كبير اقتصاديي «بلومبرغ» يحذر من «حرب تجارية بالذخيرة الحيّة» بين أميركا والصين

توم أورليك
توم أورليك
TT

كبير اقتصاديي «بلومبرغ» يحذر من «حرب تجارية بالذخيرة الحيّة» بين أميركا والصين

توم أورليك
توم أورليك

حذر كبير الاقتصاديين في مؤسسة بلومبرغ للأعمال والإعلام توم أورليك من أن فرض الولايات المتحدة ضرائب على ما قيمته 250 مليار دولار من الواردات الصينية والرد المتوقع من الصين يعد انتقالاً من «مناوشات بالرصاص المطاط إلى حرب تجارية بالذخيرة الحيّة» بين أكبر اقتصادين في العالم، مما سيؤثر سلباً على معدلات النمو الدولية.
وفي جلسة مع عدد من الصحافيين الدوليين عشية انعقاد «مؤتمر بلومبرغ الاقتصادي 2018» الأسبوع المقبل على هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قدم أورليك قراءة معمقة لأحوال الاقتصاد العالمي، قائلاً إن «هناك أربعة أسئلة حرجة للاقتصاد العالمي لسنة 2019: ما الذي سيحصل للنمو العالمي؟ وما الذي ستفعله المصارف المركزية؟ وهل ستتواصل أزمة السوق الناشئة؟ وماذا سيحصل للتجارة العالمية؟». وتحدث عن النمو العالمي من خلال مسح الأعمال في دول مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى في العالم. ولاحظ أن «الربع الأول من عام 2018 كان مبشراً للجميع من حيث النمو القوي والمنسق». بيد أن النتائج كانت أقل إيجابية في الطريق إلى نهاية عام 2018. مشيراً إلى تباطؤ في النمو في كوريا الجنوبية وروسيا وجنوب أفريقيا وتركيا. وأضاف أنه في بداية عام 2018 كان هناك تفاؤل أكبر في شأن الولايات المتحدة واليابان وأوروبا والصين، ولكن مع اقتراب نهاية العام «نرى أنه لا يزال هناك الكثير من التفاؤل في شأن الولايات المتحدة» لأن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يصل إلى 2.9 في المائة، مقابل تراجع التفاؤل في أوروبا واليابان، ومقابل انهيار كامل للتوقعات في بعض الأسواق الناشئة. ورد النمو القوي في الولايات المتحدة إلى ثلاثة عوامل، يتعلق أبرزها بالصعود المطرد للاقتصاد بعد انتعاش طويل ومؤلم بسبب الانكماش الذي تبع الأزمة المالية الكبرى عام 2008، معتبراً أن الإدارة الحالية «تستفيد من ظروف ورثتها عن الإدارة السابقة»، فضلاً عن الزخم الناجم عن التخفيضات الضريبية وإزالة الكثير من التشريعات.
في المقابل، تحدث أورليك عن وضع مختلف في الصين حيث يحصل التباطؤ الاقتصادي بنسبة تصل إلى 5.3 في المائة من النسبة العامة للنمو السنوي الإجمالي. وهذا مختلف تماماً عما يحصل في الولايات المتحدة. ما حصل في الولايات المتحدة هو تخفيضات ضريبية ربما لسنا بحاجة إليها مع أنها تدفع إلى نمو قصير الأجل على حساب النمو البعيد المدى. في الصين، الحكومة لديها مشكلة خطيرة للتعامل معها وتتعلق بقطاع الشركات والحكومات المحلية. الحكومة تتخذ خطوات للتعامل مع تلك المشكلة عبر سياسة خفض الديون التي ربما تساهم في بطء النمو على المدى القصير ولكنها تضع الصين على مسار أكثر استدامة في المدى البعيد. ماذا يعني ذلك للسياسة النقدية؟ هذا يعني أن الركود يمكن أن ينتهي في الاقتصاد العالمي. بدأت المصارف المركزية تطبيع السياسات. لكن الاستنتاج بأن هناك اختلافا أساسيا بين الاقتصادات العالمية الكبرى. ورأى أن «السؤال أمام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ما إذا كان ينبغي له رفع الفائدة ثلاث مرات أو أربع مرات هذه السنة». أما في الصين، فتكلم أورليك عن مؤشرات إلى «أرقام دون التوقعات»، مما يعني أن «الركود يمكن أن يصيب الاقتصاد الصيني». واستبعد أن يرفع المصرف المركزي الصيني أسعار الفائدة للتعامل مع هذا الوضع. وكذلك نبه إلى أن «الاقتصادات الناشئة واجهت هذه السنة أزمات حقيقية، وهذا يعكس الضغوط البنيوية بالإضافة إلى بعض القرارات السيئة في السياسة»، موضحاً على سبيل المثال أن «الضغوط البنيوية التي شهدتها كل من الأرجنتين وتركيا أدت إلى الاستدانة من الخارج بفوائد عالية»، معطوفة على تشكيك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في استقلالية المصرف المركزي، وعلى طلب الأرجنتين تمويلاً مستعجلاً من صندوق النقد. وأكد أن «هذه خطوات غير موفقة ولها عواقب سلبية».
ومع أنه حذر من «تزايد الأخطار على الاقتصاد العالمي بسبب اقتراب موعد فرض الولايات المتحدة عقوبات إضافية على إيران». غير أنه أكد أن «ارتفاع أسعار النفط يواجه خطراً أقل عما كان الأمر في الماضي لأن الولايات المتحدة صارت مصدرة رئيسية للنفط».
وركز على الوضع بين الولايات المتحدة والصين كونهما الاقتصادين الأكبر عالمياً ويمكن أن يؤثرا بصورة عميقة على مجمل الاقتصاد العالمي. وقال إن «ما شهدناه حتى الآن هو مناوشات تجارية إذ فرضت الولايات المتحدة ضرائب على 50 مليار دولار من الواردات الصينية وردت الصين بالمثل». وأضاف أن «هذا ليس بقليل. ولكنه غير مؤثر بالمقياس العالمي». لكنه أكد أن مضي الولايات المتحدة في وضع ضرائب على 200 مليار دولار إضافية من الواردات الصينية سيدفع الصين حتماً إلى الرد. وإذا حصل ذلك سننتقل مجازاً من مناوشات بالرصاص المطاط إلى حرب تجارية باستخدام الذخيرة الحية. ورأى أن ذلك سيوثر خلال السنة المقبلة على نسبة النمو الإجمالي في الاقتصاد الصيني المتباطئ أصلاً. أما بالنسبة إلى الأعمال في الولايات المتحدة التي صارت محبوكة بالأعمال الصينية سيكون هناك ثمن كبير أيضاً.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.