تمكنت القابلة العراقية أم قاسم من إنقاذ حياة العشرات من النساء والأطفال خلال سيطرة تنظيم داعش على مدينة القائم، بمحافظة الأنبار، وفقاً لما ذكرته صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية.
واضطرت أم قاسم، التي تعمل قابلة منذ عام 2003، إلى المخاطرة بحياتها مرات عدة لمخالفتها أوامر التنظيم الإرهابي، في ما يتعلق باستقبال نساء في المستشفى بحاجة إلى ولادة مستعجلة ورعاية صحية.
وحول التنظيم جناح الولادة بالمستشفى إلى غرفة طوارئ خاصة بمقاتليه، وأعطى الطاقم الطبي غرفة صغيرة للولادة، كما كان يجبر النساء على دفع 21 ألف دينار داعشي (نحو 40 دولاراً)، و4 أضعاف هذا الرقم للولادة القيصرية، في حين أن جميع تلك الخدمات كانت تقدم مجاناً قبل قدوم «داعش».
وفي إحدى المرات، تقول أم قاسم: «دخلت امرأة ليس معها نقود، وكانت في حالة حرجة، وتحتاج إلى الذهاب إلى غرفة الولادة على الفور، فرفضت رئيسة القابلات التي عينها تنظيم داعش السماح لها بالدخول، لذا قامت بالتهديد بالانسحاب إذا لم يتم قبول المرأة»، مضيفة: «كنت أعرف أنني أخاطر بحياتي، لكن لو لم أفعل ذلك لكانت المرأة وطفلها قد ماتا».
وتقول القابلة العراقية إن «داعش» سلم وحدة الولادة لامرأة سودانية ليس لها أي خبرة بأمور التوليد، مما كان يجعل أم قاسم (48 عاماً) على صدام دائم معها، مشيرة إلى أن هروب عدد كبير من الطاقم الطبي بعد سيطرة «داعش» على المدينة خلق فراغاً كبيراً، لدرجة أنها كانت تجري بنفسها عمليات ولادة قيصرية لكثير من النساء، رغم أنها ليست طبيبة.
وتتابع: «كان التحدي الأكبر رعاية أولئك السيدات في أثناء فترة الولادة، والعمل على أن يلدن أطفالاً أصحاء.
كما كان التحدي الرئيسي هو مواجهة تدفق حالات الولادة والمضاعفات المحتملة للعمليات».
وكانت معاناة أم قاسم تتواصل خارج العمل أيضاً، إذ عادت يوماً إلى بيتها لتجد أن مسلحين من «داعش» استولوا على منزلها كعقوبة لها، ولكن ذلك لم يمنعها من مواصلة عملها، ومساعدة السيدات في مدينتها.
وقالت أم قاسم إنها فقدت 5 من أولادها الثمانية بسبب «داعش»، بطريقة أو بأخرى، فأحدهم قتل عام 2014 بينما كان يشتغل بالنظافة في المستشفى، قبل أن يقضي بصاروخ للتحالف كان يستهدف اجتماعاً لقادة التنظيم، بحسب معلومات استخباراتية.
واعترف أسد علاوي، مدير المستشفى، بأنه يعرف كثيراً من الرجال الذين استولوا على المدينة والمستشفى، وشرعوا في سرقة معداتها.
وكشف عدم أهلية منتسبي التنظيم للعمل في حقل الطب، حيث أفاد بأنهم كثيراً ما جلبوا المرضى من المستشفيات التي دمروها في سوريا، والذين كانوا مصابين بعدوى التهاب الكبد الوبائي، وأن ذلك كان سبباً في انتشار العدوى في غرب العراق.
واستعادت الحكومة البلدة من «داعش» في نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أن تلاشى أي تعاطف لدى السكان المحليين مع التنظيم.
وأفادت أم قاسم بأن إحدى بناتها قد تزوجت من رجل انضم إلى «داعش» لفترة وجيزة، قبل أن يهرب بعد 4 شهور بصحبة زوجته، ليختفيا عن الأنظار خشية ملاحقة «داعش» والحكومة. ولم ترد أي أخبار عنهما منذ ذلك الحين. وتعيش أم قاسم حالياً مع زوجها الثاني وطفليها الصغيرين وابنتها الباقية من الزيجة الأولى. وبكلمات لا تخلو من حزن، كما هو حال باقي العاملين في المستشفى، وصفت أم قاسم ما حدث لإحدى نساء «الحسبة» (شرطة «داعش» النسائية)، اللاتي انتشرن في المستشفى بتكليف من التنظيم الإرهابي. فقد وردت معلومات تفيد بأنها لا تزال في المدينة بعد سقوط «داعش».
وبعد وقت قصير، أصيبت بطلق ناري تسبب في دخولها في غيبوبة، وأنها ترقد حالياً في انتظار للموت.
ولدى سؤال عقيد الجيش الذي شارك في تحرير المدينة من قبضة «داعش»، والذي يشغل حالياً منصب حاكم المدينة، عن حادثة إطلاق النار التي استهدفت السيدة عضو شرطة «الحسبة»، أجاب حاكم البلدة بأن تلك «الجريمة الخطيرة» لا تزال قيد التحقيق، غير أنه استطرد: «لو أنني تحدثت بلسان غير لسان حاكم البلدة، سأقول إنني أود لو أنني قبلت يد من أطلق النار عليها»، فقد قتل تنظيم داعش اثنين من أخوانه.
أم قاسم... قابلة انتصرت على تعليمات «داعش»
أنقذت حياة العشرات من النساء والأطفال في القائم العراقية
أم قاسم... قابلة انتصرت على تعليمات «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة