ترقب لقاء بوتين وإردوغان غداً.. ولافروف يؤكد مواصلة التنسيق مع أنقرة

برلين تشكك في بقاء الأسد في السلطة مع بدء العملية السياسية

وزيرا خارجية روسيا وألمانيا لدى لقائهما أول من أمس في برلين (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية روسيا وألمانيا لدى لقائهما أول من أمس في برلين (أ.ف.ب)
TT

ترقب لقاء بوتين وإردوغان غداً.. ولافروف يؤكد مواصلة التنسيق مع أنقرة

وزيرا خارجية روسيا وألمانيا لدى لقائهما أول من أمس في برلين (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية روسيا وألمانيا لدى لقائهما أول من أمس في برلين (أ.ف.ب)

فشل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تقريب وجهات النظر مع ألمانيا حول ضرورة عدم مشاركة برلين في عملية عسكرية غربية محتملة في سوريا. وبعد لقاء مع نظيره الألماني هايكو ماس، أول من أمس، بدا التباين واسعاً في مواقف الجانبين حيال الملف السوري، وخصوصا حيال احتمال شن عملية عسكرية للنظام على إدلب. يأتي ذلك في وقت رجحت فيه أوساط روسية أن يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه نظيره التركي رجب طيب إردوغان غدا الاثنين في سوتشي، إلى إقناعه بعملية عسكرية محدودة ودقيقة.
وكانت أوساط روسية ذكرت أن زيارة لافروف المفاجئة إلى برلين هدفت إلى إقناع الجانب الألماني بضرورة عدم تأييد حملة غربية محتملة، ومحاولة تقريب المواقف لجهة دعم ألمانيا المبادرة الروسية لإعادة اللاجئين، ما يعني دعم عمليات إعادة الإعمار وعدم ربط هذا الملف بالتسوية السياسية في سوريا. لكن تصريحات الوزيرين في مؤتمر صحافي مشترك عكست اتساع هوة التباين في المواقف.
وسعى لافروف للدفاع عن مواقف بلاده حيال الغارات المتواصلة على مواقع في إدلب، وقال إن روسيا «تلتزم بقواعد القانون الإنساني الدولي عند إجراء عملياتها في سوريا» في رد على سؤال الصحافيين حول استهداف مدنيين والقيام بعمليات يمكن وصفها بأنها جرائم حرب.
ولفت لافروف إلى أن موسكو تسعى إلى تنسيق المواقف مع أنقرة لفتح ممرات إنسانية في إدلب. وأكد أن «روسيا تعمل مع السلطات التركية لحل الوضع في إدلب استنادا إلى اتفاق خفض التصعيد، بما في ذلك فتح ممرات إنسانية في المنطقة». موضحا أن الطرفين يعملان على إبرام اتفاقات مصالحة محلية بين فصائل المعارضة المعتدلة والقوات الحكومية، ونسهم في إنشاء ممرات إنسانية ومناطق آمنة للمدنيين». ووصف تركيا بأنها تقوم بعمل «بناء» في الاتجاه.
لكن وزير الخارجية الألماني شدد على مواقف بلاده في المقابل، وقال إن برلين ستعارض إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في إدلب، نظراً إلى وجود خطر على حياة المدنيين حال بدأت. وأشار ماس إلى اختلاف موقفي روسيا وألمانيا حيال إعادة إعمار سوريا، مضيفا أن إعادة الإعمار لن تكون ممكنة إلا إذا كانت هناك «عملية سياسية واضحة» في البلاد تحت رعاية الأمم المتحدة.
وشكك الوزير الألماني في احتمال بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة مع بدء العملية السياسية في سوريا بالقول: «في إطار هذه العملية سيتم تشكيل لجنة دستورية كي تبدأ لاحقا العملية الديمقراطية التي سيحدد جميع السوريين دون استثناء من خلالها مستقبل بلادهم. وأشك في أن يفتتح أفق طويل الأمد أمام الأسد في نهاية تلك العملية إن كانت ديمقراطية فعلا».
إلى ذلك، رجحت أوساط روسية أن يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه نظيره التركي رجب طيب إردوغان غدا الاثنين في سوتشي، إلى إقناعه بأنه «في حال فشلت مساعي الحل السياسي وتشجيع المصالحات، لن يكون ثمة بديل عن إطلاق عملية عسكرية محدودة ودقيقة»، لتحييد «الجزء الأكبر من الخطر الإرهابي في إدلب»، وفقا لمصدر دبلوماسي روسي تحدث أمس إلى وسائل إعلام.
وأفاد المصدر أن موسكو لا تمانع في منح أنقرة مهلة إضافية لتنفيذ تعهداتها في ملف فصل المعارضة المعتدلة عن المتشددين، برغم أنها ترى أن «هذه المهمة ستكون صعبة» لأن الجزء الأكبر من المتشددين سوف يسعون إلى مواصلة التصعيد ما يستدعي ردا عسكريا من جانب السلطات السورية. مشيرا إلى أن بوتين قد يمنح إردوغان ضمانات بأن الحديث لا يدور عن عملية عسكرية واسعة النطاق، وأن إدلب لن تتعرض لمحاولة اقتحام من جانب القوات النظامية.
ولفت الدبلوماسي الروسي إلى أن فكرة الممرات الإنسانية التي دعت إليها موسكو يمكن أن تشكل مدخلا مناسبا لتقريب وجهات النظر مع الجانب التركي الذي دعا في وقت سابق إلى إعلان هدنة في إدلب. مشيرا إلى أن «فتح الممرات بالتوافق بين موسكو وأنقرة سيعني التزاما كاملا بوقف النار، مع الاحتفاظ بحق الرد على محاولات استفزازية يمكن أن يشنها متشددون».
مرجحا أن تكون النتيجة الأساسية لقمة بوتين وإردوغان إعلان الاتفاق على فتح ممرات إنسانية، ما يعني الاستجابة للطلب التركي بتوفير فترة هدنة لإتمام عملية تسوية الوضع في إدلب سياسياً وتجنب السيناريو العسكري في المحصلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.