العاهل المغربي ينصب أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين ويعين عزيمان رئيسا له

يضم 92 عضوا هدفهم وضع إصلاح قطاع التعليم على سكته الصحيحة

صورة تذكارية للملك محمد السادس مع أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين بعد تنصيبه مساء أول من أمس بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)
صورة تذكارية للملك محمد السادس مع أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين بعد تنصيبه مساء أول من أمس بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)
TT

العاهل المغربي ينصب أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين ويعين عزيمان رئيسا له

صورة تذكارية للملك محمد السادس مع أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين بعد تنصيبه مساء أول من أمس بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)
صورة تذكارية للملك محمد السادس مع أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين بعد تنصيبه مساء أول من أمس بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)

نصّب العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، بالقصر الملكي في الدار البيضاء أعضاء المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وعين مستشاره عمر عزيمان رئيسا له.
ويأتي تنصيب المجلس، الذي نص عليه الدستور الجديد، بعد مرور قرابة عام على الانتقادات الحادة التي وجهها الملك محمد السادس إلى قطاع التعليم في البلاد، في خطاب ألقاه بمناسبة ثورة الملك والشعب، قال فيه إن وضع التعليم الحالي أصبح أكثر سوءا مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أكثر من 20 سنة.
وآخذ العاهل المغربي الحكومة الحالية على تراجعها عن مواصلة تنفيذ المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي جرى اعتماده في ظل حكومة عباس الفاسي السابقة، وهو ما سيدفع ثمنه الوزير الاستقلالي محمد الوفا، الذي كان يشغل منصب وزير التربية الوطنية في النسخة الأولى من حكومة عبد الإله ابن كيران، إذ جرى استبداله وتعيين التقنوقراطي رشيد بلمختار في هذا المنصب. وستكون أولى المهام الذي سينكب عليها المجلس، بصفته مؤسسة استشارية، إنجاز تقرير تقييمي لعشرية التربية والتكوين الممتدة من 2000 إلى 2013، والتداول في مشاريع إصلاح منظومة التربية والتعليم على المدى القصير والمتوسط مع الوزراء المعنيين.
وقال عزيمان إن تنصيب الملك محمد السادس للمجلس الملكي يعكس حرصه على «وضع الإصلاح التربوي على سكته الصحيحة، عبر تثمين المكتسبات وتجاوز الاختلالات، واستشراف آفاق مدرسة مغربية جديرة بانتظارات بلادنا وتطلعاتها»، وأشار إلى أن المجلس مدعو «للقيام بمهامه كقوة اقتراحية مدعمة بآليات علمية للتقييم والاستشراف، ومواكبة المستجدات في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي، وطنيا ودوليا، بما يسهم في الرفع من مردودية المنظومة التربوية ومن جودة أدائها»، معلنا أن المجلس سينظم لقاءات في مختلف مناطق المغرب من أجل التعريف بالتشخيص المنجز، وتقاسمه مع مختلف الفاعلين في أفق إعداد تقرير استراتيجي، كفيل برسم خريطة طريق لإصلاح المنظومة التربوية في البلاد.
وقدم عزيمان للملك محمد السادس مشروع التقرير التقييمي لتطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي سيجرى تدارسه من قبل الجمعية العامة للمجلس.
ويتألف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من 92 عضوا، يمثلون مختلف المؤسسات المعنية، وكان لافتا بين أعضاء المجلس وجود اسم نور الدين عيوش، الذي دعا إلى استخدام العامية في مناهج التدريس، بدل اللغة العربية الفصحى، وهو ما أثار ضجة واسعة وزوبعة من الانتقادات ضده.
ويتوزع أعضاء المجلس كالتالي: 13عضوا معينون بصفتهم المؤسساتية، من ضمنهم وزراء ورؤساء بعض الهيئات والمؤسسات، وهم رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، ولحسن الداودي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، وأحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومحمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة، وأنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة، وعبد العظيم الكروج، الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، وسمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، ومحمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، والمحجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، وعمر الفاسي الفهري، أمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، وأحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والعربي بنشيخ، مدير مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وإدريس أبو تاج الدين، مدير المركز الوطني للبحث العلمي والتقني.
كما يضم المجلس 20 خبيرا ومتخصصا معينون من طرف الملك محمد السادس، وهم: عبد الحميد عقار، وألبير ساسون، وعبد الجليل الحجمري، وعبد اللطيف الميراوي، ومحمد دحمان، وربيعة الناصري، ونادية البرنوصي، ونور الدين عيوش، ورشيد الفيلالي المكناسي، ونور الدين مؤدب، وأحمد عبادي، وعلي أمهان، وعبد الحي الموذن، ونور الدين أفاية، وعبد الناصر ناجي، ولطيفة الجبابدي، والتيجانية فرتات، ونور الدين الصايل، وعائشة حدو، ونادية العراقي.
أما الأعضاء المعينون من قبل رئيس مجلس البرلمان فعددهم لا يتجاوز أربعة أشخاص وهم، محمد يتيم، وسمير بلفقيه، وعبد الحميد السعداوي، وعبد الحكيم بنشماس. أما فئة الأعضاء المعينين من قبل رئيس الحكومة، وباقتراح من القطاعات والمؤسسات والهيئات المعنية، فعددهم يصل إلى 55 عضوا، يمثلون مؤسسات التربية والتكوين والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والأطر التربوية والإدارية، وجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، والجماعات الترابية، وجمعيات المجتمع المدني، والهيئات الأكثر تمثيلا للمقاولات، وكذا الهيئات الأكثر تمثيلا لمؤسسات التعليم والتكوين الخاص.



​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

​«هدنة غزة»: هل تسرّع نتائج الانتخابات الأميركية جهود الوسطاء؟

امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية تبكي على أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية على خيام النزوح بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

يعول كثيرون على نتائج الانتخابات الأميركية، التي ستقود المرشح الجمهوري دونالد ترمب أو نظيرته الديمقراطية كامالا هاريس للبيت الأبيض، في إنجاز صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد نحو عام راوحت المفاوضات مكانها، وسط مطالبات لنحو 50 دولة بوقف تسليح إسرائيل.

تلك النتائج التي يترقبها، لا سيما دولتا الوساطة مصر وقطر، وطرفا الحرب «حماس»، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات بغزة، وتسرع من وتيرة إبرام الوسطاء صفقة تنهي أطول حرب بين الجانبين، لافتين إلى وجود حراك دولي وعربي نحو إتمام حل دائم للأزمة في القطاع، يظهر مع القمة العربية الإسلامية الوشيكة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، والجهود الدولية لوقف تسليح إسرائيل.

وفتحت مراكز الاقتراع، الثلاثاء، أبوابها أمام الناخبين الأميركيين بالانتخابات التي تُجرى لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد أيام كانت قضية غزة هي مثار حديث كلا المرشحين في حملاتهما الانتخابية في محاولة لخطب ود الأميركيين العرب الذين يقدر عددهم بنحو 3.7 مليون من أصل 337 مليون نسمة يعيشون في الولايات المتحدة، ويعد اللبنانيون أكبر جالية عربية بينهم، وفق تقديرات المعهد العربي الأميركي (غير حكومي).

وأكدت هاريس، الأحد، في خطاب «الحاجة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن»، وتعهدت بـ«بذل كل ما في وسعها من أجل حلّ الدولتين، ومنح الفلسطينيين حقّهم في تقرير المصير والأمن والاستقرار».

وتعهد ترمب، في تغريدة أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنه سيحل السلام بالشرق الأوسط، وسيوقف المعاناة والدمار في لبنان إذا عاد إلى البيت الأبيض، في حين نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدرين مطلعين قولهما إن الرئيس الأميركي السابق أخبر نتنياهو أنه يريد أن تضع إسرائيل حداً لحربها في غزة بحلول موعد تسلمه للسلطة إذا فاز في الانتخابات.

وعشية الانتخابات الأميركية، طالب أكثر من 50 دولة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوات فورية لوقف بيع أو نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفق رسالة موجهة إلى الهيئتين التابعتين للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اتهمت إسرائيل بانتهاك القوانين الدولية بشكل مستمر في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان وبقية الشرق الأوسط».

أطفال فلسطينيون يجمعون الدقيق من الأرض بعد سقوط كيس من شاحنة مساعدات كانت تسير على طريق صلاح الدين في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبالمقابل، ندّد مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، بطلب الحظر، ووصف على منصة «إكس» ذلك الطلب بأنه «تحرك آخر من محور الشر ضد إسرائيل على الساحة الدولية».

غير أن هذا التحرك، وفق المحلل السياسي الأميركي، مايكل مورغان، يأتي ضمن «حراك عربي ودولي يريد وقف الحرب فوراً بغزة ولبنان، وقد تساعد تلك المطالبات وغيرها في إنهاء ذلك، لا سيما بعد الانتخابات الأميركية التي يعول على نتائجها في حسم استقرار المنطقة».

ويتوقع الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، تسريع جهود الوسطاء في إنهاء الحرب بغزة بعد إعلان الفائز بالسباق الرئاسي، مرجعاً ذلك إلى «رغبة الإدارة الأميركية الجديدة أياً كانت في تحقيق استقرار في المنطقة تحقيقاً للوعود، ويعلم الجانبان؛ الإسرائيلي ومعسكر المقاومة ذلك وربما يستعدان».

وتحرك الـ50 دولة لحظر تسليح إسرائيل، ينضم لحراك مصري باستضافة القاهرة على مدار الأيام الماضية اجتماعات «حماس» و«فتح» للتحضير لليوم التالي للحرب، وإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة، بجانب قمة عربية إسلامية مرتقبة بالرياض ستحمل فرصاً أخرى لتسريع حل أزمة غزة، وفق أنور الذي أكد أنها مؤشرات تقول إن ثمة انفراجة محتملة، واستعدادات عربية ودولية لإنهاء الأزمة بالمنطقة.

بالمقابل، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن موقف الدول الخمسين «لن يكون مؤثراً على الدول المزودة لإسرائيل بالأسلحة؛ على اعتبار أن إسرائيل تحظى بدعم أميركي ودعم غربي واضح في الاتجاهات كافة»، غير أنه «قد يشكل ضغطاً على الجانب الإسرائيلي يسهم في تسريع إنهاء الحرب».

وتزامناً مع الانتخابات الأميركية نشرت صحيفة «واشنطن تايمز» مقالاً لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بعنوان «حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل»، في إطار المساعي المصرية لحشد المجتمع الدولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق إفادة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

وشدّد وزير الخارجية المصري على أنه «يجب التعامل مع الأسباب الجذرية للصراع وليس أعراضه، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وممارسة الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير»، مؤكداً أن «مصر تواصل العمل لتحقيق هذه الغاية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد في لقاء بالقاهرة الاثنين مع نظيره الفلسطيني، محمود عباس: «استمرار الجهود المصرية المكثفة والهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذل جهود كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية».

وباعتقاد مورغان، فإن الموقف المصري ثابت في دعم القضية الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة، مؤكداً أن المطالبة المستمرة بحل الدولتين يشكل نوعاً من الضغط على ترمب وهاريس، لكنه سيواجه بتعنت إسرائيلي، وربما يقود لصفقة وقف إطلاق نار على الأقل لتفادي تلك المطالبة.

ويرى الأكاديمي المصري فؤاد أنور، أن «مطلب حل الدولتين بات يلاقي جدية في الطرح أكثر مما سبق خلال السنوات الماضية»، متوقعاً أن «تكون هناك مساع لإعلان قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، وذلك في سياق طبيعي بعد التضحيات الكبيرة التي قدمتها فلسطين بالحرب الحالية».

ووفق المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، فإن «ما ذهب إليه وزير الخارجية المصري في مقاله هو عين الصواب، وهو يشدّد على تمسك الدبلوماسية المصرية برؤيتها الواضحة والثاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية».

ويؤكد أن «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً كبيراً في التأثير على المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، خصوصاً أن الدبلوماسية المصرية تتوافق مع الدبلوماسية الأردنية، وهناك تنسيق مشترك بينهما على صعيد تحشيد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية»، وأن «حل الدولتين أمر ممكن لكنه مرهون بحزمة من الإجراءات التوافقية لإنهاء القضايا الخلافية، والتوصل إلى قرار ملزم للجانبين».