الادعاء يربط الدوافع السياسية بالأدلة المادية لاغتيال رفيق الحريري

شكري صادر: صلاحيات المحكمة محصورة بأشخاص لا كيانات

TT

الادعاء يربط الدوافع السياسية بالأدلة المادية لاغتيال رفيق الحريري

لم يحمل اليوم الأول من مرافعات فريق الادعاء العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، مفاجآت كبيرة كان يتوقعها المتابعون لوقائع الجلسة، لكنه انطوى على بعدين مهمّين، الأول ربط الجريمة بالدافع السياسي «نظراً لقوّة الحريري السياسية وتنامي نفوذه الشعبي الذي باتت يهدد الوجود العسكري السوري في لبنان»، والإشارة بشكل مستمر إلى أن المتهمين في الجريمة ينتمون إلى جهاز أمن «حزب الله» بقيادة مصطفى بدر الدين، «الذي استخدم خبرته العسكرية في عملية اغتيال الحريري»، والبعد الثاني، ربطها بالدليل المادي الأقوى، المتصل بشبكات الهاتف الخلوي التي استخدمها المتهمون في مراقبة وتعقّب موكب الحريري خلال تنقلاته على الأراضي اللبنانية لأكثر من أربعة أشهر.
وينتظر أن يحفل اليومان المتبقيان لمرافعات الادعاء (اليوم وغداً)، بطرح المزيد من الأدلة التي وصفها بـ«نقاط القوّة» وترقب ردّ فريق الدفاع عليها. وتوقف المتابعون لمجريات جلسة أمس، عند استفسارات رئيس المحكمة القاضي دايفيد راي، والطلب من فريق الادعاء توضيح أسئلة سبق وطرحها عن دور محتمل للرئيس السوري بشّار الأسد، ورئيس جهاز الأمن والاستطلاع للقوات السورية في لبنان اللواء رستم غزالة في الجريمة، ولماذا لم ترد أسماؤهم في القرار الاتهامي. وبينما يُتوقّع أن تكون الإجابة عن هذه الاستفسارات حافلة بالوقائع المثيرة للانتباه، أوضح رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، أن «صلاحيات المحكمة محصورة بمحاكمة أشخاص لا أنظمة أو أحزاب أو كيانات وهيئات معنوية». وشرح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الأسئلة التي طرحها رئيس المحكمة على فريق الادعاء والاستفسار، طلبها عن دورٍ ما للرئيس السوري بشّار الأسد واللواء رستم غزالة «أراد من خلالها إزالة الالتباس حول أسماء وردت في سياق المحاكمة، ولم ترد في القرار الاتهامي، والقول إن المحكمة ليست صالحة لمحاكمتهم، ما لم يتوفّر دليل ثابت وقاطع عن علاقتهم بالجريمة»، مشيراً إلى أن «المرافعات هي عبارة عن موجز لكل مراحل القضية، كما يراها فريقا الادعاء والدفاع».
واستبق الإعلام الموالي لـ«حزب الله» جلسة أمس، بحملة تشكيك في نزاهة المحكمة، ونشر تقارير تفيد بأن المحكمة وفريق الادعاء يستقيان معلوماتهما من خبراء إسرائيليين وآخرين تابعين لجهاز (cia) الأميركي، من أجل الوصول إلى حكم يدين الحزب ومسؤوليه في الجريمة.
لكنّ القاضي صادر الذي سبق له أن شارك مع زميله القاضي اللبناني رالف رياشي في وضع قانون «قواعد الإجراء والإثبات» الذي يحكم عمل محكمة الحريري، رفض تقييم أداء المحكمة سواء في مرحلة المحاكمات، أم في انطلاقة المرافعات. وقال: «نحن لسنا مَن يقيّم محكمة من هذا النوع، هي محكمة متعارف عليها دولياً وأنشئت بقرار من الأمم المتحدة، وهي الأكثر مراعاة لحقوق الدفاع»، لافتاً إلى أنه «عندما تقول الأمم المتحدة إن هذه المحكمة مشكوك بنزاهتها عندئذٍ نقول: إنها غير شرعية، نحن ملزمون بالاعتراف بمصداقيتها وبكل ما يصدر عنها، لأننا نحن من طالب بها وناضلنا من أجلها».
ويقدّم القاضي شكري صادر الأسباب الموجبة لدفاعه عن المحكمة، وحياديتها ومهنية قضاتها، ويذكّر بأن «الأمم المتحدة عيّنت لجنة التحقيق الدولية ومن ثم أنشأت هذه المحكمة غداة صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة بيتر فيتزجيرالد، التي قال إن لبنان لا يزال يعاني من رواسب احتلال النظام السوري، والقضاء اللبناني غير قادر على حمل وزر التحقيق في هكذا جريمة، لذلك لجأنا إلى المحكمة الدولية».
ويعرض المحامي د. أنطوان سعد، أستاذ العدالة الدولية في قسم الدراسات العليا، ومدير كليّة القانون الدولي في الجامعة الكندية في لبنان، قراءته الخاصة لمجريات المرافعات، فيشير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «فريق الدفاع أعاد تذكير المحكمة بالأدلة التي قدّمها في مرحلة المحاكمة، وأهم نقاط القوّة لديه، وإثبات الجوّ السياسي الذي سبق وأعقب اغتيال رفيق الحريري، وهو ما تحدث عنه رفيق الحريري نفسه، عندما أبلغ وليد جنبلاط بالتهديد الذي تلقاه من بشار الأسد في لقائهما الأخير والعاصف في دمشق». وتطرّق سعد إلى الدليل المادي المتعلّق ببيانات الاتصالات، وقال: «لا يمكن التشكيك بقرينة الاتصالات في هذه القضية، في وقت أن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية تكافح منذ سنوات شبكات الإرهاب وعملاء إسرائيل وتجار المخدرات والجرائم المنظمة، عبر دليل الاتصالات دون سواه».
وكان فريق الادعاء قد دافع أمس، بقوة عن قرينة الاتصالات، وأكد أنه لم يثبت التلاعب بـ«داتا» الاتصالات إطلاقاً، وهذا ما تمّ التأكد منه عند مراجعة سجلات شركات الهاتف الخلوي. وذكّر المحامي سعد بالكثير من الأدلة والمعطيات التي تشير بوضوح إلى مسؤولية النظام السوري وفريقه في لبنان عن جريمة اغتيال رفيق الحريري، بدءاً بخلق مزاعم الانتحاري المزعوم أحمد أبو عدس، مروراً بطمس الأدلة في موقع الجريمة والمسارعة إلى ردم الحفرة التي خلّفها الانفجار حتى قبل الانتهاء من رفع جثث القتلى وأشلائهم، وصولاً إلى نقل سيارات موكب الحريري من المكان، وهذه أمور كلّها ستكون في صلب مرافعات فريق الادعاء في الساعات المقبلة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.