صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة ومحفوفة بالمخاطر

صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة ومحفوفة بالمخاطر
TT

صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة ومحفوفة بالمخاطر

صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة ومحفوفة بالمخاطر

تفاعلت على أكثر من صعيد قضية خلق كيان أوروبي خاص لضمان استمرار التجارة مع إيران. هذا الكيان الذي أعلن عنه الاثنين الماضي يثير غضب الأميركيين، ولا قناعة للأوروبيين أنفسهم بنجاعته الكاملة، فضلاً عن النظرة غير المطمئنة، بل ربما «الخائفة»، التي تلقيها طهران على كل ذلك، كما يقول مصدر بمقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
ويضيف المصدر الأوروبي المسؤول: «هناك غموض يلف الصيغة حتى الآن، ولا موعد محدداً بعدُ لانطلاق تلك الآلية، ولا نعلم شيئاً عن مقر عملها وكيفية تجنبها العقوبات الأميركية التي ستشتد أكثر بدءاً من 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».
يذكر أن ما أعلن عنه لا يشمل الاستثمارات المباشرة التي تحتاجها طهران بقوة، حيث إن للكيان المزمع إنشاؤه غرضا خاصا ومحدودا، وهو عبارة عن صيغة بدائية للمقايضة. وللمثال: إذا أرادت إسبانيا استيراد الفستق والزعفران من طهران، فيمكنها ذلك مقابل طلب تصدير سيارات ألمانية إلى إيران. والدفع، أو التسوية تحصل بين برلين ومدريد باليورو وليس بالدولار، لأن أي تعامل بالعملة الأميركية سيقع تحت طائلة العقوبات الأميركية. ويشبه البعض هذه الصيغة بما لجأ إليه الاتحاد السوفياتي السابق من آليات للتمويل الموازي والتجارة بالمقايضة أيام الحرب الباردة.
ويقول الاتحاد الأوروبي إن الصيغة لتسهيل تجارة «شرعية»، وقد يمر التطبيق التمويلي عبر البنوك المركزية الأوروبية أو من خلال غرفة مقاصة خاصة، لكن كل ذلك غير واضح المعالم النهائية بعد، علما بأن الصيغة مفتوحة لتنضم إليها دولا أخرى غير أوروبية مثل الصين.
في المقابل، تجمع المصادر المعنية والمتابعة على القول إن الولايات المتحدة مصممة على خنق الاقتصاد الإيراني. وقد لا تسمح بنجاح أي مسعى من أي نوع أو حجم كان لمنح طهران جرعة تنفس حتى لو كانت اصطناعية. وهذا ما عبر عنه مستشار الأمن القومي جون بولتون عندما قال باستهزاء: «الأوروبيون مهرة في الأقوال الإنشائية؛ لكنهم ضعاف في التطبيق!». وأضاف: «سنراقب هذه الصيغة عن كثب، ولا نية سماح لدينا مطلقاً للأوروبيين وغير الأوروبيين تجنبهم عقوباتنا ضد نظام إيران؛ الراعي الأول للإرهاب في العالم».
وإذا كان الأوروبيون يرغبون في ضمان تدفق بعض النفط الإيراني إلى دول أوروبية معينة، فإن الهدف لن يتحقق، لأن تجارة النفط بيد شركات دولية خاصة تفتح اعتمادات بالدولار، وبالتالي لن تغامر تلك الشركات وتتعامل مع إيران بعد 4 نوفمبر المقبل، كما يؤكد مصدر نفطي أوروبي.
مصادر أخرى ترى في الإعلان الأوروبي هدفاً سياسياً من دون اكتراث كبير بنجاح الصيغة اقتصادياً. فالأوروبيون يرغبون بمنح الرئيس حسن روحاني ورقة بيده يواجه بها معارضيه في الداخل، لا سيما أولئك الداعين للخروج من الاتفاق النووي لاستئناف التخصيب. ويريدون أيضاً البعث برسالة ما إلى الأميركيين يحفظون بها ماء الوجه السيادي، ليقولوا إنهم غير تابعين بالمطلق للسياسات الأميركية.
في المقابل، هناك من يتحمس لهذه الصيغة في بروكسل ويعول عليها للمدى الطويل بحيث يمكن، إذا نجحت الآلية المقترحة، الخروج من عباءة الدولار في تجارة الأوروبيين مع العالم. ويريدون نسخ محاولات التجارب الصينية في هذا المجال، لأن مناخ التجارة الدولية بات محكوماً بحمائية شديدة أرادتها الولايات المتحدة ويرفضها الأوروبيون والصينيون والروس.
فإذا نجح تطبيق الصيغة ينتعش اليورو كما اليوان والروبل برأي البعض... لكن هذا الهدف للمدى الطويل وليس القصير «ودونه عقبات لا عد لها ولا حصر»، وفقاً لمصدر تجاري دولي. علما بأن في واشنطن أيضاً بعض القلقين من تفاقم البحث عن بدائل للدولار في التجارة الدولية، بعد أن عبرت عن ذلك دول مثل الصين وروسيا إلى جانب طهران وتركيا ودول أخرى.
وذكرت المصادر المتابعة أن هناك مجموعة ضغط في بروكسل تحاول إنجاح الصيغة، وهذه المجموعة تمثل مصالح شركات صغيرة ومتوسطة راغبة في اقتناص فرصة خروج الشركات الكبيرة من إيران لعلها تجد منافذ لتتوسع في تجارتها مع طهران. فالشركات الكبيرة تنسحب الواحدة تلو الأخرى. ويرجح، على نطاق واسع، ألا تبقى أي واحدة منها على الأراضي الإيرانية بعد 4 نوفمبر، لأنها تفضل الحفاظ على مكاسبها الدولية من دون أي تفريط، لأنها الأدرى بما ينتظرها من عقوبات أميركية قاسية وبغرامات مليارية إذا غامرت واستمرت في التعامل مع طهران.
إلى ذلك، هناك من يعول في أوروبا على عدم شمول الغذاء والدواء في قوائم العقوبات. فمزارعو القمح في ألمانيا ومصنعو المنتجات الطبية في فرنسا - على سبيل المثال لا الحصر - يرغبون بقوة في عدم فقدان السوق الإيرانية وتركها للمنافس الصيني أو الروسي.
في إيران، كثيرون لا يعولون أيضاً على الصيغة الأوروبية، ولسان حالهم أن تجربة طهران مع دول الاتحاد الأوروبي لا تشي إلا بتعويل قليل على الكيان المقترح. وقال مصدر دبلوماسي في طهران: «يريد الأوروبيون أعمالاً يربحون منها ولا تكلفهم الكثير. وتجربتنا السابقة معهم تخبرنا بأن الأمر سينتهي بالتراجع التدريجي أمام الضغوط الأميركية. وما الصيغة التي ابتدعوها إلا رمزية لتناسب رأيهم الخجول بأن إيران تحترم الاتفاق النووي.. وهم لا يريدون رؤيتنا ننقض الاتفاق ونعود إلى تخصيب اليورانيوم، لذا تجدهم يمارسون التخدير فقط لا غير».
وأضاف المصدر الإيراني: «أولويتنا في مكان آخر... وتحديدا مع الصين والهند لضمان تصدير النفط الإيراني».
وتختم المصادر بالقول إن الصيغة غامضة حتى الآن، ولا موعد محدداً لبدء تجربتها.
وهناك تشكيك في عواصم أوروبية في كيفية التطبيق، لأن ما أعلن لا يعدو إعلانا سياسياً حتى الآن. والجميع بانتظار نوفمبر المقبل لمعرفة حجم وقساوة العقوبات الأميركية التي ستضرب تجارة النفط والعمليات المالية، كما يمكن تكييف تلك العقوبات لتشمل ما يعتقد الأوروبيون أنه غير مشمول في قوائم الحظر الأميركية.
ماليا ومصرفياً، هبطت العملة الإيرانية 70 في المائة في 7 أشهر. وطهران غير مستعدة لوضع أي من احتياطات العملات الصعبة في الخارج لضمان التجارة معها. وهي على موعد في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل مع عقوبات من نوع آخر تفرضها هذه المرة «مجموعة العمل المالي الدولية»، التي تهدد بوضع طهران على القائمة السوداء لأنها لم تنجز الإصلاح المصرفي المطلوب منها، لا سيما على صعيد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهنا يكمن بيت القصيد!



مجموعة «لوتاي» الصينية تبحث إنشاء مصنع في مصر

رئيس هيئة الاستثمار المصرية خلال لقائه وفد شركة «لوتاي» الصينية في مقر الهيئة بالقاهرة (هيئة الاستثمار المصرية)
رئيس هيئة الاستثمار المصرية خلال لقائه وفد شركة «لوتاي» الصينية في مقر الهيئة بالقاهرة (هيئة الاستثمار المصرية)
TT

مجموعة «لوتاي» الصينية تبحث إنشاء مصنع في مصر

رئيس هيئة الاستثمار المصرية خلال لقائه وفد شركة «لوتاي» الصينية في مقر الهيئة بالقاهرة (هيئة الاستثمار المصرية)
رئيس هيئة الاستثمار المصرية خلال لقائه وفد شركة «لوتاي» الصينية في مقر الهيئة بالقاهرة (هيئة الاستثمار المصرية)

أعلنت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر، أن مجموعة «لوتاي» الصينية، أكبر مُنتج للأقمشة المصبوغة والقمصان في العالم، تبحث خطة لتأسيس مصنع لها في مصر على مساحة نصف مليون متر مربع، وبتكلفة استثمارية تبلغ 385 مليون دولار.

وأوضح بيان صادر عن الهيئة، اليوم الاثنين، أن «الشركة تسعى إلى إنشاء سلسلة توريد كاملة في مصر، بدايةً من تصنيع الغزول، إلى الأقمشة، نهايةً بالملابس، مع توجيه كامل المنتجات إلى السوق الخارجية بمعدل تصدير 100 في المائة، لتسهم في تحقيق استراتيجية وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، المتمثلة في الاستثمار من أجل التصدير».

وأكد ليو ديمينج، مدير إدارة التسويق العالمي للشركة، أن «السوق المصرية تلبي كل احتياجات الشركة؛ من استقرار اقتصادي، واستدامة النمو، وتوافر العمالة المدرَّبة كماً وكيفاً، بالإضافة إلى عمق العلاقات بين مصر والصين، ما يسرع من تدفق الاستثمارات الصينية إلى مصر».

من جهته أكد حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن السوق المصرية تمتلك كل عوامل نجاح الاستثمارات الجديدة، بينما يقوم قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية بدور المُحفز والمُشجع للاستثمارات الجديدة، مشيراً إلى أن متوسط نمو الاقتصاد المصري دائماً ما يتجاوز متوسط النمو في المنطقة.

وأشار هيبة إلى أن «مصر تتميز بوفرة في العمالة المُدربة والماهرة، كما ترتبط باتفاقيات تجارية تغطي 3 مليارات نسمة حول العالم، ما يضمن تدفق البضائع والخدمات المصرية دون قيود، وتُعدّ التكلفة الاستثمارية الخاصة بالإنشاءات والترفيق والخدمات الأساسية ضمن الأقل عالمياً».

واستعرض الرئيس التنفيذي للهيئة نُظم وحوافز الاستثمار المختلفة التي يجري إعدادها وفق احتياجات كل مشروع، مؤكداً أن مجموعة «لوتاي» الصينية مؤهلة للحصول على الحد الأقصى للحوافز المالية والتنظيمية التي يُقرها قانون الاستثمار، حيث تتماشى خطط الشركة مع التوجهات التنموية للحكومة المصرية من حيث توطين التكنولوجيا، والتشغيل الكثيف للعمالة، والاستثمار من أجل التصدير، وتنمية المناطق الأولى بالتنمية، كما أن المصنع الجديد لمجموعة «لوتاي» مؤهل للحصول على الرخصة الذهبية، وهي موافقة جامعة لكل التصاريح التي تحتاج إليها الشركة من أجل بدء النشاط حتى التشغيل الكامل والإنتاج، ويجري إصدارها خلال 20 يوم عمل فقط.