تنافس بين «الفيلق الخامس» و«الفرقة الرابعة» على «شباب الجنوب» بعد تخلي روسيا عنهم

TT

تنافس بين «الفيلق الخامس» و«الفرقة الرابعة» على «شباب الجنوب» بعد تخلي روسيا عنهم

تخلت روسيا في الفترة الأخيرة عن فصائل أبرمت اتفاق تسوية معها في جنوب سوريا، بعد سعيها إلى كسب الفصائل في جنوب سوريا للانضمام إلى «الفيلق الخامس» الذي تشرف عليه في سوريا.
وأوضح مصدر من «فصائل التسويات» أن جنرالا روسيا مسؤولا عن عملية التفاوض جنوب سوريا «أبلغ (فصائل التسويات) في ريف درعا الغربي قبل أيام قليلة، برفض انضمامهم إلى (الفيلق الخامس)؛ حيث أصدر الجانب الروسي أمرا بحل الفصائل التي انضمت إلى (الفيلق الخامس) من ريف درعا الغربي بقيادة أبو مرشد البردان بعد أن كانت فصائل تابعة لـ(الجيش الحر)، وذلك بعد إبلاغ الجانب الروسي رفض التشكيلات التي انضمت إلى (الفيلق الخامس) في ريف درعا الغربي الذهاب إلى الشمال السوري لمؤازرة جيش النظام في معاركه التي يروج النظام السوري لاقترابها هناك».
وأشار إلى أن الجانب الروسي أرسل برسالة إلى قيادة «فصائل التسويات» بريف درعا الغربي «تتضمن خيارات لعناصر الفصائل التي رفضت الانصياع لأوامر الروس والمشاركة في المعارك المرتقبة شمال سوريا». وجاء في مضمون الرسالة الروسية: «بعد رفضكم الذهاب لإدلب، نحيطكم علماً بمجموعة من القرارات أهمها بالنسبة للمطلوبين للخدمة العسكرية والاحتياط؛ فإمّا البقاء في المنزل حتى انتهاء مدة 6 أشهر التي كانت ضمن الاتفاق، والالتحاق بعدها بشعبة التجنيد، أو التجنيد الحالي ضمن تشكيلات (الفرقة الرابعة)».
وأردف المصدر أن الجانب الروسي شرح موقفه من رفض انضمام فصائل ريف درعا الغربي إلى «الفيلق الخامس»، بأنه يرى أن «رفض فصائل التسويات الذهاب إلى شمال سوريا، مناقض للاتفاق الذي أبرمته روسيا مع هذه الفصائل، حين قبولها الانضمام لـ(الفيلق)، وتأكيدات روسيا سابقا، خلال جلسات التفاوض، على مشاركة الملتحقين بالفيلق في قتال الإرهاب أينما وجود داخل سوريا، وهذا ما نص عليه أيضا عقد الانضمام لـ(الفيلق الخامس) بعبارة المشاركة بالعمليات العسكرية إلى جانب قوات الجيش السوري على كامل الأرض السورية».
وكشف المصدر أن الجانب الروسي «يسعى لتشكيل قوات تابعة لـ(الفيلق الخامس اقتحام) بقيادة واحدة في المنطقة الجنوبية (درعا والقنيطرة) تضم كل الفصائل المعارضة سابقا التي وقعت على اتفاق تسوية مع روسيا مؤخراً، وأن تكون القيادة موحدة غير منفصلة على ما هو عليه الآن في المنطقة، حيث تسلم قيادة (فصائل التسويات) التي كانت قد انضمت إلى (الفيلق الخامس) إلى أبو مرشد البردان، وهو من قيادة جيش الثورة سابقا، بينما يقود عناصر (الفيلق الخامس) بريف درعا الشرقي، أحمد العودة، وهو قائد (قوات شباب السنة) التي انضمت لـ(الفيلق الخامس) بريف درعا الشرقي».
ورجح المصدر أن «يتم تسليم قيادة (الفيلق الخامس) في المنطقة الجنوبية لفصائل التسويات إلى أحد الشخصين، وأحمد العودة هو المرشح الأول، باعتباره أول القياديين في المعارضة سابقا أجرى أول عمليات التفاوض والاتفاق مع الجانب الروسي بريف درعا الشرقي، واستجاب للمطالب الروسية بإرسال مجموعات من عناصره إلى شمال سوريا، موجودة حالياً بريف اللاذقية الشمالي».
وأكد المصدر أن النظام عمل مؤخراً على الترويج لانضمام «فصائل التسويات» في جنوب سوريا إلى «الفرقة الرابعة» التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، عبر إرسال تطمينات وإغراءات لقادة الفصائل والعناصر بأن يحسب الانضمام من مدة الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وإدارة «فصائل التسويات» حواجز المنطقة التابعة لها، في حين أن معظم الفصائل التي أبرمت اتفاقا مع الجانب الروسي فضلت الانضمام لـ«الفيلق الخامس»، لتلقيهم وعودا روسية أثناء عملية التفاوض بأن من يلتحق بـ«الفيلق الخامس» سيصبح تحت الإشراف الروسي، وتتلقى العناصر المنضمة للفيلق مرتبا شهريا يقدر بـ200 دولار، إضافة إلى ضمان عدم ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية السورية، وأن يحسب الانضمام لـ«الفيلق» من الخدمة الإلزامية والاحتياطية أيضاً. ويرى المصدر أن الفصائل آثرت الانضمام إلى «الفيلق الخامس» لوجود الضامن الروسي، وخوفاً من نقض النظام السوري اتفاقه مع الفصائل في حال انضمامها لـ«الفرقة الرابعة».
ومعظم عناصر الفصائل التي رفضت التهجير إلى شمال سوريا وفضلوا البقاء في الجنوب، لم تترك لهم خيارات كثيرة أمام معضلة أن جلهم مطلوبون للخدمتين الإلزامية والاحتياطية، وبقيت العناصر ضمن الفصيل خوفاً من الملاحقة الأمنية أو السحب للخدمة الإلزامية، مما ترتب عليه النزول على رغبة القيادة، رغم الغموض في مسألة الخدمة ضمن المنطقة الجنوبية، وأصبحوا أمام خيارات؛ «إما الالتحاق مباشرة بجيش النظام السوري، أو الانضمام لـ(الفيلق الخامس) أو (الفرقة الرابعة) التي طرحت على الفصائل رغبتها في ضم (فصائل التسويات) في جنوب سوريا ضمن تشكيلاتها، بما يترتب عليه ذلك من زج على جبهات القتال التي ما زالت مشتعلة ضد تنظيم (داعش) في بادية السويداء ودير الزور، أو على جبهات إدلب وحلب واللاذقية التي لا تزال تحت سيطرة فصائل معارضة»، والتي يروج إعلام النظام السوري لاقتراب المعارك فيها، «أو التقدم لـ(تسوية الوضع)، والحصول على مهلة 6 أشهر قبل الالتحاق إذا ما استطاع الحصول على تأجيل للالتحاق بالخدمة الإلزامية، والذي يصعب عليهم تحصيله بسبب محدودية القرارات التي تسمح بتأجيل الخدمة».
ومع التنافس بين «الفيلق الخامس» الروسي و«الفرقة الرابعة» لكسب «فصائل التسويات» وعناصرها جنوب سوريا، وتقديم الضمانات لهذه الفصائل، فإن روسيا والنظام السوري حظيا «بفرصة لإعادة بناء القدرات البشرية للقوات العسكرية السورية التي خسرت كثيرا منها خلال السنوات السابقة، ومع امتناع أعداد كبيرة عن الالتحاق بالجيش السوري؛ حيث وصل عدد المتخلفين عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية في جنوب سوريا إلى 127 ألفا»، بحسب ما أبلغ به مسؤول عسكري من النظام قادة الفصائل خلال عمليات التفاوض.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.