جنرال إسرائيلي يطالب بلجنة تحقيق «لأننا لسنا مستعدين فعلاً للحرب»

TT

جنرال إسرائيلي يطالب بلجنة تحقيق «لأننا لسنا مستعدين فعلاً للحرب»

بعد أقل من أسبوعين على إعلان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت أن جيشه على أتم الاستعداد لمواجهات حربية في كل الجبهات، دعا مفوض شكاوى الجنود في الجيش نفسه، يتسحاق بريك، بشكل غير مسبوق، إلى «تعيين لجنة تحقيق من خارج الجيش، برئاسة قاض متقاعد من المحكمة العليا، كي تدقق في مدى جاهزية الجيش للحرب».
وأعد بريك وثيقة كشف النقاب عنها، أمس الجمعة، وكان قد أرسلها إلى كل من وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ورئيس الأركان نفسه، آيزنكوت، وجميع ضباط الجيش ممن يحملون برتبة لواء وأعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وقال فيها إن الجيش ليس جاهزاً للحرب. وتم تصنيف رسالة بريك بأنها «سرية للغاية». وهي تحتوي على أكثر من 200 صفحة، وتشمل اقتباسات واسعة لمحادثات أجراها بريك مع ضباط برتب مختلفة في ذراع البرية، تحدثوا عن فجوات عميقة في مستوى التدريبات والعناية بالعتاد القتالي.
وتبين، أمس، أن دعوة بريك لتشكيل لجنة تحقيق، تأتي على خلفية التناقض الظاهر بين الوثيقة التي أعدها وبين قيادة الجيش الإسرائيلي، في أعقاب تقرير آيزنكوت المذكور، الذي أصدره في مطلع الشهر الحالي وقال فيه إن «الجيش الإسرائيلي جاهز بمستوى عالٍ للحرب». وعلى إثر ذلك عقد بريك مؤتمراً صحافياً وجّه فيه انتقادات حول جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، وقال إن ما يسمعه من آيزنكوت يتناقض مع ما يسمعه من شكاوى الجمهور. وقد لمح بريك إلى أن انتقاداته تتعلق بالتدريبات العسكرية والتأهيل والعناية بالأسلحة في وحدات ذراع البرية. وقد تحدث بريك أيضاً عن «وجود أزمة خطيرة من شأنها أن تنعكس على قدرة الجيش كله، وخاصة الوحدات البرية، من حيث أداؤها أثناء الحرب».
يشار إلى أنه في أعقاب الوثيقة التي قدمها بريك في البداية، كانت ردود فعل قيادة الجيش الإسرائيلي شديدة ورفضت معظم ادعاءات بريك. وأعلن آيزنكوت في الكنيست، في مناسبتين، أن الجيش جاهز للحرب. وفي خطوة وُصفت بأنها غير مألوفة، بعث آيزنكوت رسالة مفصلة إلى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (كابينيت) ولجنة الخارجية والأمن، تعهد فيها بأن الجيش الإسرائيلي في حالة جاهزية بمستوى عال للحرب. واحتوت رسالة آيزنكوت على تطرق منفصل بما يتعلق بجاهزية الجيش كله وقدرات شُعَبه وأذرعه، ووقع على هذا التقرير ضباط برتبة لواء بحسب الوحدات العسكرية التي يقودها.
واعتبر المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، مطالبة بريك بتشكيل لجنة التحقيق أنها ليست غير مسبوقة فقط، وإنما هي تعكس أمرين: الأمر الأول هو وجود قلق عميق من وضع القوات البرية، والأمر الثاني هو انعدام الثقة المتزايد في قدرة الجيش الإسرائيلي على فحص نفسه وتصحيح الأخطاء والإخفاقات. كذلك فإنه بعد دخول لجنة الخارجية والأمن إلى صورة الوضع هذه، أصبحت هناك تبعات سياسية لادعاءات بريك.
وتوقع هرئيل من ليبرمان، المسؤول عن الجيش وعن بريك أيضاً، أنه سيضطر إلى التطرق إلى الخلاف بين بريك وآيزنكوت حول جاهزية الجيش للحرب، بعد أن صمت طوال الفترة الماضية. وفي هذه الأثناء، طالب عضو الكنيست موطي يوغيف، من حزب «البيت اليهودي»، رئيس لجنة الخارجية والأمن، آفي ديختر، بعقد اجتماع للجنة بأسرع وقت من أجل بحث تقرير بريك.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.