واشنطن تجدد تهديدها بوقف تمويل اتفاقيات سلام جنوب السودان

اشترطت التزام الأطراف المتنازعة بإنهاء القتال

رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار في مصافحة قبل توقيع اتفاق السلام في أديس أبابا الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار في مصافحة قبل توقيع اتفاق السلام في أديس أبابا الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تجدد تهديدها بوقف تمويل اتفاقيات سلام جنوب السودان

رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار في مصافحة قبل توقيع اتفاق السلام في أديس أبابا الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار في مصافحة قبل توقيع اتفاق السلام في أديس أبابا الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

جدَّدَت الولايات المتحدة تأكيدها أنها لن تموِّل اتفاقيات السلام التي قالت إنه يتم انتهاكها مراراً وتكراراً من قبل الأطراف المتنازعة في جنوب السودان، وشدَّدت على ضرورة أن تظهر الأطراف التزاماً حقيقياً بإنهاء العنف، فيما أعرب مسؤول في جوبا عن شكوك حكومته في نزاهة مراقبة المجتمع الدولي لجميع الأطراف في تنفيذ الاتفاق.
وقال السفير الأميركي لدى جنوب السودان توماس حوتشيك لإذاعة «صوت أميركا» إن واشنطن «لن تستمر في تمويل اتفاقيات السلام التي يتم انتهاكها من قبل أطراف الحرب الأهلية التي دخلت عامها الخامس في جنوب السودان».
وأضاف أن الحكومة والمتمردين الذين وقعوا اتفاق تنشيط السلام الأربعاء الماضي «عليهم أن يظهروا التزاماً حقيقياً بإنهاء العنف والسماح بوصول العاملين في المجال الإنساني دون قيود، والإفراج عن جميع السجناء السياسيين».
وكانت دول «ترويكا»، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، قد أصدرت بياناً بعد توقيع أطراف جنوب السودان على اتفاق تنشيط السلام، عبّروا فيه عن مخاوفهم بشأن تنفيذ الاتفاق والتزام الأطراف بوقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية، دون قيود.
وقال حوتشيك إن هناك تغييراً ملحوظاً طرأ في الفترة الماضية، عندما تم توقيع اتفاقيات السلام ثم انتهاكها في غضون ساعات، مؤكداً أنه قد «حان الوقت لبدء بناء السلام، لكننا لا نزال نرى بعض القتال المستمر في ولاية واو رغم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، كما أن هناك بعض المناطق التي لا يزال طرفا الصراع يعيقان وصول المساعدات الإنسانية إليها... ومثل هذه الأشياء هي التي تهمنا».
وشدد حوتشيك على أن حكومة الرئيس سلفا كير يجب أن تفرج عن جميع السجناء السياسيين فوراً وأن تسمح بحرية التعبير، قائلاً إن «قادة المجتمع المدني في جنوب السودان يعملون في بيئة مكبوتة». وأعرب السفير الأميركي لدى جوبا عن قلق بلاده في استمرار اعتقال نشطاء المجتمع المدني بسبب آرائهم السياسية أو الضغط عليهم واستخدام وسائل القمع الأخرى ضدهم. وقال إن «هذا يؤدي في الواقع إلى مجتمع مدني غير صحي... مجتمع مدني خائف من التحدث عن آرائه»، وأضاف: «إذا حدث ذلك فلن يثق الناس في التزام حكومتهم بعملية السلام».
وكانت الولايات المتحدة قد قدمت أمولاً لدعم آلية الترتيبات الأمنية الانتقالية لرصد وقف إطلاق النار وعمل لجنة الرصد والتقييم المشتركة. غير أن حوتشيك قال إن بلاده ستكون أكثر حذراً في الوقت الحالي بشأن إرسال المساعدات المالية إلى جوبا، موضحاً أن «هذه الآليات لم تعمل بشكل جيد، والسبب في عدم نجاحها هو أن أطراف الاتفاق دمروه تقريباً منذ البداية».
وشدّد على أن بلاده لا يمكنها أن تستمر في دعم الاتفاقيات المعطلة، قائلاً: «إذا أثبتت هذه الاتفاقية أنها قابلة للتنفيذ - فأعتقد أننا سنتمكن من رؤية ذلك - وسيتعين على أطراف النزاع إثبات التزامها، والعالم سيلتزم معهم».
وكانت أطراف النزاع في جنوب السودان قد وقعت اتفاق السلام النهائي في أديس أبابا الأربعاء الماضي، بعد مفاوضات مطوّلة في كل من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والخرطوم. وبموجب هذه الصفقة بدأت فترة ما قبل الانتقالية التي مدتها ثمانية أشهر فور التوقيع على الاتفاقية، ومن المفتَرَض أن يتم تشكيل حكومة انتقالية تضم زعيم المتمردين رياك مشار الذي أُعيد تعيينه في منصبه نائباً أول للرئيس حتى نهاية الفترة الانتقالية (مدتها) شهراً على أن تجري انتخابات في نهايتها.
من جانبه، قال وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مايكل مكواي، إن حكومته ملتزمة بتنفيذ اتفاق تنشيط السلام لكنها تشكك في جهود المجتمع الدولي في مراقبة أعمال جميع الأطراف التي وقعت على الاتفاق. وأضاف: «لا توجد آلية يمكن بواسطتها قياس التزام أي شخص، لكن يمكن رؤية ذلك من خلال الأفعال وحدها، وناشد المجتمع الدولي بتقديم الدعم المالي لتنفيذ اتفاق تنشيط السلام»، وقال: «إذا كانوا يريدون تنفيذ الاتفاق فمن المفترض أن ينضموا إلينا في تنفيذ السلام حتى نعمل جميعاً مع بعضنا البعض، وعليهم أن يدعموا الاتفاقية بالتمويل اللازم».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.