ليست العاصمة النمساوية فيينا بغريبة عن عالم السياحة، فهي تتمتع بكل العناصر الفنية والتاريخية والجمالية التي تضعها على رأس قائمة المدن السياحية في العالم. وبين الفن والحلويات والهدوء، عشق أرضها هواة الموسيقى الكلاسيكية ومحبو كعكة الشوكولاته، وكل من رغب بقضاء إجازة ينعم بها بكل الأمن والأمان. أمور ليست بالجديدة لمن زار فيينا، الجديد اليوم أن هذه الأمور باتت رسميّة بعدما أظهرت دراسة عالمية أجرتها وحدة المعلومات التابعة لمجلة «ذي إيكونوميست» أن فيينا تتصدر قائمة المدن الأكثر ملاءمة للعيش في العالم، وقد حصلت على درجة 100 في المائة، لمعايير الاستقرار والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، بالإضافة إلى أسباب أخرى وقفت وراء تصدرها هذا التصنيف، نذكر منها: مظاهر الفخامة التي تطغى على شوارعها مؤكدة أنها عاصمة إمبراطورية عريقة في دولة صغيرة. ففي شارع رينجستراس، يكتشف السائح أفضل متاحف تاريخ الفنون في العالم، وليس ببعيد عنه تصادف معبداً يونانياً فخماً من الرخام الأبيض، وهو في الواقع البرلمان النمساوي المنتصب إلى جوار الواجهة المنحوتة بعناية لقاعة المدينة الضخمة. مظاهر الفخامة تلك تبدو إلى حد ما كبيرة، مقارنة بمدينة يبلغ عدد سكانها 1.9 مليون نسمة، وبعاصمة دولة يسكنها 8.8 مليون نسمة. وعلى الرغم من ذلك، فقد بنيت بالفعل لتكون عاصمة الإمبراطورية النمساوية المجرية، التي تخطى عدد سكانها في يوم من الأيام 52 مليون شخص. وبعد انهيار مملكة هابسبورغ منذ قرن بعيد، بقيت مستشفياتها وجامعاتها ودور الأوبرا والمقاهي وشبكات وسائل النقل العام فيها تبدو وكأنها صُمّمت لقوة إقليمية، وليس لدولة صغيرة.
ومن الأسباب المهمة لتصدرها القائمة أنّ تكاليف المعيشة فيها تُعتبر رخيصة، ولا تُقارن بأي مكان آخر في العالم. وفي حين يحمل الإسكان الجماعي سمة الفقر في بلدان أخرى، تتميز فيينا بأنّها بعيدة كل البُعد عن هذه الصفة، حيث يملك نحو 60 في المائة من سكانها منزلاً أو يستأجرون شقة مدعومة.
سياسة الإسكان السخيّة هذه تُعدّ أحد أهم الأسباب التي تبقي الحياة فيها أفضل من أي مدينة رئيسة أخرى في العالم، مثل زيوريخ أو نيويورك أو طوكيو أو لندن أو باريس أو بروكسل.
وتتراوح المساكن المدعومة في فيينا بين تحف معمارية، مثل مجمع كارل - ماركس - هوف، الذي يرجع إلى ثلاثينات القرن العشرين، ويقبع في منطقة غنية.
عاصمة بعكس عواصم العالم، تنتشر فيها حدائق وملاعب لا تُحصى، وتُعتبر من أكثر الأماكن الصّديقة للإنسان، فيها 11 حوض سباحة لا يسمح باستخدامها سوى للأطفال وآبائهم. سكان فيينا متحمّسون لمقاهيهم المفضلة، لكنّ السؤال عن أفضل محل لتناول الأيس كريم سيؤدي في كثير من الأحيان إلى مناقشات ساخنة، بشأن ما إذا كان المكان الموجود في ساحة شفيدينبلاتز، أو منافسه في شارع توتشلاوبن، هو الذي يقدم الفانيلا الأكثر دسماً.
ويكمن السر في هذا الأيس كريم المتميّز في عاصمة النمسا بالعائلات الإيطالية التي تدير المحال، وبمنتجات الألبان الآتية من قلب جبال الألب النمساوية.
إذا كانت الإقامة في فيينا ستبقى مجرد حلم، وأسلوب يمكن الاقتداء به، فإنها على الأقل تفتح الشهية لزيارتها، وقضم قطعة صغيرة من ملذاتها الطبيعية والحضارية والثقافية، والأهم من هذا أمنها وأمانها.
رسمياً... فيينا أكثر مدن العالم لنعيم العيش
لا يضاهي ملذاتها الطبيعية والفنية سوى أمنها وأمانها
رسمياً... فيينا أكثر مدن العالم لنعيم العيش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة