محاولة مصرية جديدة في غزة لـ«إنقاذ المصالحة»

قالت مصادر فلسطينية إن زيارة الوفد المصري لقطاع غزة، أمس، استهدفت «إنقاذ المصالحة» الفلسطينية بعدما وصلت إلى طريق شبه مسدودة.
وأكدت المصادر أن الوفد المصري الذي ضمَّ اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية، والمستشار مصطفى شحاتة، القنصل المصري الجديد في رام الله، التقى قيادة «حماس»، وأجرى معها محادثات ركّزت في شكل أساسي على «ضرورة إيجاد صيغة متفق عليها لإنجاز المصالحة أولاً ثم الوصول إلى اتفاق تهدئة».
وأضافت المصادر أن «الوفد المصري أراد تجنّب أزمة كبيرة مرتقبة في حال اتخذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارات جديدة متعلقة بالقطاع». وتابعت أن «المسؤولين المصريين عرضوا على مسؤولي حماس نتائج مباحثاتهم مع وفد فتح، واستكشفوا إمكانية إقناع (حماس) بتسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية وتأجيل بعض الطلبات مثل رفع العقوبات باعتبارها ستصبح تحصيلَ حاصلٍ بعد المصالحة».
وكان وفد من «فتح» أنهى قبل أيام زيارة لمصر وسط تبادل كبير للاتهامات مع «حماس» حول إفشال الجهود المصرية. واعتبرت «فتح» أن «حماس» تفضّل الذهاب إلى اتفاق تهدئة مع إسرائيل على حساب المصالحة الفلسطينية. وردت «حماس» بمهاجمة «فتح» واتهمتها بتشديد العقوبات على غزة.
ونشرت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الفلسطيني على وشك اتخاذ «قرار كبير» بوقف تمويل قطاع غزة بالكامل، إذا لم تستجب «حماس» لجهود المصالحة وتسلّم القطاع للسلطة الفلسطينية. وفي هذا السياق، أفيد بأن وفد «فتح» قرر أن تكون زيارته هي الأخيرة لمصر للتباحث بشأن المصالحة إلا إذا وافقت «حماس» على تسليم قطاع غزة لحكومة التوافق.
وحذّر عضو المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية، أمس، من أن أي عقوبات جديدة تفرضها السلطة ستقابلها إجراءات «فصائلية وشعبية» مماثلة لـ«يرتد السهم على راميه». وأضاف الحية في مقابلة مع صحيفة «فلسطين» المحلية التابعة لـ«حماس»: «إذا ما صحَّت التهديدات وأقدم عباس على أي عقوبات جديدة فهو يعزل نفسه عن هذا الشعب وسيتجاوزه التاريخ والشعب».
كما هاجم الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم التهديدات بفرض عقوبات جديدة، قائلاً: «إن ارتكاب أي حماقات بحق غزة الثائرة لعب بالنار وسيكون لها ما بعدها، وستدشن لمرحلة جديدة ستتجاوز حدود تفكيرهم وتخطيطهم».
واستأنفت مصر جهودها لإنجاح المصالحة هذا الشهر بعد أن أوقفت مباحثات التهدئة التي رعتها بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل الشهر الماضي، بعد تهديدات عباس بأنه لن يسمح باتفاق تهدئة في قطاع غزة باعتباره يُسهِم في فصل القطاع عن الضفة، ومدخلاً لما يُعرف بـ«صفقة القرن». ورفض عباس مشاركة «فتح» في هذه المباحثات، وهدد بوقف التمويل المالي إذا ذهبت «حماس» إلى اتفاق منفصل مع إسرائيل. وطلب عباس أولاً إنجاح المصالحة باعتبار أن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخولة بتوقيع اتفاق مع إسرائيل وليس أي فصيل آخر.
وأصر عباس أولاً على توقيع اتفاق مصالحة يسبق التهدئة. وتمسكت «فتح» في مصر بالتمكين الشامل في قطاع غزة، بما يشمل قوى الأمن والقضاء وسلطة الأراضي والجباية المالية والمعابر، تحت شعار «سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد». ورفضت «فتح» ربط قرارات الرئيس المتعلقة بغزة بالمصالحة الداخلية، كما رفضت اقتراح دفع رواتب موظفي «حماس» العسكريين من خلال الجباية في غزة.
وردَّت «حماس» برفضها موقف «فتح» ورفضها أي تعديلات على الورقة المصرية الأولى، وقالت إنها لن تسلم قطاع غزة إلى السلطة دون شروط، متمسكة بـ«رفع العقوبات التي فرضتها السلطة كخطوة أولى، والعمل على تشكيل حكومة جديدة تضم جميع الفصائل والمستقلين، مهمتها وضع حلول للأزمات التي تعصف بالقطاع، وفي مقدمها ملف الصحة والكهرباء وكذلك رواتب موظفيها والالتزام الكامل بدفع رواتبهم والعمل على وجود ضامن واضح لعدم الاستغناء عن أي منهم وضمان حقوقهم التي وفرتها لهم (حكومة حماس) من أراض وغيرها، وأن يتم حل ملف الأمن دون أي إقصاء للقيادات الأمنية التابعين لـ(حماس)، وكذلك أي من موظفيها، والعمل على دمجهم بشكل كامل في إطار مؤسسة أمنية كاملة تعمل وفق عقيدة وطنية ثابتة».
كما أبلغت «حماس» المصريين بأن «سلاح المقاومة سيُستثنى من أي مفاوضات في إطار المصالحة، وأن جميع الفصائل سيكون لها الحق في الحفاظ على سلاحها ومقدراتها العسكرية كافة، وكذلك المواقع الخاصة بها دون المساس بها بحجة أنها أرض حكومية». وأبلغت «حماس» المصريين أمس بالمواقف نفسها. وقالت المصادر إن قيادة «حماس» رفضت ما وصفته بـ«حلول جزئية».
ووصفت المصادر الاجتماعات الطويلة بـ«الصعبة». ويفترض أن يجتمع مكتب «حماس» السياسي من أجل بلورة رد على مصر.
واختارت «حماس» التصعيد الميداني في غزة بدل مفاوضات المصالحة في الوقت الراهن، على أمل جرِّ الوسطاء إلى إطلاق محادثات التهدئة مجدداً. ووصل الوفد المصري إلى غزة أمس مع اشتعال 6 حرائق في غلاف غزة في رسالة مباشرة من «حماس» حول التصعيد والعودة إلى الطائرات الحارقة بعد أن أوقفتها لأسابيع.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن طواقم الدفاع المدني الإسرائيلي عملت على إخماد 6 حرائق اندلعت في مستوطنات «غلاف القطاع» بفعل الطائرات الورقية المرسلة من القطاع. ولم يحدث هذا الأمر منذ نحو شهر، في إشارة إلى رغبة «حماس» في التصعيد على حدود قطاع غزة مع إسرائيل.