القضاء اللبناني يتحرك ضد إعلامي تعرض لأمير الكويت على قناة «المنار»

استنكار سياسي واسع وتشديد على العلاقات التاريخية بين البلدين

الحريري مستقبلاً السفير الكويتي (دالاتي ونهرا)
الحريري مستقبلاً السفير الكويتي (دالاتي ونهرا)
TT

القضاء اللبناني يتحرك ضد إعلامي تعرض لأمير الكويت على قناة «المنار»

الحريري مستقبلاً السفير الكويتي (دالاتي ونهرا)
الحريري مستقبلاً السفير الكويتي (دالاتي ونهرا)

شهد لبنان أمس حملة تضامن كبيرة مع الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد جابر الصباح بعد تعرض أحد الإعلاميين المقربين من «حزب الله» للأمير خلال استضافته عبر قناة «المنار» التابعة للحزب. وتحرك القضاء سريعاً، إذ كلّف النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود قسم المباحث الجنائية المركزية تفريغ مضمون المقابلة التي أجراها الإعلامي سالم زهران على قناة «المنار» وذلك تمهيدا لإجراء المقتضى القانوني.
وأكد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري رفضه «أي تطاول على الكويت وأميرها الذي نكن له كل احترام وتقدير ونحفظ له في قلوبنا مكانة خاصة لما له من تاريخ مشرف في الوقوف إلى جانب اللبنانيين في السراء والضراء»، مشددا خلال استقباله سفير الكويت لدى لبنان عبد العال القناعي أمس، على أن «ما حصل على إحدى الشاشات هو كلام خارج المناخ الوطني اللبناني المجمع على أفضل العلاقات مع الكويت وسائر الإخوة العرب». وأضاف: «في جميع الأحوال أن القضاء اللبناني يحقق في الأمر لتطبيق القانون الذي يحمي الجميع وبالتالي مصلحة لبنان واللبنانيين».
وأشار السفير الكويتي إلى أن «علاقة الكويت بلبنان هي علاقة تاريخية متجذرة لا يمكن أن تتأثر بهذه الصغائر التي بات معروف الهدف من ورائها». واعتبر أن «المدعي هو شخص تابع لمتبوع، وكلما تأزم المتبوع أوحى إلى تابعه بالنفخ في العلاقات العربية –العربية». وأضاف: «لكن أود أن أؤكد للجميع أنه لا يمكن لهؤلاء المدعين والمتحزلقين أن يؤثروا في هذه العلاقة الراسخة التي بنيت على قواعد وأصول سليمة».
وأوضح السفير الكويتي أنه أثار هذا الموضوع مع الرئيس الحريري الذي «أعرب عن استنكاره واستيائه الشديد لهذا الأمر، ووعد باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة لردع هذا الشخص عن ادعائه».
وأصدرت هيئة شؤون الإعلام في «تيار المستقبل» بياناً استنكرت فيه «فتح إحدى الشاشات التلفزيونية الهواء لإعلامي من خريجي المخابرات السورية، كي يتولى تحقير دولة الكويت وأميرها ويتناول المملكة العربية السعودية بصفات على قياس أفكاره وأخلاقه». ووضعت الهيئة «هذا التهجم الأرعن، في عهدة القضاء اللبناني، الذي لا يصح أن يتخلف عن وضع حدٍ لألسنة السوء والمتلاعبين بمصير العلاقات اللبنانية – العربية».
وكانت وزارة الإعلام الكویتیة أعربت الجمعة عن «استنكارها واستهجانها الشدیدین للتطاول والادعاء الذي جاء على لسان أحد الإعلامیین في لقاء على قناة المنار اللبنانیة حول لقاء أمیر البلاد الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح والرئیس الأميركي دونالد ترمب، والذي جرى مؤخرا بالولایات المتحدة». وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الكويتية، قالت وزارة الإعلام الكويتية إن «ما أورده هذا الإعلامي یمثل افتراء وادعاء وتزییفا للحقائق وتضلیلا للرأي العام بادعاءات صاغها بعیداً عن الواقع تشمل إساءات تكشف عن نوایا شریرة ومقاصد خبیثة لن تنال من العلاقات الأخویة والتاریخیة بین لبنان والكویت ولن تعكر صفو هذه العلاقات أبدا».
وأعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن رفضه أي إساءة إلى الكويت وأميرها، وقال في بيان: «الإساءة للكويت وأميرها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مرفوضة ومدانة بكل المقاييس. وسيحفظ اللبنانيون على الدوام للكويت، أميراً وشعباً وحكومةً ومجلس أمة، أياديهم البيضاء التي امتدت للبنان في أيام الشدة والرخاء، ولن نسمح بأن يعكر صفو علاقة تاريخية وأخوية بين بلدين جمعهما ويجمعهما فعل الخير والمحبة والثقة، ولا أن يفرقهما شيء».
واعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق ان أمير الكويت هو «كبير الحكماء العرب»، وقال: «لا ننسى دوره التاريخي في مساعدة لبنان» ورأى ان، «التعرّض له برواية غير موثّقة هو تعرّض لكل اللبنانيين الذين ليس لديهم إلا التقدير الكبير له». كذلك استنكرت قوى لبنانية عدة ومن بينها حزبا «القوات اللبنانية» و»التقدمي الاشتراكي» التعرض لامير الكويت.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.