أربع محافظات رئيسية «تفلت» من قبضة الحزب الحاكم في روسيا

تراجع شعبية بوتين ينعكس في انتخابات الأقاليم... ونافالني إلى السجن مجدداً

TT

أربع محافظات رئيسية «تفلت» من قبضة الحزب الحاكم في روسيا

لم يحل الانتصار الكبير الذي حققه حزب «روسيا الموحدة» الحاكم في عشرات المدن والمحافظات، خلال انتخابات المجالس المحلية ورؤساء الأقاليم التي جرت في روسيا قبل أسبوعين، دون وقوع «منغّصات» عكّرت الفوز الذي أراده الكرملين كاملا، لمواجهة تداعيات تدني شعبية الرئيس فلاديمير بوتين، وتراجع مواقع حزبه في صفوف الناخبين.
وأبرزت انتخابات الإعادة في عدد من المحافظات المهمة تحولا في مزاج الناخب الروسي، تجلّى في خسارة مرشحي الحزب في أربع مقاطعات كبرى، هي خاباروفسك وبريموريه في أقصى شرق البلاد، وخاكاسيا في سيبيريا، وفلاديمير في وسط روسيا.
وكان «الحسم» سريعا في إقليمي خاكاسيا وبريموريه، إذ انسحب مرشح «روسيا الموحدة» من انتخابات الإعادة في خاكاسيا قبل إجراء التصويت، مسلما بهزيمة كبرى، لخصمه مرشح «الحزب الشيوعي»، فيما اضطرت لجنة الانتخابات المركزية إلى إلغاء نتائج التصويت نهائيا في بريموريه بسبب «انتهاكات واسعة» تم تسجيلها، بينها محاولات لحشو الصناديق والتلاعب بالأصوات من جانب مرشح السلطة.
في المقابل، مني الحزب الحاكم في روسيا بهزيمتين قويتين في انتخابات فلاديمير وخاباروفسك، أمام مرشحين من الحزب الليبرالي الديموقراطي القومي، الذي يقوده السياسي المثير للجدل فلاديمير جيرينوفسكي.
وأجريت دورة ثانية من الانتخابات لاختيار حاكمي المنطقتين، الأحد، بعد أن سجّل حزب «روسيا الموحدة» تراجعا فيهما هو الأكبر له خلال السنوات العشر الماضية. وفاز فلاديمير سيبياغين مرشح «الحزب الديمقراطي الليبرالي لروسيا» القومي بـ57 في المائة من الأصوات، في منطقة فلاديمير التي تبعد 190 كيلومترا شرق موسكو. وهزم الحاكمة الحالية مرشحة حزب «روسيا الموحدة» سفيتلانا أورلوفا، التي فازت بـ37.5 في المائة من الأصوات، بحسب ما أظهرته النتائج أمس.
وخسر حزب «روسيا الموحدة» أمام القوميين في منطقة خاباروفسك بأقصى الشرق الروسي، إذ فاز مرشح الحزب الديمقراطي الليبرالي بسبعين في المائة من الأصوات، أمام الحاكم الحالي فياتشسلاف شبورت.
وشكلت النتائج تحديا جديا للكرملين، الذي علق الناطق باسمه ديمتري بيسكوف على التطور، مشيرا إلى أن «هذه النتائج مؤشر إلى انتهاج الشفافية وتوسيع المجالات أمام التنافس والتعددية، وفقا لخطة الرئيس فلاديمير بوتين»؛ لكن خبراء رأوا فيها صفعة قوية؛ خصوصا أنها شكلت انعكاسا لتصاعد مزاج التذمر بسبب تدني الأحوال المعيشية والغلاء، وإصلاحات نظام التقاعد التي قوبلت باحتجاجات واسعة في كل أرجاء روسيا، ما دفع أحزاب «المعارضة المعتدلة» التي تحظى برضى الكرملين وتمثيل في مجلس الدوما (البرلمان)، إلى إبداء مواقف اعتراضية عليها.
ورغم أن الحزب الحاكم يواصل فرض سيطرته في غالبية المناطق الـ80 التي شهدت انتخابات أخيرا؛ لكن تراجع نسب الإقبال على صناديق الاقتراع، وخسارته بعض المحافظات المهمة لصالح منافسين، عكسا جدية التحولات في معدلات تأييد السياسات الداخلية للكرملين، والتي انعكست بداية في تراجع نسب تأييد الرئيس بوتين إلى أدنى مستويات منذ سنوات، قبل أن تصل تداعيات هذه التغييرات إلى السلطات المحلية في الأقاليم.
وكانت مراكز دراسات نظمت استطلاعات الشهر الماضي، دلت على تراجع غير مسبوق منذ سنوات في معدلات تأييد الرئيس الروسي؛ إذ وصلت نسب تأييده حاليا إلى نحو 40 في المائة في مقابل 77 في المائة، وهي النسبة التي حصل عليها في انتخابات الرئاسة التي جرت في مارس (آذار) الماضي.
ولم تكن شعبية بوتين تدهورت إلى هذه الدرجة إلا مرة واحدة في عام 2013، بعد انتخابات برلمانية مثيرة للجدل، تحدثت المعارضة عن وقوع انتهاكات فادحة فيها، ورغم ذلك عادت معدلات التأييد إلى الصعود بقوة في العام التالي، على خلفية قرار ضم القرم الذي حشد الروس حول بوتين مجددا.
ويرى خبراء أن تراجع شعبية بوتين بسبب السياسات الداخلية وازدياد معدلات الفقر، انعكس على أداء الحزب الحاكم الذي أسسه قبل سنوات، ويرأسه حاليا رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، وخصوصا في الأقاليم؛ حيث تبرز المشكلات الاقتصادية والمعيشية بشكل حاد.
وأثر تصميم الكرملين على دفع برنامج الإصلاح في نظام التقاعد على المزاج العام في البلاد بشكل عنيف، إذ شهدت عشرات المدن مظاهرات وتجمعات احتجاجية واسعة، دفعت السلطات إلى تضييق الخناق على المعارضة، وفرض قوانين مشددة تحظر المسيرات وأعمال الاحتجاج، وتضعها تحت طائلة قوانين زعزعة الأوضاع وإثارة الفتن في البلاد. وهي التهم التي قضى زعيم المعارضة أليكسي نافالني شهرا في السجن بعد توجيهها إليه؛ لأنه دعا أنصاره إلى الاحتجاج على قانون التقاعد الجديد الشهر الماضي.
وكان لافتا أن السلطات أعادت اعتقال نافالني الذي قضى مدة الحكم بالسجن لشهر، وتم اعتقاله أثناء مغادرته السجن أمس، وأعيد إلى أحد أقسام الشرطة؛ حيث وجهت إليه مجددا تهمة الدعوة لتنظيم مظاهرات أثناء وجوده في السجن. وقال أنصاره إن التهمة الجديدة قد تغيبه مرة أخرى لمدة عشرين يوما على الأقل؛ لكنهم لفتوا إلى أن تكرار سجنه بهذه الطريقة يدل على أن السلطات تسعى إلى «تلفيق تهمة جنائية له» بالاستناد إلى أن تكرار المخالفات ذات الطابع الإداري، مثل انتهاك قانون التظاهر، يؤدي تلقائيا إلى توجيه تهمة جنائية قد تلقي به في السجن لسنوات.
وكتبت لوبوف سوبول، التي تعمل في مركز نافالني لمكافحة الفساد، إنه «تم توقيف نافالني مجددا لأن السلطات الآن أضعف من أي وقت مضى». وأضافت أن «الغالبية الساحقة من الناس تعارض رفع سن التقاعد، وحزب (روسيا الموحدة) هُزم في الانتخابات لاختيار حاكم في مناطق رئيسية»، وتابعت: «إنهم خائفون ومذعورون وينتقمون».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.