مسؤول أميركي: واشنطن تبحث عقد قمة مع دول الخليج ومصر والأردن لبحث تحالف استراتيجي

نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج قال لـ {الشرق الأوسط} إن إيران تعمل على إطالة النزاع في اليمن

تيموثي لندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الخليج
تيموثي لندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الخليج
TT

مسؤول أميركي: واشنطن تبحث عقد قمة مع دول الخليج ومصر والأردن لبحث تحالف استراتيجي

تيموثي لندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الخليج
تيموثي لندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الخليج

قال تيموثي لندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون منطقة الخليج، إن واشنطن تبحث على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة مع الشركاء الخليجيين ومصر والأردن عقد قمة في يناير (كانون الثاني) المقبل تستضيفها الولايات المتحدة، لمناقشة تحالف استراتيجي سياسي واقتصادي وأمني لمنطقة الشرق الأوسط يخدم مصالح الدول المشاركة.
وأشار لندركينغ، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن إيران تعمل على إطالة النزاع في منطقة الشرق الأوسط وبصفة خاصة الحرب في اليمن، لافتاً إلى أن واشنطن فكرت في تصنيف جماعة الحوثي التي تدعمها إيران على قائمة المنظمات الإرهابية، مثلما فعلت مع جماعة «حزب الله» المدعوم والمموّل من الجهة نفسها.
ورفض المسؤول الأميركي فكرة توجيه ضربة عسكرية حاسمة تنهي الصراع في اليمن، مشدّداً على أهمية الدور الذي يقوم به المبعوث الأممي مارتن غريفيث لجمع الأطراف اليمنية حول طاولة الحوار.
إلى ذلك، حذّر من محاولات إيران إلقاء مسؤولية الهجوم الإرهابي في الأحواز على الولايات المتحدة أو دول خليجية، مشيراً إلى أن طهران لا تريد تصديق أن هجوماً كهذا يمكن أن يحدث من الداخل.
وفيما يلي نص الحوار:
- اتّهمت إيران دول خليجية والولايات المتحدة بالضلوع في هجوم الأحواز. كيف ترى تداعيات هذه الاتهامات؟ وهل تريد طهران استغلال هذه الهجوم لتصعيد التوتر مع دول الخليج وواشنطن؟
- أولاً، الولايات المتحدة أدانت هذا الهجوم كما تفعل مع أي هجوم إرهابي بغضِّ النظر عن أين وقع. وصرّح وزير الخارجية مايكل بومبيو بأنه بدلاً من توجيه أصابع الاتهام للخارج، على الإيرانيين النظر إلى الداخل. كما أشار إلى حقيقة أن ما يقوم به النظام الإيراني من أفعال تؤذي الشعب الإيراني، ليس فقط فيما يتعلق بمساندته للإرهاب، وإنما أيضاً استخدام الموارد المالية لتمويل مخططات طهران الخارجية ومساعدة عملائها، مثل «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن.
وفي الحقيقة لا توجد أي دلائل أو إشارات على تورّط أي دولة خارجية في هذا الحادث، لا الدول الخليجية ولا الولايات المتحدة. وقد يوجه النظام الإيراني أصابع الاتهام بهذه الشكل لأنه لا يريد تصديق أن شيئاً كهذا يمكن أن يحدث داخل البلاد، كما لا يريد أن يصدق المظاهرات الكثيرة التي خرجت بسبب القلق من الأوضاع الاقتصادية؛ فإيران تحت ضغط العقوبات، ومظاهرات الإيرانيين تؤكد أن حكوماتهم خذلتهم.
- هل يمكن أن تستخدم إيران هذا التصعيد مبرراً للإقدام على إغلاق مضيق هرمز، كما لوحت وهددت من قبل على لسان مسؤولين كبار؟
- سيكون ذلك تصرفاً غير حكيم، وأعتقد أن الإيرانيين يلوّحون بذلك فقط. وعلى مدى سنوات، أقدمت إيران على مضايقات للأسطول الأميركي في منطقة الخليج عدة مرات، وهدّدت الملاحة الدولية. ورأينا مساندتهم للحوثيين الذين يهددون الملاحة الدولية في باب المندب. وما نراه أن البحرية الإيرانية تقوم بتصرفات مستفِزّة وتهرب الأسلحة في محاولة لإطالة أمد النزاعات في المنطقة وتصعيد الصراع، وهذا أمر خطير، ونصحنا الإيرانيين بألا يقوموا بذلك.
- في رأيك كيف يمكن حل الأزمة في اليمن؟ هل ترى إمكانية توجيه ضربة عسكرية حاسمة تنهي الصراع وتعيد الحكومة اليمنية الشرعية؟
- لا أعتقد أن هناك حلاً عسكرياً لأي نزاع في المنطقة، وبصفة خاصة في اليمن. ولا توجد ضربة واحدة أو سلسلة ضربات يمكن أن تؤدي إلى حل الوضع في اليمن. وما نحتاج إلى القيام به، هو العمل على إنهاء الأنشطة العسكرية وتقديم مساندة قوية للعملية السياسية. وهناك مساندة قوية من كل من وزيري الخارجية مايك بومبيو والدفاع جيمس ماتيس لدفع جهود التوصل لحل سلمي والتركيز على الوضع الإنساني في اليمن الذي يشهد أسوأ كارثة إنسانية في العالم. وهذه الكارثة بدأت، ورأيناها آتية أمام أعيننا، والاستجابة لم تكن كافية للتعامل مع الأزمة. وجزء من المشكلة أن هناك حالةً أمنيةً غير مستقرة، وإصرار الإيرانيين على إطالة أمد الصراع وتوجيه هجمات على السعودية.
نريد تكثيف الجهود في إطار عملية السلام السياسية، وجلب الأطراف إلى الطاولة، خصوصاً أن المبعوث الأممي مارتن غريفيث حاول ذلك منذ عدة أسابيع في جنيف، ولم يظهر الحوثيون، ويريد أن يحاول مرة ثانية ونحن نساعده ولا نريده أن يستسلم أو يشعر بالإحباط. كما لا نريد أن تتخلى الأمم المتحدة عن الجهود لمساندة العملية السياسية. وهناك أيضاً جهود لدعم دول تحالف دعم الشرعية في اليمن لتستخدم قدراتها العسكرية بطريقة أكثر فاعلية، ولدينا قلق من ضربات راح ضحيتها بعض المدنيين، ونحاول مساعدة قوات التحالف لتقليل الخسائر في الأرواح.
- أدانت الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح إطلاق الحوثيين صواريخ على السعودية، وأكدت أن إيران تمدهم بالأسلحة، لماذا لم تصنِّف الولايات المتحدة جماعة الحوثي على قائمة المنظمات الإرهابية؟
- لقد فكَّرنا في ذلك بالفعل عدة مرات، ولا أقول إننا لن نفعل ذلك. لكن حتى هذه اللحظة، قلنا علناً إنه يجب على الحوثيين أن يلعبوا دوراً في العملية السياسية، والجميع يوافقون على ذلك. لكن من ناحية أخرى، الحوثيون يمثلون جزءاً صغيراً من سكان اليمن، وتزايد نفوذهم، لأنهم قاموا باختطاف جهود عملية التوافق السياسي من خلال مخرجات الحوار الوطني الذي جرى في عام 2014، واحتلّوا صنعاء وتوسعوا في وجودهم العسكري. وأصبح لهذه الأقلية الحوثية نفوذ متزايد بسبب تقدمهم العسكري الذي حققوه بمساعدة قوى خارجية، ليس من حقها التدخل في الشأن اليمني.
- لماذا لم يتم التعامل مع الحوثيين كجماعة إرهابية مثلما تعاملت الولايات المتحدة مع «حزب الله» وأدرجتها على قائمة الإرهاب؟ قلتَ إنكم فكرتم مراراً في هذا الأمر، فما الذي يمنعكم من اتخاذ هذه الخطوة؟
- لا أقول إننا لن نفعل ذلك، لكن في الوقت الحالي نفكر: هل ستؤدي هذه الخطوة إلى تسهيل الحل السياسي في اليمن أم لا. إن كان الأمر سيسهّل الحل السياسي، فإننا سنفكر في ذلك. لكن التركيز حالياً هو على جلب الحوثيين إلى طاولة الحوار وبدء مفاوضات. يتحدث المبعوث الأممي غريفيث عن إجراءات لبناء الثقة، وهي عملية بطيئة حيث يوجد كثير من عدم الثقة. لذا، يجب القيام بخطوات صغيرة لجلب كل العناصر اليمنية (لطاولة الحوار)، وإنهاء القتال، والتفكير في بناء اليمن.
- بلغ سعر برميل النفط 80 دولاراً، ومع دخول العقوبات الأميركية على النفط الإيراني بحلول الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من الموقع أن ترتفع الأسعار، وقد أوضح مسؤولون بمنظمة «أوبك» أنه لا يوجد سبب لزيادة الإنتاج، فما النقاشات التي تجريها إدارة ترمب حول هذا الأمر؟
- نعم، الرئيس ترمب قلق حول أسعار النفط وتأثيرها على المواطن الأميركي، وعلى الشركات الأميركية. وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لدينا نقاشات حول عدة قضايا، بينها ملفات اليمن وسوريا والعراق والعلاقات الثنائية والإقليمية، فضلاً عن قضايا الطاقة.
- تحدث مسؤولون في إدارة ترمب عن مباحثات لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع الدول العربية بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة، ما الخطوات الأميركية في هذا الاتجاه؟
- نتحدّث مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن لعقد قمة في يناير المقبل، لبحث تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي ويضم هذه الدول الثماني، وهو نوع من التحالف السياسي والاقتصادي والأمني.
وخلال زيارتي للمنطقة منذ أسبوعين، مع الجنرال أنتوني زيني، وجدنا استجابة جيدة من الدول الخليجية، وسألونا عن بعض التفاصيل، لكن الجميع أبدى استعداده للدخول في هذا التحالف ومساندة هذه الترتيبات. فكرة القمة تأتي من قمة الرياض.
ويعقد وزير الخارجية الأميركي، الجمعة، اجتماعاً على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة مع الدول الثماني لمناقشة عقد هذه القمة، وسيستغل الزخم في فعاليات الجمعية العامة للتنسيق مع الأطراف الرئيسية. وقد وافقت كل الأطراف، لكن النقاش حالياً يجري حول المحتوى الذي ستناقشه القمة، ولسنا ملتزمين بموعد محدد. والأهم هو عقد القمة وإجراء نقاش حقيقي مع الحلفاء، والتوقيت يعتمد على هذه الاعتبارات.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟