الجزائر: أويحيى يرفض الانضمام إلى مبادرة يقودها حزب بوتفليقة

رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
TT

الجزائر: أويحيى يرفض الانضمام إلى مبادرة يقودها حزب بوتفليقة

رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
رئيس الوزراء أحمد أويحيى.

أعلن «التجمع الوطني الديمقراطي» الجزائري، الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى، رفضه الانضمام إلى مبادرة «شعبية» دعا إليها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويقودها حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، السباق لدعوة بوتفليقة للترشح لرئاسية 2019، التي لا تفصلنا عنها سوى ستة أشهر، بينما لا يعرف بالضبط إن كان الرئيس يرغب في تمديد حكمه.
وقال صديق شهاب، المتحدث باسم «التجمع»، لـ«الشرق الأوسط»، إن حزبه غير مهتم بـ«جبهة التصدي للفساد والمخدرات»، التي أطلقتها جبهة التحرير مطلع الشهر الجاري، والتي كانت بمثابة تجاوب مع دعوة للرئيس، التي تمت في سياق خطاب نشرته وكالة الأنباء الحكومية، تناول تفشي الرشوة وتجارة المخدرات في البلاد. علما بأن بوتفليقة يرأس «جبهة التحرير»، بحسب قوانين الحزب. وأوضح شهاب أن «دعوة الرئيس ليست جديدة. فهي تعود إلى سنوات عندما ناشد الجزائريين التصدي للتحديات الأمنية المحيطة بنا في الحدود المضطربة، وذلك بإنشاء ما أطلق عليه جبهة داخلية للتصدي للمخاطر. وقد أعلن السيد أويحيى انخراطه الكامل في هذا المسعى. فإذن لا حاجة إلى أن ننخرط في مبادرة جديدة تحمل نفس المعاني والأهداف». مضيفا أن «الرئيس يريد مجتمعا متماسكا ومنسجما ليواجه التحديات الاقتصادية والأمنية. وقد قال فيما مضى إن ذلك ينبغي أن يكون مكملا لمشاريع سياسية أطلقها في بداية حكمه، منها سياسة الوئام المدني عام 1999، وسياسة المصالحة الوطنية عام 2005. وهذه الديناميكية يتحرك فيها حزبنا وأمينه العام، عن طريق تصريحاته وتوجيهاته للمناضلين. إذن فلا حاجة إلى إطار جديد يحمل نفس العنوان».
وحرص شهاب على نفي أي تأويل قد يُعطى لموقف حزبه من هذه المبادرة، ويقصد بذلك أنباء عن رغبة مفترضة لأويحيى للترشح للرئاسة. وقال بهذا الخصوص: «لقد صرح أويحيى بكل وضوح بأن حزبنا يريد أن يستمر الرئيس في الحكم لأنه ضمانة أكيدة لاستقرار البلاد». وقد قرأ مراقبون رفض أويحيى اللحاق بـ«جبهة» ولد عباس بأنه «شرخ في كتلة الموالاة».
وكان ولد عباس قد جمع بداية سبتمبر (أيلول) الجاري 14 حزبا مواليا للرئيس، وأعلن عن «جبهة شعبية تكون سندا للجيش وقوات الأمن لمكافحة الآفات وتأمين الحدود، والوقوف سدا منيعا ضد من يحاول المساس باستقرار البلاد ووحدتها». لكن لم يقدم أي من قادة هذه الأحزاب تفاصيل هذه المبادرة، وأبرزها ممن تتشكل «الجبهة الشعبية»، وكيف ستحارب المخدرات والفساد.
وستعقد هذه المجموعة غدا تجمعا شعبيا بشرق البلاد، وذلك في إطار الترويج للفكرة.
وكان بوتفليقة قد دعا الجزائريين إلى «التأسي بمجاهدينا الأماجد وشهدائنا الأبرار، والتجند لكي يستمر البناء، وتسخير جميع قدرات بلادنا، ولكي ترصوا بناء جبهة شعبية قوية لضمان استقرار الجزائر، وصمودها في وجه جميع المناورات الداخلية وكل التهديدات الخارجية». محذرا من «الأزمات الخارجية التي تدور على حدودنا، والمثقلة بمخاطر الإرهاب المقيت، وشبكات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، وهي آفات لا حدود لها اليوم».
وقال بوتفليقة أيضا: «عليكم أن تواجهوا بهذه الجبهة الشعبية الصلبة العتيدة جميع المناورات السياسوية، وكل المحاولات لزعزعة صفنا بتأويلات خاطئة، والتصدي لمن يتعرض لتعاليم ديننا الحنيف، وأن تواجهوا كذلك بهذه الجبهة الشعبية الصلبة العتيدة، كل الآفات، وعلى رأسها الفساد والمخدرات التي تنخر اقتصادنا ومجتمعنا».
وجاء حديث بوتفليقة عن المخدرات في سياق جدل كبير خلفته مصادرة 701 كلغم من الكوكايين بميناء وهران (غرب) نهاية مايو (أيار) الماضي. وكشف التحقيق في القضية عن تورط مسؤولين مدنيين وعسكريين فيها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».