تحت عنوان «جعل الأمم المتحدة ذات صلة لكل الناس»، يتوافد إلى نيويورك هذا الأسبوع 128 من رؤساء الدول والحكومات على رأس وفود تضم المئات من المسؤولين الكبار والدبلوماسيين رفيعي المستوى من الدول الـ193 الأعضاء في المنظمة الدولية للمشاركة في النقاشات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويجتمع هؤلاء القادة على خلفية تساؤلات حول الدبلوماسية والسياسات المتعددة الأطراف، ووسط الاستقطابات الجديدة والخلافات على الأولويات والتحديات و«الكوابيس» التي تواجه العالم، وفقاً للتعبير الذي استخدمه الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش.
ويحفل جدول أعمال الدورة، التي افتتحت رسمياً في منتصف الأسبوع الماضي، بجدول أعمال واسع يتضمن بالإضافة إلى الخطابات الرسمية لـ84 من الملوك ورؤساء الدول و44 من رؤساء الحكومات والمئات من الوزراء وغيرهم من المسؤولين الكبار، فضلاً عن العشرات من الاجتماعات رفيعة المستوى التي تركز على قضايا محددة تشغل المسؤولين الدوليين، مثل «قمة نيلسون مانديلا للسلام» و«تمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة» و«العمل من أجل حفظ السلام» و«الحرب للقضاء على مرض السل» و«المراجعة الشاملة للوقاية والسيطرة على الأمراض غير السارية» والاحتفال بـ«اليوم الدولي للقضاء التام على الأسلحة النووية» و«قمة الكوكب الواحد»، لمكافحة ظاهرة تغير المناخ والحلقات الخاصة بمكافحة الفقر والحرب على الإرهاب، فضلاً عن مئات المنتديات والاجتماعات المتعددة الأطراف وآلاف اللقاءات الثنائية والنشاطات الموازية.
الشراكة الدولية نحو المستقبل
قال غوتيريش إنه «في هذا الوقت المتسم بالاستقطاب، يحتاج العالم إلى الجمعية العامة لإظهار قيمة التعاون الدولي». ويطلق غوتيريش الاثنين استراتيجية خاصة يطلق عليها اسم «الشباب 2030»، بالإضافة إلى مبادرة «الجيل اللامحدود»، وهما مبادرتان ترتكزان على إجراءين محددين، هما: فعل المزيد للاستجابة إلى تطلعات الشباب، خصوصاً توفير التعليم الجيد والعمل الكريم، وثانياً منح الشباب صوتاً في عملية اتخاذ القرارات على كل المستويات.
ويترأس الاثنين استراتيجية لحشد التمويل لأجندة التنمية المستدامة التي اتفق قادة العالم على تحقيق أهدافها بحلول عام 2030. ويعقد اجتماعاً في إطار مبادرة «العمل من أجل حفظ السلام» بمشاركة زعماء دول ومنظمات إقليمية لتعزيز جهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وكانت رئيسة الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ماريا فرناندا إسبينوزا، وهي المرأة الرابعة التي تتولى هذا المنصب، سلطت الضوء على النساء في عالم السياسة، ومن يطالبن بالمساواة في مكان العمل، والنساء والفتيات ضحايا العنف، والفتيات والمراهقات اللاتي يطالبن بالتعليم الجيد. وأكدت أن الأمم المتحدة لا تزال تواجه كثيراً من التحديات والقضايا العالقة، وتطرقت إلى الهجرة، مشيرة إلى الاتفاق الدولي الخاص بالهجرة المتوقع اعتماده رسمياً في مراكش بالمغرب بحلول نهاية العام الحالي.
أسبوع ترمب الدولي
يترقب العالم بصورة خاصة مشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ليس فقط باعتباره رئيس الدولة المضيفة للمقر الرئيسي للأمم المتحدة، بل أيضاً لأن لديه مقاربته الخاصة للمنظمة الدولية وأسلوبه المختلف في التعامل مع القضايا التي تشغل العالم. وتبدأ النشاطات الموسعة للرئيس ترمب، الاثنين، حين يترأس اجتماعاً رفيع المستوى في شأن مكافحة المخدرات وتهريبها، على أن يلقي في اليوم التالي خطابه الرسمي أمام الجمعية العامة.
ويترأس الثلاثاء اجتماعاً على مستوى القمة لمجلس الأمن لمناقشة الأخطار الناجمة عن أسلحة الدمار الشامل. وعرضت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي الأولويات بالنسبة إلى الولايات المتحدة.
ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط»، أوضحت هيلي أن جلسة مجلس الأمن «كانت في الأصل محصورة بإيران، ولكن جرى توسيعها لتصير أشمل فيما يتعلق بانتشار الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية، فضلاً عن الصواريخ الباليستية، وهذا يشمل بالتأكيد إيران وكوريا الشمالية وسوريا». وقالت إن الاجتماع «فرصة لكي ننظر فيما أنجزناه من تقدم حول كوريا الشمالية. وفرصة للحصول على التزام بأننا نريد السلام، وفرصة أيضاً للتحدث عن تعزيز العقوبات».
وتعتزم الإدارة الأميركية تسليط الضوء أيضاً على الأزمات الإنسانية عبر العالم وتشجيع كل الدول على القيام بالمزيد من أجل دعم الاستجابة الإنسانية وتحسين الأمن الغذائي. وأضافت: «سنتحدث عن المساعدة الخارجية، وعن سخاء الولايات المتحدة (…) سنكون أسخياء مع الذين يتقاسمون قيمنا، أسخياء مع الذين يريدون أن يعملوا معنا، وليس مع أولئك الذين يحاولون وقف الولايات المتحدة ويقولون إنهم يكرهون أميركا وغير بنائين حيال ما نقوم به».
وتؤكد هيلي أن واشنطن تريد تعزيز قدرات المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب والقضاء بصورة ناجحة على تنظيمي «داعش» و«القاعدة» وغيرهما من الجماعات الإرهابية، مع مواصلة الاهتمام بإصلاح منظومة الأمم المتحدة وجعلها أكثر فاعلية. ولفتت هيلي إلى أن ترمب سيلتقي كلاً من الأمين العام للأمم المتحدة، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي - إن، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وغيرهم.
وأفادت البعثة الأميركية بأن وزير الخارجية مايك بومبيو سيتحدث الثلاثاء عن أسلحة الدمار الشامل الإيرانية في مناسبة لمنظمة «متحدون ضد إيران النووية»، فضلاً عن مشاركته في اجتماع عبر الأطلسي مع ممثلي الدول الأوروبية واجتماع آخر مع ممثلي الاتحاد الأفريقي ولقاء مع نظرائه في الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن واجتماعات مع شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من أجل «التعامل مع الأهداف الأمنية».
هموم عربية كثيرة
غير أن القضايا الساخنة لا تزال تحتل المراتب الأرفع لدى الزعماء والمسؤولين، وسط تباينات حول الطرق المثلى لإيجاد حلول لها. وهناك كثير من القضايا العربية في صلب الدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة. وقال المندوب الدائم لجامعة الدول العربية، ماجد عبد العزيز، إن هذه القضايا «ستثار في هذا المحفل، بدءاً من الاثنين خلال اجتماع عربي على مستوى وزاري لمناقشة جدول أعمال يتعلق بالقضية الفلسطينية التي لا تزال تحتل الأولوية عندنا، وجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، والحرب المستعرة في سوريا التي سيكون لها حيز واسع من المشاورات على المستويين العربي والدولي، والأزمة اليمنية وسبل تنشيط ودعم العملية السياسية وعودة الشرعية، فضلاً عن مناقشة الوضع في ليبيا من أجل إيجاد المخرج المناسب من الوضع الراهن بدعم من الأمم المتحدة». وأضاف أن «التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، وسبل وقفها ستكون موضع بحث أيضاً على المستوى العربي».
أولويات متقطعة
وإذا كانت الأولويات العربية تتقاطع بحدود معينة مع كثير من الأولويات الأميركية، فإنها تلتقي أيضاً مع أولويات لدى الدول الأخرى، لا سيما أوروبياً. وتوجد لدى الجانب البريطاني على سبيل المثال اهتمامات مثل مؤتمر عن «إنهاء العمالة القسرية والاستعباد الحديث وتهريب البشر» ومؤتمرات حول الأوضاع في ميانمار، وما تتعرض له أقلية الروهينغا المسلمة، وحول سوء التغذية في اليمن، فضلاً عن اجتماع سياسي آخر حول تسوية الأزمة اليمنية، وحول تعليم الفتيات، وأفريقيا والشباب والوظائف، وحول «المرأة والسلم والأمن: زيادة المساحة للمجتمع المدني»، وحول الوضع في الصومال.
أما الجانب الفرنسي، فلديه اهتمامات متعددة، تبدأ الاثنين باجتماع رفيع المستوى حول الوضع في ليبيا، ولقاء وزاري للدول الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران، باستثناء الولايات المتحدة، واجتماع رفيع المستوى بعنوان «العمل من أجل حفظ السلام»، ولقاء موسع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، ومؤتمر حول الاتفاق العالمي حول البيئة، واجتماع في شأن تغير المناخ، واجتماع رفيع المستوى في شأن الاتفاق العالمي حول الهجرة بعنوان «الطريق إلى مراكش».
ويغيب عن اجتماعات الدورة الحالية زعماء رئيسيون من العالم، وبينهم الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج.
انطلاق «أسبوع ترمب الدولي» في نيويورك غداً
الدورة الـ73 للجمعية العامة... تجاذبات حول سلوك إيران ومساعٍ لإنهاء الحروب
انطلاق «أسبوع ترمب الدولي» في نيويورك غداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة