افتتاح اليوبيل الفضي لـ«القاهرة التجريبي» بتكريم نجوم مسرح دوليين

25 فرقة من 17 دولة تشارك في الدورة الـ25... والافتتاح بعرض سويسري صامت

لقطة من عرض الافتتاح السويسري
لقطة من عرض الافتتاح السويسري
TT

افتتاح اليوبيل الفضي لـ«القاهرة التجريبي» بتكريم نجوم مسرح دوليين

لقطة من عرض الافتتاح السويسري
لقطة من عرض الافتتاح السويسري

افتتحت مصر، الاثنين، الدورة الخامسة والعشرين أو «اليوبيل الفضي» من «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي» بتكريم عدد من نجوم العمل المسرحي: الكاتب المسرحي الأميركي ديفيد هنري هوانج، ومصممة الرقصات السنغالية جيرمين أكونجي، والناقد الألماني هانز ثيزليمان، والباحثة الألمانية جابرييل براندستتر، والمخرجة الإيطالية فلوريانا فراسيتو، والممثل المصري عزت العلايلي، إضافة إلى اسم مصمم الدمى المصري الراحل ناجي شاكر. وحضرت الافتتاح وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، والسفير السويسري بالقاهرة، وسيدة المسرح العربي سميحة أيوب، والفنان القدير عزت العلايلي.
وبإزاحة الستار عن الدورة الجديدة لمهرجان القاهرة للمسرح (التجريبي)، يكون لدينا مساران تاريخان فارقان: الأول هو حساب الأيام القاطع وتعاقبها دون توقف، فالمهرجان الذي تأسس في 1988 دخل إلى عامه الواحد والثلاثين؛ والثاني يخبرنا أن المهرجان توقف مرتين: الأولى في عامه الثالث، حيث كان من المفترض أن يعقد بعد شهر فقط من احتلال القوات العراقية للكويت (2 أغسطس | آب 1990)، وهو ما كان مستحيلاً على مستويات عدة، ثم توقف لخمس سنوات (2011 - 2015)، ليعود بإيقاع متمهل وقد تغير اسمه بصورة مربكة، ليصبح رسمياً «مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي»، حتى ليبدو هذا التغيير وكأنه مراجعة، أو قطيعة «ملتبسة»، تنبهنا إلى المدى الذي يصدق فيه اعتبار المسرح «مؤشراً واقعياً على طبيعة الحياة» في ثقافتنا وحياتنا المعاصرة، كعرب ومصريين.
فثلاثة عقود قد تعنى الكثير، لكن «فضية» التجريبي تخبرنا أنه لم تضاف قاعة عرض مسرحي واحدة منذ بدأ، بل العكس فقد شطبت مسارح وقاعات وفضاءات مسرحية من سجلات المؤسسات الثقافية الرسمية.
وإضافة «المعاصر»، ووضعها قبل «التجريبي»، بدت «حيلة» غير مبررة لتجاوز ما كان عالقاً من «حرارة» السنوات الخمس، فقبل تغيير الاسم ارتبط «المهرجان» بصورة ما بشخصيتين: الوزير فاروق حسنى صاحب الفكرة وقوة الدفع الرئيسية له، وفوزي فهمي رئيس المهرجان وواضع سماته الأبرز.
والواقع الآن أن «التجريبي» يحتفل بيوبيله الفضي (ذكرى مرور 25 سنة على إطلاقه)، وهو أشبه بمن يراجع تاريخه، أو يسمع ليرجع صوته البعيد؛ عدد الدول والفرق المشاركة أقل من سنوات الذروة، وهناك تكثيف للندوات واللقاءات الفكرية والمطبوعات، وتوسع في ورش التدريب، فتشارك هذا العام 25 فرقة تنتمي إلى: مصر وسوريا وفلسطين والأردن والعراق والكويت والمغرب والإمارات وتونس وسويسرا وإيطاليا وبولندا وجورجيا والبرازيل والمكسيك وروسيا والصين، وتشارك بعروضها خلال الفترة من 10 إلى 21 سبتمبر (أيلول) الحالي على 8 مسارح في القاهرة، في حين أعلن المنسق العام للمهرجان، المخرج عصام السيد، أن «إدارة المهرجان تلقت 160 طلباً للمشاركة في المهرجان، (وقد) راعينا في اختياراتنا التنوع، بحيث تكون بالعروض المختارة نوعيات جديدة على المشاهدين من اتجاهات مسرحية مختلفة، قد يعجب ذلك البعض وقد لا يعجب البعض الآخر، لكن الأهم أن هناك تنوعاً يمثل معظم الاتجاهات».
وإضافة إلى العروض المسرحية يشمل برنامج المهرجان مؤتمراً فكرياً بعنوان «فلسفات الجسد»، وعدداً من الندوات، بالإضافة إلى برنامج الورش الفنية في التمثيل والرقص المسرحي والكتابة المسرحية، التي يقدمها متخصصون من سويسرا وإيطاليا والمجر وبريطانيا.
كما يهدي المهرجان «الميدالية الفضية» - سيتم ذلك في حفل الختام - إلى كل من: الممثل السوري أسعد فضة، والمسرحي العراقي جواد الأسدي، والممثل البحريني عبد الله السعداوي، والمسرحي العراقي سامي عبد الحميد، والكاتب التونسي عز الدين المدني، والمسرحي المغربي عبد الكريم برشيد، والمخرج المصري فهمي الخولي، والكاتب المصري محمد سلماوي، والأكاديمية المصرية الدكتورة هدى وصفي.
وشهد حفل الافتتاح غياب انضباط التوقيتات المحددة سلفاً، وارتباكاً في تقديم الضيوف، وعدم معرفة بمن حضر ومن غاب. أما عرض الافتتاح فقد تلامس مع ما يسميه بيتر بروك «المسرح الحي»، فالعرض السويسري «أنت وأنا»، لفرقة مومينشانز، من تأليف فلوريانا فراسيتو، وإخراج ماركوس سيمين. وللفرقة تاريخ عريق، فقد بدأت قبل 47 سنة، وفى عرضها الحالي قدمت على خشبة الأوبرا المصرية عرضاً فارقاً، ينفتح على فنون أداء متنوعة، ويرتكز بالأساس على تقنيات المسرح الأسود، حيث تكون خشبة المسرح وملابس المؤدين سوداء، وتلعب الإضاءة وحركة الأفراد الدور الرئيسي في المشهد، كما نلمح سمات من مسرح الدمى، وفنون السيرك، والبداية بكسر الحائط الرابع، حيث يدخل من الصالة مؤدى على هيئة كف اليد ليربت على بعض المشاهدين، يعقبه، ومن الجهة المقابلة من مقدمة صالة الجمهور، يد أخرى تفعل المثل.
طوال تسعين دقيقة، لم ينطق المؤدون الأربعة كلمة واحدة، وهم في اعتمادهم على مختلف فنون الأداء هذه يصنعون لحظات من المتعة البصرية والشعورية والمرح والمشاركة مع الجمهور، وفى كل لحظة يكون ذهن المشاهد في حالة نشاط قصوى وهو يتلقى سيلاً من الإشارات البصرية والحركية تحفزه على التفكير والتفاعل الحسي والعقلي. قد تستنتج وتشعر وتفكر أن الوجود يتضمن بالضرورة عدماً، أو على الأقل صراعاً في معظم الأحوال يستبعد طرفاً آخر تماماً؛ يطرده، ينفيه، يقتله. ورغم تعدد أشكال الحياة، الأولي منها والمعقد، النباتي والحيواني والإنساني، فإن الاتصال مع الآخر مخاطرة، وعدم التفاهم هو الأقرب للحدوث، آياً كانت أداة التواصل ثمة سوء فهم كامن وقار. ورغم هذا، فالإنسان يحاول الانعتاق مع شرط الوجود هذا الذي يمضى بثبات نحو الموت، والمدهش أن هذا كله يمكن أن ينتجه المشاهد بنفسه وهو يستمتع بكل مشهد وكل لحظة من العرض.


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».