تأليف الحكومة عالق... والراعي يدعو لـ«حكومة طوارئ حيادية»

مفتي طرابلس والشمال أكد دعمه لرئيس الوزراء

اعتصام للحراك المدني في عكار أمس تحت شعار {مطار القليعات حاجة وطنية لكل لبنان} (الوكالة الوطنية للأنباء)
اعتصام للحراك المدني في عكار أمس تحت شعار {مطار القليعات حاجة وطنية لكل لبنان} (الوكالة الوطنية للأنباء)
TT

تأليف الحكومة عالق... والراعي يدعو لـ«حكومة طوارئ حيادية»

اعتصام للحراك المدني في عكار أمس تحت شعار {مطار القليعات حاجة وطنية لكل لبنان} (الوكالة الوطنية للأنباء)
اعتصام للحراك المدني في عكار أمس تحت شعار {مطار القليعات حاجة وطنية لكل لبنان} (الوكالة الوطنية للأنباء)

جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، دعوته لتشكيل «حكومة طوارئ حيادية تبدأ ببناء الوحدة الوطنية»، وذلك وسط المراوحة في تشكيل الحكومة، والفشل في التوصل إلى صيغة ترضي كل الأطراف، وتبادل الاتهامات حول المسؤولين عنها، في وقت أعلن مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار دعمه لرئيس الوزراء السني، مشدداً في الوقت نفسه على أنه ليس ضد رئيس المجلس النيابي، ولا ضد رئيس الجمهورية ولا ضد قائد الجيش، مؤكداً أن «هؤلاء هم أسس الوطن، المس بهم يهز البلد، والنقد شيء والجرح شيء آخر».
ولم يطرأ أي تطور عملي على مساعي تشكيل الحكومة بعد المسودة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري لرئيس الجمهورية الذي وضع ملاحظاته عليها قبل نحو أسبوعين. وأقر عضو «تكتل لبنان القوي» النائب شامل روكز بأن ملف تشكيل الحكومة يسير بشكل «أبطأ من سير السلحفاة»، مبديا تخوفه من عودة الأمور إلى الوراء. ورأى روكز أن «الكل مسؤول في هذا الموضوع، وأن الشعب اللبناني هو من يدفع الثمن، خصوصا على الصعيد الاقتصادي»، معتبرا أن «الحكومة قد تتشكل في خلال يومين في حال التوصل إلى اتفاق سريع»، مشددا على أن «موضوع فريق رئيس الجمهورية داخل الحكومة أمر غير قابل للبحث، لأنه يشكل عرفا في روح اتفاق الطائف».
وأعلن «التيار الوطني الحر» تمسكه بالحريري رئيساً، لكنه قال على لسان عضو تكتله النيابي «لبنان القوي» النائب سليم عون، إن التيار «متشدد بموضوع تشكيل الحكومة لأن هذه الأدوات هي التي سنستخدمها من أجل تحقيق الإنجازات التي نطمح لها»، مشددا على أنه «لن نستسلم، ونحن نتصرف بشكل إيجابي مع الجميع، ونحاول قدر المستطاع ترك الأبواب مفتوحة مهما علت الأصوات»، معبرا عن تفاؤله بتشكيل الحكومة قريبا.
وقال النائب عون «إننا متمسكون برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري كما أن الحريري متمسك بالرئيس ميشال عون»، لافتا إلى أن «الرئيس كان واضحا عندما قال إن حكومته الأولى هي حكومة ما بعد الانتخابات النيابية، واليوم الإحجام باتت واضحاً، ويجب أن تتشكل الحكومة على هذا الأساس». ولفت عون في تصريح إلى أن «الكل يتلطى وراء العقدة المسيحية، إلا أن هذه العقدة هي من أهون العقد لأنه يمكن حلها»، مؤكدا أنه «نريد المناصفة الحقيقية وأن نحسّن من وضعنا لا أن نعود إلى الوراء ولن نسمح لأحد أن يعيدنا إلى الوراء».
وكان البطريرك الراعي رفع الصوت مطالباً بالإشراع في تشكيل الحكومة. وناشد عون والحريري «الإسراع في تشكيل الحكومة، ونقول لهم من غير المسموح أن نتمادى في عدم تشكيل الحكومة، فلا يوجد أي مبرر لعدم تشكيلها. فلا الحصص ولا الأحجام ولا الحسابات هي الأولوية، بل الأولوية هي لبنان والشعب. لا يحق لكم ألا تبنوا حكومة وألا تبنوا وطنا».
تصريح الراعي، جاء خلال جولته في منطقة إقليم الخروب في جبل لبنان، بدأها من بلدة بعاصير، حيث أكد أن «حقا للشباب علينا وعلى الدولة والسياسيين أن يبنوا دولة تفكر بشبابها، لأن الخريجين الشباب إذا لم يجدوا دولة تفكر بهم وتؤمن لهم فرصة عمل نكون قد جنينا عليهم». وتمنى على النواب رفع الصوت، فـ«من غير المسموح أن تستمر الأوضاع في لبنان على هذا الشكل، ومن غير المسموح ألا يكون هناك دولة أو أي سعي لحل الدين العام. فليس مسموحا أن يكون عندنا دولة ومؤسسات ولا نسعى لخدمة الخير العام. ليس مسموحا أن يستمر الفساد وهدر المال العام، لذلك نضع أمام نوابنا هذه الصرخة لكي يكونوا صوتنا. علينا أن نعيش ثقافة العيش المشترك الإسلامي - المسيحي، وأن نبني الحضارة من خلال الثقافة».
وانتقل الراعي إلى بلدة مرج برجا، ثم إلى المعنية، ثم إلى برجا، حيث أكد أن «الوحدة الوطنية المبنية على العيش المشترك، ليتها تعدي المسؤولين السياسيين والحزبيين والتكتلات النيابية، لأن شعبنا يعيش هذه الوحدة الوطنية، ولكن للأسف المسؤولون السياسيون لا يعيشونها، فمن هنا نطلق دعاء من أجل أن تصبح الوحدة الوطنية معدية».
وجدد الراعي دعوته إلى «تشكيل حكومة طوارئ حيادية تبدأ ببناء الوحدة الوطنية»، لافتا إلى أنه «وخلال الزيارات التي قام بها إلى قرى الإقليم سمع دوما عن حاجة البلدات للإنماء، علما بأن الأهالي يعيشون وحدتهم وتجاوزوا جراحهم وحافظوا على العيش المشترك، لذا يحق لهم أن تلتفت الدولة لهم ليعيش الشعب بكرامة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.