مصر: إشادات دولية بالإعداد الجيد لتدريبات «النجم الساطع» والتصدي للتهديدات

جانب من فعاليات اختتام تدريب «النجم الساطع» الذي تم تنفيذه بقاعدة محمد نجيب العسكرية («الشرق الأوسط»)
جانب من فعاليات اختتام تدريب «النجم الساطع» الذي تم تنفيذه بقاعدة محمد نجيب العسكرية («الشرق الأوسط»)
TT

مصر: إشادات دولية بالإعداد الجيد لتدريبات «النجم الساطع» والتصدي للتهديدات

جانب من فعاليات اختتام تدريب «النجم الساطع» الذي تم تنفيذه بقاعدة محمد نجيب العسكرية («الشرق الأوسط»)
جانب من فعاليات اختتام تدريب «النجم الساطع» الذي تم تنفيذه بقاعدة محمد نجيب العسكرية («الشرق الأوسط»)

أعلن المتحدث العسكري المصري، العقيد تامر الرفاعي، أمس، اختتام فعاليات التدريب المشترك «النجم الساطع 2018»، الذي تم تنفيذه بقاعدة محمد نجيب العسكرية، بنطاق المنطقة الشمالية العسكرية، للعام الثاني على التوالي، بمشاركة قوات من «مصر، والولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، والأردن، والإمارات، وفرنسا، وبريطانيا، واليونان، وإيطاليا»، و16 دولة أخرى بصفة مراقب.
وقال متحدث الجيش، في بيان له أمس، إن «مراحل التدريب شهدت كثيراً من الجولات التفقدية لقادة القوات المسلحة، من مصر والولايات المتحدة الأميركية، للوقوف على مدى الاستعداد التدريبي والقتالي للعناصر المشاركة في التدريب، منها الجولة التفقدية التي قام بها الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي في مصر، لعدد من الأنشطة التدريبية المخططة بإحدى القواعد الجوية».
وكذلك حضور الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة بمصر، إحدى المراحل الرئيسية للتدريب، التي نفذت بها القوات عملية مشتركة لاقتحام قرية حدودية، وتطهيرها من العناصر الإرهابية، فضلاً عن زيارة الفريق أول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأميركية، التي تفقد خلالها القوات المشاركة في الأنشطة التدريبية، والتي أشاد فيها بالجهد المبذول والإعداد الجيد لاستضافة التدريب. كذلك تفقد الفريق مايكل جاريت، قائد القوات البرية للقيادة المركزية الأميركية، مركز القيادة المشترك للتدريب ومركز المباريات الحربية.
وأضاف الرفاعي أن المرحلة الختامية للتدريب شملت تنفيذ مشروع تكتيكي للرماية بالذخيرة الحية لمختلف الأسلحة، حيث قامت المقاتلات متعددة المهام بتنفيذ أعمال الاستطلاع والقذف الجوى ضد مراكز المقاومة، كما قامت الهليكوبتر المسلحة المضادة للدبابات بالاشتباك، وتدمير الأهداف المعادية، وتنفيذ أعمال القصف المدفعي ضد تجمعات ومصادر النيران للعناصر الإرهابية، كما تم دفع المفارز الميكانيكية والمدرعة لكل من مصر والأردن والولايات المتحدة الأميركية، المدعومة بعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات ووسائل وأسلحة الدفاع الجوى، للاشتباك مع الأهداف الجوية، واستكمال تطوير الهجوم، وتدمير كل أهداف العدو المخططة. وظهر خلال المرحلة مدى الدقة في إصابة الأهداف من الثبات والحركة، والقدرة العالية على العمل المشترك في تعاون كامل لتحقيق الأهداف التدريبية في الوقت والمكان المحددين.
يأتي تدريب «النجم الساطع 2018» استمراراً لتنمية وتعزيز العلاقات العسكرية بين مصر وكثير من الدول العربية والأجنبية، وفى إطار حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على تبادل الخبرات، لتنمية مهارات القادة والضباط، للحفاظ على الكفاءة القتالية، وتوحيد المفاهيم العملياتية مع الدول الصديقة.
وعن «النجم الساطع 2018»، قال المتحدث العسكري: «تضمن التدريب الذي يعد من أكبر التدريبات التي تشهدها المنطقة كثيراً من المراحل التنظيمية والتدريبية، واشتمل على عقد كثير من المحاضرات النظرية والعملية في مجال مكافحة الإرهاب، وطرق مكافحة العبوات الناسفة، وتنفيذ الرمايات (غير النمطية) بالذخيرة الحية من مختلف الأسلحة، فضلاً عن تدريبات مشتركة شملت مكافحة (التهديدات غير النمطية) التي قد تتعرض لها الوحدات البحرية بالبحر».
وأكد المتحدث العسكري أن عناصر من القوات الخاصة البحرية شاركت في تنفيذ تدريبات على اقتحام السفن المشتبه بها، والتدريب على طرق مكافحة الألغام البحرية بواسطة صائدات الألغام، وأعمال النسف والتدمير تحت الماء، وتنفيذ غطس تدريبي مشترك لمسح منطقة بالبحر، والتدريب العملي على تحييد الألغام بمختلف أنواعها، وكذلك تنفيذ عناصر القوات الجوية لطلعات جوية مشتركة، والتدريب على أعمال القتال الجوى للدفاع، والهجوم على هدف حيوي، والتزود بالوقود في الجو، كما تناولت التدريبات سيناريوهات التهديدات كافة، في ظل الحرب التقليدية وغير النظامية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.