احتجاجات اقتصادية على تأخر تشكيل الحكومة... وتلويح بإضراب كبير

لقاء موسع الثلاثاء للهيئات والنقابات لمنع انهيار الوضع

رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لدى استقباله الأمين العام لرابطة التعاون الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى والوفد المرافق أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لدى استقباله الأمين العام لرابطة التعاون الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى والوفد المرافق أمس (دالاتي ونهرا)
TT

احتجاجات اقتصادية على تأخر تشكيل الحكومة... وتلويح بإضراب كبير

رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لدى استقباله الأمين العام لرابطة التعاون الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى والوفد المرافق أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لدى استقباله الأمين العام لرابطة التعاون الإسلامي محمد بن عبد الكريم العيسى والوفد المرافق أمس (دالاتي ونهرا)

تتجه الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والنقابات والمهن الحرة في لبنان لرفع صوتها وإطلاق صرخة تحذيرية تحت عنوان «معا لإنقاذ الوطن»، في خطوة تهدف لحث المسؤولين على الإسراع بتشكيل الحكومة وإنقاذ الوضع الاقتصادي قبل فوات الأوان. وتؤكد الجهات المعنية أن التحرك لن يقتصر على إصدار بيانات أو وثيقة، إنما هناك توجه إلى الإعلان عن إضراب مفتوح وإيقاف عمل قطاعات بأكملها، وهو الأمر الذي لم يحسم القرار بشأن توقيته لغاية الآن، وتحديدا عما إذا كان سيعلن عنه الثلاثاء أو ينتظر ردة فعل المسؤولين حيال التحرك ليبنى بعدها على الشيء مقتضاه، علما بأن الاتحاد العمالي العام يدفع باتجاه إعلان الإضراب الفوري، بحسب ما يقول رئيسه بشارة الأسمر.
ويوضح الأسمر لـ«الشرق الأوسط»: «لن نكتفي بإطلاق البيانات والقيام بجولة على المسؤولين، وهو الأمر الذي سبق أن قمنا به من دون أن نرى أي نتيجة، لذا ندفع من جهتنا كاتحاد إلى الإعلان عن خطوات تصعيدية وتحركات في الشارع قد تصل إلى إضراب مفتوح وإيقاف عمل قطاعات بأكملها، إنما الأمر لا يزال قيد البحث مع كل الجهات المعنية التي ستجتمع يوم الثلاثاء للإعلان عن الموقف النهائي». وهذا التوجّه عبّر عنه أيضا رئيس الهيئات الاقتصادية رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير ملوّحا في تصريح لـ«وكالة الأنباء المركزية» بخطوات تصعيدية تبلغ سقف الاعتصامات والإضرابات، وصولاً إلى إقفال البلد، مؤكدا، أن «الجميع مستعد لذلك، إذا لم تلقَ الوثيقة الاقتصادية آذاناً صاغية من المسؤولين وإذا لم تحرّك صرخة قوى الإنتاج حسّ المسؤولية لديهم».
ومن المتوقع أن تركز الوثيقة على الدعوة للإسراع في تشكيل الحكومة منعا لانهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسير في الإصلاحات المطلوبة في مؤتمر سيدر والتي قد يؤدي عدم تنفيذها إلى عدم الحصول على المساعدات والتقديمات.
وستدعو الوثيقة بحسب الأسمر المسؤولين إلى التحلي بروح المسؤولية والترفع عن الخلافات بما فيه مصلحة البلد الذي بات يعاني مأساة اقتصادية نتيجة الهدر والفساد المستشري وهو ما يتطلب تضافر جهود الجميع قبل الوصول إلى مرحلة الانهيار. ويضيف «لا يمكن أن نبقى متفرجين أمام كل ما يحصل حيث لا نسمع إلا شعارات محاربة الفساد من دون أن نعرف من هو الفاسد ومن هو المفسد في حين أن المسؤولين هم أنفسهم رأس هذا الفساد»، موضحا «يقدر الهدر في لبنان بنحو خمس مليارات دولار سنويا تتوزع بين مختلف المؤسسات بعدما باتت الوزارات منصة للخدمات والاستثمارات ولم يعد النمو يتعدى الـ1.5 في المائة وهو الرقم المعرّض للانهيار أمام أي طارئ أمني أو اقتصادي».
وكان رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان قد قال في آخر اجتماع لها، إن «النمو اليوم يبلغ 1.5 في المائة، وهو منخفض ويؤثر على الإيرادات وحجم الاقتصاد الذي نحتاج إليه لخدمة ديننا بشكل أفضل». وأشار إلى أن «إيرادات الدولة ليست بالحجم الذي كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، في بعض الأماكن، وهو ما يعود إلى انحسار الوضع الاقتصادي لجهة الاستثمار والتوظيف».
ويرى الأسمر ضرورة أن يكون برنامج الحكومة الاقتصادي واضحا، وما وصفه بـ«إعادة تقييم العلاقات العربية ما من شأنه أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد عبر فتح المعابر، إضافة إلى إعادة النظر بالاتفاقيات الاقتصادية غير المتكافئة بين لبنان ودول عدة، والتي من شأنها إذا ما تم تقنين رسومها الجمركية أن تدخل على الخزينة ما بين 800 ومليار دولار أميركي».
وما يؤكد على سوء الوضع الاقتصادي إقفال مئات المؤسسات التجارية في السنوات الأخيرة، وفق الأسمر، الذي يلفت إلى أنه سجل منذ بداية العام الحالي لغاية الآن توقّف نحو 40 معملا عن العمل، بينما أقفلت أكثر من 400 مؤسسة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
أمام هذا الواقع كان تحرك «معا لإنقاذ الوطن» الذي لا تزال المباحثات والجلسات بين الجهات المنظمة للتنسيق بشأنه مستمرة، بحسب الأسمر، وذلك للتوصل إلى خطة تحرك كاملة وجامعة يعلن عنها يوم الثلاثاء بعد اللقاء الذي سيعقد في مقر الاتحاد العالي العام في بيروت.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».