نذر «ثورة جياع» في صنعاء وسط استنفار الميليشيات

TT

نذر «ثورة جياع» في صنعاء وسط استنفار الميليشيات

تلوح في العاصمة اليمنية صنعاء نذر «ثورة جياع» في وجه الميليشيات الحوثية التي استنفرت عناصرها لتفريق مئات المحتجين أمس بعدما أغلقوا عدداً من الشوارع الرئيسية في الأحياء الشرقية للعاصمة احتجاجاً على أزمة الوقود المفتعلة من قبل الجماعة الحوثية والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية المصحوب بانهيار متواصل في قيمة العملة المحلية.
وكانت الجماعة الموالية لإيران تعمدت منذ أيام افتعال أزمة في المشتقات النفطية والغاز المنزلي إمعاناً منها في مضاعفة معاناة السكان وتمهيداً لفرض زيادات جديدة على الأسعار لجني المزيد من الأرباح التي تسخرها في تمويل المجهود الحربي وإثراء قادتها.
وأكد شهود لـ«الشرق الأوسط» أن المئات من السكان خرجوا أمس في الأحياء الشرقية للعاصمة صنعاء وقاموا بإغلاق الشوارع الرئيسية بالحجارة والإطارات المشتعلة وسط ترديد هتافات تندد بالوجود الحوثي وتطالب بتوفير الوقود والغاز المنزلي. وشملت الاحتجاجات الغاضبة عددا من أحياء منطقة نقم وشارع خولان، شرق العاصمة صنعاء، قبل أن تستنفر الميليشيات الحوثية مسلحيها لقمع المحتجين وإعادة فتح الشوارع التي خلت من مرور السيارات لجهة انعدام مادة البنزين وارتفاع أسعارها في السوق السوداء إلى مستويات غير مسبوقة.
وأفادت مصادر مطلعة في شركة النفط اليمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن القيادات الحوثية تعمّدت افتعال الأزمة في صنعاء بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من أجل استدرار العطف الأممي إلى صف الميليشيات والاستثمار في معاناة السكان، من خلال الإيعاز لعناصرها ملاك المحطات بوقف عمليات البيع للمواطنين، واحتجاز المئات من الناقلات على الطرق المؤدية إلى صنعاء.
وأفادت المصادر بأن الجماعة الحوثية احتجزت المئات من الناقلات القادمة من مناطق الشرعية في محافظة البيضاء وذمار وطلبت من ملاك الناقلات دفع مبالغ ضخمة تصل إلى 4 ملايين ريال، أي ما يعادل 7 آلاف دولار أميركي، على كل ناقلة من ناقلات الغاز والبنزين.
وعلى وقع الأزمة التي شلت الحركة في شوارع صنعاء، دعا العديد من الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي السكان إلى الانتفاض في وجه الميليشيات الحوثية التي قالوا إنها تتاجر بمعاناتهم في أروقة المنظمات الدولية وتتعمد معاقبتهم بافتعال الأزمات في الوقود والغاز المنزلي. وعادة ما تلجأ الميليشيات الحوثية إلى استعمال أسلوب القمع المغلظ بحق مناهضيها، وهو ما جعل السكان ينصاعون لحكمها خوفا من أساليب البطش التي تشمل إطلاق النار ودهم المنازل والاعتقال ونهب الممتلكات.
في غضون ذلك، ذكرت مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة الجماعة الحوثية بأن حكومتها الانقلابية تسعى إلى فرض زيادات جديدة في الضرائب على السلع المستوردة، إلى جانب استعدادها لزيادة الرسوم الجمركية غير القانونية، وهو الأمر الذي جعل التجار يرفعون الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
واتهم تقرير للنواب الخاضعين للجماعة في صنعاء أمس حكومة الجماعة الانقلابية غير المعترف بها دوليا «بالفساد وتبديد الموارد المالية وعدم توريد الأموال التي تقوم الجماعة بجبايتها من المؤسسات إلى البنك المركزي»، إلى جانب مطالبة التقرير الجماعة بصرف رواتب الموظفين الحكوميين المتوقفة منذ أكثر من عامين. ويقدر خبراء اقتصاديون أن تجني الجماعة الحوثية من إيرادات المؤسسات وعائدات الضرائب والجمارك نحو تريليون ريال يمني إلى جانب ما تربحه من تجارة النفط التي تحتكرها في مناطق سيطرتها وهي مبالغ يقدرها مراقبون بنحو ثلاثة ملايين دولار يوميا. وأكد عاملون في محطات بيع الوقود أمس أن سعر الصفيحة سعة 20 لترا من البنزين بلغ سعرها في السوق السوداء أكثر من 15 ألف ريال، بينما بلغ سعر أنبوبة الغاز المنزلي نحو 7 آلاف ريال، وهو ضعف السعر الذي كانت الجماعة تفرضه قبل افتعال الأزمة الجديدة. وبفعل سلوك الميليشيات المتعمد لرفع معاناة السكان، ارتفعت أسعار السلع الأساسية، إذ سجل سعر الكيس من القمح البالغ وزنه 50 كيلوغراما، 12 ألف ريال، وهو ما اضطر بعض التجار إلى فتح منافذ للبيع المباشر للسكان بسعر 10 آلاف ريال التزاماً بالسعر الذي فرضته الجماعة الحوثية قبل تفاقم الأزمة.
وعلى رغم تداعيات الأوضاع الإنسانية على سكان صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، استمرت الميليشيات في حملات استقطاب المقاتلين إلى صفوفها، إلى جانب استمرارها في إلزام سكان القرى ورجال القبائل بتسيير القوافل الغذائية إلى جبهات القتال فضلا عن توظيفها نشاط المنظمات الإنسانية المحلية لمصلحة المجهود الحربي. وكانت مصادر طبية في المستشفيات الحكومية الخاضعة للميليشيات في الحديدة وصنعاء وحجة والمحويت أفادت بأن الجماعة أرغمت الأسبوع الحالي المرضى من المدنيين على مغادرة أسرة الرقود وإخلائها لاستقبال المئات من عناصرها الجرحى في جبهات الساحل الغربي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.