الاستثمارات القطرية تتدفق «فجأة» على مشاريع ضخمة في الولايات المتحدة

الاستثمارات القطرية تتدفق «فجأة» على مشاريع ضخمة في الولايات المتحدة
TT

الاستثمارات القطرية تتدفق «فجأة» على مشاريع ضخمة في الولايات المتحدة

الاستثمارات القطرية تتدفق «فجأة» على مشاريع ضخمة في الولايات المتحدة

بعد مرور ثمانية أعوام على تدشين أكبر مشروع تطوير عقاري خلال العقدين الماضيين في العاصمة الأميركية واشنطن، بدا مشروع سيتي سنتر دي سي كمساحة واسعة كئيبة تضم باحات مخصصة لوقوف السيارات على مساحة سبعة مبانٍ في أفضل موقع لمشروع عقاري في وسط المدينة، وهو المشروع الذي توقف بسبب الأزمة الاقتصادية، حسبما يقول مسؤولو مدينة واشنطن.
وفجأة ظهرت قطر، وهي دولة صغيرة تتكون من كثبان رملية وبحيرات مالحة تمتد في قلب الخليج العربي ويقطنها نحو 250,000 نسمة لكنها تمتلك أضخم حقل للغاز الطبيعي في العالم، وبالتالي لديها ثروة عظيمة لا يمكن تخيل حجمها.
وفي عام 2010، قرر ذراع قطر للاستثمارات العقارية ضخ 650 مليون دولار في مشروع سيتي سنتر دي سي، لتصبح بذلك المالك الرئيس للمشروع، الذي تبلغ تكلفته الاستثمارية مليار دولار ويجري إنشاؤه في موقع مركز واشنطن للمؤتمرات القديم الكائن في شمال غربي واشنطن. وفي الأسبوع الماضي، انتقل أول عشرة مستأجرين إلى الشقق السكنية في مشروع سيتي سنتر دي سي، بينما يُتوقع بدء العمل في المكاتب التجارية في الربيع المقبل، كما ستفتح 40 متجرا أبوابها للتسوق في الخريف المقبل.
ولم تستثمر قطر قبل ذلك في مشاريع عقارية في واشنطن. غير أن فيضان الاستثمارات القطرية الذي تدفق مؤخرا على العاصمة لم يكن الأخير من نوعه، فقد ضخ القطريون مزيدا من الاستثمارات في شيكاغو، حيث اشترت مجموعة الفيصل القطرية فندق راديسون بلو أكوا العام الماضي، كما قالت المجموعة إنها تسعى لشراء المزيد من العقارات الأميركية.
وهذا العام، اشترت قطر تلفزيون «كارنت تي في» مقابل 500 مليون دولار ووظفت 800 صحافي لتطلق «الجزيرة أميركا»، مما يسهم في دخول القناة الجديدة إلى مزيد من المنازل في الولايات المتحدة الأميركية.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت الخطوط الجوية القطرية عن خطط لتوسيع خدماتها في السوق الأميركية في عام 2014 من خلال تسيير رحلات جديدة على دالاس وميامي وفيلادلفيا، بالإضافة إلى الرحلات التي يجري تسيرها إلى هيوستن وواشنطن ونيويورك وشيكاغو. وفي نفس السياق، أعلنت قطر الشهر الماضي أنها ستنفق 19 مليار دولار لشراء 50 طائرة بوينغ 777 جديدة، ضمن صفقة ضخمة جرى توقيعها بين شركة بوينغ الأميركية وقطر والإمارات العربية المتحدة.
وقد زاد عدد الطلبة القطريين الدارسين في الجامعات الأميركية خمسة أضعاف خلال العقد الماضي، حيث تنفق مؤسسة قطر 5 ملايين دولار هذا العام لتشجيع المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة على تعليم اللغة العربية.
وترتسم الكثير من علامات الاستفهام حول ذلك الاهتمام الزائد الذي تبديه واحدة من أصغر دول العالم بالاستثمار في الولايات المتحدة، غير أن الكم الهائل من الأسئلة وعلامات الاستفهام يُختزل في كلمة واحدة، «لماذا؟».
لا يفصح القطريون عن سبب ذلك الاهتمام، فقد امتنعت الحكومة القطرية وأكبر ثلاث مؤسسات استثمارية هناك عن مناقشة استثماراتهم في الولايات المتحدة، لكن الجهات التي تعمل مع القطريين تقول إن حجم الإنفاق الكبير على تلك الاستثمارات يدل على الاهتمام الكبير بعائد الأرباح الضخم الذي يأتي من تلك الأعمال، كما يؤشر إلى رغبة لتنويع أوجه التعاون مع الولايات المتحدة التي كانت تقتصر في الماضي على الأمور المتعلقة بالطاقة والدفاع.
وعلى الرغم من شهرة القطريين كمطورين عقاريين يعملون في عدد ليس بقليل من الدول الموزعة على أربع قارات، فإن اهتماماتهم الأساسية تنصب على لندن وأوروبا وليس الولايات المتحدة الأميركية، فخلال الستة أعوام الماضية، استثمرت قطر 33 مليار دولار في بريطانيا في برج «شارد»، وهو أطول مبنى في أوروبا الغربية.
وعندما بعثت شركة هاينز، التي تنفذ مشروع سيتي سنتر دي سي، بعضا من موظفيها إلى آسيا والشرق الأوسط لعرض المشاركة في تنفيذ ذلك المشروع الضخم على المستثمرين هناك، قبل القطريون العرض على الفور.
وفي بيان مكتوب، يقول خالد السبيعي، الرئيس التنفيذي لشركة «المستثمر الأول»، الذراع المصرفي الاستثماري لبنك بروة، أحد المستثمرين في مشروع سيتي سنتر دي سي، «تعد السوق العقارية الأميركية بالكثير من المميزات الجاذبة للمطورين خلال الأعوام القليلة المقبلة، مما يجعلها تحتل مكانا مهما في المحفظة العقارية لأي مستثمر».
وقد تشكلت فكرة سيتي سنتر دي سي خلال فترة تولي عضو الحزب الديمقراطي أنتوني ويليامز منصب عمدة واشنطن. ويقع المجمع الراقي بين الشارع التاسع والحادي عشر في المنطقة الشمالية الغربية في واشنطن، كما يحتل المساحة التي تمتد من شارع إتش ستريت وحتى جادة نيويورك. ويضم المجمع مبنيين للمكاتب التجارية وشققا للإيجار والتمليك، كما سيضم في القريب العاجل فندقا.
وقضت الصفقة المبرمة في عام 2010 ببدء عمليات الإنشاء مع بداية العام التالي، غير أنه، وحسبما قال القائمون على المشروع، فقد وضع القطريون شرطا لضخ استثماراتهم، وهو أن مجمع سيتي سنتر دي سي لن يضم حانات أو بنوكا التزاما بالدين الإسلامي الذي يحرم المشروبات الكحولية والربا. ولذلك فقد حول القائمون على المشروع اهتمامهم للتركيز بشكل أكبر على إنشاء المطاعم ومحلات الملابس.
ويقول بدرو ريبيرو، المتحدث باسم عمدة واشنطن الديمقراطي، فينسينت جراي، إن واشنطن وشركة هاينز قبلتا بشروط قطر لأنه «ينبغي عليك أن تختار إما أن يتوقف المشروع أو يجري تنفيذه في وجود بعض المحاذير. فنحن لا نسعى لبناء آدامز مورجان أو شارع إتش ستريت (يمتد من شمال إلى شرق واشنطن) آخرين، كما أننا لا نريد بناء بنك جديد في كل شبر على أرض واشنطن».
ويقول القطريون إنهم لم يُدخلوا أي تعديلات على تصاميم المشروع، حيث يضيف السبيعي أن «الخطوط العريضة للتأجير التي جرى الاتفاق عليها من قبل هاينز والمستثمر الأول لا تتطلب إدخال أي تعديلات جديدة على تصميم المشروع الذي وُضع سابقا»، مضيفا أنه حتى قبل دخول قطر في المشروع، كانت الخطة «لا تتضمن إنشاء حانات ومتاجر لبيع المشروبات الروحية أو كازينوهات، لأن هاينز وواشنطن تؤمنان بأن مثل تلك العناصر لن تسهم في تحسين بيئة المدينة». ويقول السبيعي إنه سيُسمح لفروع البنوك بالوجود في سيتي سنتر دي سي رغم أن تصميم المشروع لم يتضمن ذلك من البداية.
وباحتوائه على 674 وحدة سكنية وساحة عامة وشوارع للمشاة، يُعد سيتي سنتر دي سي جزءا مهما من خطة واشنطن لإنشاء موقع تجاري في وسط المدينة يوفر لقاطنيه فرصة مثالية لأن يعيشوا ويتسوقوا ويعملوا في مكان واحد. ويقول المطور العقاري للمشروع إنه جرى بيع سبعين في المائة من الوحدات السكنية المعدة للتمليك، والتي تضم الواحدة منها شقتين تحتوي كل واحدة على غرفتي نوم، مقابل 1.2 - 1.5 مليون دولار.
ولدى البدء الرسمي لعمليات الإنشاء، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الديار القطرية إنه من المستبعد أن يذهب أي استثمار في واشنطن هباءً. ويضيف رئيس البنك، الذي يمول المشروع، أن الصفقة تعبر عن «ثقتنا في السوق العقارية الأميركية، كما أنها تُعد خطوة على طريق ضخ مزيد من الاستثمارات في مشاريع مستقبلية».
ويبدو الاستثمار في مشروع سيتي سنتر دي سي بداية لتدفق كبير لرأس المال القطري على السوق الأميركية، حسبما يقول أولئك الذين يعملون مع المستثمرين القطريين. فعلى سبيل المثال، اصطحب سفير أميركا السابق في الدوحة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، تشيس أنترماير، مجموعة من المستثمرين القطريين لمعاينة قطعة أرض في شمال كاليفورنيا على المحيط الهادي بغية عرضها عليهم للاستثمار العقاري.
ويقول إنترماير أن المستثمرين القطريين «سألوني، (كم تبعد تلك الأرض عن لوس أنجليوس؟) فأجبت )ست ساعات بالسيارة وساعة بالطائرة(، فقالوا )إذن، انس أمرها(. فهم لا يعرفون الولايات المتحدة بقدر معرفتهم للجانب الغربي من لندن»، حيث اشترى القطريون الكثير من الأصول والعقارات المهمة مثل محلات هارودز، كما اشتروا حصة في الشركة التي تملك مطار هيثرو.
ويقول باتريك ثيروس، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى قطر إبان عهد الرئيس بيل كلينتون «ربما تبدو أميركا ذات طبيعة محيرة للقطريين، فهم يسألونني (ما مهام العمدة بالضبط؟)» ويشغل ثيروس حاليا منصب رئيس مجلس الأعمال القطري الأميركي.
ويشير فيكتور هوسكينز، نائب عمدة واشنطن، إلى أنه مع تزايد أعداد القطريين الذين يدرسون في الجامعات الأميركية، زادت نسبة الارتياح لدى المستثمرين القطريين فيما يخص الاستثمار في أميركا، وعندما عقدت مجموعة الديار القطرية العزم على المشاركة في مشروع سيتي سنتر دي سي، أصبح القطريون على علم تام بسياسة واشنطن الضريبية.
ويقول محللون إن استثمارات قطر في الولايات المتحدة هي جزء من استراتيجية عالمية تهدف إلى خلق نوع من «التعاون الاقتصادي المتبادل». ويقول كريستيان كوتيس أولريتشسن، الخبير في الشؤون السياسية لمنطقة الخليج وزميل معهد جيمس بيكر في جامعة رايس في هيوستن، إن «بريطانيا تستورد 85 في المائة من الغاز الطبيعي من قطر، وهذا يعني أنه إذا أصاب قطر أي مكروه، فسوف تصبح بريطانيا في خطر». وفي عام 2006 بعد إعصار كاترينا الذي ضرب الولايات المتحدة الأميركية، تبرعت حكومة قطر بـ100 مليون دولار لمساعدة ضحايا تلك الكارثة الطبيعية، وهي الخطوة التي بررها مسؤول قطري بقوله، «لا يعرف أحد ما يمكن أن يحدث في المستقبل، فربما تصيبنا كارثة مثل كارثة كاترينا في يوم من الأيام».
ويقول أولريتشسن «لم يعد الاقتصاد القطري قادرا على النمو بنسبة 10 - 15 في المائة كل عام مثلما كان يحدث حتى عام 2010، فقد وصلت إلى حالة من الاستقرار فيما يخص صادرات الغاز الطبيعي، حيث إن القيادة القطرية تخشى من استنزاف حقل الغاز».
ويبدو القطريون شغوفين بالاعتماد على علاقتهم بالولايات المتحدة، خاصة في واشنطن وهيوستن، التي كانت محط تركيز الشركات القطرية بسبب صناعة الطاقة، وتعد شركة قطر بتروليم مالك أغلبية الأسهم في شركة غولدن باس برودكتس ومقرها هيوستن، المستورد الرئيس للغاز الطبيعي التي تسعى للحصول على دور في تصدير الغاز الأميركي، كما انتقلت نحو 150 أسرة قطرية من الشخصيات البارزة إلى هيوستن لفترات طويلة طلبا للرعاية الصحية.
وقال هوسكنز، نائب العمدة إن المقاطعة بدأت مساعي لجذب استثمارات جديدة من قطر قبل نحو عام من وصول غراي إلى منصبه. ويبدو غراي متشوقا لاستمرار الزخم، حيث أعلن في وقت مبكر من العام الحالي أنه سيزور قطر، لكن الرحلة لم تتم. وأشار ريبيرو إلى أنه أجل الرحلة بسبب الشكوك بعد التغيير في الحكومة. وعبر غراي عن أمله في القيام بهذه الرحلة العام المقبل.
في الوقت ذاته، أكد هوسكينز على أن المفاوضات الجادة مع قطر حول مشروع عقاري آخر حقق تقدما كبيرا، ويأمل في أن يجري الإعلان عن الاتفاق الربيع المقبل.
* خدمة «واشنطن بوست»



تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)

أظهرت بيانات مسح، نُشرت يوم الثلاثاء، تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) إلى أضعف وتيرة له منذ يونيو (حزيران)، مع انخفاض الطلبات الجديدة لكل من المصنّعين ومقدمي الخدمات، ليختتم بذلك عاماً من التقلبات وعدم اليقين الذي شهده الاقتصاد الأميركي.

وأفادت مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال» بأن مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي انخفض إلى 53 نقطة هذا الشهر، مقارنةً بقراءته النهائية البالغة 54.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني). وتشير القراءات التي تتجاوز 50 نقطة إلى توسُّع النشاط الاقتصادي، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أدنى ارتفاع في الأعمال الجديدة الواردة خلال 20 شهراً، كما انخفضت الطلبات الجديدة على السلع لأول مرة منذ عام. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الذي يتتبع نشاط الخدمات، والذي يمثل ثلثي الناتج الاقتصادي الأميركي، إلى 52.9 نقطة في ديسمبر، وهو أدنى مستوى له خلال 6 أشهر، مقارنةً بـ54.1 نقطة في نوفمبر. كما انخفض مؤشر التصنيع إلى 51.8 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو (تموز)، مقارنةً بـ52.2 نقطة في نوفمبر. وكانت كلتا القراءتين أضعف من توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، في بيان: «تشير بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولية لشهر ديسمبر إلى أن طفرة النمو الاقتصادي الأخيرة بدأت تفقد زخمها. ومع التراجع الحاد في نمو المبيعات الجديدة، خصوصاً قبيل موسم الأعياد، قد يزداد تباطؤ النشاط الاقتصادي مع دخولنا عام 2026».

وشهد الاقتصاد الأميركي تقلبات حادة خلال عام 2025، إذ أعقبت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تغييرات جذرية في السياسات، بما في ذلك تشديد إجراءات الهجرة التي أثرت سلباً على القوى العاملة، وموجات من الرسوم الجمركية الجديدة التي أحدثت اضطراباً في التجارة الدولية ورفعت أسعار السلع. كما زاد الإغلاق الحكومي الفيدرالي المطول في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر من حالة عدم اليقين، وأدى إلى توقف تدفق البيانات الاقتصادية الرئيسية.

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الرُّبع الأول؛ نتيجة تدفق الواردات لتجنب الرسوم الجمركية، ثم انتعش في الرُّبع الثاني بعد انحسار هذه الرسوم. ومن المتوقع أن يُظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي للرُّبع الثالث، الذي سيصدر قبيل عيد الميلاد، استمرار نمو الاقتصاد بمعدل سنوي يزيد على 3 في المائة حتى بدء الإغلاق. ولن تُنشر بيانات الرُّبع الرابع إلا مطلع العام المقبل.

وأضاف ويليامسون: «على الرغم من أن بيانات المسح تشير إلى نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5 في المائة خلال الرُّبع الرابع، فإن النمو قد تباطأ الآن لمدة شهرين».

ولن يُسهم تقرير «ستاندرد آند بورز» سوى في تقديم صورة جزئية لصناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي»، الذين خفَّضوا أسعار الفائدة 3 مرات في النصف الثاني من عام 2025؛ بسبب مخاوف تتعلق بمخاطر نمو التوظيف، لكنهم لم يمتلكوا بيانات كافية عن سوق العمل لدعم قراراتهم بسبب الإغلاق.

وأوضحت «ستاندرد آند بورز» أن نمو الوظائف، وفقاً لبياناتها، «ظل مقيداً بشكل عام؛ بسبب المخاوف المتعلقة بالتكاليف، وضعف الطلب، وعدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية»، مشيرةً إلى استمرار بعض الشركات في الإبلاغ عن نقص في العمالة.

كما ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» لأسعار المدخلات إلى أعلى مستوى له منذ نحو 3 سنوات، مدفوعاً بارتفاع حاد في التكاليف التي أبلغت عنها شركات الخدمات، مما منح مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» المتخوفين من التضخم سبباً إضافياً للتردد في الموافقة على مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.


هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد أبرز المرشحين لرئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» في نظر الرئيس دونالد ترمب، إن استقلالية البنك المركزي أمر بالغ الأهمية، في ظل المخاوف من احتمال تقاربه الشديد مع الرئيس.

وصرح هاسيت في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»: «استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بالغة الأهمية». وأضاف أن هناك مجالاً واسعاً لخفض أسعار الفائدة في الاقتصاد الأميركي، وهو هدف يسعى ترمب لتحقيقه منذ عودته إلى منصبه. وقد شن الرئيس الجمهوري هجوماً مستمراً على رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحالي، جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو (أيار)، لعدم خفضه أسعار الفائدة بالقدر الكافي.

كان ترمب قد رشّح هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، وكيفن وارش، محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق، بوصفهما أبرز المرشحين لخلافة باول.

وفي مقابلات أُجريت يوم الثلاثاء، تجاهل هاسيت أسئلة حول المخاوف من أن يكون مقرباً جداً من ترمب بحيث لا يستطيع وضع مسار مستقل للبنك المركزي.

وقال هاسيت للصحافيين خارج البيت الأبيض: «إن فكرة أن القرب من الرئيس والخدمة الجيدة له تُقصي أي شخص عن أي وظيفة أمر لا معنى له على الإطلاق».


«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

شهدت سوق الأسهم الأميركية تذبذباً يوم الثلاثاء، عقب صدور بيانات متباينة حول قوة الاقتصاد، التي لم تُبدد حالة عدم اليقين بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

وافتتح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً بنسبة 0.1 في المائة، ولا يزال أدنى بقليل من أعلى مستوى له على الإطلاق والذي سجله الأسبوع الماضي. بينما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 4 نقاط، أي أقل من 0.1 في المائة، عند الساعة 9:35 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.2 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وحافظت عوائد سندات الخزانة على استقرارها النسبي بعد تذبذب أولي، إثر تقرير أشار إلى أن معدل البطالة في الولايات المتحدة بلغ أسوأ مستوى له الشهر الماضي منذ عام 2021، رغم إضافة أصحاب العمل لعدد أكبر من الوظائف مقارنة بتوقعات الاقتصاديين. وفي الوقت نفسه، أظهر تقرير منفصل نمو مؤشر أساسي لقوة إيرادات تجار التجزئة الأميركيين في أكتوبر (تشرين الأول) بوتيرة أسرع من المتوقع.

وأدت هذه البيانات المتباينة في البداية إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة، وكان رد فعل المستثمرين الفوري يشير إلى أن هذه البيانات قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى عدّ تباطؤ سوق العمل تهديداً أكبر للاقتصاد من التضخم المرتفع، ما قد يدعم فكرة خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في 2026. غير أن العوائد استعادت لاحقاً جزءاً من انخفاضها وتذبذبت صعوداً وهبوطاً.

وتُعد سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة محركاً رئيسياً لوول ستريت، إذ يمكن أن يؤدي خفضها إلى دعم الاقتصاد وأسعار الاستثمارات، رغم أنه قد يفاقم التضخم. ومن المقرر صدور تقرير يوم الخميس يوضح مدى سوء التضخم في الشهر الماضي، ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين بوتيرة أسرع مما يُرغب.

وفي سوق السندات، استقر عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند 4.18 في المائة، وهو مستواه نفسه في نهاية تعاملات يوم الاثنين، بينما انخفض عائد السندات لأجل عامين، الذي يعكس توقعات الاحتياطي الفيدرالي بشكل أدق، إلى 3.50 في المائة من 3.51 في المائة.

ولم يترك الإغلاق الحكومي الفيدرالي الأخير تأثيراً كبيراً على البيانات، ما قلل من أثر تقارير يوم الثلاثاء. وذكر كاي هايغ، الرئيس المشارك العالمي لحلول الدخل الثابت والسيولة في «غولدمان ساكس» لإدارة الأصول، أن «تقرير بيانات التوظيف لشهر ديسمبر (كانون الأول)، الذي سيصدر أوائل يناير (كانون الثاني) قبل الاجتماع القادم، سيكون على الأرجح مؤشراً أكثر دلالة للاحتياطي الفيدرالي عند تحديد مسار السياسة النقدية على المدى القريب».

وساهمت التقلبات المستمرة للأسهم، المتأثرة بحماس المستثمرين تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، في كبح جماح السوق عموماً.

وارتفع سهم «أوراكل» بنسبة 1.1 في المائة وسهم «برودكوم» بنسبة 1.6 في المائة، بعد أن كان كلاهما قد سجّل خسائر حادة الأسبوع الماضي، على الرغم من إعلان أرباح أعلى من توقعات المحللين للربع الأخير. في المقابل، انخفض سهم «كورويف»، الذي يؤجر الوصول إلى أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي، بنسبة 2.4 في المائة، وتراجع سهم «إنفيديا» بنسبة 0.2 في المائة. ولا تزال التساؤلات قائمة حول ما إذا كان الإنفاق الكبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي سيحقق الأرباح والإنتاجية المرجوة.

على صعيد آخر، ارتفع سهم «كرافت هاينز» بنسبة 1.2 في المائة بعد إعلان تعيين ستيف كاهيلان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «كيلانوفا» المالكة لعلامة «كيلوغز»، رئيساً تنفيذياً ابتداء من 1 يناير. وبعد انقسام الشركة إلى شركتين في النصف الثاني من عام 2026، سيتولى كاهيلان قيادة الشركة التي ستحتفظ بعلامات «هاينز» و«فيلادلفيا» و«كرافت ماك آند تشيز».

في المقابل، انخفض سهم «فايزر» بنسبة 1.6 في المائة بعد إعلان توقعات إيرادات تتراوح بين 59.5 و62.5 مليار دولار للعام المقبل، وهو ما يُقارب توقعات المحللين.

على الصعيد العالمي، تراجعت المؤشرات في معظم أنحاء أوروبا وآسيا. حيث انخفض مؤشر «نيكي 22» الياباني بنسبة 1.6 في المائة بعد بيانات أولية أظهرت انكماشاً طفيفاً في قطاع التصنيع، وسط توقعات واسعة بأن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة لاحقاً هذا الأسبوع. كما انخفض مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 2.2 في المائة، وتراجعت المؤشرات في هونغ كونغ بنسبة 1.5 في المائة وشنغهاي بنسبة 1.1 في المائة.