

أدمنت أليخاندرا منذ مراهقتها العقاقير الطبية والمخدرات وقامت بعدة محاولات للانتحار لينتهي بها المطاف في مصحة نفسية، ما ترك أثره في كتابتها الشعرية، بطبيعة الحال. وهو ما يعني أنها لم تكن بعيدة بأي حال عن الموت أو الأشكال المفزعة، إلى حد ما، في عالم الظل في شعرها بما يحوز من ألم، يعلن عن نفسه غالباً، بذكاء، دافعا القارئ إلى الانحناء على القصيدة بتعاطف، وكأنه يستمع بكل ما أوتي من مقدرة، ليستفيد من كل الفروق، مهما كانت دقيقة في هذا الصوت، في حده الإنساني. على الرغم من هذه الحقيقة فإن ذلك لا ينبغي أن يحمل القارئ على تفسير القصائد على أنها انعكاسات لحياتها.

بنفس القدر عاشت أليخاندرا بيثارنيك قصيدتها مثلما كتبت حياتها، والاعتراف الذي تبنته هو نوع ينشأ من خلال «التعرية». إن الحياة العارية تتخلق في الكتابة ومن خلالها، وهو ما وعته أليخاندرا بعمق. في سن التاسعة عشرة، أفرغت في كتابها الأول حياتها بشكل طقوسي وحولتها إلى قصيدة، تعكس نظرة لانهائية، في انعطافة كبيرة لا رجعة فيها وشجاعة للغاية لا تقل أهمية فيها عن رامبو. وهذا ما سوف يحدد أيضاً، كما هو مفترض، مصيرها.

وهكذا كانت حياة أليخاندرا بيثارنيك عبارة عن قصيدة، في الشدة والرخاء، في الصعود والانحدار، انتهاءً بموتها عام 1972 بعد تناولها جرعة زائدة من الحبوب، وقد تركت على السبورة في مكتبها قصيدة عجيبة، تنتهي بثلاثة نداءات هي مزيج من الحزن والنشوة:«أيتها الحياة/ أيتها اللغة/ يا إيزيدور».

ومما له دلالته في شعرها أنها بهذه المكونات الثلاثة، بالتحديد، تنهي عملها: «الحياة»، و«اللغة»، و«الخطاب» (يمثله المتلقي). هذه هي المعايير الرئيسية الثلاثة للاحتكام إلى أسلوبها الكتابي في شكله المتحرك بين القصائد المختزلة المحكمة، وقصائد النثر، والشظايا النثرية. ولربما هذه الأخيرة هي الأكثر جوهرية وصلاحية لعصرنا، حيث تطور بيثارنيك فن التأمل والتفكير الذي لا ينفصل مطلقاً عن التشابك اللغوي للشعر، لكن مع ذلك فهو يحمل سمات الملاحظة، أثر الذاكرة، واليوميات. في هذه القصائد يمكن تمييز نوع من فلسفة الإسقاط. شعر يسعى إلى الإمساك بالحياة بكل تناقضاتها واستحالاتها، لكن لا يقدم هذه الحياة أبداً، كما لو كانت مثالية، وبالكاد يمكن تعريفها، على العكس من ذلك يخبرنا أن الحياة لا يمكن مضاهاتها أو فهمها، لكن ولهذا السبب بالتحديد هي حقيقية. في قصائد أليخاندرا بيثارنيك نقرأ بالضبط ما لم نكنه وما لن يمكن أن نكونه أبداً، حدنا المطلق الذي يحيط بمصيرنا الحقيقي الذي لا مفر منه، دائماً وفي كل لحظة.

* ماغنوس وليام أولسون Olsson ـ William Magnus: شاعر وناقد ومترجم سويدي. أصدر العديد من الدواوين والدراسات الشعرية والترجمات. المقال المترجَم له، هنا عن الشاعرة الأرجنتينية أليخاندرا بيثارنيك، هو بعض من الاهتمام الذي أولاه للشاعرة، فقد ترجم لها أيضاً مختارات شعرية بعنوان «طُرق المرآة» كما أصدر قبل سنوات قليلة، مجلداً عن الشاعرة بعنوان «عمل الشاعر» يتكون من قصائد ورسائل ويوميات لها، مع نصوص للشاعر وليام أولسون، نفسه. وفقاً لصحيفة «أفتون بلادت». على أمل أن تكون لنا قراءة قادمة لهذا العمل. والمقال أعلاه مأخوذ عن الصحيفة المذكورة وتمت ترجمته بإذن خاص من الشاعر.