إسرائيل تصعّد وتجتاح غزة

حكومة نتنياهو قالت إن العملية لا تهدف لإطاحة حماس .. والحركة تحذر من «عواقب مروعة»

والدة لفلسطينيين تبكي بعد مقتلهما جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة أمس فور انتهاء هدنة الخمس ساعات (رويترز)
والدة لفلسطينيين تبكي بعد مقتلهما جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة أمس فور انتهاء هدنة الخمس ساعات (رويترز)
TT

إسرائيل تصعّد وتجتاح غزة

والدة لفلسطينيين تبكي بعد مقتلهما جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة أمس فور انتهاء هدنة الخمس ساعات (رويترز)
والدة لفلسطينيين تبكي بعد مقتلهما جراء قصف إسرائيلي على مدينة غزة أمس فور انتهاء هدنة الخمس ساعات (رويترز)

يتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اليوم إلى اسطنبول تلبية لدعوة نظيره التركي عبد الله غل من أجل تبادل الآراء حول الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، وذلك عقب تأكيده التمسك بالمبادرة المصرية في ختام زيارته إلى القاهرة التي استمرت على مدار يومين، وشملت لقاءات مكثفة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وأطراف فلسطينية، في محاولة حثيثة لحلحلة أزمة التصعيد في قطاع غزة.
واستقبل السيسي أمس عباس في قصر الاتحادية بالعاصمة المصرية، حيث تناولا آخر تطورات ومستجدات الأزمة، وطرق تثبيت المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار. ونقلت مصادر فلسطينية تأكيد عباس تمسكه بالمبادرة المصرية ووقف إطلاق النار لرفع المعاناة عن الفلسطينيين في القطاع. وأكد عباس، بحسب المصادر ذاتها، أن الجهود متواصلة مع الرئيس المصري والأطراف كافة، ومع تركيا لتثبيت وقف إطلاق النار والتمسك بالمبادرة المصرية.
وقال المتحدث الرسمي باِسم الرئاسة المصرية إن السيسي أكد أثناء اللقاء على أن «مصر أخذت على عاتقها بذل كل الجهود للتوصل إلى التهدئة لوقف نزيف الدم الفلسطيني، إلا أن ذلك يتطلب توافر المرونة الكافية من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني»، منوها إلى اعتزام مصر الاستمرار في تقديم كافة أشكال الدعم إلى الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة.
وعلى صعيد متصل، التقى عباس الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية مساء أول من أمس. وقال العربي عقب الاجتماع إن «اللقاء كان مهما للغاية، حيث استمعت إلى المجهودات التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني شخصيا لوقف القتال وحقن الدماء ووقف التدمير في قطاع غزة». وأضاف أن اللقاء تناول ترحيب عباس بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، و«التي نرجو أن يجري تنفيذها بأسرع ما يمكن لحقن دماء الشعب الفلسطيني».
من جهته، أوضح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد عن سلسلة اجتماعات فلسطينية شهدتها العاصمة المصرية القاهرة خلال اليومين الماضيين، مشيرا إلى أن «الأمور ما زالت معقدة على صعيد ملف التهدئة في قطاع غزة».
وأوضح الأحمد أنه جرى بحث تفصيلي بين الرئيس عباس وممثل حماس عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق في القاهرة بعد أن أرسلت حماس للجانب المصري رسالة اعتذار عن قبول المقترح المصري للتهدئة. واستمع عباس لملاحظات حماس، وناقش مع أبو مرزوق آفاق الحلول والخروج من تداعيات الموقف بغرض وقف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وكشف الأحمد أن حماس طرحت، عبر أبو مرزوق، تحفظات تمثلت بمطالبة حماس بالتعديل على المقترح، ليشمل العودة لتفاهمات 2012 بين إسرائيل وحماس، وكذلك رفع الحصار عن قطاع غزة، وإعادة العمل بالنظام الذي يتيح للصيادين حرية الحركة والصيد بعمق 12 ميلا. كما طالبت حماس في التعديلات أن تشمل الإفراج عن المعتقلين الـ57 المحررين في «صفقة شاليط»، الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم أخيرا.
وأكد الأحمد أن سلسلة اجتماعات انعقدت في القاهرة، بحضور اللواء ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، وأبو مرزوق، وزياد النخالة نائب أمين عام حركة الجهاد الإسلامية، موضحا أن هناك جهدا من الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية للعمل الجاد لفتح كافة الملفات المتعلقة بالقضية، بما فيها ملفات الاستيطان والأسرى، وخاصة الدفعة الرابعة التي لم يفرج عنها، وأن الرؤية الحالية تتعامل مع ضرورة إحلال التهدئة وفق شروط تحفظ دم وكرامة الشعب الفلسطيني وتكون جزءا من استراتيجية فلسطينية لفتح أبواب إحياء عملية السلام من جديد وفق اصطفاف فلسطيني - عربي - دولي مساند لحقوق الشعب في بناء دولته واستقلاله.
ومن جانبه، قال السفير المصري لدى فلسطين، وائل نصر الدين عطية، إن زيارة الرئيس عباس للقاهرة تأتي في إطار التشاور المستمر بين قيادتي البلدين، مؤكدا أن «المبادرة المصرية هي الجهد الوحيد المطروح على الطاولة حاليا، وهو ما يجب استثماره والبناء عليه»، موضحا أن موعد تطبيق أية هدنة أو تهدئة يبدأ من اللحظة التي يوقف فيها الطرفان معا إطلاق النار، وهو ما تواصل مصر العمل على تحقيقه بالتشاور مع القيادة الفلسطينية وبالتنسيق مع جميع الفصائل والأطراف الإقليمية والدولية المعنية.
وحول ما تردد عن أن المبادرة لم تعرض على بعض الأطراف قبل الإعلان عنها، أبرز السفير المصري أنه سبق التشاور مع الجميع مسبقا على طرح مصر لمبادرة لنزع فتيل الأزمة، و«مضمون عناصرها كان معلوما لكل الأطراف المعنية قبل إطلاقها». وقال إنه «لا يجب التوقف طويلا أمام جوانب صياغية أو شكلية، فهذه أمور يسهل التعامل معها، والمهم هو التركيز على الجوهر والمضمون».
وأضاف عطية أن «المبادرة المصرية مبنية على نقطتين أساسيتين، أولا الوقف الفوري لإطلاق النار تغليبا لصوت العقل ووقف نزيف دم الأبرياء من المدنيين. وثانيا رفع الحصار من خلال النص بوضوح على فتح المعابر ورفع إسرائيل للقيود على حركة الأفراد والبضائع على ضوء مسؤوليتها كسلطة احتلال، على أن يجري تناول أية قضايا أخرى بعد ذلك في إطار التزامات وضمانات واضحة».
في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اتصال أجراه صباح أمس مع نظيره المصري سامح شكري دعم بلاده للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، وهو ما أوضحه الرئيس الأميركي في مداخلة بالبيت الأبيض مساء أول من أمس الأربعاء، قائلا: «سنواصل تشجيع الجهود الدبلوماسية للعودة إلى وقف إطلاق النار. ونحن ندعم جهود مصر لبلوغ هذا الأمر». وأضاف: «في الساعات الـ24 المقبلة، سنبقى على اتصال وثيق بأصدقائنا وجميع الأطراف في المنطقة، وسنلجأ إلى كل إمكاناتنا الدبلوماسية لدعم الجهود الهادفة إلى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار».
فيما غادر القاهرة توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية الدولية لعملية السلام بالشرق الأوسط عائدا إلى لندن. وكذلك أحمد الجروان، رئيس البرلمان العربي، متوجها إلى دبي بعد بحث تطورات الأوضاع الفلسطينية خلال الأيام الماضية في القاهرة.



الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
TT

الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 

بدعوى مواجهة هجوم إسرائيلي متوقع، استنفر الحوثيون قوتهم في ثلاث محافظات يمنية، ودفعوا بها نحو محافظة إب التي تشهد احتقاناً شعبياً غير مسبوق نتيجة ممارسات الجماعة وتغاضيها عن الانتهاكات التي طالت السكان هناك، والتي كان آخرها مقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر.

وبالتزامن مع تهديد وجهاء المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، أعلنت الجماعة الانقلابية عقد اجتماع موسع في المنطقة العسكرية الرابعة، برئاسة نائب رئيس الوزراء - وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية في الحكومة غير المعترف بها، محمد المداني، وضم قائد المنطقة عبد اللطيف المهدي، ومحافظي ذمار وإب، والأجزاء الواقعة تحت السيطرة في محافظتي تعز والضالع، وقيادات أمنية وعسكرية.

وغداة منع خروج مظاهرة منددة بتواطؤ الحوثيين مع أحد قادتهم ومرافقيه المتهمين بقتل أبو شعر، ذكرت وسائل إعلامهم أن الاجتماع، الذي لم يسبق أن شهدت المحافظة مثله، ناقش الأوضاع الخدمية والتنموية في محافظات تعز، والضالع، وإب، وذمار، وجوانب التنسيق والترتيبات العسكرية والأمنية لمواجهة أي تحركات عدوانية لمن وصفت بأنها «قوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني».

الحوثيون يخشون انتفاضة جديدة في إب مع زيادة الاحتقان الشعبي (إعلام محلي)

ومع أن محافظة إب يفصلها عن الساحل الغربي لليمن محافظتا الحديدة وتعز، إلا أن وسائل إعلام الحوثيين واصلت التضليل بشأن هدف الاجتماع وقالت إنه كُرِّس لتدارس الأوضاع في هذه المحافظات، والاستعداد لإفشال «أي تحركات عدوانية».

ونقلت هذه الوسائل عن القيادي الحوثي المداني قوله إن الجانب العسكري تطور بشكل لافت، وإن الجماعة أصبحت تمتلك صواريخ وطائرات تستهدف إسرائيل في العمق، وفي البحار والمحيط الهندي، ووعد بالتحرك في إحداث التنمية، وتوفير الخدمات في مختلف المحافظات.

تهديد السكان

بدوره، عدّ قائد المنطقة العسكرية الحوثية الرابعة عبد اللطيف المهدي انعقاد الاجتماع والنزول الميداني فرصة للاطلاع على الأوضاع، لا سيما ما يخص الجانب الرسمي، والتعبئة العامة، والوضع الأمني، وكل ما يخص هذه المحافظات.

وطالب المسؤول الحوثي بأن يتحمل الجميع المسؤولية، ابتداءً من محافظ المحافظة الذي يُعد المسؤول الأول، ومدير أمن المحافظة، والتعبئة العامة والأمن والمخابرات والشرطة العسكرية والاستخبارات، وغيرها من الجهات المعنية وذات العلاقة، للعمل على تعزيز مستوى الأداء ومضاعفة الجهود.

الحوثيون دفعوا بكبار قادتهم ومخابراتهم في مسعى لإخماد أي تحرك شعبي في إب (إعلام حوثي)

وزعم المهدي أن التحركات الشعبية ضد جماعته «تخدم الأجندة الصهيونية والأميركية والبريطانية»، وذكر أن عناصر جماعته يرصدون تحركات من سماهم «العدو»، وأن لديهم معرفة كاملة بما يُخطط له، وأنهم مستعدون «للتصدي لأي عدوان مهما كلفهم من تضحيات».

وفي رسالة تهديد لسكان المحافظة، التي باتت مركزاً لمعارضة حكمهم، قال المهدي إن الاستعدادات العسكرية والأمنية في جاهزية عالية، «وهناك تنسيقيات عسكرية وأمنية كبيرة جداً، وكل جانب مكمل للآخر».

أما عبد الواحد صلاح، محافظ إب المعين من قبل الحوثيين، فقد أكد أن المحافظة من أكثر المحافظات التي يركز «العدو» عليها ويستهدفها بصورة مستمرة. وأشاد بالقيادي المهدي ووقوفه إلى جانب السلطة المحلية في المحافظة، وقال إنهم يعملون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والتعبئة العامة كأنهم فريق واحد لتجاوز أي تحديات.

ورغم تماهيه مع خطاب الحوثيين، فإن محافظ إب طالب بالتعاون بين السلطة المحلية والأجهزة الأمنية لحلحلة ما سماها «القضايا المجتمعية»، في إشارة إلى قضايا القتل التي استهدفت عدداً من سكان المحافظة والعبث بالممتلكات، والتي كانت سبباً في حالة الغليان الشعبي ضد سلطة الجماعة الانقلابية. وتعهد بالعمل على كل ما من شأنه استقرار الوضع في المحافظة، وتعزيز السكينة العامة، والمساهمة في تعزيز جهود التنمية المحلية، وتفعيل المبادرات المجتمعية.

ورأى القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان، الذي يرأس ما تسمى «الهيئة العامة للزكاة»، وهي الجهة التي تمول النفقات العسكرية والشخصية للقيادات الحوثية، في اللقاء «فرصة لتدارس ما يحيكه العدو» من مؤامرات ضد الجماعة وجبهتها الداخلية. وقال إن الهيئة ومكاتبها ستكون جزءاً من الخطة التي يتم رسمها لمواجهة أي تحديات.

طلب المساندة

أما وكيل وزارة داخلية الانقلاب الحوثي لقطاع الأمن والاستخبارات علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، فأكد حرصه على تنفيذ الخطط العملية وفق إجراءات تنفيذية لمسار الواقع الميداني، مشدداً على أهمية الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع.

نجل مؤسس جماعة الحوثيين يتولى مهمة قمع أي تحرك شعبي مناهض (إعلام حوثي)

وبعد شهور من استحداث جهاز مخابرات خاص يتبعه شخصياً، يُعتقد أنه وراء حملة الاعتقالات التي طالت المئات من سكان إب، وأمل خلال اللقاء بتعزيز الشراكة بين الأجهزة الأمنية والجهات ذات العلاقة، وطالب الجهات المشاركة في الاجتماع من سلطات محلية وشخصيات اجتماعية بمساندة الأجهزة الأمنية وتعزيز السكينة العامة.

ولم يكتف نجل مؤسس الجماعة بطلب أن يكون لقطاع الاستخبارات والأمن الذي يديره السلطة الفعلية في المحافظة، بل طالب وسائل الإعلام بأن تلعب دورها «التوعوي» بما يُحاك ضد الجماعة من مؤامرات تستهدف جبهتها الداخلية. وقال إن على هذه الوسائل مضاعفة جهودها لكشف مخططات ما وصفه بـ«العدوان».

بدوره، طالب مسؤول التعبئة العامة بوزارة الدفاع في حكومة الانقلاب الحوثية، ناصر اللكومي، بضرورة العمل كأنهم فريق واحد في مواجهة «العدوان» ورفع الجاهزية، والعمل وفق الخطة الأمنية والتعبوية، والحفاظ على الجبهة الداخلية والتماسك المجتمعي.

إلى ذلك اقترح أحمد الشامي، عضو المكتب التنفيذي لجماعة الحوثي، أن تواجه وسائل إعلام الجماعة ما وصفها بـ«أباطيل ودعايات العدو» على مستوى كل محافظة، بما يعزز انتصارات الجماعة.