هجوم كردي على سفارة طهران في باريس يعكّر العلاقات الفرنسية ـ الإيرانية

شرطيون فرنسيون أمام السفارة الإيرانية في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
شرطيون فرنسيون أمام السفارة الإيرانية في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

هجوم كردي على سفارة طهران في باريس يعكّر العلاقات الفرنسية ـ الإيرانية

شرطيون فرنسيون أمام السفارة الإيرانية في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
شرطيون فرنسيون أمام السفارة الإيرانية في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)

أصيبت العلاقات الفرنسية - الإيرانية بهزة جديدة، بعد اتهامات طهران للسلطات الفرنسية بالتقصير في حماية سفارتها في باريس من «الهجوم» الذي استهدفها مساء أول من أمس (الجمعة)، وقامت به مجموعة من المتظاهرين الأكراد المحتجين على إعدام 3 أكراد في إيران قبل أيام وعلى عملية قصف صاروخي ضربت موقعاً للحزب الديمقراطي الكردي الإيراني شمال العراق أوقعت كثيراً من القتلى.
وتأتي هذه المسألة الجديدة لتزيد من التوتر الكامن بين العاصمتين اللتين عرفتا نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي هبة ساخنة عندما كشف النقاب عن مذكرة رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الفرنسية تطلب من الدبلوماسيين والرسميين الفرنسيين تأجيل زياراتهم إلى إيران بسبب ما اعتبرته من وجود «تهديدات» على الفرنسيين والمصالح الفرنسية في هذا البلد.
وفي الذاكرة الفرنسية محاولة الاعتداء الإرهابي المنسوبة لطهران على تجمع للمعارضة الإيرانية ممثلة بـ«مجاهدي خلق» حصلت أوائل يونيو (حزيران) الماضي في ضاحية فيلبانت، الواقعة شمال العاصمة باريس. واستبقت الأجهزة الأمنية الأوروبية (البلجيكية والفرنسية والألمانية) المحاولة بالقبض على 6 أشخاص منهم 3 في ضاحية فرنسية. وعمدت باريس في يوليو (تموز) إلى تسليم أحد المقبوض عليهم إلى السلطات البلجيكية فيما أخلي سبيل الاثنين الآخرين. وكانت طهران ردت على هذه الاتهامات بنسبتها إلى معارضين إيرانيين، كما أنها «احتجت» على المذكرة الفرنسية معتبرة أن «لا شيء يبررها».
بيد أن التأزم المستجد بين باريس وطهران لا يمكن استيعابه من غير رؤية خلفيته السياسية المرتبطة بالملف النووي الإيراني والعقوبات الأميركية ومحاولات الدول الأوروبية الثلاث المعنية به مباشرة (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) لإنقاذه. ولم «تهضم» طهران أخيراً تصريحات وزير الخارجية الفرنسي دان إيف لو دريان الذي شدد على أن «لا مفر» لطهران من الدخول في مفاوضات موسعة تشمل برنامجها النووي لما بعد عام 2015 وبرامجها الصاروخية الباليستية وسياستها الإقليمية «المزعزعة للاستقرار»، وفق كلام لو دريان. وجاء رد طهران عنيفاً على تصريحات الوزير الفرنسي وقد اتهمت الأوروبيين بأنهم «لا يقومون بكل ما هو ممكن» لتمكين إيران من الاستمرار في تصدير نفطها والبقاء داخل الدورة المالية الدولية، وهما شرطان لاستمرارها داخل الاتفاق المذكور. ثم إن إيران تأخذ على فرنسا حمايتها تنظيماً إرهابياً ينشط على أراضيها، في إشارة لـ«مجاهدي خلق» الذي يتحرك بحرية على الأراضي الفرنسية ويعقد المؤتمرات والتجمعات ويصدر النشرات والبيانات. وأكثر من مرة، طالب الجانب الإيراني السلطات الفرنسية بوضع حد لوجود هذه المجموعة التي كانت سابقاً على اللائحة الأوروبية للتنظيمات الإرهابية قبل أن ترفع عنها في عام 2011.
هذه التراكمات تفسر ردة الفعل الإيرانية القوية على ما حصل مساء الجمعة، حيث هاجمت مجموعة من الأكراد مقر السفارة الإيرانية القائم في «جادة إينا» في الدائرة 16 في باريس قريباً من برج إيفل. وبحسب ما جاء في بيان لوكالة أنباء الإذاعة والتلفزيون الإيراني، فإن هذه المجموعة من المتظاهرين تنتمي إلى حزب «كوملة» المعارض الذي هو بمثابة الجناح الكردستاني للحزب الشيوعي الإيراني الذي أعدمت السلطات أخيراً 3 من نشطائه شنقاً؛ وهم، وفق الموقع الرسمي لـ«كوملة»، زينار ولقمان مرادي ورامين حسن. وتعتبر طهران «كوملة» مجموعة إرهابية. وأكدت الوكالة أن مسؤولي السفارة أبلغوا الشرطة الفرنسية سلفاً بحصول المظاهرة وطالبوا بتوفير الحماية، لكن الشرطة تأخرت بالوصول. كما أن السفارة تزعم أن المتظاهرين حاولوا اقتحامها، لكنهم لم ينجحوا في ذلك فرموا الحجارة والقناني الزجاجية التي هشمت بعض زجاج المبنى وكتبوا شعارات معادية للنظام على الحائط الخارجي. وذكرت وكالة فارس للأنباء أن نحو 15 ناشطاً كردياً أحرقوا العلم الإيراني أمام السفارة خلال الواقعة، وهشموا بعض النوافذ بالحجارة. كما أفادت الوكالة بأنهم قذفوا أسطوانات إطفاء للحرائق وأجهزة كومبيوتر على البوابة، لكن لم يتمكنوا من دخول أرض السفارة.
إزاء هذا الواقع كما تصفه المصادر الإيرانية، فإن الناطق باسم الخارجية في طهران بهرام قاسمي رمى المسؤولية على الشرطة الفرنسية. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء يوم السبت عنه قوله: «يجب أن تتخذ الحكومة الفرنسية كل الإجراءات اللازمة لحماية البعثات الدبلوماسية الإيرانية في هذا البلد»، مضيفاً: «لسوء الحظ لم تصل الشرطة الفرنسية إلى المكان كما كان متوقعاً في الوقت المناسب رغم أن المهاجمين أعضاء في منظمة إرهابية». لكن اللافت أن قاسمي نفسه اعترف بأن هذه الشرطة التي شكا غيابها «ألقت القبض على كثير من المهاجمين بعد إجراء عدة متابعات لأمر الاعتداء، كما ستتم محاكمتهم وإعلان النتائج من قبل السلطات المختصة».
وسعت «الشرق الأوسط» للحصول على تعليق أو رد من الخارجية الفرنسية أو من شرطة باريس على الحادثة، لكن دون جدوى. وكان لافتاً أن الوسائل الإعلامية الفرنسية لم تهتم كثيراً بهذا الخبر بما في ذلك القنوات الإخبارية. وأمس، كان الوضع هادئاً في محيط السفارة، حيث لوحظ وجود أفراد من الشرطة أمام بوابتها الرئيسية. وفي السابق، لم يكن يتوافر للسفارة حضور أمني ثابت، بل كان التعويل على الدوريات التي تتنقل في الحي.



إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
TT

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)
إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد قبل أسبوع، وذلك وسط إجراءات عسكرية إسرائيلية لمواجهة مثل هذه التهديدات.

ووفقاً لبيان، قال كاتس لمسؤولين يدققون في ميزانية إسرائيل الدفاعية: «المخاطر المباشرة التي تواجه البلاد لم تختفِ، والتطورات الحديثة في سوريا تزيد من قوة التهديد، على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدّعيها زعماء المعارضة».

وأمس (السبت)، قال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، الذي يوصف بأنه الزعيم الفعلي لسوريا حالياً، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سوريا، لكنه ليس مهتماً بالانخراط في صراعات جديدة في الوقت الذي تركز فيه البلاد على إعادة الإعمار.

ويقود الشرع، المعروف باسم أبو محمد الجولاني، «هيئة تحرير الشام» الإسلامية، التي قادت فصائل مسلحة أطاحت بالأسد من السلطة، يوم الأحد الماضي، منهيةً حكم العائلة الذي استمرّ 5 عقود من الزمن.

ومنذ ذلك الحين، توغّلت إسرائيل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا أُقيمت بعد حرب عام 1973، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور.

كما نفَّذت إسرائيل، التي قالت إنها لا تنوي البقاء هناك، وتصف التوغل في الأراضي السورية بأنه «إجراء محدود ومؤقت لضمان أمن الحدود»، مئات الضربات على مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا.

وقالت إنها تدمر الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية لمنع استخدامها من قبل جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالأسد من السلطة، وبعضها نشأ من رحم جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» و«داعش».

وندَّدت دول عربية عدة، بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن، بما وصفته باستيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة في هضبة الجولان.

وقال الشرع في مقابلة نُشرت على موقع «تلفزيون سوريا»، وهي قناة مؤيدة للمعارضة، إن الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة. وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة هي إعادة البناء والاستقرار، وليس الانجرار إلى صراعات قد تؤدي إلى مزيد من الدمار.

وذكر أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار «بعيداً عن أي مغامرات عسكرية غير محسوبة».