«حسم» تناور تفادياً للهزائم

خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)
خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)
TT

«حسم» تناور تفادياً للهزائم

خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)
خيمة تدريب لعناصر «حسم» في منطقة صحراوية («الشرق الأوسط»)

بورقة التبرؤ من جماعة «الإخوان»، تناور حركة «سواعد مصر... حسم» من جديد لتفادي هزائم تلقتها من قبل الأجهزة الأمنية في مصر خلال الأشهر الماضية، أفقدتها مواردها وعناصرها. لكن تبرؤ الحركة التي صُنّفت ضمن قوائم الإرهاب الدولية بعد عملياتها الإرهابية بمصر، لم يكن وليد اللحظة؛ بل نتيجة لخفوت وانحسار نجم الجماعة الأم (الإخوان). الأمر الذي فتح الباب لتساؤلات شائكة وملتبسة حول علاقة «حسم» بالجماعة الأم، عززه إعلان «الإخوان» في وقت سابق، عبر القيادي رضا فهمي، المقيم في تركيا، أن «حسم» هي إحدى حركات لـ«الإخوان» ضد النظام السياسي بمصر.
يقول خبراء ومختصون في الحركات الأصولية لـ«الشرق الأوسط»، إن «إعلان (حسم) الآن التبرؤ من الجماعة، يكشف عن انقسام داخل (الإخوان) حول فكرة العنف نفسها». لافتين إلى أن «ما قامت به (حسم) أخيراً محاولة لجذب شباب (الإخوان) الذين فقدوا الثقة في قيادات الجماعة، وبخاصة في الخارج، وهم من وجهة نظر هؤلاء الشباب سبب ضياع التنظيم».
متحدث لـ«حسم» يدعى خالد سيف الدين، حاول خلال حوار معه أخيراً في مجلة تدعى «كلمة حق» على الإنترنت، وبكل الطرق نفي أي علاقة تربط حركته بجماعة «الإخوان»؛ لكن متحدث الحركة وقع في خطأ كشف عن انتمائه للجماعة، عندما تحدث عن اعتصام «رابعة» بعبارات فخر.
وسبق أن رفع شعار «حسم» (كف طويت أبهمه) مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب «الإخوان» بعد فض اعتصامين لأنصار الجماعة في ميداني «رابعة» بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، و«النهضة» بالجيزة في أغسطس (آب) عام 2013. من جهته، قال عمرو عبد المنعم، الخبير المتخصص في شؤون الحركات الأصولية بمصر، إن «إعلان «حسم» التبرؤ من الجماعة، يكشف عن انقسام داخل «الإخوان» حول فكرة العنف وتبني حركة «حسم» نفسها بين القيادات، ففريق يؤيد الحركة، وفريق آخر لا يتبنى «حسم»، ويحاول أن يجد بدائل أخرى غير العنف، وبخاصة بعد الحالة التي وصل إليها التنظيم، الذي يقبع قادته في السجون، وبعضهم هاربون في الخارج. وأكد عبد المنعم، أن إعلان «حسم» أنها ليست إخوانية، يضمر محاولة لجذب عناصر جديدة وقديمة من شباب «الإخوان»، ولضخ دماء وأفكار جديدة تستطيع من خلالها أن تتعامل الحركة مع الوضع الراهن حالياً. لافتاً إلى أن أي تنظيم مسلح معروف أنه يحاول أن ينفي صلته بالجماعة الأم التي كان ينتمي إليها، أو كانت تعبر عن بعض أفكاره في بعض المراحل، وكذلك «الإخوان» على مدار تاريخها لم تعترف بأي عمل عنف أو عسكري... وتقول، إن «هذه الأفعال خارجة عنها، وأن من يقوم بالعنف هي حركات منشقة عنها».
ويعتقد مراقبون، أن نزعة العنف المتوافرة لدى «الإخوان» وجدت دائماً مسارات للتعبير عن نفسها عبر خلايا وتشكيلات اتخذت لنفسها أسماء مختلفة، و«حسم» كانت تمثل إحدى النسخ «الإرهابية» التي طورتها طاقة العنف في الجماعة.

272 متهماً على قوائم الإرهاب
ويسترجع المراقبون سنوات حكم «الإخوان» في مصر، بقولهم: إنه عقب وصول الجماعة للحكم وخروجها منه، كانت هناك أجنحة لم تقبل هذا الخروج، وبدأ في عام 2013 ظهور مجموعة «العمليات النوعية» بقيادة محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح للجماعة، الذي قتل خلال مقاومته للشرطة المصرية في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016)، وظهرت حينها «حسم».
ووفق معلومات سلطات تحقيق مصرية، كان من أبرز المسؤولين عن «حسم» في بدايتها، قيادات «الإخوان» في الخارج، ومن بينهم يحيى السيد موسى، وعلي السيد أحمد بطيخ.
في السياق نفسه، شهد حوار متحدث «حسم» أيضاً دعماً واضحاً لحركة «لواء الثورة»، التي تعتبرها السلطات المصرية الكيان المسلح لـ«الإخوان»، حيث قال عنها نصاً: إن «(لواء الثورة) حركة مقاومة منضبطة وواعدة، ولا نكاد نجد اختلافاً معنا في المنهج والرؤية العامة؛ لكن ربما في بعض الأساليب والتكتيكات».
ويشار إلى أنه في يوليو (تموز) الماضي، أدرجت محكمة جنايات القاهرة 272 متهماً من «حسم» و«لواء الثورة» على قوائم الإرهاب.
وأشار عبد المنعم إلى أن «حسم» و«لواء الثورة» أو الكيانات التي تقترب أو تبتعد من «الإخوان» تحمل الأدبيات والتصورات نفسها؛ لكن بعضها يرفض تصورات وأفكار الجماعة الأم وقيادتها، ويعتبرون أن ما وصلت إليه الجماعة الآن هو بفعل هذه الأشخاص؛ لذلك بالفعل حدث انشقاق خلال السنوات الأربع الأخيرة داخل «الإخوان» نتيجة الخلاف حول العنف المسلح، وأفكار منظّر الجماعة سيد قطب.
وتساءل عبد المنعم، هل «الإخوان» تبرأت من هذه التنظيمات المسلحة (أي «حسم» و«لواء الثورة» وغيرهما) من قبل؟، مجيباً، الحقيقة لا، ولم تعلن الجماعة موقفاً واضحاً من هذه الحركات، ولم تقدم إلى السلطة المصرية أوراق هذه التنظيمات حتى تنفي عنها صفة الإرهاب والعنف، لافتاً أن هناك تناقضاً كبيراً في «الإخوان»، ورغم أنها أسست «حسم» مع ثورة يناير (كانون الثاني) عام 2011 برضا وموافقة قادتها في الداخل والخارج؛ فإنها تبرأت منها بعد ذلك من خلال تصريحات متعددة.
ويشار إلى أنه من واقع اعترافات عناصر «حسم» في سجلات النيابة العامة بمصر، تم الكشف عن أن عناصر الحركة اتفقوا مع قيادات من «الإخوان» في الخارج، لإخضاعهم لتدريبات عسكرية متقدمة على استعمال الأسلحة النارية المتطورة وتصنيع العبوات المتفجرة شديدة الانفجار.

حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية
وسبق أن كشفت السلطات المصرية في يوليو الماضي، عن تفاصيل مثيرة تتم داخل معسكرات «حسم» في المناطق الصحراوية، عقب توقيف قيادي في الحركة يحمل اسماً حركياً هو هاني جمال داخل مسكنه في الجيزة؛ إذ اعترف بأنه انضم إلى «الإخوان» عام 2011، وكان يحضر لقاءات الجماعة، وعقب فض اعتصامي «رابعة والنهضة»، شارك بقوة في المظاهرات وأعمال الشغب التي نظمتها الجماعة. ثم انضم إلى مجموعة يطلق عليها «مجموعات طلائع»، التي كانت جزءاً أصيلاً من «حسم»، وتم تدريب عناصرها في المعسكرات بالمناطق الصحراوية على التكتيكات العسكرية، والقنص عن بُعد، والتفخيخ، واستخدام القنابل، وتصنيع المتفجرات.
وتعد أبرز عمليات «حسم» الإرهابية، محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة بمدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة أغسطس 2016، ومحاولة استهداف النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز بزرع متفجرات داخل سيارة خاصة كانت متوقفة على مقربة من مسكنه سبتمبر (أيلول) 2016، وقتل 6 من أفراد الشرطة باستهداف مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وقتل إبراهيم عزازي، الضابط بقطاع الأمن الوطني، أمام منزله بمحافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة القاهرة في يونيو (حزيران) 2017.
وأعلنت الحركة في بيان مقتضب على «إنستغرام» مسؤوليتها عن حادث منطقة الواحات الغربية، الذي أسفر عن مقتل 16 من قوات الشرطة في أكتوبر الماضي.
من جانبه، قال العميد السيد عبد المحسن، الخبير الأمني والاستراتيجي بمصر، إن «حسم» استطاعت أن تزعج السلطات عبر عمليات خاطفة؛ لكنها لم تكن قادرة على إحداث تغيير استراتيجي كما كانت تتمنى «الإخوان». مضيفاً أن «الضربات الاستباقية لعناصر الحركة وقيادتها قضت عليها، فضلاً عن تجفيف مصادر تمويلها»، مشيراً إلى النجاحات الأمنية في استهداف بؤر «حسم» بمناطق تمركزها، وبخاصة في الجيزة، التي أفقدتها أي قدرة على الاستمرار.
وكانت دار الإفتاء المصرية، قد قالت في يوليو 2017، إن حركة «حسم» أثبتت أن العنف في تاريخ «الإخوان» لم يكن وليد اللحظة؛ بل هو استراتيجية وضعها مؤسسها حسن البنا، وتنامت على مدار التاريخ. وأضافت أن اعتراف جماعة «الإخوان» بتبعية «حسم» لها يُسقط عنها «ورقة التوت» التي كانت تواري سوأتها، وله دلالة قوية تؤكد أن الجماعة تبنت العنف منذ اللحظة الأولى ضد الدولة المصرية... كما يكشف عن تأصل العنف وتجذره في استراتيجية الجماعة على مدار تاريخها منذ بداية نشأتها حتى الآن.
وأكد باحثون في مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء، أن «البنا كان يرى أن استخدام القوة والسلاح واجب مفروض وأمر لا مفر منه؛ لكن لم يحن الوقت بعد لاستخدامها، مؤسساً بذلك فكرة (العنف المؤجل) في منهج التربية لدى الجماعة، هذه الفكرة التي عجز أفراد الجماعة عبر تاريخها عن رفضها أو انتقادها أو نبذها؛ بل ما زاد الأمر سوءاً هو شرعنة هذه الفكرة من خلال سيد قطب، الذي وجد لها مبرراً شرعياً لقيامها، والذي كان يرى أن استخدام القوة شيء مرحلي، ومن حق الجماعة استخدامه في حالة قوة تنظيمها وسيطرتها».
وأدرجت الولايات المتحدة الأميركية في فبراير (شباط) عام 2017، «حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية، وسبق هذه الخطوة قرار بريطاني في ديسمبر 2016 بإدراج الحركتين على قائمة الإرهاب، وهو القرار الذي أرجعته بريطانيا لثبوت إدانتهما بالاعتداء على أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة.
وحول تبرؤ «حسم» من «الإخوان» في هذا التوقيت؛ حرصاً على عدم وضع الجماعة على قوائم الإرهاب، وبخاصة أن الحركة بقوائم إرهاب دولية، قال عمرو عبد المنعم، إن قادة «الإخوان» موفِّقون أوضاعهم في المجتمع الغربي، وفكرة إدراجهم في كيان إرهابي في الدول الأوروبية يتوقف على مصالح في بريطانيا وأميركا، فـ«الإخوان» متغلغلون في المجتمع الأوروبي، ولهم تواجد في منظمات المجتمع المدني. مضيفاً، لا يوجد ضغط على «الإخوان» في الغرب؛ لكنهم تحت الرقابة منذ السينات من القرن الماضي، حتى هذه اللحظة.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.