مادورو يعزز قبضته الأمنية بعد اتهام واشنطن بالتخطيط لعزله

منشقون فنزويليون طلبوا أجهزة راديو مشفرة من إدارة ترمب

متقاعدة تحتج ضد سياسات مادورو الاقتصادية في كراكاس الخميس الماضي (أ.ب)
متقاعدة تحتج ضد سياسات مادورو الاقتصادية في كراكاس الخميس الماضي (أ.ب)
TT

مادورو يعزز قبضته الأمنية بعد اتهام واشنطن بالتخطيط لعزله

متقاعدة تحتج ضد سياسات مادورو الاقتصادية في كراكاس الخميس الماضي (أ.ب)
متقاعدة تحتج ضد سياسات مادورو الاقتصادية في كراكاس الخميس الماضي (أ.ب)

في أبريل (نيسان) 2002، عُزل هوغو تشافيز الرئيس الفنزويلي السابق لفترة مؤقتة في محاولة انقلاب قام بها ضباط جيش متمردون، لكنه عاد إلى السلطة في غضون 48 ساعة بمعاونة الجنرالات الموالين له، وخرجت حشود من مؤيديه إلى الشوارع دفاعاً عنه. تبين في وقت لاحق أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) كانت على علم بمحاولة الانقلاب، رغم إنكار إدارة جورج بوش الابن وقتها ذلك الأمر بشدة. ونُشرت تفاصيل عن صلات موثّقة بين واشنطن وشخصيات مناهضة للحكومة الفنزويلية منخرطة في المحاولة الفاشلة لخلع الرئيس.
استغل تشافيز، الزعيم الشعبوي الديماغوجي، هذه الأنباء لربط أزمته الداخلية بما وصفه بـ«إرث أميركي من الحروب والتدخل في الانتخابات، والتدخلات العسكرية». وصرح قائلا إن «وجود حكومة بهذا الشكل في الولايات المتحدة الأميركية يمثل تهديداً للعالم».
وبعد مرور 16 عاماً على هذه الأحداث، يمكن القول إن الحكومة التي أورثها تشافيز لفنزويلا تمثل تهديداً للعالم، فقد قوّضت سنوات من سوء الإدارة والمحسوبية الاقتصاد الفنزويلي، ما أدى إلى تضخم هائل، ونقص كبير في الغذاء والأدوية. كذلك، تعاني دول جوار فنزويلا من كارثة إنسانية، حيث تبذل مجهوداً كبيراً لمواكبة التدفق الكبير للاجئين الهاربين من الجوع والنهب.
وظلّ المحللون لأكثر من عام يشيرون إلى أن نيكولاس مادورو، خليفة تشافيز، قد يكون عرضة لانقلاب. فقد تصدى مادورو وحلفاؤه إلى كثير من «الهجمات» الغامضة اتّهموا فيها جنودا منشقين، وكان أحدثها محاولة اغتيال بطائرة من دون طيار محمّلة بالمتفجرات أثناء عرض عسكري خلال الشهر الماضي. مع ذلك وبدلا من إرخاء قبضته على السلطة، زاد مادورو من إحكامها، حيث قام بتطهير صفوف الجيش من مصادر التهديد المحتملة، وفاز بفترة رئاسية أخرى خلال انتخابات يعتبرها المجتمع الدولي مزورة إلى حد كبير. وكثيراً ما يلقي مادورو باللائمة على أطراف خارجية، في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية. وازدادت حالة التشكك حدّة خلال نهاية الأسبوع الماضي، بعد صدور تقارير في الإعلام الأميركي حول لقاءات بين ضباط فنزويليين وأعضاء في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وزعمت التقارير أن مسؤولين من إدارة ترمب التقوا عدة مرات بضباط في الجيش الفنزويلي زعموا أنهم منشقون ويخططون لتنفيذ انقلاب. ورفض المسؤولون طلبات هؤلاء الضباط الفنزويليين بالحصول على مساعدة، بسبب عدم اقتناع واشنطن بمصداقيتهم. وذكر أحد المسؤولين الأميركيين: «ليست لدينا ثقة كبيرة في قدرة أولئك الأشخاص على القيام بأي شيء، وليست لدينا أدنى فكرة عن الجهة التي يمثلونها، ولأي مدى لم يكشفوا أنفسهم».
رغم ذلك، فإن هذه التفاصيل الجديدة التي كانت صحيفة «نيويورك تايمز» أول من ينشرها، كافية بالنسبة لحكومة مادورو. وكتب خورخي أريزا، وزير الخارجية الفنزويلي، في تغريدة على موقع «تويتر»: «نحن ندين أمام العالم خطط التدخل الأميركي، ومساعدة المتآمرين من الجيش ضد فنزويلا». في المقابل، سارع البيت الأبيض لنفي نيته التدخل، وذكر في بيان: «يظل هناك تفضيل في السياسة الأميركية لعودة سلمية منظمة إلى الديمقراطية في فنزويلا».
وجاءت هذه الأحداث بعد أن أدرجت إدارة الرئيس ترمب فنزويلا ضمن الدول التي استهدفها قرار حظر دخول مواطنيها إلى أميركا، ما يغلق الباب في وجه أمة تعاني شح الغذاء والسيولة. كذلك، روّج الرئيس الأميركي لـ«الخيار العسكري» في فنزويلا، وفق تسريبات لوسائل إعلام، وهو خطاب بعث بصافرات إنذار إلى كراكاس. وتشير تقارير إلى أن ترمب تحدث عن إمكانية «الغزو» ليس فقط مع كبار مستشاريه، بل مع قادة دول أخرى في أميركا اللاتينية.
مع ذلك، وحتى في حال التخطيط لهذه المغامرة، يشير ما تم الكشف عنه مؤخراً إلى أن حلفاء واشنطن على الأرض سوف يكونون في موقف يتجاوز إمكاناتهم وقدراتهم. وجاء في صحيفة الـ«تايمز»: «كان الطلب الرئيسي للمتآمرين في الجيش هو الحصول على أجهزة راديو مشفّرة يخططون لاستخدامها في الاتصال بعضهم ببعض للقبض على مادورو ورجاله، لكن الولايات المتحدة لم توافق على هذا الطلب مطلقا. وبعد لقاءات عدة، أصيب الفنزويليون بالإحباط. ومنذ ذلك الحين بدأت حكومة مادورو في إلقاء القبض على عشرات المتآمرين، لكن لا يزال يوجد كثيرون منهم خارج القضبان».
في عصر الهواتف الذكية والتطبيقات المشفرة، يعدّ طلب أجهزة راديو صادماً بالنسبة للمراقبين الفنزويليين الذين يرونه سخيفاً. وقد كتب فرنشيسكو تورو على مدونة «كراكاس كرونيكلز»: «يذكرنا هذا مرة أخرى بأن الذين يشغلون مناصب رفيعة في الجيش - منقذينا المزعومين - ليسوا مجرمين بدرجة كبيرة، بل أغبياء بشكل مؤلم... مصير مؤامرة تعتمد على أشخاص يعملون على هذا المستوى من الخبرة والتطور هو الفشل. وهذا ما أدركه الأميركيون فوراً».
بدوره، قال آدم إيزاكسون، من مؤسسة «واشنطن أوفيس أون لاتين أميركا»: «من غير المنطقي دعم انقلاب عسكري في أميركا اللاتينية، فهو دائماً ما ينتهي نهاية سيئة، لكن من الجيد الإنصات إلى أولئك الأشخاص». وأضاف قائلا: «ما مستوى سخطهم؟ هل يحظون بدعم واسع النطاق بين الشعب؛ أم أنهم مجموعة متمردين فحسب؟ هل لديهم خطة صادقة وأمينة لإجراء انتخابات؟ إن الجيش صندوق أسود».
* خدمة «واشنطن بوست»



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.