قبل قمة كورية يتوقع أن تدفع قدماً المصالحة بين الشمال والجنوب مع احتمال استبعاد الولايات المتحدة من العملية، رأى أحد كبار الخبراء الأميركيين في هذا الملف فيكتور تشا أن على الرئيس دونالد ترمب أن يفصل بين مفاوضات السلام وملف نزع السلاح النووي.
وأعرب فيكتور تشا العضو سابقاً في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش، الذي طرحت الإدارة الحالية اسمه لفترة سفيراً في سيول قبل أن يُبدِّل البيت الأبيض رأيه، عن مخاوفه من أن تفضي المحادثات حول أسلحة بيونغ يانغ الذرية إلى «اتفاق سيئ».
واعتبر الخبير الذي يعمل حالياً باحثاً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن على الرئيس الأميركي أن يسعى للحصول على تنازلات أخرى مقابل سلام رسمي بين الكوريتين اللتين انتهت الحرب بينهما عام 1953 بمجرد هدنة.
ويقوم الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي - إن بزيارة الثلاثاء لبيونغ يانغ من أجل عقد قمته الثالثة منذ أبريل (نيسان) الماضي مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بهدف مساعدة كوريا الشمالية والولايات المتحدة على الخروج من المأزق الدبلوماسي.
وبهذه الرحلة التي تستمر ثلاثة أيام، سيحذو مون الذي يرافقه عدد كبير من مسؤولي الشركات الكورية الجنوبية، حذو سلفيه كيم داي جونغ وروه مو هيون، اللذين شاركا في 2000 و2007 في أول قمتين بين الكوريتين في التاريخ.
ولم يتم الإعلان عن برنامج هذا اللقاء الجديد، لكن يرجح أن تسعى كوريا الشمالية إلى إعطاء أفضل انطباع، مع عشرات آلاف الأشخاص في الشوارع للترحيب بالرئيس الكوري الجنوبي.
وتأتي هذه الزيارة بعد أقل من عشرة أيام على تنظيم كوريا الشمالية أولى «الألعاب الجماهيرية» خلال خمس سنوات، كما وُصفت هذه العروض العملاقة التي صُمِّمت بعناية وشارك فيها عشرات الآلاف من الأشخاص.
وذكر هذا العرض بالقمة بين الكوريتين في 27 أبريل في المنطقة المنزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة إلى شطرين، وكان ممكناً حضور هذا المشهد النادر، حيث صفَّق لصورة الرئيس الكوري الجنوبي الآلاف من الكوريين الشماليين في استاد الأول من مايو (أيار) في بيونغ يانغ.
وقال مصدر دبلوماسي لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن انتصاراً مماثلاً يمكن أن يحققه كيم ومون خلال هذه الزيارة.
وكانت قمة أبريل في الشطر الجنوبي من قرية بانمونجوم الحدودية، وهي أول لقاء لكبار المسؤولين الكوريين خلال 11 عاماً، حافلةً بالرموز، حتى إن الرئيس الكوري الجنوبي عبر، فترة وجيزة، خط التماس بدعوة من كيم.
لكن المطالبة كبيرة هذه المرة بإحراز تقدُّم ملموس. وكان مون اضطلع بدور أساسي لإتاحة عقد القمة التاريخية في 12 يونيو (حزيران) في سنغافورة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكيم.
وقد تعهد كيم آنذاك بـ«إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي»، وهذا تعبير ملطِّف يخضع لكل التفسيرات. ومنذ ذلك الحين، يحرص الطرفان على اعتماد المعنى الدقيق لهذا الالتزام. ولدى واشنطن وسيول بالتالي مقاربتان مختلفتان بالتالي حيال بيونغ يانغ.
وخلال زيارته إلى الشمال، ما زال مون الذي انتخب وهو يدعو إلى الحوار مع بيونغ يانع، ينوي «الاضطلاع بدور المسهِّل أو الوسيط»، كما قال مستشاره الخاص للشؤون الخارجية مون شونغ إن. وقال إن مون: «يعتقد أن تحسُّن العلاقات بين الكوريتين يجب أن يسهل الحوار بين الشمال والولايات المتحدة وتسوية المسألة النووية الكورية الشمالية».
وألغى ترمب الشهر الماضي، فجأة، زيارة كان سيقوم بها إلى بيونغ يانغ وزير خارجيته مايك بومبيو. وانتقدت كوريا الشمالية أساليب «العصابات» التي يعتمدها الأميركيون متهمة إياهم بأنهم يريدون نزع سلاحهم من جانب واحد، من دون تقديم تنازلات في كل مرحلة ودون تخفيف الضغط أو العقوبات.
وتطالب واشنطن بـ«نزع السلاح النووي بصورة نهائية ويمكن التحقق منها بالكامل»، فيما تريد بيونغ يانع إعلاناً رسمياً من الولايات المتحدة للإشارة إلى نهاية الحرب الكورية.
- مشاريع بين الكوريتين
لكن كيم بعث في الفترة الأخيرة إلى ترمب برسالة يطلب فيها عقد قمة جديدة. ونظم استعراضاً عسكرياً في الذكرى السبعين لإنشاء كوريا الشمالية غابت عنه الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، مما حمل مسؤولي البيت الأبيض على كتابة «تغريدات» ودية حارة.
ويمكن أن يحاول مون إقناع الزعيم الكوري الشمالي بالتعهد شفهياً بتقديم لائحة بالأسلحة النووية الكورية الشمالية، والمرحلة المقبلة يمكن أن تكون قمة في أكتوبر (تشرين الأول) بين كيم وترمب.
ويمكن أن تراوح مسألة نزع السلاح النووي مكانها، لكن الكوريتين توصلتا إلى طرح مشاريع مشتركة. فقد فتح الشمال والجنوب الجمعة مكتب اتصال مشتركاً في قرية كايسونغ الكورية الشمالية.
لكنَّ العقوبات الدولية الكثيرة المفروضة على بيونغ يانغ بسبب برامجها النووية والباليستية تؤدي إلى تعقيد الجهود لإطلاق التعاون عبر الحدود.
إلا أن مون دعا مسؤولي كبرى الشركات في الجنوب، في مقدمهم وارث إمبراطورية سامسونغ لي جاي يونغ ورئيسي مجموعتي «إس كي» و«إل جي» إلى مرافقته إلى بيونغ يانغ.
وقال غو إن «ذلك يبعث إلى الشمال الرسالة التي تفيد أن مصلحته تكمن في الانتهاء سريعاً من موضوع نزع السلاح النووي واختتام المفاوضات مع الولايات المتحدة حتى تنشر كوريا الجنوبية كل إمكانات تعاونها الاقتصادي».