7 آلاف قتيل فلسطيني و800 ألف مستوطن يغلقون الطريق إلى حل الدولتين

نتنياهو يريد حرباً دبلوماسية وأمنية تنهي حلم الحركة الوطنية الفلسطينية

TT

7 آلاف قتيل فلسطيني و800 ألف مستوطن يغلقون الطريق إلى حل الدولتين

مع أن اليمين الإسرائيلي الحاكم، نجح في إطلاق رصاصة القتل على ما تبقى من بنود تحتاج إلى تطبيق في «اتفاقيات أوسلو»، وتمكن من وضع عراقيل جمة في طريق تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، في مقدمتها مضاعفة عدد المستوطنين أربع مرات (من 100 ألف مستوطن سنة 1992، أي قبل أوسلو، إلى 400 ألف اليوم)، فقد احتفل بالذكرى المئوية الخامسة والعشرين لهذه الاتفاقيات، شاكياً من أنها ما زالت تلحق أضراراً بمصالح إسرائيل، ويطالب بإلغائها. وبالمقابل، لا يسمع في أوساط المجتمع الإسرائيلي صوت القيادات السياسية التي ما زالت تؤمن بمبادئ تلك الاتفاقيات. وهي تشكو تبعات سياسة اليمين على عملية السلام ومستقبل الأجيال القادمة، وتولول بأن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى تحول اليهود إلى أقلية في دولتهم. لكن هذا التيار، لا ينجح في وضع قضية السلام على أجندة المجتمع، ويبدو عاجزاً كسولاً، وحتى نائماً في هذا المجال، لدرجة أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لم يعد يشعر بوجود معارضة.
لقد تجاهل نتنياهو، في جلسة حكومته، أمس (الأربعاء)، اليوبيل الفضي لاتفاقيات أوسلو، واختار الترحيب بقرار الإدارة الأميركية إغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، علماً بأن إسرائيل، اعترفت بموجب تلك الاتفاقيات، بمنظمة التحرير لأول مرة. فكأنه يغلق هذه الدائرة ويحتفي بالضربة الأميركية المعنوية للمنظمة وما تمثله.
لكن مجلس المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حليف نتنياهو في الحكم، لم يتجاهل المناسبة، وأصدر بياناً خاصاً ذكّر فيه الجمهور بأن اتفاقيات أوسلو مرت بأكثرية ضئيلة في حينها (61 مؤيداً مقابل 51 معارضاً في البرلمان الإسرائيلي)، و«قسمت الشعب اليهودي ومزقته إرباً». واعتبرها «أسوأ اتفاقيات وقّعتها إسرائيل عبر تاريخها». و«ثبت فيها أن العرب لم يقصدوا حقاً أن يطبقوا هذه الاتفاقيات ويجنحوا إلى السلام، بل رأوا فيها خطوة في مسيرة طويلة لتدمير إسرائيل. فقد اقترح عليهم إيهود باراك أن يقيموا دولة على 91 في المائة من الأرض فرفضوا. واقترح عليهم إيهود أولمرت كل المناطق تقريباً ورفضوا، وضاعفوا عمليات الإرهاب. وأقاموا سلطة تدير شؤونهم كلها تقريباً، فكانت سلطة فاشلة بكل المقاييس، تمول عائلات الإرهاب». وقال بيان المجلس «عندما انسحبنا من قطاع غزة اختاروا سلطة (حماس)، التي لا تكترث لأحوالهم المعيشية. وبدلاً من ذلك تهتم بشراء الأسلحة وبناء الأنفاق العسكرية». وأضاف مجلس المستوطنات، إن «اتفاقيات أوسلو لم تعد قائمة اليوم». واستخلص بأن المستوطنات «هي الحل». وأنها «المفتاح لتحقيق الهدوء وتطور المنطقة». فالعرب برأي المجلس «يستطيعون العيش في المكان من دون دولة. لم تعد هناك مناطق (أ) و(ب) و(ج)، وعلى إسرائيل أن تدخل كل المناطق. وينبغي أن نجد آليات وأنظمة تتيح إدارة شؤونهم اليومية».
وقال مئير ادور، رئيس «لجنة مصابي الإرهاب - المغور»، إن «اتفاقيات أوسلو مجرد وهم، وهي لم تعد قائمة. مناطق السلطة الفلسطينية هي مجرد مسخ مدجج بنحو 20 ألف مقاتل فلسطيني حملناهم البنادق والمجنزرات. وقد حان الوقت لتصحيح الأضرار التي نجمت عن هذه الاتفاقيات. يجب أن نزوّد المبعوثين الأميركيين جارد كوشنير وجيسي غرينبلات، بالمعلومات عن حدود قدرتنا على التحمل كي لا يتم تكرار التجربة. محظور توسيع الإدارة الذاتية للسلطة ومحظور تحويلها إلى دولة. بل يجب سحب مسؤولية الأمن من السلطة في المنطقة (أ). وينبغي أن لا ينسى أحد أنه منذ حرب 1967 وحتى أوسلو، قتل 415 إسرائيلياً، ومنذ أوسلو قتل 1700 إسرائيلي. فمع سلام كهذا، لا نحتاج إلى أعداء».
ونشرت منظمة «قيادة يهودية» اليمينية، دراسة جاء فيها، إن اتفاقيات أوسلو تسببت بخسائر كبيرة لإسرائيل، على النحو التالي: 88 مليار شيقل (الدولار يساوي 3.6 شيقل) تحويلات للسلطة الفلسطينية، 37 ملياراً زيادة ميزانية الشاباك (جهاز المخابرات العامة)، 300 مليار زيادة موازنة الجيش، 112 ملياراً زيادة مصاريف وزارة الأمن الداخلي وسرقة السيارات، 220 ملياراً مصاريف وضع حراس في الأماكن العامة والمطاعم والبنوك، وغيرها من المواقع التي تم استهدافها بالعمليات المسلحة، 4.7 مليار بناء الجدار العازل، 12 ملياراً تعويضات دفعت لذوي العائلات الثكلى، 150 ملياراً خسائر إسرائيل من السياحة في فترات العمليات، 9.5 مليار تكلفة إخلاء قطاع غزة من المستوطنات والمستوطنين. المجموع 933 مليار شيقل. عملياً، فإن 11.4 في المائة من موازنة الدولة يذهب خسائر بسبب اتفاقيات أوسلو.
وكتب المحرر العسكري في «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن اتفاقيات أوسلو انهارت في المقام الأول؛ لأنها لم تنجح في أن توفر للإسرائيليين مستوى الأمن الشخصي الذي وعدتهم به حكومة رابين - بيرس أثناء التوقيع عليها. سلسلة أحداث قاتلة، مثل المذبحة التي نفذها باروخ غولدشتان ضد المصلين المسلمين في الحرم الإبراهيمي، وموجة العمليات الانتحارية لـ«حماس» في الحافلات، واغتيال إسحق رابين، كل ذلك أغرق حلم أوسلو بالدم والنار والدخان. كلما زادت العمليات قل تأييد الاتفاقيات، وكذلك تأييد الجمهور الإسرائيلي لإخلاء مناطق أخرى، التي من دونها لم يكن بالإمكان التوصل إلى اتفاق نهائي. في عام 2000، عندما بذل كلينتون وإيهود باراك جهوداً أخيرة لإعادة العملية إلى مسارها في مؤتمر كامب ديفيد، وبعد ذلك في مفاوضات طابا، حدث انفجار أكبر: الانتفاضة الثانية. الأمل دفن عميقاً أكثر تحت الأنقاض. نحو 1500 إسرائيلي وأكثر من 7 آلاف فلسطيني قتلوا في السنوات التي مرت منذ مراسيم التوقيع على العشب الأخضر في البيت أبيض. هكذا تلاشت الثقة بين الطرفين ودمرت تقريباً كل احتمالية للعودة والدفع بالمفاوضات. وانتقد هرئيل اليسار الإسرائيلي الذي ينشر مقالات الرثاء، لكنه يقلل من الأهمية الكبيرة للعنصر الأمني في الاتفاق. رابين اختار مسار أوسلو بدرجة غير قليلة من الشك الشخصي، بسبب ترابط أسباب عدة. لقد أدرك، ربما متأخراً، الضرر الأخلاقي الذي يسببه استمرار الاحتلال للجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي. «الجيش الإسرائيلي يجب أن يتوقف عن كونه جيش احتلال والعودة ليكون جيش الدفاع»، قال لمراسلين بعد سنة تقريباً من توقيع الاتفاق الأول. لكن العمليات الانتحارية تفاقمت، «ومن هنا فصاعداً، لا يوجد زعيم إسرائيلي يثق بحلم أوسلو بدرجة تمكن من التقدم نحو اتفاق دائم. بنيامين نتنياهو انسحب من مناطق في الضفة تحت ضغط أميركا، في اتفاق الخليل وفي اتفاق واي (الأمر الذي يحاول أن يتم نسيانه الآن)؛ انسحب اريئيل شارون بشكل أحادي الجانب من قطاع غزة ومن شمال السامرة. لكن مسيرة أوسلو نفسها تجمدت. حدث هذا بالأساس لأن معادلة بسيطة وواضحة، حسب عدد كبير من الإسرائيليين، كانت قد ترسخت: في كل مرة تنسحب فيها إسرائيل من منطقة صغيرة ستتحول إلى خشبة قفز مستقبلية لعمليات إرهابية ضدها».
ويتطرق هرئيل إلى الدور الإسرائيلي في إفشال أوسلو فيقول «لقد كان لفشل أوسلو بالطبع مساهمة إسرائيلية بارزة. فأيضاً عندما سارت الأمور بشكل جيد، لم تسارع إسرائيل إلى التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين، وطوال الوقت واصلت إسرائيل استيطان الضفة والأحياء المقدسية شرق الخط الأخضر وشماله. أكثر من الـ800 ألف إسرائيلي الذين يعيشون الآن خلف الخط الأخضر يصعّبون التوصل إلى اتفاق دائم، حتى لو كانت أغلبيتهم الحاسمة موجودة في الأحياء المقدسية وفي الكتل الاستيطانية. قبل نحو شهرين تحدثت مجلة (نيويوركر) عن القلق الذي أظهره زعماء إدارة أوباما عندما نظروا في 2015 إلى الخريطة التي تجسد إلى أي درجة نجحت المستوطنات والبؤر الاستيطانية في القضاء على خيط تواصل جغرافي للدولة الفلسطينية العتيدة. كان هذا استيقاظاً متأخراً جداً. ضباط الإدارة المدنية شخّصوا التوجه الكامن خلف مد (أصابع) المستوطنات في الضفة شرقاً قبل سنوات كثيرة من ذلك. وكما سبق وحلل الوف بن، يمكن الافتراض أن الحلم الحقيقي لنتنياهو هو شن حرب استنزاف دبلوماسية وأمنية هدفها نهاية آمال الحركة الوطنية الفلسطينية».
ولكن أحد المهندسين الأساسيين لاتفاقيات أوسلو، أوري سفير، الذي شغل منصب مدير عام ووزارة الخارجية وكان مفاوضاً رئيساً، يرى حتى اليوم أن «اتفاقيات أوسلو كانت حدثاً تاريخياً، ويقول إن اليمين يحاربها لأنها أحدثت تحولاً سياسياً وآيديولوجياً يتناقض مع عقيدته التي تخلد الحروب. فاليمين يؤمن بضرورة الحفاظ على أرض إسرائيل كلها، بما فيها الضفة الشرقية للأردن، للسيادة الإسرائيلية، ونحن جئنا بحل يؤدي لقيام دولة فلسطينية. هو لم يحسب حساباً للعرب ونحن تقاسمنا البلاد مع العرب. هو لم يخجل من كونه محتلاً شعباً آخر ونحن قررنا وقف هذه الحالة المخجلة. نحن انطلقنا من منطلق أننا أقوياء بما يكفي لنصنع السلام وهم كانوا وما زالوا أضعف من أن يصنعوا السلام. أوسلو كان انتصاراً لنا وهزيمة لهم، فلم يتقبلوا هذا الحسم».



هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

هدنة غزة أمام عقدة «الانتقال للمرحلة الثانية»

مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)
مبان مدمرة في مدينة غزة يوم 5 نوفمبر الحالي (رويترز)

تتعدد مطالب الوسطاء بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، في ظل تعقيدات ما زالت تواجهها «المرحلة الأولى» بشأن تسليم جثث الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس»، وعدم التوافق على تفاصيل المرحلة التالية، وسط مخاوف من تكرار ما حدث في اتفاق يناير (كانون الثاني) الماضي الذي نقضته إسرائيل.

وتضمن «اتفاق وقف إطلاق النار» في يناير الماضي، ثلاث مراحل، بدأت المرحلة الأولى عند التوصل إليه وانتهت في الأول من مارس (آذار) الماضي، لكن «حماس» وإسرائيل لم تتوصلا إلى اتفاق بشأن كيفية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

في ذلك الحين، أرادت «حماس» الدخول في المرحلة الثانية، والتي كانت ستشهد انسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء الذين تحتجزهم الحركة، وبدلاً من ذلك، ضغطت إسرائيل من أجل تمديد المرحلة الأولى، من دون الالتزام بإنهاء الحرب أو سحب القوات، وعادت لاستئناف الحرب في 18 مارس.

وجددت مصر «مطالبتها الأطراف المعنية بضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في قطاع غزة»، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مساء الجمعة، من الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس.

وشملت المرحلة الأولى من «اتفاق أكتوبر» وقف العمليات العسكرية وانسحاباً جزئياً للجيش الإسرائيلي وصفقة تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع، وحتى الآن سلمت الفصائل الفلسطينية بغزة 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 25 آخرين من أصل 28، فيما لم يتم فتح معبر رفح بعد، وبين الحين والآخر تقوم إسرائيل بشن ضربات على القطاع.

وقال مصدر لإذاعة الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن رئيس الأركان إيال زامير «أوصى بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق مع حركة (حماس) قبل استعادة جميع جثث الأسرى الإسرائيليين في غزة، وعدم السماح بأي عملية لإعادة إعمار القطاع قبل تنفيذ عملية نزع السلاح كلياً».

تواجه المرحلة الثانية من «اتفاق غزة» عقبات سياسية، حيث ترفض إسرائيل أي إدارة فلسطينية للقطاع، وتعرقل تشكيل لجنة تكنوقراط، بينما تدفع واشنطن نحو قوة دولية، في حين لا يزال مصير إعادة إعمار غزة غير واضح، بحسب مراقبين.

امرأة وطفل يجلسان وسط أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية بجانب امرأة أخرى تراقب عملية الإنقاذ بغزة (أ.ف.ب)

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله، أن «تقسيم الاتفاقيات مع إسرائيل على مراحل يسمح لها بنقضها، وهو ما حدث في (اتفاق يناير)، وسبق أن حدث من قبل في (اتفاق أوسلو)، وهي تتلاعب بالفلسطينيين عبر استخدام القوة العسكرية وفرض الأمر الواقع، لذا فالانتقال لأي مرحلة تالية يبدو وكأنه (عُقدة)».

وتم توقيع «اتفاقية أوسلو» والمعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، في سبتمبر (أيلول) من عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتتكون الاتفاقية من 17 بنداً بدءاً من إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية وانتهاء بتسوية المنازعات والتعاون الإسرائيلي - الفلسطيني فيما يتعلق بالبرامج الإقليمية، وفق التفاصيل المنشورة في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وقال عطا الله لـ«الشرق الأوسط» إن «دفع إسرائيل لتنفيذ باقي مراحل (اتفاق أكتوبر) يكون عبر تحرك الوسطاء والدول العربية والإسلامية نحو الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للالتزام بباقي بنود الاتفاق، وحتى الآن يمكن القول بأن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على تنفيذه». لكنه تحدث أيضاً عن عقبات تواجه الاتفاق الحالي في مقدمتها «النوايا الإسرائيلية، واتجاه الأنظار نحو تفاصيل (القوة الدولية)، وإدخال تعديلات على مهامها، والسماح لإسرائيل بالحركة الأمنية داخل القطاع، وهو ما أغضب الدول الراعية للاتفاق».

ووفقاً لموقع «أكسيوس» الأميركي، مساء الاثنين الماضي، فقد وزّعت واشنطن مسودة مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن الدولي، تقترح فيه إنشاء قوة أمنية دولية تعمل لمدة لا تقل عن عامين قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027.

وترى واشنطن أن تشكيل هذه «القوة الدولية» يمثل المفتاح الأساسي للمرور إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وتشمل هذه المرحلة من الاتفاق موضوعات الحكم والسلاح وقوات الاستقرار الدولية وإعادة الإعمار.

مراسم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ المصرية (الرئاسة المصرية)

وقبل أيام، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر إسرائيلية أن بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، يجريان مفاوضات مع الإدارة الأميركية للحصول على ورقة تفاهمات تمنح إسرائيل حرية العمل في غزة، هدفها وضع حدود لحرية التحرك الإسرائيلي وترسيخ ضمانات أميركية بشأن ما سيحدث في حال فشلت القوة الدولية في نزع سلاح «حماس».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتقال إلى مراحل متقدمة لاتفاقيات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تحولت إلى (عُقدة)، وهو سلوك اعتادت عليه الحكومات الإسرائيلية حينما تُصر على تقسيم الاتفاقيات إلى مراحل»، لافتاً إلى أن «دفع الاتفاق الحالي يقع على مسؤولية الوسطاء، كما أن الولايات المتحدة يجب أن تكون حريصة على تنفيذه باعتبارها ضامنة للاتفاق».

وأضاف «تواجه حركة (حماس) موقفاً صعباً الآن؛ لأنها سلمت جميع الرهائن الأحياء لديها وقاربت على تسليم جميع الرفات، والآن يتم التركيز على ورقة تسليم السلاح، وهي من الممكن استخدامها للانتقال إلى المرحلة الثانية وضمان التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق».

وشهدت إسطنبول التركية اجتماعاً وزارياً موسّعاً، قبل أيام بمشاركة وزراء خارجية تركيا وقطر والسعودية والإمارات والأردن وباكستان وإندونيسيا، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار، ومتابعة تنفيذ «مبادرة ترمب» وما تلاها من «إعلان شرم الشيخ»، إضافة إلى نتائج اجتماع التحالف العالمي لتنفيذ «حل الدولتين» الذي عُقد في الرياض أخيراً.


اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
TT

اليمن: تنديد حقوقي وحكومي بحملات القمع الحوثية في ذمار

منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية اعتقلوا آلاف اليمنيين (رويترز)

اتهمت منظمة حقوقية يمنية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، بتنفيذ واحدة من أكبر حملات القمع الجماعي ضد المدنيين في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بعد أن اختطفت 76 مواطناً وأخفتهم قسراً منذ أكثر من عشرة أيام، دون السماح لأسرهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم.

وقالت منظمة «مساواة لحقوق الإنسان» في بيان إن الجماعة شنت في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حملة مداهمات واعتقالات واسعة ومتزامنة في عدد من مديريات المحافظة، طالت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية، في تصعيد وصفته بأنه «الأوسع منذ انقلاب الجماعة على الدولة».

وأوضحت أن مصير المختطفين لا يزال مجهولاً حتى اليوم، وبينهم مرضى وكبار في السن، وسط غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيانها أن استمرار الجماعة في إخفاء هؤلاء المختطفين يمثل «جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف الأربع والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية».

الحوثيون يقمعون السكان في مناطق سيطرتهم خشية تزايد الأصوات المناهضة لانقلابهم (رويترز)

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية»؛ كونها تأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين لبث الرعب في المجتمع وإسكات الأصوات الحرة. وحمّلت المنظمة قيادة الميليشيات الحوثية في ذمار المسؤولية القانونية والجنائية الكاملة عن سلامة جميع المختطفين وحياتهم.

ودعت منظمة «مساواة» الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين للكشف عن مصير المختطفين والإفراج عنهم فوراً ومن دون شروط، كما حثّت المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية على توحيد الجهود لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

انتهاكات ممنهجة

أدانت السلطة المحلية في ذمار، والمعيّنة من قبل الحكومة اليمنية الشرعية، بشدة حملة الاختطافات الواسعة التي نفذتها الجماعة الحوثية بحق العشرات من أبناء المحافظة، مؤكدة أن تلك الاعتقالات طالت أكاديميين وسياسيين ووجهاء وشخصيات اجتماعية؛ فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير أو احتفوا بالمناسبات الوطنية، وعلى رأسها ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الجماعة في 1962.

وقالت السلطة المحلية، في بيان، إنها تتابع بقلق بالغ ما تشهده المحافظة من مداهمات للمنازل واحتجاز تعسفي للمواطنين، معتبرة أن ما تقوم به الجماعة «انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ومبادئ الدستور والقوانين النافذة، واعتداء سافر على الحريات العامة وكرامة المواطنين».

وأضاف البيان أن هذه الممارسات «لن تسقط بالتقادم»، وأن مرتكبيها سيخضعون للمساءلة القانونية يوماً ما، مؤكداً أن أبناء ذمار «سيظلون متمسكين بمبادئ الثورة والجمهورية، ورافضين لكل أشكال الاستبداد والعنف الذي تمارسه الميليشيات بحقهم لمجرد التعبير عن آرائهم».

عناصر حوثيون خلال تجمع للتعبئة العسكرية في أوساط القبائل (إ.ب.أ)

وطالبت السلطة المحلية الجماعة بسرعة الإفراج عن جميع المختطفين والمعتقلين تعسفاً، ووقف انتهاكاتها فوراً، محمّلة إياها كامل المسؤولية عن تبعات هذه الممارسات التي «تهدد السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وتزرع بذور الفتنة والكراهية بين أبناء المحافظة».

كما دعا البيان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، إلى إدانة هذه الانتهاكات والضغط من أجل إطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم التي تعكس، بحسب البيان، «طبيعة المشروع القمعي الذي تمارسه الميليشيات بحق اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها».


أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
TT

أموال التهريب تدفع الحوثيين للتنكيل بالمهاجرين الأفارقة

محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)
محافظة شبوة استقبلت أكثر من ألف مهاجر غير شرعي خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

تعرض المئات من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن لعمليات تنكيل على يد مسلحي الجماعة الحوثية في أطراف محافظة صعدة الحدودية (شمال)، في وقت أعلنت فيه السلطات اليمنية استمرار تدفق المئات منهم أسبوعياً إلى سواحل محافظة شبوة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية على بحر العرب.

وذكرت مصادر حقوقية في محافظة صعدة أن الحوثيين نفذوا حملة مطاردة للمهاجرين غير الشرعيين في منطقة سوق القهر التابعة لمديرية منبه، واستخدموا خلالها الأسلحة بعد اشتباكات محدودة، قبل أن يسيطروا على الوضع.

وأرجعت المصادر أسباب الهجوم إلى خلافات نشبت بين المشرفين الحوثيين في المنطقة وعدد من المهاجرين الذين يعملون في تهريب القات والمخدرات.

وأوضحت المصادر أن الحوثيين، الذين يفرضون سيطرتهم الكاملة على المحافظة، ساعدوا على وصول أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة إلى المناطق الحدودية، خصوصاً إلى سوق القهر، وقدموا لهم الدعم والسكن، بل شيدوا لهم مقرات لإعادة تغليف وتهريب المخدرات والحشيش، وأشرفوا على تلك الأنشطة بشكل مباشر.

جانب من تجمعات المهاجرين غير الشرعيين في أطراف محافظة صعدة (إعلام محلي)

ورجّحت المصادر أن يكون سبب الخلاف إحساس قادة مجموعات التهريب من المهاجرين بأنهم لا يحصلون إلا على القليل من عائدات التهريب، بينما تذهب الحصة الكبرى إلى المشرفين الحوثيين، الأمر الذي دفعهم إلى التمرد، بدعم من مهربين أفارقة كبار اقترحوا العمل بشكل مستقل عن الحوثيين، وهو ما دفع الأخيرين إلى تنفيذ حملة دهم عنيفة لطردهم من المنطقة.

شبكة تهريب

اعترافات سابقة لخلايا تهريب كشفت عن وجود شبكة واسعة تدير عمليات تهريب المهاجرين من السواحل اليمنية وحتى محافظة صعدة، بإشراف مباشر من قيادات حوثية. وتقوم هذه الشبكة بتسهيل انتقال المهاجرين داخل الأراضي اليمنية مقابل مبالغ مالية، كما يتم استغلال بعضهم في الأعمال العسكرية أو في المزارع، بينما يُدفع بالبقية نحو المناطق الحدودية لاستخدامهم في تهريب المخدرات ونبتة «القات» التي تمضغ في اليمن على نطاق واسع والمصنفة ضمن المواد المخدرة في أغلب دول العالم.

وفي تطور آخر، نفذت الجماعة الحوثية بقيادة المشرف الأمني المدعو مشتاق السرايا حملة مطاردة في منطقة جبلية تُعرف باسم «المجمع»، استهدفت مجموعة من العمال اليمنيين وعدداً من المهاجرين الأفارقة بعد خلافات بينهم حول تشغيل مطاعم ومقاهٍ لخدمة المهاجرين.

وبحسب المصادر، فإن يمنيين كانوا يديرون مطعماً ومقهى في تلك المنطقة بإذن من المشرفين الحوثيين لتقديم الوجبات للمهاجرين والمهربين، لكن خلافاً مالياً نشب بينهم استدعى تدخل الحوثيين، الذين داهموا المكان وأحرقوا المطعم والمقهى، ودمروا المعدات، وأجبروا اليمنيين على مغادرة المنطقة، فيما أقاموا حاجزاً أمنياً لحماية المهاجرين غير الشرعيين الذين يُستخدمون في أنشطة التهريب والأعمال العسكرية هناك.

تدفق متزايد

تواصلت موجات تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، حيث استقبلت سواحل محافظة شبوة خلال اليومين الماضيين مئات المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، ليضافوا إلى أكثر من ألف وصلوا خلال الشهر الماضي فقط.

ووفقاً لتقرير صادر عن مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية، فقد وصل إلى ساحل كيدة في مديرية رضوم بمحافظة شبوة 255 مهاجراً غير شرعي على متن قارب تهريب، بينهم 208 رجال و44 امرأة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية، باستثناء عدد قليل من الصوماليين.

وأوضح التقرير أن شرطة المحافظة اتخذت الإجراءات القانونية الممكنة حيالهم وفقاً للإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن هذا العدد يضاف إلى نحو ألف مهاجر وصلوا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الحوثيون شكّلوا شبكة لتهريب المهاجرين من السواحل إلى الحدود اليمنية (إعلام حكومي)

ومنذ مطلع العام الحالي، استقبلت محافظة شبوة آلاف المهاجرين غير الشرعيين، بعد أن أصبحت سواحلها الواقعة على بحر العرب قبلة للمهربين، عقب تشديد الإجراءات الأمنية في سواحل محافظة لحج الواقعة غرب عدن، التي كانت أهم منفذ لاستقبال المهاجرين بسبب قربها من سواحل جيبوتي على الضفة الأخرى من البحر الأحمر.

ويحذر مراقبون من أن استمرار تدفق المهاجرين عبر السواحل اليمنية في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في البلاد، خاصة في ظل استغلال الحوثيين لهذه الفئة في أعمال التهريب والتجنيد القسري، ما يهدد بزيادة معدلات الجريمة وتنامي شبكات الاتجار بالبشر عبر الحدود.