معرض للفنون التشكيلية في السليمانية يجمع فنانين عرباً وأكراداً

120 لوحة تشكيلية تدور حول مفاهيم المحبة والتعاطف والتعايش

لوحتان معروضتان في معرض السليمانية («الشرق الأوسط»)
لوحتان معروضتان في معرض السليمانية («الشرق الأوسط»)
TT

معرض للفنون التشكيلية في السليمانية يجمع فنانين عرباً وأكراداً

لوحتان معروضتان في معرض السليمانية («الشرق الأوسط»)
لوحتان معروضتان في معرض السليمانية («الشرق الأوسط»)

على مدى أسبوع تحتضن مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، معرضاً للفنون التشكيلية، يعتبر الأول من نوعه على مستوى العراق منذ أكثر من 15 عاماً، من حيث المضمون والمعنى، بمشاركة 82 فناناً تشكيلياً، نصفهم من محافظات العراق الوسطى والجنوبية كافة.
المعرض الذي سمي «لنبقى معاً» يضم أكثر من 120 لوحة تشكيلية رسمت بمختلف الأساليب والأدوات، تجسد بمجملها مشاهد وتعبيرات تدور حول مفاهيم المحبة والتعاطف والتعايش بين مكونات الشعب العراقي من أقصى البلاد إلى أقصاها. ويقام المعرض برعاية جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، بالتعاون مع إدارة صالة «زاموا» الفنية الشهيرة في السليمانية، وبدعم وتمويل من نخبة من رموز الفن والثقافة في العراق.
ويتراءى لمن يتفقد لوحات المعرض، أن الفنانين العراقيين المشاركين قد أبدعوا حد العبقرية في ترجمة مشاعر مودتهم للمتلقين في إقليم كردستان، بمزج ألوان تعكس صفاء النوايا، ومدى الرغبة في التعايش، تحت خيمة البلاد الموحدة.
ويقول دلشاد بهاء الدين، مدير صالة «زاموا»، «اتفقنا على تنظيم هذا المعرض سنوياً، في إحدى محافظات العراق، سعياً منا لتكريس مفهوم التعايش والشراكة في الحياة والوطن، والمضي معاً حتى النهاية، ورغم أن المعرض هو المحاولة أو التجربة الأولى مع أشقائنا في العراق، إلا أنه كان ذا وقع وأثر عميقين في نفوسنا جميعاً، نظراً للمعاني والأهداف السامية والنبيلة التي يقام من أجلها».
وأضاف بهاء الدين لـ«الشرق الأوسط»، أن جمعية التشكيليين العراقيين ستنظم معرضاً للفنانين الكرد في العاصمة بغداد، في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لتعزيز أواصر التواصل والتعاون والتبادل الثقافي بين فناني العراق من مختلف المحافظات.
وأشار إلى أن هناك ضوابط وشروطاً عديدة، وضعت لقبول لوحات الفنانين الذين يشاركون في هذا المعرض، أو في ذلك الذي يقام في بغداد بعد شهرين، أبرزها أن الفنان المشارك ينبغي أن يمثل نفسه، وأن يكون من ذوي الخبرة والتاريخ الفني، وألا تكون لوحاته قد عرضت في معارض سابقة.
كذلك حمل الفنانون العراقيون، عبر لوحاتهم، رسائل عديدة عبرت في مضامينها عن المعاني والمشاعر الإنسانية التي تكتنزها ذاكرتهم، إزاء أخوتهم وشركائهم في الوطن والمصير.
ويؤكد الفنان التشكيلي البغدادي المعروف ناصر الربيعي (53 عاماً)، أنه وزملاءه الفنانين المشاركين، انبهروا كثيراً بالمستوى والرقي الذي بلغه الفن التشكيلي في إقليم كردستان، والذي تجسد من خلال اللوحات المعروضة، التي وصفها بالتحف الثمينة.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «عندما اتفقنا على تسمية المعرض باسم (التعايش)، أردنا أن نعبر معاً كفنانين عراقيين كرداً وعرباً، عن إرادتنا الموحدة، وأن نوحي للمتلقي في إقليم كردستان بأننا معاً في سفينة الفن والإبداع الثقافي والفني، وأننا نبحر لتحقيق غايات جمالية ترمي للوصول إلى تكريس مفاهيم السلام والتعايش الاجتماعي والمحبة بين أبناء الوطن، وهي من المهام النبيلة الملقاة على عاتق الفنانين، وسيكون هذا المعرض نواة حقيقة لبلوغ تلك الغايات السامية».



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».