«حسم» تناور تفادياً للهزائم

خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)
خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)
TT

«حسم» تناور تفادياً للهزائم

خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)
خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)

بورقة التبرؤ من جماعة «الإخوان»، تناور حركة «سواعد مصر... حسم» من جديد لتفادي هزائم تلقتها من قبل الأجهزة الأمنية في مصر خلال الأشهر الماضية، أفقدتها مواردها وعناصرها. لكن تبرؤ الحركة التي صُنّفت ضمن قوائم الإرهاب الدولية بعد عملياتها الإرهابية بمصر، لم يكن وليد اللحظة؛ بل نتيجة لخفوت وانحسار نجم الجماعة الأم (الإخوان). الأمر الذي فتح الباب لتساؤلات شائكة وملتبسة حول علاقة «حسم» بالجماعة الأم، عززه إعلان «الإخوان» في وقت سابق، عبر القيادي رضا فهمي، المقيم في تركيا، أن «حسم» هي إحدى حركات لـ«الإخوان» ضد النظام السياسي بمصر.
يقول خبراء ومختصون في الحركات الأصولية لـ«الشرق الأوسط»، إن «إعلان (حسم) الآن التبرؤ من الجماعة، يكشف عن انقسام داخل (الإخوان) حول فكرة العنف نفسها». لافتين إلى أن «ما قامت به (حسم) أخيراً محاولة لجذب شباب (الإخوان) الذين فقدوا الثقة في قيادات الجماعة، وبخاصة في الخارج، وهم من وجهة نظر هؤلاء الشباب سبب ضياع التنظيم».
متحدث لـ«حسم» يدعى خالد سيف الدين، حاول خلال حوار معه أخيراً في مجلة تدعى «كلمة حق» على الإنترنت، وبكل الطرق نفي أي علاقة تربط حركته بجماعة «الإخوان»؛ لكن متحدث الحركة وقع في خطأ كشف عن انتمائه للجماعة، عندما تحدث عن اعتصام «رابعة» بعبارات فخر.
وسبق أن رفع شعار «حسم» (كف طويت أبهمه) مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب «الإخوان» بعد فض اعتصامين لأنصار الجماعة في ميداني «رابعة» بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، و«النهضة» بالجيزة في أغسطس (آب) عام 2013. من جهته، قال عمرو عبد المنعم، الخبير المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، إن «إعلان «حسم» التبرؤ من الجماعة، يكشف عن انقسام داخل «الإخوان» حول فكرة العنف وتبني حركة «حسم» نفسها بين القيادات، ففريق يؤيد الحركة، وفريق آخر لا يتبنى «حسم»، ويحاول أن يجد بدائل أخرى غير العنف، وبخاصة بعد الحالة التي وصل إليها التنظيم، الذي يقبع قادته في السجون، وبعضهم هاربون في الخارج. وأكد عبد المنعم، أن إعلان «حسم» أنها ليست إخوانية، يضمر محاولة لجذب عناصر جديدة وقديمة من شباب «الإخوان»، ولضخ دماء وأفكار جديدة تستطيع من خلالها أن تتعامل الحركة مع الوضع الراهن حالياً. لافتاً إلى أن أي تنظيم مسلح معروف أنه يحاول أن ينفي صلته بالجماعة الأم التي كان ينتمي إليها، أو كانت تعبر عن بعض أفكاره في بعض المراحل، وكذلك «الإخوان» على مدار تاريخها لم تعترف بأي عمل عنف أو عسكري... وتقول، إن «هذه الأفعال خارجة عنها، وأن من يقوم بالعنف هي حركات منشقة عنها».
ويعتقد مراقبون، أن نزعة العنف المتوافرة لدى «الإخوان» وجدت دائماً مسارات للتعبير عن نفسها عبر خلايا وتشكيلات اتخذت لنفسها أسماء مختلفة، و«حسم» كانت تمثل إحدى النسخ «الإرهابية» التي طورتها طاقة العنف في الجماعة.

272 متهماً على قوائم الإرهاب
ويسترجع المراقبون سنوات حكم «الإخوان» في مصر، بقولهم: إنه عقب وصول الجماعة للحكم وخروجها منه، كانت هناك أجنحة لم تقبل هذا الخروج، وبدأ في عام 2013 ظهور مجموعة «العمليات النوعية» بقيادة محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح للجماعة، الذي قتل خلال مقاومته للشرطة المصرية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016)، وظهرت حينها «حسم».
ووفق معلومات سلطات تحقيق مصرية، كان من أبرز المسؤولين عن «حسم» في بدايتها، قيادات «الإخوان» في الخارج، ومن بينهم يحيى السيد موسى، وعلي السيد أحمد بطيخ.
في السياق نفسه، شهد حوار متحدث «حسم» أيضاً دعماً واضحاً لحركة «لواء الثورة»، التي تعتبرها السلطات المصرية الكيان المسلح لـ«الإخوان»، حيث قال عنها نصاً: إن «(لواء الثورة) حركة مقاومة منضبطة وواعدة، ولا نكاد نجد اختلافاً معنا في المنهج والرؤية العامة؛ لكن ربما في بعض الأساليب والتكتيكات».
ويشار إلى أنه في يوليو (تموز) الماضي، أدرجت محكمة جنايات القاهرة 272 متهماً من «حسم» و«لواء الثورة» على قوائم الإرهاب.
وأشار عبد المنعم إلى أن «حسم» و«لواء الثورة» أو الكيانات التي تقترب أو تبتعد من «الإخوان» تحمل الأدبيات والتصورات نفسها؛ لكن بعضها يرفض تصورات وأفكار الجماعة الأم وقيادتها، ويعتبرون أن ما وصلت إليه الجماعة الآن هو بفعل هذه الأشخاص؛ لذلك بالفعل حدث انشقاق خلال السنوات الأربع الأخيرة داخل «الإخوان» نتيجة الخلاف حول العنف المسلح، وأفكار منظّر الجماعة سيد قطب.
وتساءل عبد المنعم، هل «الإخوان» تبرأت من هذه التنظيمات المسلحة (أي «حسم» و«لواء الثورة» وغيرهما) من قبل؟، مجيباً، الحقيقة لا، ولم تعلن الجماعة موقفاً واضحاً من هذه الحركات، ولم تقدم إلى السلطة المصرية أوراق هذه التنظيمات حتى تنفي عنها صفة الإرهاب والعنف، لافتاً أن هناك تناقضاً كبيراً في «الإخوان»، ورغم أنها أسست «حسم» مع ثورة يناير (كانون الثاني) عام 2011 برضا وموافقة قادتها في الداخل والخارج؛ فإنها تبرأت منها بعد ذلك من خلال تصريحات متعددة.
ويشار إلى أنه من واقع اعترافات عناصر «حسم» في سجلات النيابة العامة بمصر، تم الكشف عن أن عناصر الحركة اتفقوا مع قيادات من «الإخوان» في الخارج، لإخضاعهم لتدريبات عسكرية متقدمة على استعمال الأسلحة النارية المتطورة وتصنيع العبوات المتفجرة شديدة الانفجار.

حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية
وسبق أن كشفت السلطات المصرية في يوليو الماضي، عن تفاصيل مثيرة تتم داخل معسكرات «حسم» في المناطق الصحراوية، عقب توقيف قيادي في الحركة يحمل اسماً حركياً هو هاني جمال داخل مسكنه في الجيزة؛ إذ اعترف بأنه انضم إلى «الإخوان» عام 2011، وكان يحضر لقاءات الجماعة، وعقب فض اعتصامي «رابعة والنهضة»، شارك بقوة في المظاهرات وأعمال الشغب التي نظمتها الجماعة. ثم انضم إلى مجموعة يطلق عليها «مجموعات طلائع»، التي كانت جزءاً أصيلاً من «حسم»، وتم تدريب عناصرها في المعسكرات بالمناطق الصحراوية على التكتيكات العسكرية، والقنص عن بُعد، والتفخيخ، واستخدام القنابل، وتصنيع المتفجرات.
وتعد أبرز عمليات «حسم» الإرهابية، محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة بمدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة أغسطس 2016، ومحاولة استهداف النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز بزرع متفجرات داخل سيارة خاصة كانت متوقفة على مقربة من مسكنه سبتمبر (أيلول) 2016، وقتل 6 من أفراد الشرطة باستهداف مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وقتل إبراهيم عزازي، الضابط بقطاع الأمن الوطني، أمام منزله بمحافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة القاهرة في يونيو (حزيران) 2017.
وأعلنت الحركة في بيان مقتضب على «إنستغرام» مسؤوليتها عن حادث منطقة الواحات الغربية، الذي أسفر عن مقتل 16 من قوات الشرطة في أكتوبر الماضي.
من جانبه، قال العميد السيد عبد المحسن، الخبير الأمني والاستراتيجي بمصر، إن «حسم» استطاعت أن تزعج السلطات عبر عمليات خاطفة؛ لكنها لم تكن قادرة على إحداث تغيير استراتيجي كما كانت تتمنى «الإخوان». مضيفاً أن «الضربات الاستباقية لعناصر الحركة وقيادتها قضت عليها، فضلاً عن تجفيف مصادر تمويلها»، مشيراً إلى النجاحات الأمنية في استهداف بؤر «حسم» بمناطق تمركزها، وبخاصة في الجيزة، التي أفقدتها أي قدرة على الاستمرار.
وكانت دار الإفتاء المصرية، قد قالت في يوليو 2017، إن حركة «حسم» أثبتت أن العنف في تاريخ «الإخوان» لم يكن وليد اللحظة؛ بل هو استراتيجية وضعها مؤسسها حسن البنا، وتنامت على مدار التاريخ. وأضافت أن اعتراف جماعة «الإخوان» بتبعية «حسم» لها يُسقط عنها «ورقة التوت» التي كانت تواري سوأتها، وله دلالة قوية تؤكد أن الجماعة تبنت العنف منذ اللحظة الأولى ضد الدولة المصرية... كما يكشف عن تأصل العنف وتجذره في استراتيجية الجماعة على مدار تاريخها منذ بداية نشأتها حتى الآن.
وأكد باحثون في مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء، أن «البنا كان يرى أن استخدام القوة والسلاح واجب مفروض وأمر لا مفر منه؛ لكن لم يحن الوقت بعد لاستخدامها، مؤسساً بذلك فكرة (العنف المؤجل) في منهج التربية لدى الجماعة، هذه الفكرة التي عجز أفراد الجماعة عبر تاريخها عن رفضها أو انتقادها أو نبذها؛ بل ما زاد الأمر سوءاً هو شرعنة هذه الفكرة من خلال سيد قطب، الذي وجد لها مبرراً شرعياً لقيامها، والذي كان يرى أن استخدام القوة شيء مرحلي، ومن حق الجماعة استخدامه في حالة قوة تنظيمها وسيطرتها».
وأدرجت الولايات المتحدة الأميركية في فبراير (شباط) عام 2017، «حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية، وسبق هذه الخطوة قرار بريطاني في ديسمبر 2016 بإدراج الحركتين على قائمة الإرهاب، وهو القرار الذي أرجعته بريطانيا لثبوت إدانتهما بالاعتداء على أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة.
وحول تبرؤ «حسم» من «الإخوان» في هذا التوقيت؛ حرصاً على عدم وضع الجماعة على قوائم الإرهاب، وبخاصة أن الحركة بقوائم إرهاب دولية، قال عمرو عبد المنعم، إن قادة «الإخوان» موفِّقون أوضاعهم في المجتمع الغربي، وفكرة إدراجهم في كيان إرهابي في الدول الأوروبية يتوقف على مصالح في بريطانيا وأميركا، فـ«الإخوان» متغلغلون في المجتمع الأوروبي، ولهم تواجد في منظمات المجتمع المدني. مضيفاً، لا يوجد ضغط على «الإخوان» في الغرب؛ لكنهم تحت الرقابة منذ السينات من القرن الماضي، حتى هذه اللحظة.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».