اتحاد الإعلام الرياضي السعودي يضرب «المتعصبين» بيد من حديد

قراراته الأخيرة تهدف إلى {بيئة صحية خالية من التجاوزات}

مجلس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي بدأ في رسم ملامح جديدة للقطاع
مجلس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي بدأ في رسم ملامح جديدة للقطاع
TT

اتحاد الإعلام الرياضي السعودي يضرب «المتعصبين» بيد من حديد

مجلس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي بدأ في رسم ملامح جديدة للقطاع
مجلس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي بدأ في رسم ملامح جديدة للقطاع

بعد سنوات من الجدل والحيرة بشأن كيفية تطبيق الأنظمة والقوانين عليهم، وتقاذف عدة جهات مسؤولية «معاقبتهم»، أنهى الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي إشكالية «الإعلاميين المتجاوزين» وأصدر أول قراراته بتعليق عضوية عدد من «منتسبي الاتحاد الرياضي للإعلاميين» بهدف تنقية الأجواء الرياضية ونبذ التعصب الممقوت والتجاوزات عبر المحطات الفضائية.
وقبل أشهر، تم تكليف الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي «رسميا» بضبط تجاوزات الإعلاميين الرياضيين ومنحه الصلاحيات كافة لإيقاع العقوبات وتطبيق الأنظمة عليهم، وهو ما خلف موجة من الارتياح في الشارع الرياضي، الذي طالما عانى من الأطروحات المتعصبة والمبتذلة دون رادع.
ووفقا للقواعد الإجرائية المنظمة والصادرة مؤخراً، تتولى اللجنة القانونية بالاتحاد السعودي للإعلام الرياضي التي تم اعتمادها مؤخراً، التحقق من المخالفة واتخاذ ما يلزم بشأن تعليق عضوية المخالف بصفة مؤقتة، أو إسقاطها وإحالة المخالفات إلى الجهات المعنية للفصل فيها، وذلك في الحالات التي تستوجب الإحالة، من تجاوزات وإساءة، أو إخلال بالأنظمة وآداب المهنة، سواء أكان ذلك مكتوبا على الصفحات الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي أم في الصحف الورقية والإلكترونية، أم عبر الظهور في المحطات التلفزيونية.
ويتولى فراس الربيعي رئيس اللجنة القانونية في الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي مهمة النظر في المخالفات واتخاذ ما يلزم حيالها، سواء بتعليق عضوية المخالف بشكل مؤقت لحين التحقق من مخالفته، أو إسقاطها بشكل نهائي، وهو ما يمنعه من الظهور عبر المحطات الفضائية والكتابة في الصحف الورقية والإلكترونية، ويحق للربيعي رئيس اللجنة إحالة المخالف للجهات المختصة للنظر في قضيته وذلك في الحالات التي تستدعي ذلك.
وجاء أول قرارات الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي بتعليق عضوية محلل رياضي في إحدى القنوات الرياضية، وعدد من الإعلاميين الرياضيين، بسبب تجاوزتهم التي تكررت في الفترة الأخيرة، ومنعهم من الظهور عبر الوسائل الإعلامية المرئية، أو الكتابة في الصحف الورقية والإلكترونية.
ولا تزال اللجنة القانونية تدرس المخلفات وستصدر قرارها النهائي بالاكتفاء بإسقاط عضويتهم، أو تحويلهم للجهات المختصة، ويعمل اتحاد الإعلام الرياضي على متابعة كل ما يطرح في الشارع الرياضي السعودي من المنتسبين لعضوية الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، ورصد كل المخلفات والتجاوزات في طرحهم الإعلامي.
وكان رجاء الله السلمي وكيل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة للإعلام والعلاقات العامة ورئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، قد أشار في فترة سابقة إلى أن الإعلاميين المتجاوزين لا مكان لهم في الوسط الرياضي، وكتب في صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «من يشوهون الرياضة السعودية ويتخذونها وسيلة للإساءات والتجاوزات، لا مكان لهم في الوسط الرياضي».
ويشدد اتحاد الإعلاميين الرياضيين على أهمية تطوير الكفاءات الإعلامية، سعيا إلى إيجاد إعلام رياضي محترف، يسهم في صناعة بيئة رياضية مكتملة داخل الأندية السعودية، بما يتوافق مع التطلعات ويحقق التميز، وسن عدداً من البنود منذ إعلان إنشائه منتصف هذا العام، ومن أهمها التأكيد على تطبيق التزام وسائل الإعلام المختلفة بقرار الاتحاد المبني على موافقة وزارة الإعلام وهيئة الإعلام المرئي والمسموع القاضي بقصر الظهور الإعلامي والمشاركات الإعلامية في المجال الرياضي على الحاصلين على عضوية الاتحاد وعدم السماح لغير ذلك، اعتبارا من مطلع أغسطس (آب) الماضي.
وإذا صدر من عضو إساءة إعلامية أو تجاوز أو إخلال بالأنظمة أو آداب المهنة، تقوم اللجنة القانونية بالتحقق من المخالفة واتخاذ ما يلزم بشأن تعليق عضوية المخالف بصفة مؤقتة أو إسقاطها، وإحالة المخالفات إلى الجهات المعنية للفصل فيها وذلك في الحالات التي تستدعي ذلك، وفيما يتعلق بالمخالفات ذات الحق الخاص فيمكن للمتضرر التقدم إلى الجهات المعنية، وإشعار الاتحاد بالإجراء الذي تم لاتخاذ ما يلزم.
وأطلق الاتحاد أولى مبادرته للنهوض بالإعلام الرياضي السعودي بإقامة البرنامج التدريبي المكثف لمديري المراكز الإعلامية في أندية الدوري السعودي، وتم من خلاله الاطلاع على أفضل التجارب الإعلامية في الأندية الإنجليزية، وأبرز المهام والمسؤوليات المناطة بالمراكز الإعلامية فيها، واستمر البرنامج خلال الفترة من 15 حتى 19 مارس (آذار) الماضي، وذلك بمدينة مانشستر البريطانية.
وشمل البرنامج التدريبي زيارة ميدانية للمركز الإعلامي بنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، إضافة إلى حضور ورش عمل مع مسؤولي المركز، للاطلاع على آلية العمل والتنظيم الإعلامي، كما حضر الملتحقون بالبرنامج مباراة فريقي مانشستر يونايتد وبرايتون، في دور ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، للوقوف على التنظيم الإعلامي خلال سير المباراة.
ووسع الاتحاد من خطواته الحثيثة نحو بيئة إعلامية رياضية مثالية بالدورة التأهيلية المكثفة للإعلاميين المشاركين في تغطية كأس العالم 2018 في روسيا، والتي استمرت لمدة 3 أيام بتنظيم الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، ونفذها مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية، وتركزت الدورة على عدة جوانب أكاديمية تعليمية مختصة في اللغة الروسية، والتعرف على الثقافة الروسية والجوانب الاجتماعية، إضافة إلى تقديم نبذة كاملة عن المدن التي ستستضيف مباريات المنتخب السعودي، مثل موسكو وروستوف وفولغا غراد، وكيفية التنقل بين المدن، والاطلاع على عمل المؤسسات الرياضية واللجان المكلفة بتنظيم كأس العالم.
وحاضر في الدورة الدكتور ماجد التركي رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية، والدكتور فاسيلي كيسلوف الخبير في المركز وأستاذ اللغة الروسية، والدكتور مرتضى سيد عمروف المدير الأكاديمي بمركز الإعلام والدراسات العربية الروسية، وعبد الله الشهري المستشار الإعلامي للمركز.
كما شارك وفد من اتحاد الإعلام الرياضي في الكونغرس الدولي للصحافة والذي انعقد في بروكسل العاصمة البلجيكية، بمشاركة وفد من الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، وشهدت أعمال الكونغرس مجموعة من البرامج وورش العمل التي ناقشت كيفية تطوير الإعلام الرياضي في العالم، وأبرز المعوقات التي تواجه رجالات الإعلام وماهية السبل والطرق التي يمكن خلالها تطوير هذا الجانب بشكل أكبر، كما قدم الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي عرضا مرئيا يحكي قصة تأسيس الاتحاد وأبرز نشاطاته ومبادراته خلال الفترة القصيرة الماضية، إضافة إلى تقديم نبذة عن مراحل تطور الإعلام الرياضي في المملكة وأبرز الخطط التي يسعى لها الاتحاد لتطوير الجوانب الإعلامية وتقديم الدعم اللازم للإعلاميين.
ولم ينس القائمون على الاتحاد أهمية مواكبة التطور السريع، وعقد الاتحاد دورة في معهد إعداد القادة في العاصمة السعودية الرياض، لتدريب المهتمين في تصميم الأنفوغرافيك، لمدة 3 أيام على أيدي مختصين، لصقل وتطوير مهارات الشباب السعودي في هذا المجال الذي بات من أهم الوسائل الإعلامية لإيصال المعلومة بشكل سريع للمتلقي، وحصل المتدربون على شهادات من قبل الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي.
مهام الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي لا تقتصر على متابعة المسيئين للمهنة عبر تجاوزاتهم وطرحهم غير المقبول، بل يكمن دوره الرئيسي في توعية الإعلاميين وعقد ورش العمل والدورات والندوات، لصناعة جيل من الإعلاميين الرياضيين القادرين على مواكبة التطور السريع الذي تشهده الرياضة السعودية في المرحلة الأخيرة، بعد الدعم المالي الضخم من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومن تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، واهتمام رجاء الله السلمي رئيس إدارة الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي، لإيجاد بيئة إعلامية جاذبة للجميع، بإيقاف كل من يشوه الصورة الجميلة للرياضة السعودية بالإساءة للآخرين عبر المنابر الإعلامية.



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.