مصر تبني 20 مدينة جديدة لاستيعاب 30 مليون شخص

توفر الملايين من فرص العمل وتواجه عشوائية البناء

جانب من العاصمة الإدارية الجديدة
جانب من العاصمة الإدارية الجديدة
TT

مصر تبني 20 مدينة جديدة لاستيعاب 30 مليون شخص

جانب من العاصمة الإدارية الجديدة
جانب من العاصمة الإدارية الجديدة

في ظل ازدهار سوق العقارات المصرية، واعتبارها من أفضل وأكثر أنواع الاستثمار أماناً، ومع ازدياد الطلب على شراء العقارات من داخل مصر وخارجها، دخلت مصر طرفاً في سوق العقارات وبدأت في إنشاء 20 مدينة جديدة في مختلف أنحاء البلاد، لاستيعاب نحو 30 مليون نسمة، ومواجهة عشوائية البناء، وهو ما اعتبره خبراء «نقلة نوعية في حياة السكان»، مشيرين إلى أن السوق العقارية تستوعب مزيداً من المشروعات، ومطالبين بتنشيط «تصدير العقار»، وتنظيم العلاقة بين المطور العقاري والعميل.
المدن الجديدة تتولى إنشاءها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان المصرية، ومن المقرر إنشاؤها على مساحة 580 ألف فدان، وفقاً لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الذي أكد أن هذه المدن «تستوعب 30 مليون نسمة، وتوفر ملايين من فرص العمل»، ويأتي إنشاؤها ضمن ما يعرف بـ«مدن الجيل الرابع»، التي «تراعي توفير حياة أفضل للمواطن، من خلال فرص سكن واستثمار وعمل، وتعمل على مواجهة النمو العقاري غير المخطط أو العشوائي»، على حد تعبير مدبولي.
الدكتور تامر ممتاز، الخبير الاقتصادي واستشاري التخطيط والإدارة، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «سوق العقارات في مصر تسمح بهذه الزيادة وأكثر منها»، مشيراً إلى «إقبال الناس على شراء العقارات وحجز وحدات سكنية وإدارية في أي مشروع سكني يتم الإعلان عنه، ما يعني أن حجم الطلب ما زال أكبر من حجم العرض»، على حد قوله.
وأوضح ممتاز أن هذا الإقبال يرجع لعدة أسباب أولها «الاستثمار»، أو «تسقيع الوحدات السكنية والأراضي»، وفقاً للتعبير الدارج، وقال إن «كثيراً من المواطنين يتعاملون مع العقار باعتباره نوعاً من الاستثمار، ويشترونه بهدف البيع عندما ترتفع قيمته»، أما السبب الثاني، فهو «الحاجة لهذا العقار لأغراض سكنية أو تجارية».
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فإن السوق العقارية المصرية تحتاج إلى 200 ألف عقار سنوياً. وقال تقرير رسمي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر عن حجم الاستثمارات في القطاعات المختلفة خلال الربع الثاني من العام المالي 2017/ 2018، إن «قطاع العقارات استحوذ على 14.4 في المائة من إجمالي الاستثمارات في القطاعات المختلفة»، وهذه أعلى نسبة بين قطاعات الاستثمار المختلفة. وقالت وزارة الاستثمار إن «قطاع العقار أسهم بـ15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2017».
وتأتي مشروعات وزارة الإسكان الجديدة محاولة لـ«الخروج من الوادي الضيق»، الذي سكنه المصريون على مدار العقود الماضية، على حد قول ممتاز، مشيراً إلى أن «هذه المدن تعد نقلة نوعية كبيرة للسكان».
ووفقاً لما أعلنته وزارة الإسكان، فإن المدن الجديدة هي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع جنوب القاهرة الجديدة في محافظة القاهرة، و6 أكتوبر الجديدة وحدائق أكتوبر وامتداد الشيخ زايد وسفنكس الجديدة والوراق الجديدة في محافظة الجيزة، والعبور الجديدة في محافظة القليوبية، والعلمين الجديدة في محافظة مطروح، والمنصورة الجديدة في محافظة الدقهلية، وامتداد النوبارية الجديدة في محافظة البحيرة، وشرق بورسعيد «سلام» وغرب بورسعيد في محافظة بورسعيد، وبئر العبد الجديدة في محافظة شمال سيناء، والفشن الجديدة في محافظة بني سويف، وملوي الجديدة في محافظة المنيا، وغرب أسيوط في محافظة أسيوط، وغرب قنا في محافظة قنا، والأقصر الجديدة في محافظة الأقصر، وتوشكى في محافظة أسوان.
وعلى مدار السنوات الماضية، تم إنشاء كثير من المدن والتجمعات العمرانية الجديدة، لكن ذلك لم يفلح في الحد من التكدس حول الوادي الضيق، وظل كثير من هذه التجمعات خصوصاً في الجنوب خاوياً، نظراً لارتباط المصريين بالسكن حول مقار عملهم.
الدكتور ممتاز يرى أن هذه المدن الجديدة ستكون مسكناً «لمن يرغبون في العزلة والبعد عن الزحام والضجيج، وقد تجذب من وصلوا إلى سن المعاش ولم يعودوا مرتبطين بأعمال داخل المدن القديمة»، مشيراً إلى «ضرورة الحرص على توفير فرص عمل داخل هذه المدن الجديدة لجذب الناس إليها».
ويبدو أن مشروعات مدن الجيل الرابع تراعي هذه النقطة، فوفقاً لتصريحات المهندس عبد المطلب ممدوح، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتنمية وتطوير المدن، فإن «العاصمة الإدارية الجديدة تتضمن إنشاء 20 برجاً بأغراض تجارية وإدارية، كما تتضمن حياً حكومياً يضم مؤسسات الدولة الرسمية، وفي السياق نفسه فإن مدينة 6 أكتوبر الجديدة تضم مشروعات عمرانية متكاملة، وسوقاً للجملة، وميناء جافاً، ومدينة للحرفيين».
وأشار المهندس وليد عباس معاون وزير الإسكان لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إلى أن «مدينة العلمين الجديدة تضم أنشطة سياحية وسكنية متنوعة، أما مدينة توشكى الجديدة فتضم منطقة صناعية وأخرى لوجيستية، ومنطقة جمعية المستثمرين الصينيين بمصر، وأنشطة تصنيع غذائي»، على حد قوله.
ورغم ذلك، فإن معظم مخططات المشروعات الأخرى حتى الآن هي مخططات سكنية بالدرجة الأولى، مع توفير خدمات متنوعة من مراكز تجارية ومدارس ومستشفيات، وتأتي العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة في مقدمة هذه المدن، حيث يجري إنشاؤهما حالياً، وطرح وحداتهما السكنية والإدارية للبيع، بأسعار مرتفعة نسبياً، حيث أسهمت الطفرة العقارية الأخيرة في رفع أسعار العقارات، خصوصاً مع ارتفاع أسعار مواد البناء.
واعتبر الدكتور ممتاز هذا الارتفاع في الأسعار «مفيداً»، حيث «تستخدم الدولة عائدات بيع الأراضي والعقارات لشركات التطوير العقاري في توفير خدمات أفضل للمواطنين في مجالات الطرق والصحة والتعليم»، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن «الثقة التي تتمتع بها هذه الشركات ونوعية المشروعات التي يتم إنشاؤها من أبراج وخدمات سياحية، أسهمت في رفع الأسعار».
في المقابل، طالب ياسر شعبان الخبير العقاري، بأن تساعد الدولة في تسويق هذه العقارات، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحل في تصدير العقار، ولا بد من أن توجه الدولة جهودها نحو هذا الجانب، فأسعار العقارات في مصر لا تعتبر مرتفعة إذا تمت مقارنتها بأسعار العقارات في الخارج تحديداً في دول الخليج، مع الأخذ في الاعتبار فارق العملة»، مشيراً إلى أن «سوق العقارات في مصر بوضعها الحالية جاذبة للمستثمرين من دول الخليج»، لكن «الأمر يتطلب إلى جانب التسويق، العمل على تنظيم العلاقة بين المطور العقاري والعميل بشكل قانوني بما يكفل حقوق الطرفين».
وفي ظل هذه الطفرة العقارية وكثرة المشروعات في مختلف محافظات مصر، فإن بعض الخبراء يتوقعون أن تشهد السوق المصرية أزمة في الفترة المقبلة، فيما يعرف بالفقاعة العقارية، إذ إن معظم المشروعات يتم بيعها بتسهيلات في السداد تصل إلى 10 سنوات، وتعتمد شركات العقارات في استكمال المشروعات على الدفعات والأقساط التي يدفعها حاجزو الوحدات السكنية.
ويوضح ممتاز أنه «نتيجة لارتفاع نسبة التضخم، فإن قيمة العقار ما زالت أعلى من قيمة الدين، إضافة إلى أن عدد الوحدات الممولة عقارياً ليس كبيراً»، وقال إن «السوق العقارية المصرية هي من تقود التنمية وتوفر فرص عمل لكثير من المواطنين».
وتواصل وزارة الإسكان المصرية العمل في المدن العشرين بالتوازي بهدف الانتهاء منها في أقرب وقت ممكن، في إطار ما يوصف بـ«الطفرة العقارية» التي تشهدها السوق المصرية.


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»