لبنان يطلق النسخة الأولى من «مهرجان المسرح الأوروبي»

تبدأ أعماله الفنية في 4 أكتوبر المقبل من «مسرح المدينة»

تشارك الممثلة المخضرمة نضال الأشقر في «مهرجان المسرح الأوروبي»  من خلال مسرحيتها «مش من زمان» («الشرق الأوسط»)
تشارك الممثلة المخضرمة نضال الأشقر في «مهرجان المسرح الأوروبي» من خلال مسرحيتها «مش من زمان» («الشرق الأوسط»)
TT

لبنان يطلق النسخة الأولى من «مهرجان المسرح الأوروبي»

تشارك الممثلة المخضرمة نضال الأشقر في «مهرجان المسرح الأوروبي»  من خلال مسرحيتها «مش من زمان» («الشرق الأوسط»)
تشارك الممثلة المخضرمة نضال الأشقر في «مهرجان المسرح الأوروبي» من خلال مسرحيتها «مش من زمان» («الشرق الأوسط»)

في مبادرة من «مسرح المدينة» في بيروت وبالتعاون مع «الاتحاد الأوروبي» تنطلق النسخة الأولى من «مهرجان المسرح الأوروبي» في لبنان. هذا الحدث الذي تقف وراءه الممثلة المسرحية المخضرمة نضال الأشقر سيكون عبارة عن موعد سنوي يجمع ما بين الفنون المسرحية المحلية والغربية.
«الفكرة جاءتني من خلال (مهرجان السينما الأوروبية) الذي ينظمه الاتحاد في لبنان وعندما عرضت الفكرة على السفيرة كريستينا لاسن رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان رحبت بها وبدأنا بالتحضير لها». توضح نضال الأشقر في حديث لـ«الشرق الأوسط».
وتنطلق فعاليات هذا الحدث في 4 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وتستمر حتى 30 منه من على مسرح المدينة لمؤسسته نضال الأشقر.
تشير الفنانة المخضرمة إلى أن العروض المسرحية ستكون لفرق أوروبية من بريطانيا والدنمارك وإسبانيا وإيطاليا وغيرها، وتضيف أن جميع السفارات الأوروبية الموجودة في لبنان لديها مراكز ثقافية قدمت مساعداتها في هذا الشأن. وتضيف الأشقر: «لقد اشتقنا لحضور عروض مسرحية أجنبية كانت في الماضي تحط رحالها على مسارح بيروت بكثافة. إلا أن صعوبة استقدامها اليوم وفقا لترتيبات وإجراءات وكلفة جديدة ارتأينا إعادتها إلى بلد الأرز عبر سفارات بلدانها في لبنان». الأشقر ستشارك شخصيا في هذا الحدث من خلال تقديمها عرضا مسرحيا يحكي سيرتها الذاتية وأهم محطات مشوارها المسرحي وتعلق: «لقد سبق أن عرض هذا العمل في مناسبة (عيد المسرح) في لبنان، وسأقدمه من جديد في المهرجان المذكور لأن أعماله ستنطوي على مشاركة ممثلين ومخرجين لبنانيين». وتضيف: «هناك أعمال مسرحية ستشهد شراكة حقيقية بين الفريق الأجنبي ومواهبنا اللبنانية. فعنوان الحدث يتمحور حول المهرجان الأوروبي اللبناني للمسرح. وبذلك سنفتح الأبواب والفرص أمام محترفين ومواهب تمثيل وإخراج يشاركون في تنفيذ بعض المسرحيات التي يتضمنها برنامج المهرجان».
ومن الأعمال المسرحية التي سيشهدها المهرجان «البحر يموت أيضا» وهي مسرحية إسبانية مأخوذة عن قصة لفيديريكو غارسيا لوركا ومدتها نحو 60 دقيقة. وتحكي عن الساعات الأخيرة التي أمضاها لوركا قبيل تنفيذ حكم الإعدام به لأفكاره الثورية. ويشارك فيها من لبنان المخرج أنطوان أشقر ومساعدته روى حسامي وستقدم بالعربية.
أما من إيطاليا فسنشاهد «أرليكينو خادم السيدين» لكارلو غولديني وهي من النوع الكوميدي وتحمل إنتاجا لبنانيا إيطاليا يصب في خدمة هدف المهرجان. ومن بريطانيا ستقدم مسرحية «اسمي راشيل كوري» المأخوذة عن كتابات لصاحبة الاسم وهي ناشطة أميركية عرفت بمساندتها للقضية الفلسطينية.
تشرح الأشقر أن العروض المسرحية ستقدم بواقع عملين يوميا، وتعتبر أن استحداث هذا المهرجان على الأجندة الثقافية اللبنانية من شأنه أن يحرك العجلة المسرحية «فيتعرف جمهورنا إلى أعمال غربية تستحق حضوره اليومي».
وينظم «المركز الثقافي الألماني» في هذا الإطار ورشة عمل لتحفيز المواهب المسرحية من عمر يتراوح ما بين 15 و21 عاما. فيتعرفون عن كثب على أسلوب الكتابة المسرحية وعملية التمثيل فيه إضافة إلى كيفية تطوير سيناريو وقصة العمل المسرحي. ويشرف على هذه الورشة لمى الأمين من لبنان وفيكتوريا لوبتون من ألمانيا وهي مجانية.
ومن فرنسا ستحملنا مسرحية «أصوات في الظلام» إلى نصوص فيشنياك الشاعرية والقاسية معا. فتعرض عبثية مجتمعاتنا وسط سينوغرافيا بسيطة نطل من خلالها على تناقضات عالم بأكمله. ويساهم فيها من لبنان أورليان الزوقي إلى جانب مخرجها الفرنسي إريك دونيو.
وفي عمل دنماركي بعنوان «غريب» (stranger) المبتكر من قبل «رابوليتيكس» وهي مؤسسة دنماركية لا تهدف إلى الربح المادي، سنتعرف إلى لاجئين شابين يرويان قصة هجرتهما إلى هذا البلد الأوروبي مستشهدين بذلك الإحساس الذي تملكهما منذ أن حطا رحالهما على أرضه بأنهما غريبين.
ويختتم المهرجان مع لبنان عبر مسرحية «مش من زمان» لكاتبتها نضال الأشقر، ويشاركها فيها خالد العبد الله ومحمد وإبرهيم عقيل ونبيل الأحمر، إلى جانب الأشقر شخصيا التي تروي في هذا العمل سيرتها الشخصية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».