391 انتهاكاً للحريات تعرض لها الإعلاميون الفلسطينيون

TT

391 انتهاكاً للحريات تعرض لها الإعلاميون الفلسطينيون

لمناسبة «يوم الصحافي الفلسطيني» السنوي، الذي صادف أمس الأربعاء 26 سبتمبر (أيلول)، أعلن المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية «مدى»، أن الإعلاميين الفلسطينيين تعرضوا لانتهاكات في مجال حرية العمل والتعبير 391 مرة.
وقال «مدى» إن هذه الانتهاكات وقعت ضد الصحافيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وكذلك في مدينة القدس الشرقية المحتلة. وقد ارتكب الاحتلال الإسرائيلي 303 اعتداءات منها، أي ما نسبته نحو 78 في المائة من مجمل الاعتداءات المسجلة، في حين ارتكبت جهات فلسطينية مختلفة ما مجموعه 88 انتهاكا، أو ما نسبته 22 في المائة من مجمل هذه الاعتداءات.
وقد أشاد المركز بجهود الصحافيين الفلسطينيين وعملهم الدؤوب للقيام بواجبهم المهني، رغم كل العقبات والمخاطر والانتهاكات التي لم تتوقف؛ بل ازدادت ضدهم، لا سيما الاعتداءات الدموية الواسعة منذ مطلع العام الجاري 2018، التي كان أشدها خطورة، قيام قناصة الاحتلال خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، في حادثين منفصلين، بقتل الزميلين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، أثناء تغطيتهما المظاهرات السلمية الفلسطينية التي نظمت قرب السياج الفاصل شرق غزة، مستخدمين الرصاص الناري المتفجر، علما بأنهما (مرتجى وأبو حسين)، كانا موجودين على مسافة 300 - 350 مترا من الجنود، وكانا يرتديان الزي الصحافي الذي يظهر هويتيهما وعملهما بوضوح.
وبين المركز أن الاعتداءات التي تستهدف الحريات الإعلامية في فلسطين، تصاعدت بشكل ملحوظ ودون توقف، لا سيما الاعتداءات الإسرائيلية التي لا تزال تشكل القسم الأكبر والأشد خطورة على حياة الصحافيين والحريات الإعلامية عامة؛ حيث رصد «مدى» ووثق، منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي (خلال ثمانية أشهر)، ما مجموعه 391 انتهاكا ضد الحريات الإعلامية.
وعلى ضوء اتساع دائرة الاعتداءات التي تستهدف الحريات الإعلامية في فلسطين، وازدياد حدتها دموية وخطورة، جدد المركز التأكيد على ضرورة إرسال بعثة تقصي حقائق دولية، للاطلاع عن كثب، على ما يتعرض له الصحافيون والصحافيات ووسائل الإعلام من اعتداءات شبه يومية، ولوضع الحقائق أمام المجتمع الدولي والهيئات المختصة، والعمل الحثيث من أجل إلزام إسرائيل وكل المعنيين الآخرين، بالمواثيق الدولية التي تضمن حرية التعبير، واحترام القرارات الدولية التي تحمي الصحافيين، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2222.
كما أكد «مدى» على استمراره في حملته الدولية، لوضع حد للسياسة الإسرائيلية الممنهجة الهادفة إسكات الصحافة الفلسطينية؛ حيث كان قد أرسل تقريرا بذلك لثلاثة منسقين خاصين في الأمم المتحدة، وفي مقدمتهم المقرر الخاص للحق في حرية التعبير ديفيد كاي.
وقال مركز «مدى» إنه سيواصل تنسيق جهوده وأنشطته مع المؤسسات الدولية، للحد من الاعتداءات التي تتعرض لها الحريات الإعلامية، ويطالب بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والاعتداءات على الصحافيين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.