عباس يحذّر من «اشتعال كلي» للأوضاع في غزة والضفة

الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

عباس يحذّر من «اشتعال كلي» للأوضاع في غزة والضفة

الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)

عبّرت فصائل فلسطينية عن رفضها لتصريحات الرئيس محمود عباس حول استعداده لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، سراً أو علناً، واعتبرتها إصراراً منه على الاستمرار في مسار «بائس». وجاءت هذه الانتقادات في وقت قال فيه الرئيس عباس (أبو مازن) إنه يتفق مع التقديرات التي ترى أن التوتر بين إسرائيل وحركة حماس قد يؤدي إلى «خطر اشتعال كلي» في قطاع غزة والضفة الغربية، وأضاف في حديث مع مراسل الإذاعة الإسرائيلية في باريس، قبل أن يغادرها إلى آيرلندا (ومنها إلى نيويورك): «إن الوضع صعب للغاية».
وخلال وجوده في باريس، التقى عباس في مقر إقامته ليلة الجمعة برئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، الذي قال إن الرئيس الفلسطيني هو الشخص الوحيد القادر على تحقيق السلام مع الإسرائيليين، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن «تلفزيون فلسطين».
وقال أولمرت للتلفزيون الفلسطيني الرسمي: «على كل واحد في أميركا وأوروبا، وبالتأكيد في إسرائيل، أن يفهم أمرين: الأول أنه لا بديل عن حل الدولتين لحل الصراع التاريخي الفلسطيني - الإسرائيلي، والثاني أن هذا الحل ممكن، والشيء الثالث، وربما الأول، أن الرئيس محمود عباس هو الوحيد القادر على إنجازه»، وأضاف أن عباس «أثبت في الماضي أنه ملتزم بالكامل في تحقيقه، ولهذا أنا أحترمه كثيراً، فهو الشخص الأكثر قدرة لهذه العملية في المستقبل».
وأضاف أولمرت، الذي ترأس الحكومة الإسرائيلية بين 2006 و2009، وقاد المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين على مدى أشهر في السابق، أن عباس «قائد سياسي عظيم، والشخص الأكثر أهمية للتطورات المستقبلية، والعلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وأخلي سبيل أولمرت في أواخر يونيو (حزيران) الماضي، بعد أن أمضى 16 شهراً مسجوناً في إسرائيل بتهمة الفساد، ليسجل أنه أول رئيس وزراء إسرائيلي يودع السجن، بحسب ما لاحظت الوكالة الفرنسية.
وفي غضون ذلك، اعتبرت حركة حماس التصريحات التي أدلى بها عباس في باريس، أول من أمس، تأكيداً على أن قيادته «مصرة على مواصلة الطريقة البائسة في التعامل مع الاحتلال». وقال حازم قاسم، الناطق باسم «حماس»، في تصريح صحافي: «إن إجراء المفاوضات بالسر يؤكد أن هناك دائماً ما يخفيه رئيس السلطة عن شعبنا ومكوناته السياسية، و(إنه) على استعداد للتنازل في القضايا الوطنية»، وأضاف: «على قيادة السلطة أن تنحاز لخيارات الشعب الفلسطيني المتمسك بثوابته، وأن تبادر لتطبيق اتفاق المصالحة، وترفع العقوبات عن قطاع غزة، وهي الصيغة الأمثل لمواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وفي مقدمها ما يسمى (صفقة القرن)».
ومن جانبها، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» إن مسار التسوية لم يعد قائماً، ولا يمكن لأي مفاوضات أن تحقق للشعب الفلسطيني ما يتطلع إليه، بعد أن حقق «الكثير من المكاسب بفعل الانتفاضة الشعبية والمسلحة، وعبر المسيرات التي ما زالت متواصلة، والتي أقلقت الاحتلال». ودعت الحركة، في بيان، السلطة إلى التوقف عن «رهن مستقبل الفلسطينيين بمفاوضات هزيلة لن تحقق أياً من متطلبات التحرير، وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأرض المحتلة».
ومن جهتها، قالت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» إن إعلان الرئيس عباس يؤكد أنه ما زال يراهن على العودة إلى المفاوضات الثنائية «بشروطها القديمة التي وصلت إلى طريق مسدود بعد 25 عاماً من اتفاق أوسلو الذي زرع الوهم والرهانات الخاسرة للشعب الفلسطيني»، وأضافت: «إن اتفاق أوسلو تجاوزه الزمن، بعد إزاحة (الرئيس دونالد) ترمب قضايا القدس والاستيطان واللاجئين عن طاولة المفاوضات».
في المقابل، أعربت حركة فتح عن استهجانها لإصرار «حماس» على استخدام سياسة «الزعيق والردح»، و«تسخير طاقتها للهجوم على القيادة الفلسطينية» التي تواجه مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وفق ما قاله عاطف أبو سيف، الناطق باسم الحركة، الذي قال في تصريح صحافي: «فيما يتوجه رئيس دولة فلسطين محمود عباس إلى الأمم المتحدة، ليؤكد أن الصفقة لن تمر، حتى لو جعنا ومتنا فرداً فرداً، فإن حماس تتساوق مع مخططات دولة الاحتلال، وإدارة ترمب، في تكريس كل ما تملك للهجوم عليه».
واعتبر أن «إصرار حماس على حرف البوصلة، وتشتيت الأنظار، لا يخدم إلا أجندة الاحتلال، وهو ما يتطلب مساءلة وطنية حازمة»، لافتاً إلى أن «حماس» لم تكتف بإفشال المصالحة، والتمسك بـ«بقرة الانقسام المقدسة»، بل وتسعى أيضاً إلى «إعاقة النضال الوطني لإفشال صفقة القرن»، كما قال.
وأضاف: «من المحزن أن (حماس) لا تحترف إلا فن الخطابة والبلاغة، ولا ترى التحديات والصعوبات التي تحيق بقضيتنا الوطنية»، وأردف: «إن (حماس)، للأسف، حتى اللحظة، أثبتت أنها لا تنظر إلا تحت قدميها، ولا تتبصر، أو أنها لا تريد أن تتبصر حجم المؤامرة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.