إيران تشكل مجموعة برلمانية لمتابعة شؤون دول تقاطعها دبلوماسياً

عبد اللهيان يؤكد صحة معلومات كتاب كيري عن انطلاق المفاوضات النووية بوساطة عمانية

مسؤول الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني أمير عبد اللهيان (مهر)
مسؤول الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني أمير عبد اللهيان (مهر)
TT

إيران تشكل مجموعة برلمانية لمتابعة شؤون دول تقاطعها دبلوماسياً

مسؤول الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني أمير عبد اللهيان (مهر)
مسؤول الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني أمير عبد اللهيان (مهر)

كشف مسؤول الشؤون الدولية في البرلمان الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن «مجموعة عمل» و«آلية جديدة» في البرلمان تعتمد على «أشخاص ينشطون في قضايا إقليمية تركز على دول لا تربطها علاقات دبلوماسية بطهران»، مشيراً إلى السعودية والبحرين والسودان وليبيا، وذلك بموازاة «آليات معروفة» تعتمدها دائر الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني التي تنحصر بمجال العلاقات البرلمانية والتعاون بين إيران والدول الأخرى.
وشرح عبد اللهيان في حوار نشرته وكالة «تسنيم» الناطقة باسم «مخابرات الحرس الثوري» الإيراني، أمس، بعد 27 شهراً من إقالته من منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية، توسيع نطاق العمل الدبلوماسي ومجالات اهتمامه بالسياسة الخارجية الإيرانية.
وقال عبد اللهيان في جزء من تصريحاته إنه إضافة إلى ممارسة دائرة الشؤون الخارجية الآليات المعروفة لدبلوماسية البرلمان، عمل على «تنشيط أجزاء مغفَلة» عبر إطلاق مجموعة عمل برلمانية تضم «بعض الأشخاص النشطين يعملون على سبيل المثال في قضايا البحرين والسعودية والسودان» منوهاً بأنها «تعمل بالتناسب مع المصالح القومية»، وتابع أنها «ليست بالضرورة مجموعة صداقة».
ولم يقدم عبد اللهيان المحسوب على تيار المحافظين و«الحرس الثوري» أيَّ تفاصيل عن مجال عمل مجموعة العمل البرلمانية ونوعية الأفراد العاملين في البرلمان الإيراني، ولم يتضح ما إذا كانت مجموعة العمل تتعاون مع لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني.
وشغل عبد اللهيان منصب مساعد وزير الخارجية في الشؤون العربية والأفريقية بين عامي 2011 و2016 وتزامن نشاطه مع تنامي الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي. وهو من «الدبلوماسيين» المحسوبين على الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» وقاسم سليماني (فيلق القدس).
وأقيل عبد اللهيان من منصبه إثر خلافات مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وبعد تقليص صلاحيات الخارجية الإيرانية في السياسات الإقليمية. وترك عبد اللهيان منصبه لحسين جابر أنصاري، قبل أن تقوم الخارجية بإلغاء المنصب بأحدث تعديل طال هيكل الوزارة بعد تولي ظريف منصب «الخارجية» لولاية ثانية العام الماضي.
وعلى خلاف ظريف، يملك عبد اللهيان وجهات نظر متقاربة حول دور إيران الإقليمي وعلاقات إيران بروسيا، لا سيما في سوريا والعراق مع مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي.
وانتقل عبد اللهيان بعد أشهر من إقالته إلى البرلمان بعدما قالت وسائل إعلام إيرانية إنه رفض مقترحاً لتسميته سفيراً لبلاده في مسقط قبل أيام لـ«أسباب شخصية» من توليه المنصب الجديد في البرلمان، كما أفادت معلومات بأن تعيينه جاء بوساطة مباشرة من سليماني الذي تربطه علاقات وثيقة برئيس البرلمان علي لاريجاني (العضو السابق في المكتب السياسي للحرس الثوري).
وأشار عبد اللهيان، أمس، إلى إنشاء التشكل الثاني لاتحاد بين برلمانات الدول الإسلامية، التي تتخذ من طهران مقراً لها، مشيراً إلى أنه «ميّز التشكل بأن مقر أمانته في طهران».
ويتزامن ما قاله عبد اللهيان مع سجال محتدِم في إيران حول التضييق على صلاحيات الحكومة الإيرانية، وانحسار دورها في ظل نمو أجهزة موازية لوزارات الاستخبارات والخارجية والوزارات المعنية بالاقتصاد. وتطارد أصابع الاتهام الحرس الثوري.
وقبل أسبوعين قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن «العمل الموازي لا يخدم الحكومة الإيرانية».
كما أعلن تأييده لمعلومات كشف عنها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري عن الوساطة العمانية بين طهران وواشنطن في زمن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وقبل عودة إيران ومجموعة «5+1» إلى طاولة المفاوضات النووية في 2013.
وتعليقاً على مذكرات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الصادرة الأسبوع الماضي، لفت عبد اللهيان إلى أنه «يؤيد» ما قاله وزير الخارجية الأميركي الأسبق عن «الدور المحوري» الذي لعبه مستشار سلطان عمان قابوس بن سعيد في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة قبل أشهر من فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية.
وأوضح عبد اللهيان أن ما ذكره كيري عن اللاعب الأساسي في المفاوضات هو سالم عبد السلام أحد كبار المستشارين لسلطان عمان وقال في هذا الصدد إن «شخصاً محورياً بين إيران وعمان لانطلاق المفاوضات، وسافَر إلى أميركا من أجل ذلك وأجرى لقاءات مع الإيرانيين»، مشيراً إلى أنه زار إيران في بداية 2012.
وأشار عبد اللهيان إلى أن تبادل المعلومات الأولية مع المسؤول العماني، بحضور رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ومساعد وزير الخارجية عباس عراقجي «جرى على طاولة وسط ساحة تابعة لمبنى الخارجية لأسباب أمنية وأهمية الموضوع».
وبحسب عبد اللهيان، فإن أحمدي نجاد «لم يكن معارضاً للمفاوضات لكنه أبدى تحفظاً على قيادة المفاوضات من قبل وزير الخارجية حينذاك علي أكبر صالحي».
ووافقت إيران على المفاوضات النووية بعدما أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما السلطان قابوس قبوله بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، بحسب عبد اللهيان.
وأشار المسؤول الإيراني إلى عدة أسباب دفعت بلاده لقبول الوساطة العمانية، منها أن «مسقط ممتنة لإيران بسبب دعمها في حرب ظفار»، فضلاً عن «سلوك إيران في السياسة الخارجية، وتقابلها النظرة الإيرانية للدور العماني في السياسة الإقليمية».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».