المتهمان بتسميم سكريبال: زرنا سالزبيري للسياحة ولم نحمل عطراً نسائياً

لندن تصف المقابلة التلفزيونية معهما بأنها «مثال جديد على التضليل» الروسي

TT

المتهمان بتسميم سكريبال: زرنا سالزبيري للسياحة ولم نحمل عطراً نسائياً

في أول ظهور علني لهما، بعد مرور أقل من 24 ساعة على «نصيحة» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهما بتوضيح موقفهما، بدا الروسيان ألكسندر بيتروف وروسلان بوشيروف، اللذان اتهمتهما لندن بتسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال في مدينة سالزبيري البريطانية، مذعورين. وتحدثا عن «كابوس» يسيطر عليهما منذ نشر السلطات البريطانية معلومات عنهما، اشتملت على عدة صور ترصد تحركاتهما في مناطق في سالزبيري.
أجرت المقابلة معهما رئيسة تحرير شبكة «روسيا سيفودنيا» الحكومية الروسية مرغريتا سيمونيان المقربة من الكرملين، وبدأت حوارها مع الرجلين بعبارة: «اتصلتما على هاتفي الجوال وطلبتما مقابلتي»، في مسعى للإشارة بأن المقابلة تمت بمبادرة منهما.
واستمر الحوار الذي بدا أشبه بتحقيق، نحو 25 دقيقة، انهالت خلالها سيمونيان على الرجلين بأسئلة بدت متعمدة لإظهار أن اللقاء «عفوي» برغم أنه بدا غير مقنع في كثير من اللقطات، مثلما حدث عندما سألتهما: هل حملتما معكما غاز أعصاب أو أي مادة كيماوية خطر أخرى؟
أو عندما جاء السؤال: لماذا اتصلتما بي؟ وأيضا عندما فاجأتهما بسؤال صعب: هل تعملان مع جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية؟
قال بيتروف وبوشيروف إنهما ذهبا إلى لندن في رحلة للسياحة وليست زيارة عمل. وإن الزيارة جاءت تلبية لنصيحة أصدقاء قالوا لهما إن بلدة سالزبيري «جميلة وفيها كاتدرائية قديمة مشهورة تعلوها ساعة ضخمة». وقضى الرجلان وفقا لتأكيدهما ثلاثة أيام في بريطانيا وزارا سالزبيري مرتين، واحدة في الثالث من مارس (آذار) الماضي. لكن «الجو الثلجي العاصف منعهما من التجوال في المدينة فقررا العودة إلى لندن». وتساءل المتهمان: لماذا لم تركز الصحافة البريطانية على الأجواء الثلجية في ذلك اليوم؟ من دون أن يوضحا كيف سيكون لهذا التركيز تأثير على مسار التحقيق في قضية سكريبال.
وعاد بيتروف وبوشيروف وفقا لتأكيدهما في اليوم التالي إلى سالزبيري و..«أتممنا العملية»!
وعندما سالت الصحافية: أي عملية؟ قال أحدهما: زيارة الكاتدرائية. مضيفا أنهما تجولا بعد ذلك في إرجاء البلدة وشربا قهوة وجلسا في محطة القطار. وتساءل: لماذا لم تنشر السلطات البريطانية صورنا ونحن نجلس ونشرب القهوة؟
عند هذه النقطة جاء السؤال: هل اقتربتما من منزل سكريبال؟ وتسابق الرجلان في الإجابة فقال أحدهما: ربما، هذا ممكن، نحن لا نعرف أين يقع المنزل. بينما قال الثاني: أنا لم أعرف شيئا عن هذا الرجل أو حتى اسمه قبل هذه الحادثة.
وردا على سؤال حول ما إذا كان بحوزتهما عند دخول الأراضي البريطانية مادة «نوفيتشوك» السامة، أو أي مادة كيماوية خطرة أخرى، كان الجواب النفي، و«كيف لنا أن نحمل هذه المادة»؟
وقالت الصحافية: هل كان بحوزتكما زجاجة العطر التي تحدثت عنها السلطات البريطانية من ماركة «نينا ريشي»؟ فجاء الجواب مفحما، إذ قال بوشيروف: «أليس من الحماقة أن يحمل الرجل معه عطرا نسائيا؟ عندما تخضع للتفتيش الجمركي، يفحصون كل الأمتعة، ولو كان معنا شيئا مثل زجاجة عطر نسائي، لأثار ذلك تساؤلات لدى أي شرطي نبيه، عن سبب وجود العطر النسائي بين أغراض الرجل»!
لكن الرجلين اللذين انتقدا أسلوب المقابلة ووصفه أحدهما بأنه «تحقيق» ردا بقوة على سؤال سيمونيان: هل أنتما عميلان لجهاز الاستخبارات؟ وقال أحدهما: هل أنت عميلة للجهاز؟ فقالت: أنا لست متهمة بتسميم أحد. ليرد سريعا: لكن زملاؤك متهمون.
وسألتهما المذيعة: هل استجبتما لنداء بوتين من أجل الحديث مع الصحافة؟ فكشفا أنهما عاشا كابوسا خلال الأيام الأخيرة وشعرا أنهما مهددان وأن أفراد عائلتيهما وأقاربهما في خطر، وأنهما فكرا «بحثا عن الحماية» في التوجه إلى النيابة العامة أو المخابرات الروسية أو جهاز التحقيق المركزي أو حتى السفارة البريطانية...!
واستوضحت الصحافية: لماذا السفارة البريطانية؟ فأجابا بأن بعض الأصدقاء نصحوهما بالتوجه إلى البريطانيين لتوضيح براءتهما. وقالا إنهما فكرا كذلك في تصوير رسالة مصورة وبثها على شبكة يوتيوب. لكنهما فضلا الاتصال مباشرة بالقناة الحكومية لأنها موثوقة.
وأكد بيتروف وبوشيروف أنهما يعملان في مجال اللياقة البدنية. وأن عملهما بات مهددا بسبب الاتهامات البريطانية. وقالا: «نرغب في معرفة ما حدث حقا مع سكريبال، لأننا فقدنا كل شيء بسبب اتهامنا بتسميمه».
وكان بوتين قال أول من أمس، في أول تصريح له منذ توجيه الاتهامات البريطانية إلى الروسيين: «نحن، بالطبع، نعرف من أي نوع من الناس يتحدران. نحن نعرف من هما، وجدناهما. آمل أن يظهرا ويتحدثا إلى وسائل الإعلام، ويخبرا عن نفسيهما. هذا سيكون أفضل للجميع».
إلى ذلك، ردت موسكو أمس، بقوة على التشكيك البريطاني بالمقابلة، وقالت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا إن وصف الخارجية البريطانية المقابلة بأنها «مشوهة للمعلومات وكاذبة» يعكس «مدى تأزم الحكومة البريطانية بزعامة تيريزا ماي». وسخرت زاخاروفا مما وصفته بـ«السفينة الغارقة»، في إشارة إلى حكومة ماي. وقالت إن «بوريس جونسون (وزير الخارجية البريطاني الذي استقال من منصبه في يوليو/تموز الماضي)، قد غادر هذه السفينة الغارقة، بل القارب المثقوب بقيادة تيريزا ماي، في وقت مناسب».
وكانت وزارة الخارجية البريطانية رأت أن المقابلة مع «المشتبه بهما» في قضية تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال، ليست إلا «مثالا آخر على نهج لتشويش الموضوع وممارسة الكذب من جانب روسيا».
وقال ممثل الخارجية البريطانية، لوكالة أنباء «نوفوستي» الروسية: «يبدو واضحا للحكومة، أن هذين الشخصين، من ضباط الاستخبارات العسكرية الروسية، واستخدما سلاحا كيماويا شديد السمية في شوارع بلادنا».


مقالات ذات صلة

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع زيارة رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا جنود ماليون خلال تدريبات عسكرية على مواجهة الإرهاب (أ.ف.ب)

تنظيم «القاعدة» يهاجم مدينة مالية على حدود موريتانيا

يأتي الهجوم في وقت يصعّد تنظيم «القاعدة» من هجماته المسلحة في وسط وشمال مالي، فيما يكثف الجيش المالي من عملياته العسكرية ضد معاقل التنظيم.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.