غراندي تنفي «اتفاقية» مع الحوثيين... وتتعهد التوقيع مع الحكومة اليمنية

منسقة الشؤون الإنسانية أكدت أنها لا تعترف إلا بـ«الشرعية»

TT

غراندي تنفي «اتفاقية» مع الحوثيين... وتتعهد التوقيع مع الحكومة اليمنية

عبّر الدكتور منصور بجاش، وكيل وزارة الخارجية اليمنية للشؤون السياسية عن انزعاج واستنكار الحكومية اليمنية لتوقيع منسقة الشؤون الإنسانية، ليزا غراندي، مذكرة تفاهم مع الانقلابيين، حول تشغيل الجسر الجوي الطبي للمرضى اليمنيين، كون ذلك يتعارض مع التزامات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمتها القرار «2216»، وأن ذلك الإجراء سينعكس سلباً على العلاقات المتميزة بين الحكومة والمنظمات الدولية.
وأكد بجاش خلال لقائه يوم أمس منسقة الشؤون الإنسانية ليز غراندي، أن وجود مكاتب المنظمات الدولية في صنعاء الواقعة تحت احتلال الميليشيات الانقلابية، لا يبرر مطلقاً خضوع تلك المنظمات للابتزاز لتوقيع أي اتفاقيات مع ميليشيا لا تمثل الشعب اليمني، مبيناً أن الحكومة لن تعترف بهذا الاتفاق.
من جانبها قدمت ليز غراندي، تقديرها لكل ما تقدمه الحكومة الشرعية من تسهيلات لعمل المنظمات الإنسانية، مؤكدة أن الأمم المتحدة ملتزمة بالقرارات الدولية ولا تعترف إلا بالحكومة الشرعية، لافتة إلى أن مشروع الجسر الجوي الذي أخذ وقتاً من النقاش بين الأمم المتحدة وممثلي الحكومة الشرعية سيتم التوقيع عليه مع الحكومة الشرعية في المكان والزمان المناسبين.
وأوضح غمدان الشريف السكرتير الصحافي لرئيس الوزراء اليمني أن منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستوقع مع الحكومة الشرعية خلال الأيام المقبلة لأمور تتعلق بملفات إنسانية، وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة اليمنية حريصة على التخفيف من معاناة اليمنيين وإنجاح تسيير الجسر الطبي التزاماً منها بمسؤولياتها الوطنية وحرصاً على رعاية المرضى والمحتاجين للعلاج وهي صاحبة المبادرات لحشد الدعم الإنساني والإقليمي لمساعدة الشعب اليمني في محنته وعلى وجه الخصوص المرضى منهم، وقد رحبت وتفاعلت من وقت مبكر مع مشروع الجسر الجوي الطبي بغرض تخفيف المعاناة عن المواطنين».
وكانت الحكومة اليمنية استنكرت تصرف منسقة الشؤون الإنسانية باليمن «في دعم ميليشيا الحوثي الانقلابية الإيرانية من خلال فتح المعبر الجوي للانقلابيين تحت مسمى جسر جوي طبي وإنساني». وسجلت الحكومة الشرعية «رفضاً واضحاً وصريحاً لتصرف منسقة الشؤون الإنسانية من خلال خطاب بعث به مبعوثها الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور أحمد عوض بن مبارك للأمين العام لمنظمة الصحة العالمية، بشأن المذكرة المتعلقة بالجسر الجوي الطبي الإنساني في اليمن التي وقعتها ليز غراندي في صنعاء في 15 سبتمبر (أيلول) 2018 وما يسمى وزير الشؤون الخارجية لميليشيات المتمردين الحوثيين هشام شرف».
وأكد المسؤول اليمني أسف حكومته واستياءها لهذا السلوك من قبل المنسق الإنساني، وأنهم يعدونه «لاغياً»، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس).
وأوضح الدكتور بن مبارك أن «التوقيع على مثل هذه المذكرة - الذي تم الترويج له من قبل ميليشيات الحوثي الإيرانية - يُعد بمثابة الاعتراف الرسمي بميليشيا الانقلاب من قبل الأمم المتحدة، الذي يتعارض تماماً مع موقف وقرارات مجلس الأمن حول اليمن، لا سيما القرار (2216)، وسيؤثر سلباً على العلاقات المتميزة بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة»، مطالباً باسم الحكومة اليمنية من المنظمة إصدار توجيه للمنسقة المقيمة وكل هيئات الأمم المتحدة العاملة في اليمن بعدم توقيع أي اتفاقات أو مذكرات إلا مع الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً.
وقال المبعوث اليمني لدى الأمم المتحدة في نص خطابه: «تعرب حكومة جمهورية اليمن عن قلقها العميق وتدين هذا التصرف التي قامت به منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، وترفض رفضاً قاطعاً هذا الإجراء وتعتبر هذه المذكرة باطلة و(لاغية)، كما أن التوقيع على هذه المذكرة، التي احتفلت بها الميليشيات يُعد اعترافاً رسمياً من الأمم المتحدة، وهو تناقض واضح مع موقف الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن، خصوصاً قرار 2216 (2015) وسيؤثر سلباً على العلاقات الممتازة بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.