تشكيلي مصري يعكس بلوحاته بيئته الصحراوية

من البيئة الصحراوية التي يعيش فيها منذ عقود، طوّع الفنان التشكيلي المصري، أحمد وهبة، بعض الخامات الطبيعية لممارسة هواية الرسم عليها، إضافة إلى تصوير الواحة التي يعيش بها في معظم أعماله، بعدما سيطرت المناظر الطبيعية الخلابة، لواحة «الخارجة» الخضراء، التي تتوسط صفحة الصحراء الغربية في مصر (جنوبي غرب القاهرة) على أفكار لوحاته، فهي مزيج بين اللونين الأخضر والأصفر، وتجمع في طياتها تناقضات كثيرة... التصحر والتنمية.
يقول وهبة لـ«الشرق الأوسط»، إن «أشجار الدوم تنمو بكثرة في واحة الخارجة، ودون تدخل من أحد، وهي نوع من الأشجار التي تقاوم النمل، ولا تظهر فردية؛ لكنها توجد في مجموعات، يقوم أهل الواحات بقطعها، واستخدامها في الأغراض المنزلية، بعد تناول ثمارها».
وأضاف وهبة الذي يجوب المدن المصرية الكبرى، وخاصة القاهرة، لعرض أعماله الفنية، أنه قطع شوطاً طويلاً في الرسم على الخامات التقليدية، بداية من الورق وحتى القماش، بجانب استخدام كل ما يخطر على بال فنان من ألوان، زيتية كانت أو مائية؛ لكنها لم تشبع رغبته، ولم تشعره بأنه يضيف شيئاً يميزه عن غيره من الفنانين، عندها بدأ التفكير في البحث عن سطح جديد للوحاته، ومادة جديدة يشعر معها بالأنس والقرب.
ووجد وهبة ضالته في شجر الدوم، وحين استقر عليه ووجده خامة طيعة جداً، تناسب ما في روحه من تطلعات وأحلام، اكتشف أن ألواحها الخضراء مليئة بالمياه، وثقيلة، ما سوف يشعره بعدم الراحة.
حاول وهبة التغلب على تلك العقبة، بحصوله على ألواح الدوم من المنازل القديمة التي يتم هدمها، إذ كان يحرص على جمع ألواح وقطع الدوم، قبل تقطيعها آلياً إلى أحجام تناسب لوحاته.
وذكر الفنان المصري، الذي يعمل مشرفاً على قسم الفنون التشكيلية بقصر ثقافة الخارجة، أنه بعد تجهيز الألواح الخشبية، يقوم بنحت وحفر ما يستقر في ذهنه من مشاهد طبيعية تدور في فلك الطبيعة البدوية والصحراوية، مستفيداً في ذلك من خامة الخشب التي يراها طيعة جداً، تستجيب ببساطة ليد الفنان، وتشكيلاته.
ولا يتوقف وهبة عند الحفر والنحت على ألواح الدوم؛ لكنه يستخدمه أيضاً في الرسم، مستخدماً قطع الدوم مع قطع أخرى من الأخشاب التقليدية، وعندما ينتهي من رسمه، يبدأ في تشكيل لوحته مرة أخرى بالألوان التي جاء بها من الطبيعة؛ سواء كانت أحجاراً قام بسحقها أو رمالاً يشكل بها اللون الأصفر الذي يسيطر على معظم خلفيات لوحاته؛ لأنه يسعى كما قال لرسم الطبيعة، والإنصات لها، ونقل ما تمليه عليه من أفكار ووقائع.
إلى ذلك، لم يكتف وهبة بالرسم على ألواح الدوم؛ لكنه قام بتطويع قحاف النخيل، وقام بإعدادها لتكون ذات قاعدة تستقر عليها، ثم رسم عليها أيضاً بالطريقة نفسها التي استقر عليها في ألواح الدوم. ويوضح أن القحاف تعطيه إحساساً مختلفاً وهو يرسم عليها، فقط تحتاج لتخليصها من السعف، لا عناء أكثر من ذلك، فهي ذات سطح ناعم، ومناسبة تماماً لرسم مناظر الصحراء؛ لأنها ببساطة جزء منها.
ويؤكد الفنان وهبة أنه حين يخرج إلى معرض خارج محافظته، يتهافت الناس على لوحاته، ولا يعود بشيء منها، حتى البلاد التي لم يذهب إليها أصلاً تعرفه بلوحاته. وقد أخبره صديق له يعيش في إيطاليا، أن عدداً من أصدقائه الإيطاليين رأوا أعماله في منزله، وطلبوا مثلها؛ لكن وهبة لا يستطيع إرسال لوحاته إلى هناك.