«فاشرون كونستانتين» تأخذنا إلى استوديوهات آبي رود والزمن الجميل
عندما تجتمع الدقة في ضبط الوقت وهندسة الصوت
النسخة الجديدة من «فيفتي سيكس» بتوربيون - المغني بينجامين كليمنتين أحد أبطال الحملة - المصور والمستكشف كوري ريتشاردز أحد أبطال الحملة
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
«فاشرون كونستانتين» تأخذنا إلى استوديوهات آبي رود والزمن الجميل
النسخة الجديدة من «فيفتي سيكس» بتوربيون - المغني بينجامين كليمنتين أحد أبطال الحملة - المصور والمستكشف كوري ريتشاردز أحد أبطال الحملة
بالنسبة لأي محب للموسيقى، فإن استوديوهات «آبي رود» تعتبر من الأماكن الأيقونية وأسطورة في عالم الموسيقى. ففيها ولدت أغاني حركت عواطف أجيال بأكملها. فيها أيضاً سجل فريق البيتلز معظم ألبوماتهم بين عامي 1962 و1969 وهلم جراً من الفنانين العالميين، من فريق «البينك فلويد» إلى «الرولينغ ستونز» وغيرهما. بالنسبة لأي عاشق للساعات الرفيعة، فإن اسم «فاشرون كونستانتين» أيضاً له رنة أسطورية ويأتي في الصدارة، لا من حيث عراقتها ولا من حيث إبداعاتها. فتاريخها يعود إلى عام 1755، وعدد إصداراتها لا يُحصى، بحيث يقدر بأكثر من مليار ساعة في السنة، منها 25 مليون فقط يتمّ تصنيعها في سويسرا، وبالكاد 500 ألف تحظى بمرتبة صناعة الساعات رفيعة المستوى. لهذا، عندما فكرت الدار السويسرية العريقة في إطلاق حملتها الخاصة بمجموعتها الجديدة «فيفتي سيكس» (Fiftysix®)، لم تجد أحسن من استوديوهات «آبي رود» لتزيد من عنصر الإبهار. فالساعة كما يدل اسمها، شهدت النور أول مرة في الخمسينات، وآبي رود شهد أيضاً عزه في هذه الحقبة. وحتى تكتمل الصورة وتحافظ على التيمة الفنية، استعانت الدار بفنانين موهوبين في مجالاتهم، مثل المغني وكاتب الأغاني بنجامين كليمنتين، الذي بزغ نجمه في عام 2013 ولا يزال يحقق كثيراً من النجاحات، والفنان الإنجليزي جيمس باي، الذي لم يستكن لأمجاد الماضي وأصدر ألبوماً جريئاً يجمع بين موسيقى الروك ونغمات الروح. استعانت أيضاً بأورا إيتو، المصمّم متعدّد الاختصاصات الذي حقق التوازن بين التميّز الميكانيكي والصحوة الجمالية. فمفهوم «سيمبليكسيتي» (Simplexity) يحمل توقيعه. وأخيراً وليس آخراً كوري ريتشاردز، المصور والمستكشف الذي تسلّق جبل إيفرست دون الاستعانة بالأكسجين. بالنسبة للدار، فإن كلاً من هذه المجالات الإبداعية، من الموسيقى والتصميم إلى الاستكشاف والتصوير الفوتوغرافي - يدخل في صميم ثقافتها. ومن المفترض أن يشارك كل هؤلاء في الحملة التي أطلقتها الدار هذا الشهر تزامناً مع طرح مجموعتها الجديدة في الأسواق، علماً أنها كشفت عنها أول مرة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي خلال صالون جنيف للساعات الراقية. ما تؤكده هذه الحملة أن التفاعل مع الناس أصبح يحتاج إلى لغة عصرية وطرق مبتكرة تُلهب الخيال. في هذه الحالة، فإنها تُذكر مواليد الخمسينات بحقبة يشدهم الحنين إليها باعتبارها من أجمل الحقبات الفنية التي عاشوها وشكلت ذائقتهم وذكرياتهم، كما من شأنها أن تُدخل جيل الألفية وتُقدمه إلى عالم ربما كان غائباً عنهم. أجمل ما فيه أنه عالم لا يتعارض فيه الماضي مع الحاضر بل العكس تماماً. فهما في هذه الحالة يتراقصان على نغمات موسيقية، تجمع الدقة في ضبط الوقت والدقة في هندسة الصوت.
في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…
غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.
جميلة حلفيشي (لندن)
الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/5081732-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6-%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%B9%D9%86%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A8%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A4%D9%84%D8%A4
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.
لقاء الموضة بالموسيقى
كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».
وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.
هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.
يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.
عرض مطرَّز بالحب والترتر
بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.
ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.
جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.
أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.
حب للرياض
بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».
وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».
أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.