بوجه عام، لا يبدو جوزيه هوليباس متوافقاً مع الصورة التقليدية للاعبين المشاركين ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، ومن السهل أن يشعر المرء أن هوليباس لا يعبأ بمن يغضبه حديثه ـ حتى لو كان زميلاً له بالفريق ـ بل وربما خصوصاً إذا كان زميلاً له بالفريق. وقد بدا اللاعب الدولي اليوناني السابق المولود بألمانيا محبطاً للغاية لدى انضمامه إلى واتفورد قادماً من روما عام 2015، ومن جانبه، لم يحاول هوليباس إخفاء ذلك.
كان اللاعب قد خاض سنة ناجحة في الدوري الإيطالي، وأنجز ناديه الموسم في المركز الثاني، بينما كان قد نجح من قبل مع أوليمبياكوس في اكتساح البطولات بالفوز بأربع بطولات للدوري وبطولتي كأس محليتين خلال أربعة مواسم. وعن ذلك، قال هوليباس: «سبق وأن لعبت في أندية أكبر، وهناك يبدو التفكير السائد مختلفاً عن هنا. لقد اضطررت للعمل كثيراً على نفسي لأن كل شيء من حولي كان مختلفاً تماماً. اليوم ألعب لحساب واتفورد، وهو نادٍ جيد. ونحن نقدم أداءً جيداً، لكنني أعرف جيداً الأندية التي تنتمي لمستوى أعلى مثل أوليمبياكوس وروما. هناك تلعب بجانب لاعبين مختلفين ومستوى مختلف من الجودة. هنا، لدينا جودة أيضاً لكن على نحو مختلف».
وأضاف: «لقد اضطررت لتغيير أسلوب تفكيري... كثيراً. هل حاولت أن أصبح أكثر تسامحاً؟ نعم، عندما تحدث أمور مثل أخطاء بسيطة أثناء المباريات. ولم يحدث لي هذا من قبل عندما كنت ألعب في صفوف أندية كبيرة. هناك لديهم معرفة أفضل بما يمكنهم وما لا يمكنهم فعله. في الواقع هذه التجربة تغير أسلوب تعاملك مع كرة القدم».
وقال: «عندما تضم إليك لاعبين جيدين، فإن هذا يعني أنك ستنجح على الفور. ينبغي أن يكون اللاعبون على مستوى جودة الفريق ككل. عندما جئت إلى هنا ـ ورأيت كل هؤلاء اللاعبين الصغار ومحاولات بناء الفريق... بالنسبة لي، كان الأمر صعباً حقاً. إلا أن رئيس النادي يحاول فعل كل ما بوسعه من أجل النادي، وأعتقد أن هذا الأمر يلقى نجاحاً في الوقت الحالي، بل إني أعتقد أن واتفورد يمكنه المنافسة على القمة هذا الموسم».
ويحمل السطر الأخير أصداءً مهمةً في وقت يستعد واتفورد لمباراة غدٍ السبت على أرضه أمام مانشستر يونايتد، مع نجاحه حتى اليوم في الفوز بأربع مباريات على التوالي، آخرها مواجهة توتنهام. في الوقت ذاته تبدو الصورة مختلفة لدى هوليباس الذي يتحدث بنبرة يغلب عليها الندم، ويثير دوماً الانطباع بأنه لن يكون سعيداً قط.
وقد جرت هذه المقابلة معه داخل ملعب تدريب واتفورد، بينما وقف زميلاه داريل يانمات وروبرتو بيريرا إلى الجوار. وسأل يانمات: «هل أخبرك عن الهدف الذي سجله؟»، في إشارة إلى الكرة العرضية التي سددها هوليباس في الزاوية البعيدة من مرمى كريستال بالاس، في الجولة الثانية من بطولة الدوري. أما بيريرا فوقف برهة ينصت إلى الحوار بينما يهز رأسه.
أثناء الحديث، لم يبتسم هوليباس، الأمر الذي يعتبر مألوفاً من جانبه، لكنه لا يبدو مدركاً لهذه الحقيقة. وكانت السمة الكبرى المميزة للحوار صراحته الشديدة، بجانب حدة مشاعره. ويمكن القول إن الظهير الأيسر البالغ 34 عاماً شق الطريق الصعبة حتى وصل لهذه النقطة من مسيرته، الأمر الذي أسهم في صياغة شخصيته بوجه عام، خصوصاً القفزة من الفقر المدقع إلى الثراء الشديد.
عندما كان في الـ18، تميز هوليباس بموهبة خام غير مصقولة، وكان يلعب في قاع الهيكل الهرمي لكرة القدم الألمانية، وكان يلعب الكرة بصورة أساسية بهدف المتعة كهاوٍ، عندما فجأة انقلبت حياته رأساً على عقب.
في الوقت ذلك، أصبحت زوجة هوليباس حاملاً، وفي مواجهة الحاجة لجني مزيد من المال لإعالة أسرته الصغيرة، دفع هوليباس بكرة القدم إلى خلفية اهتماماته، والتحق بوظيفة عامل بأحد المخازن. وعن ذلك قال: «كنت أتولى ملء العبوات فحسب، وذلك لمدة ثماني ساعات يومياً. وبالنسبة لشخص لم يحب وظيفته، كان الأمر مملاً لكن كان لزاماً عليَّ الاضطلاع به لأنه يتعين عليَّ كسب القوت».
في الوقت ذلك، لعب هوليباس بدوام جزئي في صفوف إس في دامن في أشافنبورغ ـ مسقط رأسه القريبة من فرنكفورت ـ وفاز الفريق بالصعود عبر مستويات عدة مما وصفه هوليباس بأنه «أدنى درجات بطولة الدوري في ألمانيا، القسم الـ10»، قبل أن يقضي موسماً في صفوف فيكتوريا كاهل في القسم الـ5، بعد ذلك، اكتسبت الأمور جدية أكبر. في سن الـ22 وبعد أن فاته فعلياً ما ينبغي أن يشكل سنوات البناء، تلقى هوليباس عرضاً من جانب ميونيخ 1860، كان قد انفصل في ذلك الوقت عن أم ابنته، لكن الانتقال إلى ميونيخ كان يعني اضطراره للانتقال لمسافة 440 كيلومتراً من أشافنبورغ، وترك كل من يعرفهم وكل ما يعرفه وراء ظهره.
بالفعل، استقال هوليباس من وظيفته في مقامرة لكسب كل شيء أو خسارة كل شيء. وبعد أن بدأ في صفوف الفريق الثاني، قدم أول مباراة له كمحترف مع النادي في سن الـ23 في القسم الثاني من الدوري الألماني. وفي سن الـ26 نال فرصة الانتقال إلى أوليمبياكوس.
وفي هذا الصدد، قال اللاعب: «اضطررت للقتال كل يوم من أجل كل شيء في حياتي، والأمر الجيد في تجربتي في العمل بأحد المخازن أنني أدرك اليوم جيداً الفارق بين الحياة بالمال والحياة من دونه. لقد رأيت أشخاصاً يتغيرون تجاهي، حتى من أسرتي، وكل هذا بسبب المال. لقد طلب مني أعمامي أموالاً. وأخبرتهم أنني لست المحفظة الخاصة بهم، وهم الذين اضطروني لقول ذلك. واليوم لم أعد على اتصال بالكثيرين، وأصبح لزاماً عليَّ توخي الحذر الشديد».
وأضاف: «الكثير من لاعبي الكرة يصابون بالإفلاس بعد نهاية مسيرتهم الكروية لأنهم لا يعلمون كيفية التعامل مع المال. إنها مخاطرة كبيرة أن تمنح فتى في الـ18 أو الـ19 مثل هذه الأموال الطائلة. وألاحظ اليوم كيف أن هؤلاء اللاعبين الصغار لا يبدون الاحترام الواجب تجاه اللاعبين الأكبر سناً. وأرى أن هذا خطأ النادي ومن جعلهم على هذه الشاكلة، خصوصاً في إنجلترا».
الواضح أن هوليباس لا يهاب خوض غمار الحقيقة، سواء داخل الملعب أو في حديثه. وقد ولد هوليباس لأب يوناني وأم ألمانية أميركية. ومن المثير الاستماع إلى آرائه بخصوص الجدال الدائر حول مسعود أوزيل.
كان لاعب خط وسط آرسنال المولود في ألمانيا لوالدين مهاجرين قد أعلن اعتزاله دولياً من المشاركة مع المنتخب الألماني مبرراً قراره بتعرضه لإساءات عنصرية. كان أوزيل قد تعرض لانتقادات بعد ظهوره في صورة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وعلق هوليباس بقوله: «إنهم يبالغون في الأمر كثيراً اليوم هؤلاء الصبية، ودائماً ما يتحدثون عن العنصرية. لقد ولد في ألمانيا ويلتقط صورة لنفسه مع الرئيس التركي. لا بد أن أمراً ما خلف ذلك، لكنني لا أعلم حقيقة الأمر لأنني غير مهتم بمثل هذه القصص الغبية».
هوليباس: واتفورد أصبح من الكبار وسينافس على القمة هذا الموسم
الظهير الأيسر اليوناني بدأ مسيرته محبطاً في الفريق الإنجليزي «الصغير» بعد مشاركته مع أوليمبياكوس وروما
هوليباس: واتفورد أصبح من الكبار وسينافس على القمة هذا الموسم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة